سبب تسمية سورة المائدة
سُمّيت سورة المائدة بِهذا الاسم؛ نسبةً إلى القصّة الواردة فيها والتي طلب الحواريّون فيها من نبيّهم أن يُنزّل عليهم مائدة من السماء، لتكون دليلاً على صدقه وصدق دعوته، ولتكون عيداً لهم، كما أنّها تُسمّى أيضاً بسورة العُقود، وقيل أيضاً: تُسمّى بالمنقذة،[١][٢] وقد كانت قصة المائدة أعجب ما ذُكر فيها، كما ذكرت السورة في بعض آياتها عظيم لطف الله -تعالى- على المؤمنين، وعذابه على الكافرين.[٣]
ما هي قصة المائدة
ذكر الله -تعالى- قصة المائدة في سورة المائدة، ملخّصها أنّ أتباع عيسى -عليه السلام- طلبوا منه أن يسأل ربّه أن يُنزّل عليهم مائدةً من السماء، قال الله -تعالى-: (إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ)،[٤][٥] والذين طلبوا منه المائدة هم الخُلصاء الذين اتّبعوا دعوته، ويُسمّون بالحوارييّن،[٦] وقد ذكر العُلماء في تفاصيل القصة أنّ الحواريين طلبوا من نبيّهم عيسى -عليه السلام- أن يُنزّل عليهم من السماء مائدة إن كان ربّه يستطيعُ ذلك، مع أنّهم مؤمنون موقنون بقدرة الله -تعالى على كل شيء؛ وذلك حتى يحصل لهم الاطمئنان بعد رؤيتهم لقُدرة الله -تعالى- بالمعاينة، فيحصل لهم عين اليقين بالقدرة بعد أن كان عندهم فقط علم اليقين بالقدرة، وذكر المفسّرين تفسيرات عدّة للاستطاعة هنا، منها:[٧]
- قال السّدّي: إنّ المقصود بالاستطاعة؛ أي هل سيُعطيك ربك إن دعوته.
- قال الإمام الطبريّ: إنّ المقصود بالاستطاعة هي الاستجابة للدُّعاء.
- جاء عن بعض المُفسّرين أنّ هناك جُزء من الكلام محذوف عند بعض القِراءات، فيكون تقدير الآية؛ هل تستطيعُ سؤال ربّك.
فأجابهم عيسى -عليه السلام- أن يتّقوا الله -تعالى- وينتهوا عن مثل هذا الطلب، فأجابوه معتذرين ومبيّنين لقصدهم: وهو أنّهم يُريدون الأكل منها؛ ليزدادوا بذلك إيماناً بِقُدرة الله -تعالى-، وصدق نبوّة موسى -عليه السلام-، فوعدهم الله -تعالى- بإنزالها عليهم، وأنّ العذاب سيقع على المُخالفين والمُكذّبين بعدها.[٧]
سبب طلب الحواريين المائدة
طلب الحواريّون المائدة من نبيّهم لعدّة أسباب، نذكرها فيما يأتي:[٨]
- ليأكُلوا منها، ولتطمئنّ قُلوبهم برؤيتها، وقيل: للأكل منها والتّبرُّك بها، ولتكون يقيناً لهم في إيمانهم،[٩][١٠]
- ليزدادوا إيماناً بصدق دعوة نبيّهم، فيكون نُزول هذه المائدة دليلاً على صدقه وصدق نُبوّته.[١١][١٢]
- ليكونوا شاهدين لربهم بالتوحيد والقدرة على كل شيء بعد رؤيتهم لهذه المعجزة.
- قيل: طلبوا المائدة ليأكُلوا منها لكثرة ما أصابهم من الجوع.[٩]
والآية الكريمة التي تذكر في طيّاتها هذه الأسباب هي قوله -تعالى-: (قَالُوا نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ).[١١][١٢]
المراجع
- ↑ جعفر شرف الدين (1420 هـ)، الموسوعة القرآنية، خصائص السور (الطبعة الأولى)، بيروت: دار التقريب بين المذاهب الإسلامية، صفحة 4، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ وهبة بن مصطفى الزحيلي (1418 هـ)، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج (الطبعة الثانية)، دمشق: دار الفكر المعاصر، صفحة 60، جزء 6. بتصرّف.
- ↑ محمد جمال الدين القاسمي (1418 هـ)، محاسن التأويل (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 3، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ سورة المائدة، آية: 112.
- ↑ الحجازي، محمد محمود (1413 هـ)، التفسير الواضح (الطبعة العاشرة)، بيروت: دار الجيل الجديد، صفحة 580، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ جعفر شرف الدين (1420 هـ)، الموسوعة القرآنية، خصائص السور (الطبعة الأولى)، بيروت: دار التقريب بين المذاهب الإسلامية، صفحة 206، جزء 2. بتصرّف.
- ^ أ ب وهبة بن مصطفى الزحيلي (1418 هـ)، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج (الطبعة الثانية)، دمشق: دار الفكر المعاصر، صفحة 115-118، جزء 7. بتصرّف.
- ↑ نخبة من أساتذة التفسير (2009)، التفسير الميسر (الطبعة الثانية)، السعودية: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، صفحة 126، جزء 1. بتصرّف.
- ^ أ ب علاء الدين الخازن (1415 هـ)، لباب التأويل في معاني التنزيل (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 92، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ محمد بن جرير الطبري (2001)، تفسير الطبري = جامع البيان عن تأويل آي القرآن (الطبعة الأولى)، الرياض: دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، صفحة 122، جزء 9. بتصرّف.
- ^ أ ب سورة المائدة، آية: 113.
- ^ أ ب أبو الحسن علي الواحدي (1415 هـ)، الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (الطبعة الأولى)، دمشق: دار القلم، صفحة 341-342. بتصرّف.