رسل و أنبياء

لماذا سمي عيسى بالمسيح

لماذا سمي عيسى بالمسيح

سُمّيَ المسيح بهذا الاسم لأنَّه مُسح بالبركة، وهو قول الحسن وسعيد -رضي الله عنهما-، وقيل لأنّ الله -تعالى- طهّره من الذّنوب،[١] ففي المسيح إشارة إلى البركة والفضل،[٢] والمسيح لقب لنبيّ الله عيسى -عليه السّلام-، وقد ورد لفظ المسيح في القرآن الكريم في عدّة مواضع، فمنها ما كان يُذكر بلفظ المسيح فقط، ومنها ما يُذكر بلفظ الميسح ابن مريم، ومنها ما يُذكر بلفظ المسيح عيسى بن مريم.[٣]

وكلّ ما ورد فيه لفظ المسيح جاء بصيغة المدح أو الإقرار بالعقيدة وتصحيحها، فلم يأتِ أيّ منها في صيغة الرّسالة أو المعجزات، قال -تعالى-: (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّـهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللَّـهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّـهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّـهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).[٤][٣]

والمسيح بالعبرانية يعني المُبارك،[٥] وبالعربيّة يعني مَن مُسِحت أخمص قدميه، أو مَن كثرُت سياحته في الأرض،[٦] أو الذي إذا مسح على مرضٍ شُفِيَ صاحبه بإذن الله -تعالى-،[٧] والمسيح أيضاً يعني الصِّدِّيق.[٨] وجاء عن ابن عباس -رضيَ الله عنه- أنَّ المسيح سُمّيَ بذلك لأنَّه يمسح على صاحب المرض فيُشفى،[٩] والمسيح مسيح الحقّ وهو عيسى -عليه السّلام-، وأمّا مسيح الضّلالة فهو الأعور الدجّال، وفي نسبته -عليه السّلام- إلى أمّه إشارة إلى أنّه وُلد بلا أب، ولو كان له أب لجاءت نسبته إليه.[٦]

لماذا كُنِّي عيسى عليه السلام بابن مريم

كُنّي عيسى -عليه السّلام- بابن مريم؛ نسبةً إلى أمّه، وردّاً على كلّ مَن جعله ابن الله،[١٠] وقد أخبرت الملائكة أمّه بنسبته إليها، وأنّه سيولد بلا أب، كما قال الله -تعالى- في كتابه الكريم: (إِنَّ اللَّـهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ)،[١١][٥][١٢] ثمّ إنّ الله -عزّ وجلّ- كان قد هيّأها لذلك حين كان يدخل عليها زكريا -عليه السّلام- المحراب، فيجد عندها رزق، فلمّا كان زكريّا -عليه السلام- يسألها عنه تقول كما جاء في القرآن الكريم: (هُوَ مِنْ عِندِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ)،[١٣] فلمّا بُشّرت بأنّها ستلد ابنها بلا أب، عرفت بنسبة ابنها إليها وعادت إلى ما قالته حينما سألها زكريا عن رزقها، فعلمت أنَّ هذا رزقٌ من الله -تعالى- يهبه لمن يشاء.[١٤]

لماذا وصف عيسى عليه السلام بكلمة الله

كرّم الله -تعالى- مريم عن غيرها من النّساء وفضّلها، وكان ذلك تشريفاً لها، وبشّرها بكلمةٍ منه وهو عيسى -عليه السّلام-؛ وهذه البشارة ثابتة لا يُمكن أن تتبدّل أو تتغيّر، قال -تعالى-: (وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ)،[١٥] فالكلمة هي البشارة،[١٠] والبشارة في هذه الآية هي الكلمة؛ وهي خَلق الله -تعالى- لعيسى -عليه السّلام- من غير وجود أب، فقد أطلق الله -تعالى- في الآية السّبب وأراد به المُسبّب،[٦] والكلمة هنا هي قول الله -تعالى- “كُن”، فلمّا قال الله -تعالى- لعيسى ابن مريم كُن كان،[١٦][١٧] وقد وُجد من غير أب، فكان وجوده من قول الله -تعالى- وأمره بتكوينه، قال -تعالى-: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّـهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ).[١٨][١٩]

المراجع

  1. علي الماوردي، تفسير الماوردي = النكت والعيون، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 394، جزء 1. بتصرّف.
  2. محمد أبو زهرة، زهرة التفاسير، القاهرة: دار الفكر العربي، صفحة 1222، جزء 3. بتصرّف.
  3. ^ أ ب فاضل السامرائي، لمسات بيانية، صفحة 915. بتصرّف.
  4. سورة المائدة، آية: 17.
  5. ^ أ ب أبو اليُمن العُليمي (2009)، فتح الرحمن في تفسير القرآن (الطبعة الأولى)، دمشق: دار النوادر، صفحة 452، جزء 1. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ت محمد المقدم، تفسير القرآن الكريم، صفحة 5، جزء 24. بتصرّف.
  7. محمد الصابوني (1981)، مختصر تفسير ابن كثير (الطبعة السابعة)، بيروت: دار القرآن الكريم، صفحة 283، جزء 1. بتصرّف.
  8. ابن أبي حاتم الرازي (1419)، تفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم (الطبعة الثالثة)، المملكة العربية السعودية: مكتبة نزار مصطفى الباز، صفحة 651، جزء 2. بتصرّف.
  9. البغوي (1997)، معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي (الطبعة الرابعة)، الرياض: دار طيبة، صفحة 38، جزء 2. بتصرّف.
  10. ^ أ ب محمد أبو زهرة، زهرة التفاسير، القاهرة: دار الفكر العربي، صفحة 1221، جزء 3. بتصرّف.
  11. سورة آل عمران، آية: 45.
  12. إبراهيم الأبياري (1405)، الموسوعة القرآنية، ناقص: مؤسسة سجل العرب، صفحة 225، جزء 9. بتصرّف.
  13. سورة آل عمران، آية: 37.
  14. محمد متولي الشعراوي، تفسير الشعراوي – الخواطر، القاهرة: مطابع أخبار اليوم، صفحة 901-902، جزء 10. بتصرّف.
  15. سورة النساء، آية: 171.
  16. مجموعة من المؤلفين (2009)، التفسير الميسر (الطبعة الثانية)، المملكة العربية السعودية: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، صفحة 55. بتصرّف.
  17. أبو جعفر الطبري (2001)، تفسير الطبري = جامع البيان عن تأويل آي القرآن (الطبعة الأولى)، القاهرة: دار هجر، صفحة 407، جزء 5. بتصرّف.
  18. سورة آل عمران، آية: 59.
  19. ابن عاشور (1984)، التحرير والتنوير «تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد»، تونس: الدار التونسية للنشر، صفحة 141، جزء 9. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى