عدد ركعات صلاة القيام في رمضان
اختلف العلماء في بيان عدد ركعات صلاة قيام الليل، وقد وردت في ذلك ثلاثة آراء وأقوال، بيانها فيما يأتي:[١]
- القول الأوّل: قال جمهور العلماء من الشافعيّة، والحنفيّة، والحنابلة بأنّ صلاة التراويح تُؤدّى عشرين ركعةً؛ احتجاجاً بما كان زمن عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه-؛ إذ كان المسلمون يُؤدّون صلاة التروايح عشرين ركعةً، وعلى ذلك جمعهم باستمرارٍ، ونقل الإمام الكاسانيّ الإجماع على ذلك، فقال: “جَمَعَ عُمَرُ أَصْحَابَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ -رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ- فَصَلَّى بِهِمْ عِشْرِينَ رَكْعَةً، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَيَكُونُ إِجْمَاعًا مِنْهُمْ عَلَى ذَلِكَ”، وقال الحنابلة بأنّ ذلك المشهور، كما كان بحضرة الصحابة -رضي الله عنهم-؛ فكان إجماعاً منهم، وخالف الكمال ابن الهُمام الحنفيّ مذهبه؛ فقال بأنّ السنّة في صلاة التراويح أداؤها إحدى عشرة ركعةً مع الوتْر في جماعةٍ.
- القول الثاني: قال المالكيّة بأنّ القيام في رمضان، أو صلاة التراويح تُؤدّى عشرين ركعةً، وتجوز الزيادة؛ بأدائها ستّاً وثلاثين ركعةً؛ استدلالاً بأنّ المسلمين كانوا يُؤدّونها عشرين ركعةً من غير الوتر في زمن عمر بن الخطّاب -رضي الله عنهم-، ثمّ ستّاً وثلاثين من غير الوتْر في زمن عمر بن عبدالعزيز -رضي الله عنه-.
- القول الثالث: لم يُحدّد الإمام ابن تيمية -رحمه الله- عدداً لركعات صلاة التراويح في شهر رمضان؛ إذ يُمكن للمسلم أن يُؤدّي عشرين ركعةً، أو ستّاً وثلاثين، أو إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة؛ فالعدد مُرتبطٌ بمدّة القيام؛ إن كان طويلاً، أو قصيراً.[٢]
وتُؤدّى صلاة قيام الليل ركعتَين ركعتَين بتأنٍّ، وهدوءٍ، وسكينةٍ، ودون استعجالٍ؛ لِما ثبت في الصحيح عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى)،[٣][٤] وتجدر الإشارة إلى أنّ صلاة التروايح سُمِّيت بهذا الاسم؛ لأنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- كان يُصلّي أربع ركعاتٍ ثمّ يستريح، وهي بذلك من الراحة، كما ثبت فيما ورد عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (يُصلِّي أربعًا، فلا تسألُ عن حُسنِهنَّ وطولِهنَّ، ثمَّ يُصلِّي أربعًا، فلا تسأَلْ عن حُسنِهنَّ وطولِهنَّ).[٥][٦]
صلاة القيام في رمضان
يتّوجه المؤمنون إلى ربّهم في قيام الليل بالدعاء، والذِّكر، والصلاة، ويتقرّبون إليه بأعمالهم وعباداتهم بإخلاصٍ ومَحبّةٍ، فيتوب إليه مَن يريد التوبة والإنابة، ويسأله المُضطر والمحتاج ما يريده،[٧] وفي شهر رمضان، يكون قيام الليل بأداء صلاة التراويح التي شُرِعت في أواخر سنوات الهجرة؛ والدليل على ذلك ما أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَرَجَ ذاتَ لَيْلَةٍ مِن جَوْفِ اللَّيْلِ، فَصَلَّى في المَسْجِدِ، فَصَلَّى رِجالٌ بصَلاتِهِ، فأصْبَحَ النَّاسُ، فَتَحَدَّثُوا، فاجْتَمع أكْثَرُ منهمْ، فَصَلَّوْا معهُ، فأصْبَحَ النَّاسُ، فَتَحَدَّثُوا، فَكَثُرَ أهْلُ المَسْجِدِ مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، فَخَرَجَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَصَلَّوْا بصَلاتِهِ، فَلَمَّا كانَتِ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ المَسْجِدُ عن أهْلِهِ حتَّى خَرَجَ لِصَلاةِ الصُّبْحِ، فَلَمَّا قَضَى الفَجْرَ أقْبَلَ علَى النَّاسِ، فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قالَ: أمَّا بَعْدُ، فإنَّه لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ مَكانُكُمْ، لَكِنِّي خَشِيتُ أنْ تُفْرَضَ علَيْكُم، فَتَعْجِزُوا عَنْها)،[٨] وممّا يدلّ أيضاً على أنّها شُرِعت آخر سنوات الهجرة أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- لم يُؤدِّها مرّةً أخرى، ولم يُسأَل عنها، وقد أجمعت الأمّة الإسلاميّة على مشروعيّة صلاة التراويح، وهي سُنّةٌ مُؤكَّدةٌ؛ إذ ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُرَغِّبُ في قِيَامِ رَمَضَانَ مِن غيرِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ فيه بعَزِيمَةٍ).[٩][١٠]
فَضْل القيام في رمضان
يُعَدّ شهر رمضان من الأوقات الشريفة المباركة التي يجدر بالمسلم اغتنامها؛ لنَيل خيرَي الدُّنيا والآخرة، وتحقيق القُرب من الله -تعالى-؛ فقيام الليل له فضائل عظيمة؛ إذ إنّ التقوى تزداد فيه، وتُغفَر فيه الذنوب، ويُستجاب الدعاء؛ لقَوْل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن صامَ رَمَضانَ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ، ومَن قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ).[١١][١٢]
المراجع
- ↑ مجموعة من المؤلفين (1404 – 1427 هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: مطابع دار الصفوة، صفحة 141-143، جزء 27. بتصرّف.
- ↑ صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان (1423هـ)، الملخص الفقهي (الطبعة الأولى)، السعودية: دار العاصمة، صفحة 168-169، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 749، صحيح.
- ↑ عبد الكريم بن عبد الله الخضير، دروس الشيخ عبد الكريم الخضير (الطبعة الأولى)، صفحة 10، جزء 18. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 738، صحيح.
- ↑ ابن عثيمين (1410 هـ – 1415 هـ)، جلسات رمضانية (الطبعة الأولى)، موقع الشبكة الإسلامية، صفحة 14، جزء 5. بتصرّف.
- ↑ محمد بن إبراهيم الرومي (2013)، قيام الليل (الطبعة الأولى)، السعودية: دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع، صفحة 5. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 924، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 759، صحيح.
- ↑ الدرر السنية (2013-07-30)، “صلاة التراويح”، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-4-6. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2014، صحيح.
- ↑ عبدالله بن صالح القصير (1421هـ)، تذكرة الصوام بشيء من فضائل الصيام والقيام وما يتعلق بهما من أحكام (الطبعة الثانية)، المملكة العربية السعودية: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 56-58. بتصرّف.