السور المدنيّة والمكيّة
السُور المدنية من اسمها هي السُور التي نزلت في المدينة المُنورة، وتُقابلها سُور نزلت في مكة وسُميت السُور المكيّة، لكن المعنى الأصح هو أنّ كُل سورة أو حتى آية نزلت بعد الهجرة حتى لو لم يكُن الرسول في المدينة هي سورة مدنية؛ فآخر آية في القُرآن والتي قرأها الرسول صلى الله عليه وسلم في حُجة الوداع نزلت في مكة إلا أنها تُعدّ من السُور المدنية.
هناك اختلاف على بعض السُور والآيات فيما إذا كانت مكّية أو مدنية، ولحل هذه الإشكالية يجب الرجوع إلى الروايات المنسوبة للصحابة الذين عاشوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فهُم أدرى بما نزل من القُرآن ومكان وزمان نزوله، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يذكُر شيئاً عن هذا الأمر، فهو ليس من الفروض التي على المُسلمين معرفتها، ولكن حين تمّ جمع القُرآن وبدأ العُلماء بتفسيره والبحث والتقصّي عن آياته تمّ تقسيم الآيات إلى مكّية ومدنية.
عدد السُور المدنية
إنّ عدد السور المدنية ثمانيةً وعشرين سورة، وعدد السُور المكية ستة وثمانون سورة؛ وهذه السُور هي التي تم الاتفاق على عددها، ولكي يسهُل معرفة العدد فقد لجأ بعض الباحثين إلى استخدام عدد آيات سورة البقرة فعدد آياتها 286 فإن حذفنا الرقم 2 يبقى لدينا 86 وهو عدد السُور المكيّة، أما إن حذفنا الرقم 6 يبقى لدينا 28 وهو عدد السُور المدنية، إلا أن عُلماء الشريعة اتفقوا على أن السُور المدنيّة هي عشرون سورة وأنّ هُناك اثنتي عشرة سورة مختلف عليها ما إذا كانت مكية أو مدنية، وما تبقّى من السُور وهو اثنان وثمانون سورة هي سُور مكية، والله أعلم.
مزايا السور المدنية
هُناك بعض المزايا التي تتمتّع بها السُور المدنية والتي يستطيع قارئ القُرآن ملاحظتها من خلال قراءة آياتها، وهذه المزايا هي:
- تتم فيها مخاطبة الناس بـ “يا أيُّها المُؤمنون، أو يا أيها الذين آمنوا”، بينما في السُور المكية يكون الخطاب ب، “يا أيُها الناس”.
- تحتوي السور المدنية على فريضة في الإسلام مثل الزكاة والحجّ، أو حُكم شرعي كالحدّ “حدّ الزنا مثلاً”.
- فيها ذِكر للمنافقين.
- فيها أحكام وتشريعات تخُص الحياة الاجتماعية كالميراث والزواج والطلاق.
- فيها دعوات للجهاد.
من أشهر الصحابة الذين عُرفوا بحفظهم للقُرآن ومعرفة مكان نزول آياته هو الصحابي عبد الله بن مسعود؛ إذ قال: ” والله الذي لا إله غيره ما نزلت سورة من كتاب الله إلا وأنا أعلم أين نزلت، ولا نزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيم نزلت، ولو أعلم أحداً أعلم مني بكتاب الله، تبلغه الإبل لركبت إليه”، ولهذا فقد اعتمد العُلماء كثيراً على رواياته وعلى روايات التابعين من بعده لأنه من أكثر الأشخاص علماً بالقُرآن الكريم.