أثر الصلاة على صحة الإنسان
لا يقف حدّ أهمية الصلاة وفضلها عند حدود الأجر والثواب، وهذا على عظمته ومكانته إلا أنّ المولى -سبحانه- أكرم عباده بفوائد جمّة للصلاة تعود عليهم بالنّفع في الدنيا قبل الآخرة، ومن ذلك أنّ الطبّ الوقائي يحضر بقوة في مشهد أداء شعيرة الصلاة؛ فتنوّع الحركات في الصلاة يُعدّ من أهم التمارين التي تتفق مع أحدث نظريةٍ في التمرينات السويدية، حيث إنّها تتّصف بالتكرار على امتداد ساعات الليل والنهار، وتؤدّى بشكل غير مُجهد، وهذا واضح بجلاء في القيام، والركوع، والسجود، والاعتدال، والقيام من الركوع، والقيام من السجود.[١]
- نيل البركة في الرزق، وفي ذلك قال ابن القيم: (ونومة الصبح تمنع الرزق لإنّه وقت تُقسم فيه الأرزاق).
فوائد صلاة الفجر
في هذا المقام تجدر الإشارة إلى أنّ المسلم إنما يؤدّي صلاة الفجر وسائر الصلوات الأخرى انقياداً لأمر الله -تبارك وتعالى- وطمعاً فيما أعدّه للمصلي من أجر وثواب، ولكنّ هذا لا يمنع من أنْ ينعم المسلم بالفوائد الأخرى التي تترتّب على أداء الصلوات،[٢] ويجدر بالذكر أنّ صلاة الفجر من الصلوات الخمس المكتوبات، ولمّا كان تحديد أوقات الصلوات أمر توقيفي لا اجتهاد فيه؛ فقد شرع الباحثون والمختصون بمحاولة استشراف آفاق الحِكمة الإلهية من تحديد وقت صلاة الفجر قبل طلوع الشمس، ومنها:[٣][٤]
- وقت صلاة الفجر بداية الوقت الذي بارك الله به، فقد صحّ عند ابن حبّان أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (اللَّهمَّ بارِكْ لأمَّتي في بُكورِها)، قال: وكان إذا بعَث سَريَّةً أو جيشًا بعَثهم في أوَّلِ النَّهارِ، وكان صخرٌ رجلًا تاجراً، وكان يبعَثُ تجارتَه في أوَّلِ النَّهارِ فأثرى وأصاب مالًا)،[٥] وجاء في الأثر أنّ عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- رأى ابناً له نائماً نوم الصبح؛ فقال له: قم أتنام في الساعة التي تُقسّم فيها الأرزاق، ومن هذا الفهم جاء عن ابن القيم -رحمه الله- قوله: ونومة الصبح تمنع الرزق لأنّه وقتٌ تُقسّم فيه الأرزاق.
- الاستيقاظ لصلاة الفجر يمنح المسلم حفظاً إلهياً ووقاية من الشرور والمخاطر وعثرات الدنيا؛ فقد صحّ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال فيما رواه أبو ذر -رضي الله عنه-: من صلى الصبحَ فهو في ذمةِ اللهِ؛ فلا يطلبنَّكم اللهُ من ذمتِه بشيٍء؛ فيُدركُه فيكبَّهُ في نارِ جهنم،[٦] ولا شكّ أنّ الذي يترك فراشه ونومه ويستهمّ لأداء صلاة الفجر فيكون أول يومه طاعة لله -تعالى- حقيق بهذا الكرم الإلهي والعطاء الرّباني.
- الحفظ والدخول في ذمة الله تعالى بأداء صلاة الفجر، وبذلك ينال العبد المسلم الحماية من الل هتعالى في النفس والمال والولد، وسائر الأمور المتعلّقة بالعبد، ممّا يؤدي إلى الشعور بالطمأنينة والسكينة، ونيل الأمان من الله تعالى في الدنيا والآخرة.
- المحافظة على صلاة الفجر جماعةً من الأسباب التي تطرد عن العبد الاتصاف بصفات وعلامات المنافقين، فقد قال عبد الله بن عمر رضي الله عنه: (كنا إذا فقدنا الرجل في الفجر أسأنا به الظن)، كما روى الإمام مسلم في صحيحه عن الصحابي أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي عليه الصلاة والسلام أنّه قال: (إنَّ أثقلَ صلاةٍ على المنافقِينَ صلاةُ العشاءِ وصلاةُ الفجرِ، ولو يعلمون ما فيهما لأتَوهُما ولو حَبواً).[٧]
- التحذير لمن ترك صلاة الفجر، وامتنع عن أدائها، فقد وعد الله تعالى تارك الصلاة بالعذاب في وادي الغيّ، وهو وداي يقع في جهنّم تستعيذ منه سبعين مرّةً في اليوم.
- النشاط والحيوية التي يكتسبها المسلم بأدائه لصلاة الفجر، وطرد الخبث والكسل، فالنوم عن صلاة الفجر وعدم أدائها من الأسباب التي تُوصل بالعبد إلى الكسل والخمول طوال اليوم.
نصائح للمحافظة على صلاة الفجر
يحتاج الاستيقاظ لصلاة الفجر إلى مجاهدة نفس واستحضار لفضلها وعظيم أجرها، ومن النّصائح التي تُقدّم للمسلم لتعينه على تعويد نفسه على الاستيقاظ لأدائها في وقتها ما يأتي:[٤]
- أولاً: الحرص على النّوم المبكر وترك السّهر من غير منفعة ومصلحة، وقد ورد الشرعي في النّهي عن السّهر بعد صلاة العشاء إلا لخير.
- ثانياً: تعويد النفس على آداب النوم، ومنها: النوم على طهارة، وأداء ركعتي الوضوء، وترديد أذكار النوم ومن أهمّها قراءة المعوذتين في الكفين ثم مسح ما استطاع المسلم من الجسد بهما، وأن يكون بداية الاضطجاع للنّوم على الشق الأيمن، وغير ذلك من الآداب.
- ثالثاً: المحافظة على صلاة الفجر توفيق من الله -تعالى-، وهذا التّوفيق يحصل عليه المسلم بمزيد الطاعات والقربات، مثل: صلة الرّحم وبر الوالدين والإحسان إلى الجار وصدقة السّر، والسّعي في حاجة أخيه المسلم، وغيرها.
- رابعاً: كثرة الأكل قبل النوم تورث الجسم ثِقلاً عن الحركة وخمولاً في الهمّة والعزيمة، بل إنها تقلّل الخشوع إذا كان أتخم نفسه بالطعام، لأنّ مَن أكل كثيراً شرب كثيراً أورثه ذلك تعباً كبيراً فيميل الإنسان إلى النوم الطويل والعميق، وتفوته صلاة الفجر.
- خامساً: الابتعاد عن المعاصي في النهار بحفظ الجوارح عمّا حرّم المولى -سبحانه- فإنّ ذلك أدعى وأرجى لنواله فضل الله بنوال شهود صلاة الفجر في وقتها، وقد ذهب بعض أهل اعلم إلى أنّ من أساء في ليله عوقب في نهاره، ومن أساء في نهاره عوقب في ليله.
- سادساً: استحضار حلاوة الأجر وعظيم الفضل لصلاة الفجر في ذهن المسلم، فإنّ من استأنس بعطايا رب العباد سعِد يوم المعاد.
المراجع
- ↑ محمد راتب النابلسي (14-5-2012)، “الفوائد الصحية للصلاة”، www.nabulsi.com، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2018. بتصرّف.
- ↑ مركز الفتوى (28-11-2007)، “الفوائد الصحية لصلاة الفجر”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-12-2018. بتصرّف.
- ↑ أم سمية، “أهمية صلاة الفجر”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2018. بتصرّف.
- ^ أ ب أمير بن محمد المدري، “إلى من ينام عن صلاة الفجر”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن صخر الغامدي، الصفحة أو الرقم: 4754، أخرجه في صحيحه.
- ↑ رواه الإمام مسلم، في صحيح مسلم، عن جندب بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 657 ، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 651، صحيح.