محتويات
الديناصورات
عاشت هذه المجموعة من الحيوانات المنقرضة لمدة مئة وستين مليون سنة فوق سطح الكرة الأرضيّة، وتصنف من الفقاريات، وهيمنت هذه الكائنات الحية الضخمة على سطح الأرض منذ نهايات العصر الثلاثي وحتى أواخر العصر الطباشيري، وبدأت هذه الكائنات الحيّة بالانقراض شيئاً فشيئاً بالتزامن مع انقراض العصر الطباشيريّ الثلاثيّ، وأشار العلماء والباحثون إلى أن أقرب الكائنات الحية في وقتنا الحاضر نسباً للديناصورات هي الطيور، وذلك من خلال ما تم العثور عليه من أحافير ومستحاثات أوجدت القاسم المشترك بين هذه الأصناف.
تنحدر من الديناصورات أكثر من تسعة آلاف نوع من الطيور الفقاريّة، وتمكّن علماء الأحياء القديمة من معرفة خمسمئة جنس وألف نوع اللاطيرية، وفي الوقت الحاضر تنتشر في كافة أنحاء العالم سلالات منحدرة من الديناصورات، ومنها ما هو حي يرزق كالطيور، ومنها نافق ويستدل عليه بالمستحاثات، ومن هذه الكائنات ما هو آكل للأعشاب ومنها ما هو آكل للحوم.
حظيت الديناصورات بالشهرة الواسعة؛ نظراً لما تتمتع به من شكل خارجيّ غريب جداً وفقاً لتصورات العلماء، وكانت هذه الفئة قد فرضت سيطرتها على الكرة الأرضيّة بعد أن بدأت الزواحف المجنّحة بالانقراض، والتي كانت بمثابة منافس لها، وأكثر ما يميّز الديناصورات ضخامة حجمها الأمر الذي عمم فكرة حولها بأن جميع السلالات المنحدرة منها عملاقة، إلا أنّ حقيقة حجم هذه الكائنات هي بحجم الإنسان أو قد تكون أصغر أيضاً، وكانت الديناصورات تتكاثر بالبيض وتبني الأعشاش كغيرها من الطيور وتحضنه حتى بلوغه مرحلة الفقس.
في الآونة الأخيرة استطاعت الهياكل العظميّة استقطاب السياح لمشاهدتها بعد أن تم عرضها في متاحف عالميّة، فأصبحت بمثابة معلم جذب سياحيّ، ففي بدايات القرن التاسع عشر تم اكتشاف أول أحفورة لأحد الديناصورات، وبناءً عليها تم تجسيد الديناصورات على هذه الهيئة في الأفلام السينمائية والروايات ومن أكثرها شهرة سلسلة الحديقة الجوراسيّة التي سجلت نسبة مبيعات كبيرة ونجاح باهر، وأصبحت بذلك الديناصورات رمزاً ثقافياً عالمياً يكشف تاريخ الكرة الأرضيّة قبل وجود الإنسان عليها.
الانتشار
عاشت الديناصورات فوق سطح الأرض في الحقبة المتوسطة، وخلال هذه الفترة حدثت تغيّرات كثيرة على طبوغرافيا الكرة الأرضيّة، ومن أهمها زحزحة القارات من مواقعها وانجرافها والتقلبات المناخيّة، الأمر الذي أحدث تغييرات كبيرة في البيئات التي تعيش فيها الديناصورات وبالتالي التغير على حياتها، ويشار إلى تركز هذا النوع من الزواحف منذ بدء انتشارها كان غالباً في قارتي أنتاركتيكا وأستراليا وثم القارات الأخرى.
الوصف
تُعتبر الديناصورات من الزواحف التي تعتمد على قوائم أربع، وبدأ وجودها بالتزامن مع العصر الثلاثي المتأخر وفق ما تشير إليه الأحافير، ومن أكثر أنواع الديناصورات المشهورة هي الزواحف الميزية والزواحف المجنّحة، ويُعدّ الديناصور ذا أسنان ثنائيّة، وتتفاوت تصنيفات الديناصورات ما بين أرضية ومائية ومنها ما يطير، وتصنف بأنها الأقرب للثديات، وتحمي جسم هذه الديناصورات دروع عظمية أو قرون، وتم الاستدلال على وجود بعض بقايا هذه الديناصورات في كافة أنحاء العالم، حيث عُثر على أثر لها في القطب الجنوبيّ.
الانقراض
شهد العالم قبل خمسة وستين مليون سنة اندثاراً مفاجئاً للديناصورات، وتزامن مع ظهور هذه الكائنات اندثار كل من الزواحف السمكية والأمونيتات والزواحف الميزية والبلصورات والبتروصورات، وعدد من أصناف من الطيور، وأطلق على هذه الظاهرة مسمى الانقراض الجماعي، أو ما يسمى بحدث انقراض العصر الطباشيري الثلاثي، وأثار هذا الانقراض الجماعي موجة من الجدل بين العلماء في السبعينات من القرن الماضي، ومن أكثر العوامل التي ساهمت في حدث انقراض العصر الطباشيري الثلاثي هي:
أسباب الانقراض
تغير المناخ
ساهمت التقلّبات المناخية التي طرأت على سطح الكرة الأرضية في انقراض الديناصورات، إذ لم تكن منذ زمن عند قطبي الكرة الأرضية قلنسوات جليدية، وتشير التقديرات التي وضعها العلماء إلى أنّ أعلى مستوى للبحر كان لا يتجاوز ثلاثمئة متر، وأن درجات الحرارة في مختلف أنحاء الكرة الأرضية لم تكن متباعدة عن بعضها البعض، إذ كان قطبا الكرة الأرضية يختلفان في درجة الحرارة بفرق يقدّر بخمس وعشرين درجة مئوية فقط عند خط الاستواء، وكان الغلاف الجوي ذا درجات حرارة مرتفعة جداً أكثر من الوقت الحالي.
وتلعب تركيبة الغلاف الجوي دوراً أيضاً في التغيرات المناخية التي ساهمت في انقراض الديناصورات، إذ كانت تختلف تماماً في الحقبة الوسطى عما هو الحال عليه في وقتنا الحاضر، فقد كان الغلاف الجوي قديماً يحتوي على أضعاف نسبة ثاني أكسيد الكربون من وقتنا الحالي باثنتي عشرة مرة، أما نسبة الأكسجين فكانت تتراوح ما بين 32-35% من مكونات الغلاف الجوي، أما في وقتنا الحالي فتبلغ نسبة الأكسجين واحداً وعشرين بالمئة فقط، وبدأت تغيرات جذرية تظهر على بيئة الكرة الأرضية بالتزامن مع أواخر العصر الطباشيري، فسجلت الثورات البركانية تراجعاً ملحوظاً إثر بدء انخفاض درجة حرارة الكرة الأرضية بالتزامن مع تراجع نسبة ثاني أكسيد الكربون بالغلاف الجويّ، الأمر الذي ألحق الضرر بالأجهزة التنفسيّة للديناصورات.
حدث الاصطدام
جاءت هذه الفرضية في عام 1980م على اليد البروفيسور والتر ألفاريز، والتي تفيد باحتماليّة تعرض الأرض لحادثة اصطدام بكوكب آخر قبل خمسة وستين مليون سنة، بالتزامن مع نهايات العصر الطباشيريّ، الأمر الذي ساهم في انقراض الديناصورات، ويؤكد البروفيسور فرضيّته بالاعتماد على ما تكشف عنه طبقات الكرة الأرضية من ارتفاع مفاجئ في مستويات تركز العنصر الكيميائيّ الإريديوم، وتشير الدلالات إلى سقوط شهاب على الأرض بعد أن تفجّر جواً واصطدم بمنطقة شبه جزيرة يوكاتان الكائنة في أمريكا الوسطى وأحدث نتيجة هذا الاصطدام فوهة شيكسولوب التي يصل قطرها إلى نحو مئة وثمانين كيلومتراً.
أفخاخ هضبة الدكن
تشير بعض الدراسات التي قامت قبل ألفي عام إلى أنّ البراكين قد ساهمت بشكل تدريجي في انقراض الديناصورات على مدى القرون الماضية، وتمثلت هذه المساهمة بمن خلال ما ينتجه الثوران البركاني من تكوينات حِمميّة بازلتية، ومع تقادم السنين شهدت القارات تكوّن الكثير من السلاسل الجبلية والهضاب، وسميت هذه التكوينات الحممية بالأفخاخ، ويشار إلى أنّ مساهماتها تمثّلت أيضاً بما خلّفته من غبار وهباء كبريتي في الهواء، وبالتالي منعت أشعة الشمس من الوصول إلى الأرض، فأثرت على التركيب الضوئي للنباتات فتأثر الغطاء النباتي بتلك المناطق بشكل سلبي، فتأثرت نتيجة ذلك الديناصورات الآكلة للنباتات.
الفشل في التأقلم مع الظروف المتغيرة
حلل العلماء براز الديناصورات المتحجّرة فلاحظوا بأنها كانت تتغذى على النباتات ذات البذور المغطّاة، ويشار إلى أن النباتات مغطاة البذور كانت مصدراً غذائيّاً هامّاً لهذه الكائنات، إلا أنه مع بدء اختفائها لجأت الديناصورات للنباتات عارية البذور، كالصنوبريات لمدة وصلت ملايين السنين.
ناجية محتملة في العصر الحديث المبكر
توصّل عالمان مع حلول عام 2001 إلى أن الديناصورات تمكنت من العيش لعدة عصور بعد وقوع حادثة الاصطدام، وتمكنوا من الاستدلال على ذلك من خلال ما تم العثور عليه من آثار وبقايا للديناصورات الموجودة في الطبقات الصخريّة، وما تم العثور عليه فعلاً في حوض نهر سان خوان في الولاية الأمريكيّة نيو مكسيكو هو عظمة ساق لديناصور بطي المنقار إذ تبيّن لهم بأن عمر هذه العظمة يعود لأربع وستين ونصف مليون سنة، وتعد دليلاً قاطعاً على وجود الديناصورات في العصر الحديث المبكر.