رسل و أنبياء

جديد عدد أسماء الرسول

عدد أسماء الرسول

تسمّى النبيّ بخمسة من الأسماء التي صرّح النبيّ بكونها أسماءً له في الأحاديث الصحيحة؛ فأمّا اسم محمّد؛ فهو الاسم الذي سمّاه به جدّه عبد المطلب بعد ولادته، واسم أحمد ذكره الله -تعالى- في القرآن الكريم، والماحي الذي محا الله به الكفر، والحاشر الذي يُحشر الناس على قدمه؛ أي من بعده، والعاقب الذي خُتم به الأنبياء،[١] وهذه هي الأسماء المشهورة عنه، ونقل ابن العربي عن بعض الصوفيّة أنّهم أوصلوها إلى ألف اسم؛ جمعوها من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والكتب القديمة،[٢]

سمّى الله -تعالى- رسوله في القرآن الكريم أحمداً ومحمّداً، وقد وردت أحاديث نبوية شريفة تنصّ على أسماءٍ أخرى للنبيّ، منها ما أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيْهما قول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: (لِي خَمْسَةُ أسْماءٍ: أنا مُحَمَّدٌ، وأَحْمَدُ، وأنا الماحِي الذي يَمْحُو اللَّهُ بي الكُفْرَ، وأنا الحاشِرُ الذي يُحْشَرُ النَّاسُ علَى قَدَمِي، وأنا العاقِبُ)،[٣] كما صحّ عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- انّه قال: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَمِّي لَنَا نَفْسَهُ أَسْمَاءً فَقَالَ: أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَحْمَدُ، وَالْمُقَفِّي، وَالْحَاشِرُ، وَنَبِيُّ التَّوْبَةِ، وَنَبِيُّ الرَّحْمَةِ)،[٤] وقال ابن حجر -رحمه الله- إن الحديث الأول يدلّ على أنّ النبيّ اختصّ نفسه بهذه الأسماء الخمسة كونها مشهورة ولم يتسمَّ بها أحد، لا للحصر، أو أنّ هذه الأسماء الخمسة موجودةٌ عند الأمم السابقة واشتُهرت في كتبهم، وقد أدّى تعدّد آراء العلماء بصحة نسبة بعض الأسماء إلى رسول الله إلى الاختلاف في عددها، ويعود ذلك إلى تسمية بعضهم لرسول الله بما وصفه الله به في القرآن الكريم، فمثلاً في قول الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا* وَدَاعِيًا إِلَى اللَّـهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا)،[٥] أطلق عليه بعض العلماء أسماء مثل؛ الشاهد، والمبشّر، والنّذير، والداعي، والسّراج المنير، وفي المقابل قال بعضهم أنّ هذه صفات وليست أسماء.[٦]

أمّا تفصيل هذه الأسماء الخمسة وغيرها من الأسماء المشهورة ففيما يأتي بيان ذلك: 
  • محمد: وهو أشهر وأخصّ اسمٍ من بين كلّ الأسماء، وقد رد ذكره في القرآن الكريم أربع مراتٍ في أربع سورٍ، وهي: آل عمران، ومحمد، والفتح، والأحزاب، وأصل محمد من الحَمْد، بمعنى أنّه المحمود في كلّ مرةٍ يُذكر فيها اسمه، أو أنّه الذي تكاملت فيه الصفات الحسنة المحمودة، وهو -عليه الصلاة والسلام- محمودٌ في الأرض والسماء، وفي الدنيا والآخرة، وفي خَلقه وخُلُقه وأحواله جميعها، واسم محمد هو الوارد في كلمة التوحيد، وهو الاسم الذي ينادي نفسه فيه، ويناديه الله -عزّ وجلّ- وملائكته به.
وكان يعرّف به بنفسه في رسائله، فيقول: “من محمّد رسول الله إلى..”، ويذكره به عيسى -عليه الصلاة والسلام- في الآخرة حين يبعث الناس إليه من أجل الشفاعة، وناداه جبريل -عليه السلام- باسمه محمد في الإسراء والمعراج، وكذلك إبراهيم حين سمّاه في حديث الإسراء والمعراج، وملك الجبال حين نادى عليه بعد دعوته لأهل الطائف، ويسمّي نفسه به أثناء دعوته للإسلام، ويناديه الأقوام به، ويعرّف بنفسه بذات الاسم لخازن الجنة كي يفتح له بابها.[٧]
  • أحمد: وهو تفضيلٌ من الحمد، أي كثير الحمد والثناء، بُشّر به في الإنجيل، وهو الاسم الذي ذكره موسى -عليه السلام- حين بشّر به قومه أيضاً، ولم يذكره الإنجيل وسيدنا موسى إلّا باسم أحمد، وعَرَفه الناس بذلك الاسم خاصّة بعد أن صار رسولاً، ويعود ذلك إلى أنه اختصّ به في مرحلة دعوته، ولم يُشاركه فيه أحدٌ من الناس، فكان حين يُذكر لا يُقصد به غيره.[٨]
  • الماحي: وهو الذي محا الله به الكفر، فقد قال -عليه الصلاة والسلام-: (أنا الماحِي الذي يَمْحُو اللَّهُ بيَ الكُفْرَ)،[٩] حيث إنّ الله -سبحانه- قد أرسله في وقتٍ تفشّى فيه الشِّرك، وتعدّدت فيه المعبودات؛ من الأصنام، والأوثان، والنار، والكواكب، وغيرها، فجاءت بعثة رسول الله لتعلو على كل ذلك وتمحوه، وهو الماحي الذي يمحو الله به سيّئات من آمن به واتّبع دعوته، ويغفر ذنوبه التي ارتكبها حال عدم إسلامه، قال الله -تعالى-: (إِنَّ اللَّـهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ)،[١٠] كما أنّ الله -تعالى- وصف نفسه بذلك في كتابه، فقال -سبحانه-: (يَمحُو اللَّـهُ ما يَشاءُ وَيُثبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الكِتابِ).[١١][١٢]
  • الحاشر: فهو الذي يحشر الناس على قدميْه، بمعنى أنّه أوّل من يُبعث من قبره، وأوّل من يسير إلى أرض المحشر، ثم تُبعث الخلائق من بعده.[١٣]
  • العاقب: وهو الذي خُتم به إرسال الرسل، فكان -عليه الصلاة والسلام- خاتم الأنبياء، ولا نبيّ بعده، قال الله -تعالى-: (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَـكِن رَّسُولَ اللَّـهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ)،[١٤] والعاقب كما قال ابن الأعرابي هو الذي يَخْلُف من كان قبله بالخير.[١٥]
  • أسماء أخرى مشهورة للنبيّ -صلى الله عليه وسلم-: ومن ذلك اسم عبد الله الوارد في قول الله -تعالى-: (وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّـهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا)،[١٦] والأمّيّ في قوله -تعالى-: (الَّذينَ يَتَّبِعونَ الرَّسولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ)،[١٧]والرحيم في قوله -تعالى-: (لَقَد جاءَكُم رَسولٌ مِن أَنفُسِكُم عَزيزٌ عَلَيهِ ما عَنِتُّم حَريصٌ عَلَيكُم بِالمُؤمِنينَ رَءوفٌ رَحيمٌ)،[١٨] والبشير في قوله -تعالى-: (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا)،[١٩] والشاهد والشهيد في قوله -تعالى-: (إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ)،[٢٠] والنذير في قوله -تعالى-: (إِنَّما أَنتَ نَذيرٌ وَاللَّـهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ وَكيلٌ)،[٢١] والداعي إلى الله، والمبلّغ، والحنيف، ونبيّ التوبة، والنور، والسراج المنير، والمصطفى، والمدّثر، والمزمّل، والطاهر، والمطهَّر، والمطهِّر، والمتوكِّل، والصادق الأمين، وطه، وغيرها من الأسماء.[٢٢]

حكم التسمّي باسم النبي وكنيته

نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن التكنّي بكنيته أثناء حياته، ثم كان ذلك جائزاً بعد وفاته، أما التسمية باسمه فهي جائزةٌ في الحالتين، والجمع بين الاسم والكنية كان جائزاً بعد وفاته كذلك،[٢٣][٢٤] وقد تعدّدت آراء العلماء في ذلك، إلا أنّ هذا ما عليه جمهور العلماء وأكثرهم، وذلك فيما قاله -عليه الصلاة والسلام-: (سَمُّوا باسْمِي، ولَا تَكَنَّوْا بكُنْيَتِي)،[٢٥] وفي سبب ورود هذا الحديث أنّ رسول الله كان يمشي في السّوق، وإذا برجلٍ ينادي: “يا أبا القاسم”، فالتفت إليه رسول الله، ثم قال الرجل: “إنّما دعوت هذا”؛ أي يقصد أنّه ينادي أحداً آخر، ثم قال النبيّ هذا الحديث، ففهم الصحابة أنّ ذلك النّهي إنما كان في حياته -صلّى الله عليه وسلّم- فقط، كما أنّ بعض الصحابة سمّى ابنه باسم النبي، وكنّاه بكنيته؛ كأبي بكر الصديق، وطلحة بن عبيد الله.[٢٤]

مكانة الرسول وفضله

وصف الله -عزّ وجلّ- نبيّه بأنّه رحمةً للعالمين، فقال -سبحانه-: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)،[٢٦] كما جعله خاتم الأنبياء والمرسلين، فقال -تعالى-: (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَـكِن رَّسُولَ اللَّـهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ)،[٢٧] وقد أرسله الله -تعالى- لعالم الجنّ والإنس، واعتبره مِنّةً منه وفضلاً كبيراً على عباده المؤمنين، وعَصَمه وأبعد عنه كل مُستهزئٍ لا يؤمن بالله، ونَصَره وأعلى كلمته وأتمّ نوره، وجعل هذه الدعوة مستمرةً إلى يوم القيامة، ومن آذاه وتعرّض له بسوء عجّل الله عقابه في الدنيا قبل الآخرة، فقال -سبحانه-: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّـهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا)،[٢٨][٢٩] ونحن نحبّه حُبّاً عظيماً؛ لأنّ الله -تعالى- أرسله ليُخرج الناس من الظلمات وعبادة الأصنام إلى نور الإيمان بالله -تعالى- وحده، وقد بذل جهده -عليه الصلاة والسلام- في سبيل هذه الدعوة وتَحمّل مشاقّها،[٣٠] ومن أعظم ما يدلّ على رحمة رسول الله بأمّته أن ادّخر دعوته ليوم القيامة لتكون شفاعةً لأمّته عند الله، وقد جاء ليعرّف الناس بربّهم، وينجّيهم من عذاب النار.[٣١]

المراجع

  1. عبد الكريم الخضير، شرح الموطأ، صفحة 6-7، جزء 183. بتصرّف.
  2. محمد الزُّرقاني (2003)، شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك (الطبعة الأولى)، القاهرة: مكتبة الثقافة الدينية، صفحة 690، جزء 4. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جبير بن مطعم، الصفحة أو الرقم: 3532، صحيح.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 2355، صحيح.
  5. سورة الأحزاب، آية: 45-46.
  6. “عدد أسماء النبي صلى الله عليه وسلم”، www.islamqa.info، 22-10-2009، اطّلع عليه بتاريخ 2-11-2020. بتصرّف.
  7. عاطف المليجي (1999)، أسماء النبي في القرآن والسنة (الطبعة الأولى)، القاهرة: عالم الفكر، صفحة 9-10. بتصرّف.
  8. محمد أبو زهرة (1425)، خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم، القاهرة: دار الفكر العربي، صفحة 103، جزء 1. بتصرّف.
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جبير بن مطعم، الصفحة أو الرقم: 2354، صحيح.
  10. سورة النساء، آية: 48.
  11. سورة الرعد، آية: 39.
  12. عاطف المليجي (1999)، أسماء النبي في القرآن والسنة (الطبعة الأولى)، القاهرة: عالم الفكر، صفحة 26. بتصرّف.
  13. الحسين الحليمي (1979)، المنهاج في شعب الإيمان (الطبعة الأولى)، دمشق: دار الفكر، صفحة 48، جزء 2. بتصرّف.
  14. سورة الأحزاب، آية: 40.
  15. مجموعة من المؤلفين (2009)، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 546، جزء 4. بتصرّف.
  16. سورة الجن، آية: 19.
  17. سورة الأعراف، آية: 157.
  18. سورة التوبة، آية: 138.
  19. سورة البقرة، آية: 119.
  20. سورة المزمل، آية: 15.
  21. سورة هود، آية: 12.
  22. عاطف المليجي (1999)، أسماء النبي في القرآن والسنة (الطبعة الأولى)، القاهرة: عالم الفكر، صفحة 12-42. بتصرّف.
  23. سعيد القحطاني (1421)، فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية: الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، صفحة 886، جزء 2. بتصرّف.
  24. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 167-168، جزء 35. بتصرّف.
  25. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 3114، صحيح.
  26. سورة الأنبياء، آية: 107.
  27. سورة الأحزاب، آية: 40.
  28. سورة الأحزاب، آية: 57.
  29. سعيد القحطاني، رحمة للعالمين، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 445-449. بتصرّف.
  30. نبيل العوضي، دروس للشيخ نبيل العوضي ، صفحة 4، جزء 42. بتصرّف.
  31. محمد عبد الغفار، شرح كتاب التوحيد لابن خزيمة، صفحة 8، جزء 32. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى