الذُّبَاب
الذُّباب هو اسمٌ شائعٌ يُطلَق على عددٍ كبير من أنواع الحشرات التي تنتمي إلى الفصيلة الذبابيَّة التابعة لرُتبة ذوات الجناحين، ومع أنَّ مُصطلح الذُّبابة يُمكن أن يشير إلى الكثير من أنواع الحشرات الطائرة، إلا أنَّ العُلَماء يقصدون به عادةً مجموعة مُحدَّدة من الحشرات تُسمَّى فصيلة الذباب الحقيقيّ، وتتألَّف هذه الفصيلة من أكثر من 120,000 نوع تعيشُ في كلِّ مكانٍ وكلِّ بيئة طبيعيَّة على وجه الأرض. مثل الحشرات الأخرى، يتكوَّن جسم الذُّبابة من ثلاثة أجزاء، هي: الرأس، والصِّدر، والبطن، ويُغطِّي جسمها شعرٌ ناعم، ولديها عُيونٌ مُركَّبة مُكوَّنة من آلاف العدسات الصَّغيرة سُداسيَّة الشكل.[١]
يمتاز الذباب بقُدرته العالية على التكيُّف مع الظروف البيئيَّة المُختلفة، وسُرعة طيرانه الشَّديدة، إذ إنَّه قادرٌ على رَفْرَفِة أجنحته بسُرعة مئات المرَّات في الثانية. ويعتبر الذباب من الآفات الضارَّة بسببِ قُدرته الكبيرة على نقل الأمراض، وحمله أنواعاً كثيرةً وخطرةً من الجراثيم التي ينقُلُها إلى كلِّ كائنٍ يُلامه جسمه، ومن أهمِّ الأمراض التي تتسبَّب هذه الكائناتُ بانتشارها بين البشر هو مرض الملاريا، ومرض النَّوم. من جهةٍ أخرى، قد تكون بعض أنواع الذباب – أحياناً – نافعةً للبيئة والإنسان، وذلك لأنَّ منها ما ينقلُ رحيق الأزهار بنفس طريقة النَّحْل، ومنها ما يتغذَّى على الحشرات الضارَّة الأخرى، كما أنَّ نوع ذباب الفاكهة يُؤدِّي دوراً جوهرياً في الكثير من التجارب المخبريَّة المُختَصَّة بعِلم الوراثة.[٢]
الصِّفات الأحيائيَّة
يتراوح حجمُ الذُّباب كثيراً من نوعٍ إلى الآخر، فذبابة الهوام التي تعيش في السبخات والمستنقعات لا يتعدَّى طُولها 1.3 ملليمتر، بينما يصل طول ذبابة ميداس التي تعيش في أمريكا الجنوبيَّة إلى 7.5 سنتيمترات، وهو نفس عرض جناحَيْها أيضاً. وتستطيع الذبابة الطيران بسُرعةٍ شديدة، فبعض أنواعها قادرةٌ على رفرفرة أجنحتها لحوالي ألف مرَّة في الثانية الواحدة، وتُحلِّق الذبابة المنزلية عادةً بسُرعة سبع كيلومتراتٍ في السَّاعة، إلا أنَّها قادرةٌ على زيادة سُرعتها لمسافاتٍ قصيرة إذا ما احتاجت لذلك.[٢]
لدى الذُّبابة – مثل العديد من الحشرات الأخرى – عينان مُركَّبتان، في داخلهما ما قد يصل إلى 4,000 عدسةٍ سُداسيَّة تعمل كلَّ واحدةٍ منها بطريقة مُستقلِّة، ومع أنَّ نظرها ليس حاداً بصُورة خاصَّة، إلا أنَّها قادرةٌ على مُلاحظة الحركات البسيطة والاستجابة لها بسُرعةٍ شديدة. ويُساعدها قرنا الاستشعار على التوجُّه نحو الغذاء وتجنُّب أعدائها، كما أنَّ لديها فماً ذا شكلٍ قمعيٍّ مُتدلٍّ إلى الأسفل يُسمَّى الخرطوم، تستعمله لامتصاص السَّوائل التي تُؤلِّف غذائها الوَحِيد (على تنوُّعها). وقد تكون هذه السوائل، بالنسبة لبعض أنواع الذباب، دم الكائنات الحيَّة الأخرى، ففي تِلْكَ الأنواع (ومنها البعوض، وذباب الإسطبل، وذباب الرمل) يكون الخرطوم مُزوَّداً بنهايات حادةً تستطيع الذبابة غَرْسَها في جِلد ضحيَّتها، وإفراز لُعابٍ لمنع دم الضحيَّة من التخثُّر، كما أنَّ العديد من أنواع الذباب (مثل ذبابة الفاكهة) قادرةٌ على إفراز لعابٍ يُحوِّل النشا والسكريَّات إلى سوائل تستطيع الذبابة امتصاصها بخُرطومها بسُهولة.[٣]
لدى الذُّبابة البالغة ستة أرجل، تستعملُها جميعاً في المشي، وتقف عادةً على أربعةٍ منها فقط، وتُغطِّي أسفل كلِّ واحدةٍ من سيقانها مادَّة لاصقة تسمح لها بالوُقوف على السُّطوح الملساء، مثل زُجاج النوافذ، حتى ولو كانت مائلة أو مقلوبة. وأجنحة الذباب رقيقة جداً، وهي مُزوَّدة بعُرُوقٍ تحمل إليها الدم وتساعد على تدعيمها، ولديها نتوءان خلفيَّان (وراء الأجنحة) يُسمَّيان “دبوسيّ التوازن” يُساعدانها على الحِفاظ على توازنها أثناء الطَّيران. ويستطيع الذباب التحليق من أيِّ مكانٍ دُون الحاجة إلى القفز أو السير. وتتنفَّس الذُّبابة من خلال ثُقوب عديدة على أطراف جسمها.[٣]
دورة حياة الذُّباب
تضع أنثى الذبابة المنزليَّة البالغة، بعد التزاوج، كيساً يَحمل عدداً يتراوحُ من 100 إلى 150 بَيْضَة، وغالباً ما تَختارُ لهُ مكاناً يحتوي الكثير من الموادِّ العضويَّة المُتحلِّلة، مثل قطعة طعامٍ مكشوفة أو مُتعفِّنة، لتتغذى عليه يرقاتها بعد الفَقْس.[٤] يكون البيض أبيضَ اللَّون طويل الشكل، وتخرجُ منهُ يرقات حلقيَّة بيضاء اللون أيضاً ولها فمٌ صغيرٌ مُزوَّد بسِنَّين يُشبهان الخطاطيف، وهي تأكل – بصُورة رئيسة – نفسَ المواد العُضويَّة التي وُلِدَت فيها، خاصَّةً السوائل، وهي تُفضِّل الأماكن المُظلمة والرَّطبة والأكثر دِفئاً، ويتضاعفُ حجمها خلال يومين، ويبلغُ طولها حوالي السنتيمتر بعد خمسة أيَّامٍ من الفقس.[٥]
يتحوَّل جِلد اليرقة، بعد انتهاء المرحلة الأولى من حَيَاتها، إلى شرنقةٍ صُلْبةٍ بُنيَّة اللون، يُشبه شكلها حَبَّة أرزٍّ داكنة. تنضجُ اليرقة إلى ذبابة بالغة خلال ثلاثة أيَّام، وتَخرْجُ بشكلها الكامل من الشرنقة، تماماً مثلما تفعل الفراشات. وهي لا تستطيع الطَّيران بصُورة جيِّدة في ساعاتها الأولى، لأنَّ أجنحتها تكون رطبة ومُتهلْهِلة. تصبح الذبابة البالغة مُكتملة النموِّ وناضجةً جنسياً خلال 10 أيَّام إلى 14 يوماً، وتستطيع عِندها التكاثر ووضع البيض، ويحتاج البيض إلى فترة حملٍ تبلغ أربعة أيَّامٍ قبل أن يكون جاهزاً للوَضْع.[٥]
كم يبلغُ عُمر الذُّبابة
لا تنمو الذبابة في الحجم بعد انتهاء طور الشَّرنقة، ولذا لا يتغيَّر مظهُرها مُنذ تلك المرحلة، وتعيش الذُّبابة المنزلية عادةً لمُدَّة ثلاثة أسابيع (21 يوماً تقريباً) في فصل الصَّيْف، ومُدَّة أطول بقليلٍ خلال الشِّتاء، حيث يكون نشاطها وحركتها أقلّ. وإذا ما اشتدَّت البُرودة فإنَّ الذباب المنزلي يموتُ على الفَوْر في الغالب، وقد يدخل بياتاً شتوياً، أمّا يرقاته وشرانقه فهي قادرةٌ على البقاء حيَّة دونَ نشاطٍ أثناء بُرودة الطَّقس، لتستكمل نُموَّها الطبيعي عندَ حلول فصل الرَّبيع.[٦]
المراجع
- ↑ The Editors of Encyclopædia Britannica، “Fly | Insect”، Britannica، Retrieved 30-06-2016.
- ^ أ ب هيئة من المؤلِّفين (1999)، الموسوعة العربية العالمية (الطبعة الثانية)، الرياض، المملكة العربية السعودية: مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع، صفحة 624، جزء 10 (خ-د-ذ).
- ^ أ ب هيئة من المؤلِّفين (1999)، الموسوعة العربية العالمية (الطبعة الثانية)، الرياض، المملكة العربية السعودية: مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع، صفحة 626، جزء 10 (خ-د-ذ).
- ↑ “Housefly Life Cycle”, HowStuffWorks, Retrieved 30-06-2016.
- ^ أ ب D. G. Mackean, “The Housefly”، Biology Articles, Retrieved 30-06-2016.
- ↑ هيئة من المؤلِّفين (1999)، الموسوعة العربية العالمية (الطبعة الثانية)، الرياض، المملكة العربية السعودية: مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع، صفحة 627، جزء 10 (خ-د-ذ).