قرآن

جديد كيف أتعلم تفسير القرآن

كيف أتعلم تفسير القرآن

يحتاج الذي يريد دراسة علم التفسير ويتعمّق به أن يتوجّه إلى أهل العلم المتخصّصين الذين لهم باع طويل في التفسير علماً وتعليماً، حيث لا يكفي أن يكثر طالب العلم من القراءة والاستماع فقط، إنّما هو بحاجة إلى خطّة منهجيّة منتظمة يسير عليها؛ شأنها في ذلك شأن غيرها من العلوم الشرعية؛ فيتوجه إلى مظانّ العلم ويأخذه من أهله ممّن يمتلكون مفاتحه، ثم يتزوّد في علم التفسير بكثرة الاستماع إلى العلماء والقراءة المتخصّصة.[١] ويتدرج مريد تعلّم تفسير القرآن الكريم في عدد من المستويات حتّى يتقن هذا العلم، وبيان هذه المستويات فيما يأتي:[٢]

  • المستوى الأول: يتضمّن هذا المستوى أولاً تعلّم قراءة القرآن الكريم وإتقانها، ثم تنمية الحصيلة اللغوية بتعلّم قواعد اللغة العربية من نحو وصرف، والقدرة على فهم الكلام المقروء واستنباط الفائدة المطلوبة منه، وبعد ذلك الانتقال إلى مرحلة حفظ معاني المفردات من أيّ معجم لمعاني القرآن، ثم قراءة كتاب مقدّمات التفسير؛ كمقدّمة التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية.
  • المستوى الثاني: يكون ذلك بعد الانتهاء من المستوى الأول؛ ينتقل الطالب في المستوى الثاني إلى قراءة ودراسة الكتب المؤلّفة في علوم القرآن؛ مثل كتاب مباحث في علوم القرآن للدكتور منّاع القطان، ثم دراسة مناهج المفسرين من كتاب التفسير والمفسرون للدكتور محمد حسين الذهبي، ثم دراسة البلاغة من كتب البلاغة؛ ككتاب البلاغة الواضحة، ودراسة النحو من أحد كتبه السهلة ككتاب النحو الواضح، ودراسة علم الصرف، ثم القراءة في كتب التفسير؛ ككتاب التسهيل لعلوم التنزيل لابن جُزَي، ومعه كتب أخرى مثل كتاب مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني، ومعجم مقاييس اللغة لابن فارس.
  • المستوى الثالث: يبدأ الدارس في هذا المستوى بالتوسّع والاجتهاد، ويبدأ بجمع أقوال المفسرين والمقارنة والترجيح بينها؛ ويبدأ بقراءة ودراسة موّسعة في الكتب المؤلّفة بعلوم القرآن؛ ككتاب مناهل العرفان للزرقاني، وإتقان البرهان للدكتور فضل عبّاس، وبالتوازي مع ذلك دراسة قواعد التفسير والترجيح؛ ويمكن أن يدرس كتاب قواعد التفسير للدكتور خالد السبت، والقراءة في كتب إعجاز القرآن أيضاً؛ ككتاب التبيان في إعجاز القرآن للدكتور صلاح الخالدي، وكتب التفسير الموضوعيّ، وإتقان ألفاظ اللغة، والنحو، والبلاغة، ويمكن الاستعانة بكتاب لمسات بيانية للدكتور فاضل السامرائي، وإجادة علم المعاني، والمعرفة بعلم القراءات، والمقارنة بينها وضبطها، ويمكن قراءة كتاب النشر في القراءات العشر لابن الجزري، كما وتجب دراسة كتب الفقه والعلم بأصوله حتّى لا يقع المفسّر في أخطاء الاستنباطات الفقهية، ومن ذلك كتاب الجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبيّ، وأن يكون المفسّر على اطّلاع واتّصال بالعلوم الطبيعيّة؛ كعلم الفلك، والطب، وعلوم الأرض ونحوها، وذلك لرفع مستوى ثقافته؛ لأنّ القرآن يتناول مواضيع عديدة في الثقافة.[٣]

حكم التفسير بغير علم

يحتاج النّاس إلى العالم المفسّر للقرآن الكريم كاحتياجهم لمن يضيء لهم عتمة الليل حال قراءتهم لكتاب معيّن؛ ليستطيعوا أن يبصروا الكتاب الذي أمامهم ويستطيعوا قراءته، والمفسّر هو بمثابة ذلك المصباح الذي يضيئ على الكتاب ويظهر ما فيه، وهذا ما قاله إياس بن معاوية في مفسّر القرآن الكريم،[٤] ومن أعمل رأيه في تفسير القرآن الكريم؛ فقال برأيه دون علم بأصول التفسير وغيرها من العلوم اللازم تحصيلها قبل التفسير؛ فقد أخطأ حتّى وإن كان قال الصواب وأتى المعنى الصحيح،[٥] وقد أجمع العلماء على تحريم تفسير القرآن الكريم بالرأي دون أن يكون صاحب التفسير أهلاً لذلك، أو عالماً به لغة أو نقلاً عن أحد، وقد استدلوا على تحريم ذلك بقوله -تعالى-: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ)،[٦] وقد قال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: (مَن قالَ في القُرآنِ بغَيرِ علمٍ ، فَليَتبوَّأ مَقعدَهُ منَ النَّارِ)،[٧][٨]

مكانة علم التفسير

تأتي أهميّة علم التفسير من أهميّة النصوص المفسّرة؛ فشرف العلم يأتي من شرف المعلوم، وكتاب الله -تعالى- أشرف الكتب مطلقاً، وعلم التفسير هو علمٌ يتعلّق بتفسير القرآن الكريم وتبيينه وتوضيح ما استشكل منه؛ ليفهمه النّاس ويعملوا بما جاء فيه، قال -تعالى-: (كتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْك مُبارَك لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ ولِيَتَذَكرَ أُولُوا الْأَلْبابِ)،[٩] ولأهميّة هذا العلم وفضله جُعِلَ من فروض الكفاية على الأمّة؛ فإن علِمه البعض وتعلّمه وضبط أصوله سقط ذلك عن الباقيين،[١٠] والأمّة الإسلاميّة بحاجة ماسّة لهذا العلم ولأهله المختصّين به؛ لما للقرآن من أهميّة في حياة المسلم؛ فهو الصراط المستقيم، والحقّ المبين، تستقيم به الأهواء والألسن فلا تنحرف ولا تزيغ، ولا يملّ الإنسان من ترديده وتكراره، وكلّما تعمّق في فهمه وتعلّمه كلما ظهرت له عجائب لا تنتهي، ويكون القرآن نوراً مبيناً لمن أخذه بحقّه، يكتب الله -تعالى- له به الأجر، وإن طلب الهدى به اهتدى، وإن أعرض عنه ضلّ.[١١]

المراجع

  1. د. أحمد الفرجاني (20-4-2013)، “كيف أستطيع دراسة علم التفسير؟”، islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 6-7-2020. بتصرّف.
  2. سامي وديع عبد الفتاح القدومي، كيف ندرس علم التفسير، عمان: دار الوضاح، صفحة 17-24. بتصرّف.
  3. سامي وديع عبد الفتاح القدومي ، كيف ندرس علم التفسير، عمان: دار الوضاح، صفحة 41-44. بتصرّف.
  4. شمس الدين القرطبي (1964)، تفسير القرطبي (الطبعة الثانية)، القاهرة: دار الكتب المصرية، صفحة 26، جزء 1. بتصرّف.
  5. ابن تيمية (1995)، مجموع الفتاوى، المدينة المنورة: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، صفحة 371، جزء 13. بتصرّف.
  6. سورة الأعراف، آية: 33.
  7. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 2950، حسن صحيح.
  8. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 93، جزء 13. بتصرّف.
  9. سورة ص، آية: 29.
  10. عماد علي عبد السميع، التيسير في أصول التفسير، الإسكندرية: دار الإيمان، صفحة 11-13. بتصرّف.
  11. ابن تيمية (1980)، مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية، بيروت: دار مكتبة الحياة، صفحة 7. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى