الآداب

شعراء الغزل العذري في العصر الأموي

صورة مقال شعراء الغزل العذري في العصر الأموي

شعراء الغزل العذري في العصر الأموي

برز الغزل العذري في العصر الأموي بشكل كبير، وظهر مجموعة من الشعراء الذين استطاعوا من خلال كلماتهم أن يُسطروا الغزل في أسمى تجلياته، ومن بينهم ما يأتي:

قيس بن الملوح

لم تأتِ المصادر بشكل دقيق على تاريخ ولادة قيس بن الملوح إلّا أنّ وفاته كانت في عام 65هـ أو 68هـ، إذ نشأ في حي بني عامر، وذلك في وادي الحجاز ما بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، تفتح قلبه على الحب وهو ما يزال صبيًا صغيرًا ثم كبر وكبرت تلك العاطفة معه لتنطلق على لسانه من خلال شعر عذب نقي يشد الألباب إليه.[١]

قضا حياته وهو يمضي في الحب ويتأوه على العشق الذي لم يحظَ به، حتى سُمي بالمجنون، إلّا أن انتهى به المطاف في الحياة وهو في وادٍ مشرد كسير لا أحد بجانبه، فلم ينتبه أحد إلى موته حتى بحث عنه أهله فحملوه وواروه التراب وما يزال قلبه مضرم بنيران حب ليلى وعشقها،[٢] ومن أشهر ما قاله من الغزل العفيف:[٣]

فَواكَبِدا مِن حُبِّ مَن لا يَحُبُّني

وَمِن زَفَراتٍ ما لَهُنَّ فَناءُ

أَرَيتِكِ إِن لَم أُعطِكَ الحُبَّ عَن يَدِ

وَلَم يَكُ عِندي إِذ أَبَيتِ إِباءُ

أَتارِكَتي لِلمَوتُ إِنّي لَمَيِّتٌ

وَما لِلنُفوسِ الهالِكاتِ بَقاءُ

إِذ هِيَ أَمسَت مَنبِتُ الرَبعِ دونَها

وَدونَكِ أَرطىً مُسهِلٌ وَأَلاءُ

فَلا وَصلَ إِلّا أَن يُقارِبَ بَينَنا

قَلائِصُ في أَذنابِهِنَّ صَفاءُ

يَجُبنَ بِنا عُرضَ الفَلاةِ وَما لَنا

عَليهِنَّ إِلّا وَحدَهُنَّ شِفاءُ

إِذا القَومُ قالوا وِردُهُنَّ ضُحى غَدٍ

تَواهَقنَ حَتّى وِردُهُنَّ عِشاءُ

إِذا اِستُخبِرَت رُكبانُها لَم يُخَبَّروا

عَلَيهُنَّ إِلّا أَن يَكونَ نِداءُ

كثير عزة

أطلق والداه هذا الاسم عليه تيمنًا بأن يكون له شأن كبير، فلمّا كبر ورأى الناس مستصغرةً حجمه سموه على التصغير كُثيِّر، ولم تأت المصادر على التفصيل في سنة ولادته إلّا أنّهم اتفقوا على أنّ وفاته كانت في عام 105هـ، وعاش مدة ثمانين عامًا أو يزيد عن ذلك عام أو عامين، وعُرف عنه الحدة والسلاطة وبرز الشعر عنده لما بلغ من العمر خمسة وعشرين عامًا.[٤]

عرف محبوبته عزة من خلال رعيه لأغنام عمه، حيث صادف مرةً نسوة بعثن بفتاة صغيرة له ليشترين كبشًا منه فردّ المال وأعطاها كبشها، ووقع في حب تلك الفتاة وهي عزة، وصار يقول الشعر فيها، وذكرت المصادر أنّ عزة قاسمته ذلك الحب بل وزادت عليه،[٤] ومن أشهر ما قاله من الشعر فيها:[٥]

عَفَت غَيقَةٌ مِن أَهلِها فَجُنُوبُها

فَرَوضَةُ حَسنا قاعُها فَكَثَيبُها

مَنَازِلُ مِن أَسماءَ لَم تُعفِ رَسمَها

رِياحُ ا لثُرَيّا خِلفَةً فَضَريبُها

تَلُوحُ بِأَطرافِ البُضيَعِ كَأَنَّها

كِتابُ زُبورٍ خُطَّ لَدنًا عَسِيبُها

إذا لَم تَكُونوا نَاصِري أهل حَقِّها

وَمُلفينَ عِندَ النَصرِ مِمَّن يُجيبُها

فَسيروا بُراءَ في تَفَرُّقِ مالِكٍ

بِنُصحٍ وَأَرحامٍ يَئِطُّ قَريبُها

وَهَل مالِكٌ إِلاّ أُسودُ خَفيَّةٍ

إذا لَم تُعاطَ الحَقَّ بادٍ نُيُوبُها

جميل بثينة

لم تقف المصادر على وقت ولادته بشكل دقيق إلّا أنّ وفاته كانت في 82 هـ، ونشأ جميل في مكان يُقال له وادي القرى يقع في شمال المدينة على الطريق الواصلة بينها وبين مصر والشام، وعُرف عنه الحب العظيم لبثينة مع أنّ أهله كانوا أعزّ من أهل بثينة وقومه كانوا أرفع وكان والده من الأثرياء، بالإضافة إلى أنّ الخليفة قد أهدر دم كثير لأهل بثينة إلّا أنّهم لم يجرؤوا على قتله مع أنّهم لقوه أكثر من مرة.[٦]

كما كان وسيمًا جميلًا صاحب هيئة وخُلق، شجاعًا لا يخاف حتى إنّ والد بثينة تعرض له مرةً مع أخيها لقتاله، فشهر سيفه ومضى خلفهم فلاذوا بالفرار،[٦] وممّا جاء من غزله:[٧]

أَبُثَينَ إِنَّكِ قَد مَلِكتِ فَأَسجِحي

وَخُذي بِحَظِّكِ مِن كَريمٍ واصِلِ

فَلَرُبَّ عارِضَةٍ عَلَينا وَصلَها

بِالجِدِّ تَخلِطُهُ بِقَولِ الهازِلِ

فَأَجَبتُها بِالرِفقِ بَعدَ تَسَتُّرٍ

حُبّي بُثَينَةَ عَن وِصالِكِ شاغِلي

لَو أَنَّ في قَلبي كَقَدرِ قُلامَةٍ

فَضلاً وَصَلتُكِ أَو أَتَتكِ رَسائِلي

وَيَقُلنَ إِنَّكَ قَد رَضيتَ بِباطِلٍ

مِنها فَهَل لَكَ في اِعتِزالِ الباطِلِ

وَلَباطِلٌ مِمَّن أُحِبُّ حَديثَهُ

أَشهى إِلَيَّ مِنَ البَغيضِ الباذِلِ

لِيُزِلنَ عَنكِ هَوايَ ثُمَّ يَصِلنَني

وَإِذا هَويتُ فَما هَوايَ بِزائِلِ

المراجع

  1. يسرى عبد الغني، ديوان قيس بن الملوح مجنون ليلى، صفحة 7 – 8. بتصرّف.
  2. يسرى عبد الغني، ديوان قيس بن الملوح مجنون ليلى، صفحة 7 – 8. بتصرّف.
  3. “فوا كبدا من حب من لا يحبني”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 4/3/2022.
  4. ^ أ ب إحسان عباس، ديوان كثير عزة، صفحة 10 – 14. بتصرّف.
  5. “عفت غيقة من أهلها فجنوبها”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 4/3/2022.
  6. ^ أ ب حسين نصار، ديوان جميل، صفحة 5 – 8. بتصرّف.
  7. “أبثين إنك قد ملكت فأسجحي”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 4/3/2022.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى