الموت
الموت هو انتهاء حياة الإنسان، وبالموت تتوقّف جميع أعضاء الإنسان عن العمل فلا تؤدي وظائفها الحيويّة، ويصبح الميت غير قادرٍ على التّواصل مع الآخرين، والموت مرحلةٌ من علم الغيب لا يمكن معرفة ما يحصل خلالها، ولا يعرف الإنسان شيئاً عن ماهيّتها إلّا من خلال ما ورد في القرآن الكريم والسُنّة النبويّة الشّريفة.[١]
حكم غسل الميت
من أحكام الجنازة أنّه يجب تغسيل المسلم الميت، رجلاً كان أم امرأةً، على من علم به وأمكنه تغسيله. قال -عليه الصّلاة والسّلام- في الصحابيّ الذي وَقَصته راحلته فمات: (اغسلوهُ بماءٍ وسدرٍ)،[٢] وقد تواتر تغسيل الميت في الإسلام من عهد الرّسول -عليه الصّلاة والسّلام- وصحابته الكرام إلى اليوم، قولاً وعملاً، وغُسِّلَ النبي -عليه الصّلاة والسّلام-، فتغسيل الميت فرض كفاية إذا قام به بعض المسلمين سقط الإثم عن باقي المسلمين، أمّا إن لم يَغسل الميت أحد من المسلمين مع علمهم بموته فإنّهم يأثمون جميعاً.[٣]
طريقة غسل المرأة الميتة
إذا مات الإنسان المسلم فإنّه يجب المبادرة إلى تغسيله وتكريمه بما يليق بالكرامة الإنسانيّة التي أكرم بها الله سبحانه وتعالى جميع البشر، قال تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا)،[٤] وإذا ماتت المرأة المسلمة فلا بدّ من تغسيلها بعد الموت وتخليص جسدها من الأذى، ويجب التحوّط في غسل المرأة وخاصّةً أن جسم المرأة يُعتَبر عورةً ويجب ستره في الحياة والموت، ومن غير المُعتاد أن يتكشّف جسم المرأة أمام الغير حتّى في حال الموت، وقد لا يجد أهل المُتوفّاة المُغسِّلات الشرعيّات، ممّا يستدعي أن تقوم إحدى نساء العائلة بعمليّة الغسل.[٥]
يكون غسل المرأة المتوفّاة كالآتي:
- التخلّص من جميع الملابس التي على المرأة المتوفّاة مع مراعاة ستر عورتها، مع العلم أن عورة المرأة على المرأة من منطقة السُرّة إلى منطقة الرّكبة، ويمكن استخدام منشفة أو أيّ سُترة مُمكنة لتغطية عورة المرأة المتوفّاة بعد نزع ملابسها.
- عادةً، عندما يتمّ تغسيل المتوفّاة مُباشرةً بعد وفاتها فإن مفاصلها تكون ما زالت لينةً ويسهُل على من يُريد تغسيلها نزع الملابس عنها، ولكن إذا تمّ تأخير عمليّة الغسيل فإن المفاصل تكون قد تصلّبت وتيبّست ولا بدّ من قصّ ملابس المتوفّاة للتخلّص منها، وتكون البداية بقص الكم الأيمن إلى حد الرقبة ثم قصّ الكم الأيسر من ملابس المتوفّاة إلى حد منطقة الرقبة كذلك.
- قص أظافر اليدين والرجلين إذا كانت أظافرها طويلةً، ومن السنّة أن يتم تظفير المرأة المُتوفاة.
- التخلّص ممّا قد يكون عالقاً في فم أو أنف المرأة المُتوفاة من أذى، وأن يتم غسلهما جيّداً، ثم يتم إغلاقهما جيّداً باستخدام القطن؛ فتوضع قطعة من القطن في فم المتوفاة وقطعتين من القطن لجهتي الأنف، ويُترَك القطن في فم المتوفاة وأنفها لحين الانتهاء من عمليّة الغسل الشرعيّ للمُتوفّاة.
- من الأفضل أن يُرَفع جسد المُتوفّاة على شكل جلوس؛ وذلك للتخلّص ممّا في بطنها، ويتم عصر منطقة البطن ثلاث مرّاتٍ بلطف حتى يخرج ما بها من أذىً وكل ما هو قابل للخروج، مع التّأكيد أن تتمّ هذه العمليّة بلطف.
- تلفّ المرأة التي تقوم بالغسل قطعةً من القماش على اليد اليسرى ويُنظّف مكان العورة بتخليص وإبعاد أيّ أذىً ممّا يكون عالقاً في دبرها أو قبلها، مع مُراعاة الاستمرار في سكب الماء.
- تُمسك المرأة التي تقوم بالغسل بيدي المُتوفّاة وتجمعهما وتنوي وضوءها، ثم تُوضّئها وضوءاً شرعيّاً صحيحاً باستخدام الماء.
- تُغسل المُتوفّاة باستخدام الماء والسدر بدءاً من الجهة اليمنى من بداية الأصابع إلى الكتف والعنق، ثم تُغسَل الجهة الأخرى، ثم الصّدر والبطن، ويُدخَل الماء والسدر إلى منطقة العورة مع استمرار سترها.
- تُقلًب المُتوفّاة على الجهة اليسرى ولتدليك الجهة اليمنى بلطفٍ، ثم يُغسَل الشقّ الأيسر من جسد المرأة بنفس الطّريقة التي تمّ فيها غسل الشقّ الأيمن.
فتاوى تخص الغسل
من الفتاوى التي تخصّ الغسل ما يأتي:[٦]
- عندما يكون من الصّعب غسل المرأة المتوفّاة يمكن تيمّمها، ويسدّ التيمّم مسدّ الغسل في مثل هذه الحالة، ثم تُلَفّ المرأة بعد تيميمها بالكفن وتُوضَع فوق واقٍ للأكفان، وإذا كانت قد تعرضّت لحروق شديدة أو احترقت بالكامل فإنّها تُرَشّ بالماء بنيّة الغسل، ثم يُستخدَم الطّيب لتطييبها بدايةً برأسها، وفي مواضع الإبطين، ومواضع السّجود السّبعة، وهي الجبهة مع الأنف، واليدين، والركبتين، والقدمين، ثم فيّ أي مكانٍ مرغوبٍ.
- يجوز للمرأة فقط من النّساء أن تغسل زوجها إذا كانت تعرف طريقة الغسل، أو أن يغسله الرّجال، كما يجوز للزّوج فقط من الرّجال أن يغسل زوجته إذا كان يعرف طريقة الغسل، وللنّساء كذلك أن يغسلنها، أمّا الطّفل ما دون السّبع سنوات إن مات فيغسله رجل أو امرأة، سواءً كان ذكراً أم أنثى.
- يجوز للمرأة الحائض أو النفساء أن تغسل المرأة المُتوفّاة.
- يُغسَل جسد المرأة المُتوفّاة كاملاً ثلاث مرّات، أو خمساً، أو سبعاً، أو أكثر من ذلك إذا لزم الأمر، وذلك حسب حاجة جسم المرأة المُتوفّاة إلى التّنظيف والغسل والتّنقية.
المراجع
- ↑ علي بن محمد بن علي الزين الشريف الجرجاني (1403هـ -1983م)، التعريفات (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 243.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 1267، خلاصة حكم المحدث : [صحيح] .
- ↑ أبو عبد الرحمن محمد ناصر الدين، بن الحاج نوح بن نجاتي بن آدم، الأشقودري الألباني (1410هـ)، تلخيص أحكام الجنائز (الطبعة الثالثة)، دمشق: مكتبة المعارف، صفحة 28 وما بعدها.
- ↑ سورة الإسراء، آية: 70.
- ↑ محمد بن صالح بن محمد العثيمين (المتوفى: 1421هـ) (1420هـ)، من الأحكام الفقهية في الطهارة والصلاة والجنائز (الطبعة الأولى)، السعودية: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد – المملكة العربية السعودية، صفحة 61 وما بعدها.
- ↑ سعيد بن على بن وهف القحطاني (1424هـ)، أحكام الجنائز – مفهوم، واغتنام، ومواعظ، وآداب، وحقوق وصبر، واحتساب، وفضائل، وأحكام في ضوء الكتاب والسنة (الطبعة الأولى)، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 219 وما بعدها.