المجال الحيوي بشكل عام هو عبارةً عن المساحة اللازمة لنمو واستمرار الكائن الحي وتم سحب هذا المعنى على الجانب السياسي للدول، ويمكن تعريفه كنظريةٍ سياسيةٍ (حاجة الدولة التي اعتُبرَت ككائنٍ حيٍّ إلى مساحةٍ من الأراضي أوسع كلما نمت أكثر) أي بمعنى عام تبرير توسّع الدول الكبرى على حساب الدول الأخرى لتامين حاجات شعبها دون النظر إلى حاجات الشعوب في هذه الدول إلا بما يتناسب مع مصلحتها.
أول من فكر بهذه الطريقة هي ألمانيا زمن حكم النازية إبّان قوتها لتأمين النمو لاقتصادها يلزمها التوسع في أراضي الدول المجاورة لها لتأمين المواد الأولية اللازمة لاقتصادها لبناء الأمة الألمانية.
وضمن هذه النظرية لا يوجد حدود لهذه الأطماع بل حدودها يتناسب طردياً مع نموها الاقتصادي والعسكري، بهذه العقلية دخلت ألمانيا في حربها العالمية الأولى والثانية مع أغلب دول العالم وتسببت بدمار العالم وبخسائر بشريةٍ لا تعد ولا تحصى وتوقف الاقتصاد ودمرت المصانع وسرح العمال وانتشرت المجاعات والأوبئة والأمراض ونستطيع القول بأن العمل بنظرية المجال الحيوي دمرت العالم وأعادته إلى الخلف مئات السنوات.
انتهت ألمانيا نتيجةً للحرب العالمية الأولى والثانية وظهرت دول جديدة ونشأت تحالفات جديدة وهما المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها وهي الدول ذات الاقتصاد الحر والمعسكر الشرقي بقيادة روسيا وحلفائها وتتكون من الدول التي عملت بالمذهب الاشتراكي .
بدأت الحرب الباردة بين المعسكرين أمريكا تسعى لتوسيع مجالها الحيوي وكذلك روسيا إلا أن الفرق بينهما وبين ألمانيا النازية هو الطريقة، فكانت سابقاً الآلة العسكرية هي المرتكز الأساسي إذ يتم احتلال الدولة واستعمار شعبها واستغلال ثرواتها.
انتهت الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفيتي وأصبح العالم اليوم بإدارة دولةٍ واحدةٍ، أصبح العالم بأسره يقع ضمن مجالها الحيوي وتقوم بدور الشرطي الرقيب على أداء الدول فتحاكم وتسجن وتستجوب من يهدّد مصالحها وتوقع الاتفاقيات التي توفر لها المواد الأولية وتوقع العقود لشراء منتجاتها وتوقع الإتّفاقيات لإقامة القواعد العسكرية لحماية كل هذه المنجزات مع إعطاء شعوب المنطقة الأمل بحياةٍ أفضل من خلال الديمقراطية.
تطور مفهوم نظرية المجال الحيوي وتطورت أدوات التنفيذ والهدف هو الهدف، أصبحت الأدوات الجديدة يظهر فيها وجه الإنسانية والديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق الأطفال وحقوق النساء وحقوق السجناء وهكذا، منظومة طويلة من الحقوق تقوم على رأسها جمعيات تحت السيطرة حتى أصبحت سيادة الدولة بالمعني الحقيقي غير موجودة فعلياً وأصبح معنى السيادة أن تربط مصلحة بلدك مع مصلحة دولة كبرى إذ أصبحت هذه الدول شرٌ لابد منه والحكيم من يخرج بأقل الخسائر .