محتويات
كيفيّة صلاة عيد الأضحى وعدد ركعاتها
يُؤدّي المسلمون صلاة العيد بصلاة ركعتيَن، ويخطب الإمام بالمسلمين بعد الصلاة خُطبتيَن كخُطبتَي الجمعة يُبيّن فيهما أحكام الأُضحية، والحَجّ،[١] وبيان آراء المذاهب الأربعة في ما يأتي:[٢]
- الحنفيّة: بيّن الحنفيّة أنّ المُصلّي يبدأ بالنيّة في القلب، واللسان، بقَوْل: “أصلّي صلاة العيد لله -تعالى-“، ثمّ يُكبّر تكبيرة الإحرام التي يليها الثناء على الله -تعالى-، ويُكبّر بعد ذلك ثلاث تكبيراتٍ، بحيث يرفع يديه في كلّ مرّةٍ، ويسكت بين كلٍّ منها بما يُقدَّر بالتسبيح ثلاث تسبيحاتٍ، ويستعيذ بالله، ويُبسمل سرّاً، ثمّ يقرأ الفاتحة، وسورة أخرى جَهْراً، ويُستحَبّ أن تكون سورة الأعلى، ويَلي ذلك الركوع، والسجود، أمّا الركعة الثانية فتبدأ بالفاتحة، وسورة أخرى جَهْراً، والمُستحَبّ أن تكون سورة الغاشية، ثمّ يُكبّر ثلاث تكبيراتٍ؛ برَفْع اليديَن في كلٍّ منها، ويجوز تقديم التكبيرات على القراءة، وتجوز الزيادة في التكبيرات حتى ستّ عشرة تكبيرة، ومن الجدير بالذكر أنّ تذكُّر التكبيرات بعد الركوع يُلزِم العودة، والتكبير، وإعادة الركوع دون إعادة القراءة، ويُنادى لصلاة العيد بقَوْل: “الصلاة جامعةٌ”.
- المالكيّة والحنابلة: يختلف المذهب المالكيّ عن المذهب الحنفيّ في كيفيّة أداء صلاة العيد في بعض التفصيلات، ومنها: أنّ عدد التكبيرات في الركعة الأولى سبعٌ مع تكبيرة الإحرام، أمّا الركعة الثانية فستّ تكبيراتٍ مع تكبيرة القيام، وكذلك عدد التكبيرات عند الحنابلة، وتكون قَبل القراءة مع جواز التأخير، ويكون مقدار السكوت بين التكبيرات حتى يُكبّر المُصلّون، وقال المالكيّة بكراهة رَفْع اليديَن عند التكبير باستثناء تكبيرة الإحرام، وإن نَسِي المُصلّي إحدى التكبيرات قبل الركوع، فإنّه يأتي بها، ويُعيد القراءة، أمّا إن تذكّر التكبيرات بعد الركوع، فيستكمل الصلاة، وفي كلا الحالتَين يسجد للسَّهو، ويرى المذهب الحنبليّ رَفْع اليدَين عند كلّ تكبيرةٍ، وتَرْك التكبيرات عندهم لا يُبطِل الصلاة.[٢][٢]
- الشافعية: يبلغ عدد التكبيرات عند الشافعية سبع تكبيرات في الركعة الأولى دون تكبيرة الإحرام، وخمساً في الركعة الثانية، وتكون قبل القراءة، أمّا السَّكْت فيما بينها فيكون بمقدار آيةٍ مُعتدلةٍ؛ يُسبِّح الله فيه، ويرَفْع اليديَن فيها جميعاً، وقد وافقوا الحنفيّةَ في الاستعاذة، والاستفتاح، والجَهْر في القراءة، وتجدر الإشارة إلى أنّ نسيان التكبيرات لا يتطلّب سجود السَّهو، وتُسَنّ قراءة سورة ق، أو سورة الأعلى، أو سورة الكافرون في الركعة الأولى بعد سورة الفاتحة، وقراءة سورة القمر، أو سورة الغاشية، أو سورة الإخلاص في الركعة الثانية.[٢]
التعريف بصلاة عيد الأضحى
شريعة الله -تعالى- شريعةٌ شاملةٌ لم تُغفِل أيّ جزءٍ من الحياة الدُّنيا أو الآخرة، ومِن رحمة الله بعباده أن جعل هناك أزمنةً يتضاعف فيها الأجر والثواب، وعلى ذلك فقد امتلك المسلمون مزايا عظيمةً في تلك الأزمنة، والتي تكاد تكون موجودةً في كلّ شهرٍ من شهور السنة، ويُعَدّ يوم النَّحر من أعظم الأيّام؛ فهو يوم الحجّ الأعظم، وأوّل أيّام عيد الأضحى المبارك؛ قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (أعظمُ الأيامِ عندَ اللهِ يومُ النحرِ)،[٣] إذ تتزاحم في يوم النَّحر الكثير من الأعمال، والتي يترتّب عليها الفَضْل العظيم، كالنَّحر، والوقوف بمُزدلفة، ورَمي جمرة العقبة، إضافةً إلى طواف الإفاضة، وصلاة العيد، والحَلْق.[٤]
أمّا العيد، فهو في اللغة: يومٌ يُصادف تاريخه حَدَثاً معلوماً له خصوصيةٌ مُعيَّنةٌ، كذكرى تاريخيّة، أو حَدْثٍ دينيّ، وهو يوم يُنشَر فيه الفرح، ويحتمل أيضاً مظاهر احتفاليّة، ومن أمثلة ذلك أعياد المسلمين، وهي: عيد الفِطْر السعيد الذي يأتي بعد شهر رمضان المبارك، وعيد الأضحى الذي يُصادف اليوم العاشر من شهر ذي الحِجّة،[٥] والعيد بلا شكٍّ يُعيد الفرح بعودته، كما أنّ به عوائد كثيرة من فَضْل الله -تعالى- على عباده، ويجدر بالذِّكر أنّ صلاة العيديَن شُرِعت في السنة الثانية من الهجرة، وتتبيّن مشروعيّتها في قَوْل الله -تعالى-: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)،[٦] فالمقصود بالآية صلاة عيد الأضحى، كما ثبت في صحيح الإمام البخاريّ عن أبي سعيد الخُدريّ -رضي الله عنه- أنّه قال: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَخْرُجُ يَومَ الفِطْرِ والأضْحَى إلى المُصَلَّى، فأوَّلُ شيءٍ يَبْدَأُ به الصَّلَاةُ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ…).[٧][٨]
وقت صلاة عيد الأضحى
يبدأ وقت صلاة العيد من ارتفاع الشمس مقدار رُمحٍ، وحتى الزوال، أمّا إن لم يُعلَم بالعيد إلّا بعد فترة الزوال، فإنّ صلاة العيد في اليوم التالي، ولا تُؤدّى الأُضحية إلّا بعد الصلاة،[٩] والمقصود بارتفاع الشمس قدر رُمحٍ؛ أي مقدار الرُّمح بنَظَر العين، وقد قدّره العلماء بخمس عشرة دقيقةً، وقد تقلّ أو تزيد بمقدارٍ بسيطٍ، ومن أراد الحيطة أكثر، جعلَها عشرين دقيقةً،[١٠] في حين أنّ المقصود بالزوال: أن تكون الشمس قد تحرّكت عن وسط السماء باتِّجاه الغرب؛ وهو وقت دخول وقت صلاة الظهر؛ حيث إنّ الظلّ يكون باتِّجاه الشرق.[١١]
سُنَن عيد الأضحى وآدابه
يُسَنّ أداء صلاة عيد الأضحى المبارك أوّل دخول وقتها، إضافةً إلى سُنّية الامتناع عن الأكل قبل الصلاة؛ ليأكلَ المسلم من الأُضحية،[١٢] وقُدِّمت الصلاة، وخُفِّفت؛ بسبب انشغلال المسلمين بالأضاحي،[١٣] وتتلخّص سُنَن وآداب عيد الأضحى المبارك فيما يأتي:[١٤]
- التكبير، والتحميد، والتهليل، والدعاء لله -تعالى- إلى آخر يومٍ من أيّام التشريق، وقد اتّفق الأئمّة الأربعة على مشروعيّة الجَهْر بالتكبير حين الخروج إلى مُصلّى العيد.
- الاغتسال قبل الخروج إلى الصلاة.
- ارتداء أفضل الثياب، وأجملها؛ فقد كان الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- يرتدي أجمل الثياب التي لديه كما أورد ابن القيّم -رحمه الله-.
- عدم الأكل بعد العودة من صلاة العيد؛ وذلك من أجل الأكل من الأُضحية.
- أداء صلاة العيد في المُصلّى، وليس في المسجد، وذلك كما فَعل رسول الله؛ حيث كان يُصلّي العيد في مُصلّى.
- الذهاب إلى صلاة العيد من طريقٍ، والإياب من طريقٍ آخر، كما ورد عن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-.
- ذَبح الأضاحي؛ إذ تُعَدّ من أعظم الشعائر الإسلاميّة؛ فقد ورد أمر الله -تعالى- بالنَّحر كما ورد أمره بالصلاة، فقال: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ).[٦]
- تبادل التهاني بين المسلمين بالعيد.
هَدْي النبيّ في عيد الأضحى
نهى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن قصّ الشَّعْر لِمَن أراد أن يُضحّي، وذلك منذ بداية دخول شهر ذي الحِجّة؛ لِما ثبت في صحيح الإمام مسلم عن أمّ المؤمنين أمّ سلمة -رضي الله عنها- من أنّ النبيّ قال: (إذا دَخَلَتِ العَشْرُ، وأَرادَ أحَدُكُمْ أنْ يُضَحِّيَ، فلا يَمَسَّ مِن شَعَرِهِ وبَشَرِهِ شيئًا)،[١٥] ومن هَدْي الرسول -عليه الصلاة والسلام- أيضاً استحسان الأُضحية في اختيارها، وسلامتها من العيوب.[١٦]
المراجع
- ↑ سعيد حوَّى (1414 هـ – 1994 م)، كتاب الأساس في السنة وفقهها – العبادات في الإسلام (الطبعة الأولى)، مصر: دار السلام، صفحة 1320، جزء 3. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي (الطبعة الرابعة)، دمشق: دار الفكر، صفحة 396-403، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبد الله بن قرط، الصفحة أو الرقم: 1064، صحيح.
- ↑ عبد الحميد المحيمد، “عيد الأضحى … من أعظم الأيام”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-4-2020. بتصرّف.
- ↑ أحمد مختار عمر (2008)، معجم اللغة العربية المعاصرة (الطبعة الأولى)، صفحة 572، جزء 2. بتصرّف.
- ^ أ ب سورة الكوثر، آية: 2.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 956، صحيح.
- ↑ مجموعة من المؤلفين (1992)، الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي (الطبعة الرابعة)، دمشق: دار القلم، صفحة 221، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين (1433 هـ)، الموسوعة الفقهية، صفحة 179، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ “أول وقت الضحى وآخره بحساب الدقائق”، www.islamweb.net، 2009-9-3، اطّلع عليه بتاريخ 10-4-2020. بتصرّف.
- ↑ “معنى (بعد الزوال)”، www.islamweb.net، 2006-3-13، اطّلع عليه بتاريخ 10-4-2020. بتصرّف.
- ↑ صالح السدلان (1425هـ)، رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، السعودية: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 49. بتصرّف.
- ↑ “الوَقْت”، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-4-2020. بتصرّف.
- ↑ صغير بن محمد الصغير (18-8-2018)، “سنن وآداب عيد الأضحى المبارك لأهل الأمصار”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-4-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1977، صحيح.
- ↑ موسى بن راشد العازمي (2011)، اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (الطبعة الأولى)، الكويت: المكتبة العامرية، صفحة 534، جزء 2. بتصرّف.