محتويات
- ١ مقدمة
- ٢ محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم
- ٣ أبو بكر الصديق رضي الله عنه
- ٤ عمر بن الخطاب رضى الله عنه
- ٥ عثمان بن عفان رضي الله عنه
- ٦ علي بن أبي طالب رضي الله عنه
- ٧ معاذ بن جبل رضي الله عنه
- ٨ بلال بن رباح رضي الله عنه
- ٩ أبو ذر الغفاري رضي الله عنه
- ١٠ أبوالدرداء رضي الله عنه
- ١١ سلمان الفارسي رضي الله عنه
- ١٢ عبد الله بن مسعود رضي الله
- ١٣ =الحسن بن علي رضي الله عنه
- ١٤ معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه
- ١٥ عمرو بن العاص رضي الله عنه
- ١٦ أبو موسى الأشعري رضى الله عنه
- ١٧ سعد بن الربيع رضي الله عنه
- ١٨ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما
- ١٩ عبادة بن الصامت رضي الله عنه
- ٢٠ الإمام الشافعي رضي الله عنه
- ٢١ الحسن البصري رضي الله عنه
- ٢٢ عبدالله بن المبارك
- ٢٣ العالم محمد بن سيرين
- ٢٤ الخليفة عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه
- ٢٥ الخليفة المأمون رحمه الله
- ٢٦ أمير المؤمنين عبدالملك من مروان رحمه الله
- ٢٧ هشام بن عبد الملك رحمه الله
- ٢٨ الخليفة المعتصم رحمه الله
- ٢٩ الخليفة هارون الرشيد رحمه الله
مقدمة
(كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ)، [الرحمن:26،27].
أكثر ما قد يوجعنا هو الموت إذ إنه حق على كل مخلوقات الله سبحانه وتعالى، ولا مفرّ منه، وقد أذلّ الله عباده بثلاثة أشياء هي الموت والمرض والفقر، ومع هذا نرى من يتجبر ويتكبّر على خلق الله وكأنه مخلّد في هذه الأرض، لكن علينا أن نعلم أن الموت لا يعني الفناء التام ولكنه انتقال من مرحلة لمرحلة أخرى لننال جزاء ما عملنا في حياتنا الدنيا، وأكثر ما يؤثر في قلب المؤمن هو اطلاعه على أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة والتابعين عندما زارهم الموت، أترك لكم هنا بعض كلماتهم عن الموت وسكراته:
محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم
في يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول للسنة الحادية عشرة للهجرة، كان المرض قد أشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم، وسرت أنباء مرضه بين أصحابه، وبلغ منهم القلق مبلغه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أوصى أن يكون أبو بكر إماماً لهم، حين أعجزه المرض عن الحضور إلى الصلاة.
في فجر ذلك اليوم وأبو بكر يصلي بالمسلمين، لم يفاجئهم وهم يصلون إلا رسول الله وهو يكشف ستر حجرة عائشة، ونظر إليهم وهم في صفوف الصلاة، فتبسم مما رآه منهم فظن أبو بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يخرج للصلاة، فأراد أن يعود ليصل الصفوف، وهم المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم، فرحاً برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشار إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأومأ إلى أبي بكر ليكمل الصلاة، فجلس عن جانبه وصلى عن يساره، وعاد رسول الله إلى حجرته، وفرح الناس بذلك أشد الفرح، وظن الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أفاق من وجعه، وإستبشروا بذلك خيراً . وجاء الضحى، وعاد الوجع لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا فاطمة: فقال لها سراً أنه سيقبض في وجعه هذا ، فبكت لذلك، فأخبرها أنها أول من يتبعه من أهله، فضحكت، وإشتد الكرب برسول الله صلى الله عليه وسلم .. وبلغ منه مبلغه، فقالت فاطمة: “وا كرب أبتاه” . فرد عليها رسول الله قائلاً: «لا كرب على أبيك بعد اليوم» [الألباني]. وأوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصيته للمسلمين وهو على فراش موته: «الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم» [الألباني].
دخل عبد الرحمن بن أبي بكر وبيده السواك، فنظر إليه رسول الله، قالت عائشة: “آخذه لك؟”، فأشار برأسه أن نعم، فاشتد عليه، فقالت عائشة: “أليّنه لك؟” فأشار برأسه أن نعم. فلينته له، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل يديه في ركوة فيها ماء، فيمسح بالماء وجهه وهو يقول: «لا إله إلا الله، إن للموت سكرات» [البخاري]، وفي النهاية … شخُصَ بصر رسول الله صلى الله عليه وسلم … وتحركت شفتاه قائلاً: «مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين» [البخاري]، «اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى» [البخاري]، وفاضت روح خير خلق الله .. فاضت أطهر روح خلقت إلى ربها .. فاضت روح من أرسله الله رحمة للعالمين وصلى اللهم عليه وسلم تسليماً.
اللهم إنا نسألك عيشة هنية وميتة سوية ومرد غير مخز ولا فاضح .. اللهم أجعل الحياة زيادة لنا في كل خير واجعل الموت راحة لنا من كل شر، وإن أردت بأهل الأرض فتنة فاقبضنا إليك غير خزايا ولا مفتونين ..اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها وخير أيامنا يوم أن نلقاك برحمتك يا أرحم الراحمين.
أبو بكر الصديق رضي الله عنه
حين وفاته قال: {وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ} [ق:19]، وقال لعائشة: “انظروا ثوبي هذين، فاغسلوهما وكفنوني فيهما، فإن الحي أولى بالجديد من الميت”، ولما حضرته الوفاة أوصى عمر رضي الله عنه قائلاً: “إني أوصيك بوصية، إن أنت قبلت عني: إن لله عز وجل حقاً بالليل لا يقبله بالنهار، وإن لله حقاً بالنهار لا يقبله بالليل، وإنه لا يقبل النافلة حتى تؤدى الفريضة، وإنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه في الآخرة بإتباعهم الحق في الدنيا، وثقلت ذلك عليهم، وحق لميزان يوضع فيه الحق أن يكون ثقيلاً، وإنما خفت موازين من خفت موازينه في الآخرة باتباعهم الباطل، وخفته عليهم في الدنيا وحق لميزان أن يوضع فيه الباطل أن يكون خفيفاً”.
عمر بن الخطاب رضى الله عنه
جاء عبد الله بن عباس فقال: “يا أمير المؤمنين، أسلمت حين كفر الناس، وجاهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خذله الناس، وقتلت شهيداً ولم يختلف عليك اثنان، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنك راض”، فقال له: “أعد مقالتك” فأعاد عليه، فقال: “المغرور من غررتموه، والله لو أن لي ما طلعت عليه الشمس أو غربت لافتديت به من هول المطلع”، وقال عبد الله بن عمر: “كان رأس عمر على فخذي في مرضه الذي مات فيه”.
فقال: “ضع رأسي على الأرض”.
فقلت: “ما عليك كان على الأرض أو كان على فخذي ؟!”
فقال: “لا أم لك، ضعه على الأرض”.
فقال عبد الله: “فوضعته على الأرض”.
فقال: “ويلي وويل أمي إن لم يرحمني ربي عزّ وجلّ”.
عثمان بن عفان رضي الله عنه
قال حين طعنه الغادرون والدماء تسيل على لحيته: “لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. اللهم إني أستعذيك وأستعينك على جميع أموري وأسألك الصبر على بليتي”، ولما أستشهد فتشوا خزائنه فوجدوا فيها صندوقاً مقفلاً. ففتحوه فوجدوا فيه ورقة مكتوباً عليها (هذه وصية عثمان):
بسم الله الرحمن الرحيم
عثمان بن عفان يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله وأن الجنة حق. وأن الله يبعث من في القبور ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد. عليها يحيا وعليها يموت وعليها يبعث إن شاء الله .
علي بن أبي طالب رضي الله عنه
بعد أن طعن علي رضي الله عنه قال: “ما فعل بضاربي؟”
قالوا: “أخذناه”
قال: “أطعموه من طعامي، واسقوه من شرابي، فإن أنا عشت رأيت فيه رأيي، وإن أنا مت فاضربوه ضربة واحدة لا تزيدوه عليها”، ثم أوصى الحسن أن يغسله وقال: “لا تغال في كفن فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تغالوا في الكفن فإنه يسلب سلباً سريعاً» [الذهبي]، وأوصى: “امشوا بي بين المشيتين لا تسرعوا بي، ولا تبطئوا، فإن كان خيرًا عجلتموني إليه، وإن كان شراً ألقيتموني عن أكتافكم”.
معاذ بن جبل رضي الله عنه
الصحابي الجليل معاذ بن جبل .. حين حضرته الوفاة .. وجاءت ساعة الإحتضار .. نادى ربه … قائلاً: “يا رب إنني كنت أخافك، وأنا اليوم أرجوك .. اللهم إنك تعلم أنني ما كنت أحب الدنيا لجري الأنهار، ولا لغرس الأشجار .. وإنما لظمأ الهواجر، ومكابدة الساعات، ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق العلم”. ثم فاضت روحه بعد أن قال: “لا إله إلا الله” . روى الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «نعم الرجل معاذ بن جبل»، وروى الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أرحم أمتي بأمتي أبو بكر …» إلى أن قال: «… وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل».
بلال بن رباح رضي الله عنه
حينما أتى بلالاً الموت .. قالت زوجته: “وا حزناه”. فكشف الغطاء عن وجهه وهو في سكرات الموت .. وقال: “لا تقولي واحزناه، وقولي وا فرحاه”، ثم قال: “غداً نلقى الأحبة ..محمداً وصحبه”.
أبو ذر الغفاري رضي الله عنه
لما حضرت أبا ذر الوفاة بكت زوجته فقال: “ما يبكيك ؟”، قالت : “وكيف لا أبكي وأنت تموت بأرض فلاة وليس معنا ثوب يسعك كفناً”.
فقال لها: “لا تبكي وأبشري فقد سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لنفر أنا منهم: «ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض يشهده عصابة من المؤمنين» [الألباني] وليس من أولئك النفر أحد إلا ومات في قرية وجماعة، وأنا الذي أموت بفلاة، والله ما كذبت ولا كذبت فانظري الطريق”، قالت: “أنى وقد ذهب الحاج وتقطعت الطريق”، فقال انظري فإذا أنا برجال فألحت ثوبي فأسرعوا إلي فقالوا: “ما لك يا أمة الله ؟”، قالت: “امرؤ من المسلمين تكفونه ..” فقالوا: “من هو ؟”، قالت: “أبو ذر”، قالوا : “صاحب رسول الله”، ففدوه بأبائهم وأمهاتهم ودخلوا عليه فبشرهم وذكر لهم الحديث وقال:” أنشدكم بالله، لا يكفنني أحد كان أمير أو عريفاً أو بريداً”، فكل القوم كانوا نالوا من ذلك شيئاً غير فتى من الأنصار فكفنه في ثوبين لذلك الفتى وصلى عليه عبد الله بن مسعود فكان في ذلك القوم رضي الله عنهم أجمعين.
أبوالدرداء رضي الله عنه
لما جاء أبا الدرداء الموت … قال: “ألا رجل يعمل لمثل مصرعي هذا ؟ ألا رجل يعمل لمثل يومي هذا ؟ ألا رجل يعمل لمثل ساعتي هذه ؟” ثم قبض رحمه الله.
سلمان الفارسي رضي الله عنه
بكى سلمان الفارسي عند موته، فقيل له: “ما يبكيك ؟”، فقال: “عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون زاد أحدنا كزاد الراكب، وحولي هذه الأزواد” و قيل: إنما كان حوله إجانة وجفنة ومطهرة !، الإجانة: إناء يجمع فيه الماء، والجفنة: القصعة يوضع فيها الماء والطعام، والمطهرة: إناء يتطهر فيه.
عبد الله بن مسعود رضي الله
لما حضر عبد الله بن مسعود الموت دعا ابنه فقال: “يا عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، إني أوصيك بخمس خصال، فإحفظهن عني: أظهر اليأس للناس، فإن ذلك غنى فاضل. ودع مطلب الحاجات إلى الناس، فإن ذلك فقر حاضر. ودع ما تعتذر منه من الأمور، ولا تعمل به. وإن إستطعت ألا يأتي عليك يوم إلا وأنت خير منك بالأمس، فافعل. وإذا صليت صلاة فصل صلاة مودع، كأنك لا تصلي بعدها”.
=الحسن بن علي رضي الله عنه
لما حضر الموت بالحسن بن علي رضي الله عنهما، قال: “أخرجوا فراشي إلى صحن الدار”، فأخرج فقال:” اللهم إني أحتسب نفسي عندك، فإني لم أصب بمثلها !”
معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه
قال معاوية رضي الله عنه عند موته لمن حوله: “أجلسوني”. فأجلسوه .. فجلس يذكر الله، ثم بكى، وقال: “الآن يا معاوية، جئت تذكر ربك بعد الإنحطام والإنهدام، أما كان هذا وغض الشباب نضير ريان، ثم بكى وقال:” يا رب، يا رب، ارحم الشيخ العاصي ذا القلب القاسي .. اللهم أقل العثرة واغفر الزلة .. وجد بحلمك على من لم يرج غيرك ولا وثق بأحد سواك” … ثم فاضت رضي الله عنه.
عمرو بن العاص رضي الله عنه
حينما حضر عمرو بن العاص الموت بكى طويلاً وحول وجهه إلى الجدار، فقال له ابنه: “ما يبكيك يا أبتاه ؟ أما بشرك رسول الله”. فأقبل عمرو رضي الله عنه إليهم بوجهه وقال: “إن أفضل ما نعد شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، إني كنت على أطباق ثلاث، لقد رأيتني وما أحد أشد بغضاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم مني، ولا أحب إلى أن أكون قد استمكنت منه فقتلته، فلو مت على تلك الحال لكنت من أهل النار، فلما جعل الله الإسلام في قلبي، أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: ابسط يمينك فلأبايعنك، فبسط يمينه، قال: فقضبت يدي.
فقال: «ما لك يا عمرو ؟» قلت: أردت أن أشترط
فقال: «تشترط ماذا ؟» قلت: أن يغفر لي .
فقال: «أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله ؟» [مسلم] وما كان أحد أحب إلي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحلى في عيني منه، وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالاً له، ولو قيل لي صفه لما إستطعت أن أصفه، لأني لم أكن أملأ عيني منه، ولو مت على تلك الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنة، ثم ولينا أشياء، ما أدري ما حالي فيها ؟ فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار، فإذا دفنتموني فسنوا علي التراب سنا ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها، حتى أستأنس بكم، وأنظر ماذا أراجع به رسل ربي ؟”
أبو موسى الأشعري رضى الله عنه
لما حضرت أبا موسى رضي الله عنه الوفاة، دعا فتيانه، وقال لهم: “إذهبوا فاحفروا لي وأعمقوا، فعلوا”.
فقال: “اجلسوا بي، فوالذي نفسي بيده إنها لإحدى المنزلتين، إما ليوسعن قبري حتى تكون كل زاوية أربعين ذراعاً، وليفتحن لي باب من أبواب الجنة، فلأنظرن إلى منزلي فيها وإلى أزواجي، وإلى ما أعد الله عز وجل لي فيها من النعيم، ثم لأنا أهدى إلى منزلي في الجنة مني اليوم إلى أهلي، وليصيبني من روحها وريحانها حتى أبعث.
وإن كانت الأخرى ليضيقن علي قبري حتى تختلف منه أضلاعي، حتى يكون أضيق من كذا وكذا، وليفتحن لي باب من أبواب جهنم، فلأنظرن إلى مقعدي وإلى ما أعد الله عز وجل فيها من السلاسل والأغلال والقرناء، ثم لأنا إلى مقعدي من جهنم لأهدى مني اليوم إلى منزلي، ثم ليصيبني من سمومها وحميمها حتى أبعث”.
سعد بن الربيع رضي الله عنه
لما انتهت غزوة أحد .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من ينظر ما فعل سعد بن الربيع؟» [البخاري] فدار رجل من الصحابة بين القتلى .. فأبصره سعد بن الربيع قبل أن تفيض روحه .. فناداه ..: “ماذا تفعل ؟” فقال: “إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني لأنظر ماذا فعلت؟”، فقال سعد: “اقرء على رسول الله صلى الله عليه وسلم مني السلام وأخبره أني ميت وأني قد طعنت اثنتي عشرة طعنة وأنفذت في، فأنا هالك لا محالة، واقرأ على قومي مني السلام وقل لهم .. يا قوم .. لا عذر لكم إن خلص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيكم عين تطرف”.
عبد الله بن عمر رضي الله عنهما
قال عبد الله بن عمر قبل أن تفيض روحه: “ما آسى من الدنيا على شيء إلا على ثلاثة: ظمأ الهواجر ومكابدة الليل ومراوحة الأقدام بالقيام لله عز وجل، وأني لم أقاتل الفئة الباغية التي نزلت” (و لعله يقصد الحجاج ومن معه).
عبادة بن الصامت رضي الله عنه
لما حضرت عبادة بن الصامت الوفاة، قال: “أخرجوا فراشي إلى الصحن”، ثم قال: “اجمعوا لي موالي وخدمي وجيراني ومن كان يدخل علي”، فجمعوا له …. فقال: “إن يومي هذا لا أراه إلا آخر يوم يأتي علي من الدنيا، وأول ليلة من الآخرة، وإنه لا أدري لعله قد فرط مني إليكم بيدي أو بلساني شيء، وهو والذي نفس عباده بيده، القصاص يوم القيامة، وأحرج على أحد منكم في نفسه شيء من ذلك إلا اقتص مني قبل أن تخرج نفسي”.
فقالوا: “بل كنت والداً وكنت مؤدباً”.
فقال:” أغفرتم لي ما كان من ذلك؟” قالوا: “نعم”.
فقال: “اللهم أشهد … أما الآن فاحفظوا وصيتي … أحرج على كل إنسان منكم أن يبكي، فإذا خرجت نفسي فتوضئوا فأحسنوا الوضوء، ثم ليدخل كل إنسان منكم مسجداً فيصلي ثم يستغفر لعبادة ولنفسه، فإن الله عز وجل قال: {وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة:45] … ثم أسرعوا بي إلى حفرتي، ولا تتبعوني بنار”.
الإمام الشافعي رضي الله عنه
دخل المزني على الإمام الشافعي في مرضه الذي توفي فيه، فقال له: “كيف أصبحت يا أبا عبد الله ؟!”
فقال الشافعي: “أصبحت من الدنيا راحلاً، وللإخوان مفارقاً، ولسوء عملي ملاقياً، ولكأس المنية شارباً، وعلى الله وارداً، ولا أدري أروحي تصير إلى الجنة فأهنيها، أم إلى النار فأعزيها”، ثم أنشأ يقول:
ولما قسـا قلبي وضاقـت مذاهبي
جـعـلت رجـائي نحـو عفـوك سلـماً
تعاظـمـني ذنبــي فلـما قرنتـه
بعـفــوك ربـي كـان عفوك أعظـمـاً
فما زلت ذا عفو عن الذنـب لم تزل
تجـود وتعـفـو منــة وتكـرمــاً
الحسن البصري رضي الله عنه
حينما حضرت الحسن البصري المنية، حرك يديه وقال: “هذه منزلة صبر واستسلام !”.
عبدالله بن المبارك
العالم العابد الزاهد المجاهد عبدالله بن المبارك، حينما جاءته الوفاة إشتدت عليه سكرات الموت ثم أفاق .. ورفع الغطاء عن وجهه وابتسم قائلا: “لمثل هذا فليعمل العاملون …. لا إله إلا الله”، ثم فاضت روحه.
العالم محمد بن سيرين
روي أنه لما حضرت محمد بن سيرين الوفاة، بكى، فقيل له: “ما يبكيك؟”، فقال: “أبكي لتفريطي في الأيام الخالية وقلة عملي للجنة العالية وما ينجيني من النار الحامية”.
الخليفة عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه
لما حضر الخليفة عمر بن عبد العزيز الموت قال لبنيه وكان مسلمة بن عبدالملك حاضراً: “يا بني، إني قد تركت لكم خيراً كثيراً لا تمرون بأحد من المسلمين وأهل ذمتهم إلا رأو لكم حقاً، يا بني، إني قد خيرت بين أمرين، إما أن تستغنوا وأدخل النار، أو تفتقروا وأدخل الجنة، فأرى أن تفتقروا إلى ذلك أحب إلي، قوموا عصمكم الله … قوموا رزقكم الله، قوموا عني، فإني أرى خلقاً ما يزدادون إلا كثرة، ما هم بجن ولا إنس”
قال مسلمة: “فقمنا وتركناه، وتنحينا عنه، وسمعنا قائلاً يقول: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص83]، ثم خفت الصوت، فقمنا فدخلنا، فإذا هو ميت مغمض مسجى !”
الخليفة المأمون رحمه الله
حينما حضر المأمون الموت قال: “أنزلوني من على السرير”، فأنزلوه على الأرض … فوضع خده على التراب وقال: “يا من لا يزول ملكه … إرحم من قد زال ملكه”.
أمير المؤمنين عبدالملك من مروان رحمه الله
يروى أن عبد الملك بن مروان لما أحس بالموت قال: “ارفعوني على شرف، ففعل ذلك”، فتنسم الروح، ثم قال: “يا دنيا ما أطيبك! إن طويلك لقصير، وإن كثيرك لحقير، وإن كنا منك لفي غرور .
هشام بن عبد الملك رحمه الله
لما أحتضر هشام بن عبد الملك، نظر إلى أهله يبكون حوله فقال: “جاء هشام إليكم بالدنيا وجئتم له بالبكاء، ترك لكم ما جمع وتركتم له ما حمل، ما أعظم مصيبة هشام إن لم يرحمه الله”.
الخليفة المعتصم رحمه الله
قال المعتصم عند موته: “لو علمت أن عمري قصير هكذا ما فعلت”.
الخليفة هارون الرشيد رحمه الله
لما مرض هارون الرشيد ويئس الأطباء من شفائه … وأحس بدنو أجله .. قال: “أحضروا لي أكفاناً” فأحضروا له ..فقال: “احفروا لي قبراً” … فحفروا له … فنظر إلى القبر وقال :”ما أغنى عني مالية … هلك عني سلطانية … !”.