التعامل مع المراهقين

جديد كيفية بناء شخصية قوية

الشخصية الإنسانية

الإنسان كائن اجتماعي بالفطرة، يعيش في بيئته ومجتمعه ويتفاعل معهما بحسب انطباعاته واتجاهاته، فلكلّ فرد شخصيته التي يتفرد بها وأنماطه التي تميزه عن غيره، فالشخصية هي البناء النفسي التكويني والسلوكي الذي ينفرد به الفرد، والذي يتكون من مجموعة الاستعدادات والقدرات الجسمية والعقلية والاجتماعية والانفعالية التي تظهر في سلوكيات الفرد واستجاباته؛ بحيث تُميّز هذه السلوكيات ذات الفرد عن غيره في جميع المواقف والأحداث التي يتعرّض لها في شتى المجالات والجوانب الحياتية، وتؤكّد حقائق الدراسات النفسية أنّ الشخصية الانسانية نتيجة تفاعلات العوامل الفطرية الوراثية والعضوية الحسية مع العوامل البيئية الاجتماعية، وتختلف أنماط الشخصية وأشكالها وأنواعها من فرد إلى آخر، فقد يملك البعض شخصيات قوية وجذابة ومحبوبة وقد يفتقر البعض الآخر لهذه السمات. [١]

الشخصية القوية

يولَد الإنسان وتولَد معه الاستعدادات والصفات الجسمية والنفسية المكوِّنة لكينونة شخصيته، وتتأثّر هذه الصفات بالعديد من المؤثرات والعوامل المختلفة؛ كالعوامل البيئية والخبرات والتجارب التي يمرّ بها الفرد، فهو يمتلك الاستعداد لأن يكون صاحب شخصية قوية بالحد الأدنى؛ إلا أنّه من الممكن أن يمتلك ضعيف الشخصية شخصية قوية مع مرور الوقت بفعل التعاطي السليم مع العوامل المختلفة، وبشكل آخر قد يفقد قوي الشخصية قوته عند تعرضه للعوامل والظروف الأسرية والاجتماعية السلبية وغير السوية، وبشكل عام قد يتمكن الفرد من تطوير قدراته الشخصية ورفع مستواها وقوتها من خلال التفاعل الايجابي مع الأنماط التربوية والاستفادة من الخبرات التي يمرّ بها، والتي بطبيعتها تعمل على رفع مستوى رصيده النفسي إلى أعلى مستوياته، وبالتالي استمرار الفرد في تميُّزه وقوة شخصيته.[٢]

كيفية بناء الشخصية القوية

يستطيع الفرد بناء وتكوين شخصية قوية من خلال تنمية ورزع العديد من الصفات والسمات الذاتية واستثمارها بالشكل الصحيح، فالوصول إلى امتلاك الشخصية القوية يتطّلب من الفرد الدافع الذاتي لتحقيق وبناء العديد من المقومات، ومن أبرزها ما يلي:[٣][٤][٥]

  • من أبرز مقومات الشخصية القوية للفرد إيمانه بذاته واحترامها؛ أي أن يُكوِّن ذاته ولا يحاول أن يتقمص شخصيات الاخرين أو تصرفاتهم، كما من المهم أن تكون انفعالات الفرد واستجاباته نابعة عن ذاته وثابتة لا تتغير ولا تتأثر بتغيير المواقف والأشخاص؛ أي أنّ الفرد المنسجم مع ذاته لا يشعر بالحاجة لأن يبدي ردات فعل واستجابات زائفة تغاير ما يشعر به حقيقة، فهو غير مُلزَم بإرضاء الآخرين بالكذب أو التصنع، فالفرد الذي يمتلك شخصية قوية يكون صادقاً مع نفسه ومع من حوله لا يحتاج إلى الكذب، بالإضافة إلى ما ماسبق فإنّ أقوياء الشخصية يكونون على درجة عالية من احترام الذات وتقديرها.
  • التظاهر بقوة الشخصية؛ فهي من الاستراتيجيات التي من المفيد استخدامها للأشخاص الذين يعانون من ضعف الشخصية؛ أي أن يقوم الفرد بمعاكسة مشاعره الداخلية، فإذا كان يشعر بالخوف من مثير معين فيجب عليه أن يتظاهر بالشجاعة والجرأة تجاه هذا المثير، وبطبيعة الحال مع مرور الوقت والتدريب سيكتسب هذه السمة؛ أي أن يستفيد الفرد من مبدأ الايحاء؛ كأن يوحي لنفسه بالشجاعة والقوة والسعادة فتصبح من سماته مستقبلاً.
  • من الممكن أن تنبع الشخصية القوية من خلال القدرة على التحكم بالذات، وضبطها، ومحاولة استيعاب واحتواء ردات الفعل والاستجابات التي يُبديها الآخرين، فمن الممكن القول أنّ الأشخاص الذين يملكون شخصية قوية يتّسمون بالحزم والجزم في المواقف المختلفة بعيداً عن التردد ومن غير تهور.
  • من مصادر قوة الشخصية عند الفرد هي الكفاح والإصرار على النجاح، فالفرد المكافح أكثر قدرة على تحمّل صعوبات الحياة وتقبُّلها والتغلب عليها بقوة وشجاعة، فالشخصية المكافحة قوية وقادرة على العطاء في أحلك الظروف من خلال التحدي والتحلي بالنظرة الإيجابية بشكل مستمر تجاه الظروف المختلفة، وبالتالي فإن الإرادة والإصرار لتحقيق الغاية أو الهدف المنشود يُكسِب الشخصية القوة والعزم.
  • يجب على الفرد الوصول إلى مرحلة القدرة على الإنجاز وتنفيذ المهام على الصعيد العملي، وبالتالي القدرة على تكوين شخصية قوية وناجحة وقادرة على إثبات ذاتها، ومن غير الممكن الاستغناء عنها من قبل الآخرين، فالنجاح يعزّز صاحبه بالثقة والسعادة واكتساب القوة الذاتية الداخلية، فكلما زادت قدرة الفرد على إتمام دوره العملي بشكل ناجح، كان بذلك يفرض شخصيته القوية والفاعلة، ويكون الدافع للإنجاز والنجاح عادةً إما الإرادة القوية التي تُغذي صاحبها بالعزيمة، أو حب العمل لمهارة معينة وشغف القيام بها وإتمامها.
  • إنّ تحمُّل المسؤولية أيضاً هي أحد أسس ومكونات الشخصية القوية، كما أنّها من سمات الأفراد الناجحين، بالإضافة إلى ثقة الفرد بذاته وبقدراته واستعداداته وإدراكه بأنّه مميز عن غيره من الأفراد.
  • الابتعاد قدر الامكان عن التوتر والتذمُّر والضجر، والحفاظ على الوجه البشوش الذي يفتح قنوات التواصل الفعّال مع الآخرين، أمّا التذمُّر والغضب والتململ، فقد يعيق الاتصال والتعاطي مع المجتمع بشكل سليم، وبالتالي ظهور العديد من المشكلات والتعقيدات في العلاقات الاجتماعية.
  • الاهتمام بالمظهر العام والهِندام اللائق، فالمظهر الحسن والنظيف والأنيق يوحِي للآخرين بأنّ الفرد يمتلك شخصية قوية وجذابة، وتترك الأثر الايجابي في نفوسهم تجاهه، كما أنّ الفرد حسن المظهر يشعر بثقته بنفسه وبتقدير أعلى للذات.
  • لتنمية الشخصية القوية يجب على الفرد رفع قابليته لمواجهة النقد والملاحظات الصادرة عن الآخرين، فالجميع مُعرَّض للوقوع في الأخطاء، ومن الأفضل التعامل البنّاء مع نقد الآخرين وتقبُّله بشكل موضوع بعيداً عن العدوانية والانفعال، واستقباله على أنّه اقتراح أو إجراء تصحيحي، كما من الممكن تجاهل الانتقادات غير الصحيحة والتي لا يكون الغرض منها تصحيح الأخطاء.

المراجع

  1. الديوان الوطني للتعليم والتكوين عن بعد، الشخصية، صفحة 4.
  2. هادي المدرسي (2006)، كيف تكسب قوة الشخصية (الطبعة الأولى)، المغرب: الدار العربية للعلوم، صفحة 11-12.
  3. هادي المدرسي (2006)، كيف تكسب قوة الشخصية (الطبعة الأولى)، المغرب: الدار العربية للعلوم، صفحة 27-72.
  4. فينكاتا أيار (2010)، كيف تبني شخصية قوية وايجابية (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية: مكتبة جرير، صفحة 131-132.
  5. “تكوين شخصية قوية”، www.ts3a.com، اطّلع عليه بتاريخ 15-10-2017.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى