زكاة بهيمة الأنعام
تُطلق بهيمة الأنعام على الإبل، والبقر، والغنم، وتندرج هذه الأنواع من ضمن الحيوانات التي تجب فيها الزكاة إذا كانت سائمة؛ أي غير معلوفة، وكل ما سوى هذه الأنواع الثلاثة لا زكاة فيها؛ كالخيل، والبغال، والحمير، لكن إن استُعملت هذه الأنواع في التّجارة تُزكّى على أنّها من عروض التّجارة،[١] وعلى وجه التفصيل، فإن كانت بهيمة الأنعام سائمة؛ يرعاها صاحبها كلّ العام أو أكثره، وتحقّقت فيها شروط الزّكاة؛ من حوَلان الحوْل، وبلوغ النِّصاب، وغيرها، فإن الزّكاة فيها واجبة، سواء استخدمها مالكها للدرّ أو التسمين أو النّسل، ويخرج زكاة كلٍّ منها بحسب نوعه، أمّا كانت تُعلف من قِبل صاحبها أو يجمع لها الطعام بنفسه أو يشتريه لها؛ فهذه إن كانت للتجارة وتحقّقت فيها شروط وجوب الزكاة تُزكّى بربع العشر، وإن كانت لغير التجارة؛ كالدرّ والنسل، فلا زكاة فيها،[٢][٣] ونصاب الغنم أربعون شاة، ونصاب البقر ثلاثون بقرة، أمّا نصاب الإبل خمسة.[٣]
شروط زكاة بهيمة الأنعام
يُشترط في بهيمة الأنعام حتى تجب فيها الزّكاة أن يستخدمها صاحبها في درّ اللّبن وتسمينها، وألا تكون مما يستخدمها صاحبها في الركوب أو حراثة الأرض،[٤] وأن تكون سائمة؛ تَرعى الحول كاملاً أو أكثره من نبات الأرض المباحة، فتأكل من العشب ونبات الأرض، وهذا قول الشافعيّة، والحنفيّة، والحنابلة، ووجه قولهم أنّ المعلوفة؛ التي يشتري لها صاحبها الطعام، تحتاج إلى نفقةٍ تمنع من نماء أموال نتاجها، أمّا المالكية فقالوا بوجوب الزكاة في بهيمة الأنعام سواء كانت سائمة أم لا،[٥][٦] أمّا الأنعام التي تجمع ما بين السّوم والعلف، فيُنظر إلى الغالب على حالها؛ إن غَلَب السّوم فتجب زكاتها، وإن غَلَب العلف فلا زكاة فيها،[٦] ويُشترط للزكاة منها أن تبلغ النصاب،[٧] فالذي يملك أعداداً قليلةً من بهيمة الأنعام لا يدخل ضمن عِداد الأغنياء، والزكاة لا تجب إلّا عليهم،[٨] ومن الشروط أيضاً أن يحول عليها الحول عند مالكها.[٧]
أنصبة ومقادير زكاة الأنعام
تجب الزكاة في بهيمة الأنعام السائمة إذا بلغت النصاب، وهذا قول الجمهور؛ لأنّ السائمة هي التي يتحقّق فيها مقصود الزّكاة من النماء والربح،[٩] والنصاب هو مقدار المال الذي يجب على الإنسان أن يملكه حتى تجب عليه الزكاة،[١٠] وتختلف أنصبة الأنعام على النحو الآتي:[١١][١٢]
- الإبل: يبلغ نصاب الإبل الذي تجب فيه الزكاة خمسة، وهو أقل النصاب وما دون ذلك لا زكاة فيه،[١٣] لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ليسَ فِيما دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ مِنَ الإبِلِ صَدَقَةٌ)،[١٤] فإن ملك صاحبها خمسة منها يُزكّي عنها بشاة، وكل خمسة يُخرج عنها شاة، ويشترط في هذه الشاة ما يشترط في الأضحية من صحّتها من العيوب، وبلوغها السِّن الذي تصح به أن تُضحّى بها.
- فإذا بلغت خمسةً وعشرين من الإبل؛ يُخرج عنها بنت مخاض؛ وهي ابنة الناقة الحامل التي بلغت سنةً من عمرها ودخلت في السنة الثانية، وهذا المقدار يخرجه المزكّي إن ملك خمسةً وعشرين من الإبل حتى وصل ملكه لخمسة وثلاثين منها، فإن زاد عددها عن خمسةٍ وثلاثين حتى وصلت لخمسة وأربعين، يُخرج عنها الزكاة ببنت لبون؛ وهي بنت الناقة المرضعة التي أتمّت من العمر سنتين وبدأت في الثالثة، وإن ملك ستة وأربعين حتى ستّين ناقة، ففيها حقّة؛ وهي البالغة من العمر ثلاث سنوات ودخلت في الرابعة، وقد تتحمّل أن يُركب عليها، ومن الواحد والستين إلى خمسٍ وسبعين يُخرج عنها الزكاة بجذعة؛ وهي التي أتمّت السنة الرابعة ودخلت في الخامسة، ومن ستٍ وسبعين إلى تسعين يُخرج عنها بنتا لبون؛ ومن إحدى وتسعين إلى مئة وعشرين يُخرج حقّتان، والذي يُجزئ من الإبل هو الإناث دون الذكور، إلّا في حال عدم تواجد بنت مخاض، فيؤخذ ابن لبون.
- البقر: وأقل نصابها ثلاثون بقرة، ويُخرج عنها تبيعة؛ وهي البقرة التي أتمّت السنة ودخلت في الثانية، وسمّيت بذلك لأنّها تتبع أمّها، أمّا ما دون الثلاثين فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى القول بعدم وجوب الزكاة فيها، وإن بلغت أربعون بقرة فمقدار الزكاة فيه بمسنّة؛ وهي التي أتمّت السنتين ودخلت في الثالثة، وإن بلغ عددها ستين ففيها تبيعتان، وإن وصلت الثمانين ففيها مسنّتان، وفي التسعين على كل ثلاثين تبيعة، وفي المئة تبيعتان ومسنّة، وفي المئة والعشرين إمّا أربع أَتْبِعة أو ثلاث مُسنّات، واتّفق الفقهاء على أنّ التبيع يوازي التبيعة في البقر، واختلفوا في المسنّ الذكر، فقال الحنفية بأنّه يجزئ، وخالفهم الجمهور فقالوا بعدم إجزائه.
- الغنم: ومنها الأنثى وهي الماعز، والذكر وهو الضأن، فأقل نصابها أربعون، ثم إذا بلغت الأربعون حتى وصلت مئة وعشرين ففي كلّ أربعين منها يُخرج المزكّي شاةً واحدةً، ومن المئة وواحد وعشرين إلى مئتين يُخرج شاتان، ومن مئتين وواحد ثلاث شياه، ثم بعد ذلك في كل مئة يُخرج شاة،[١٥] وتعدّدت آراء الفقهاء في جواز إخراج الذكر من الغنم، فقال الحنفية والمالكية بالجواز؛ لأنّ اسم الشاة يُطلق على الذكر والأنثى منها، وقال الشافعيّة والحنابلة بضرورة إخراج الأنثى منها دون الذكر.
المراجع
- ↑ محمد التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية، بيت الأفكار الدولية، صفحة 40، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ محمد التويجري (2010)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشرة)، المملكة العربية السعودية، دار أصداء المجتمع، صفحة 595. بتصرّف.
- ^ أ ب مجموعة من المؤلفين (1433)، الموسوعة الفقهية، صفحة 242، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سعيد القحطاني (2010)، الزكاة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة (الطبعة الثالثة)، المملكة العربية السعودية، مركز الدعوة والإرشاد، صفحة 72. بتصرّف.
- ↑ عبد الله الطيار (2012)، الفقه الميسّر (الطبعة الثانية)، الرياض، مدار الوطن للنشر، صفحة 44، جزء 2. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد الشنقيطي، شرح زاد المستقنع، صفحة 5، جزء 91. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية، بيت الأفكار الدولية، صفحة 41، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ عبد الله الطيار (2010)، الفقه الميسّر (الطبعة الثانية)، الرياض، مدار الوطن للنشر، صفحة 46، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، سوريا، دار الفكر، صفحة 1918، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين (1427)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت، دار السلاسل، صفحة 244، جزء 23. بتصرّف.
- ↑ محمد الشنقيطي، شرح زاد المستقنع، صفحة 6-8، جزء 91. بتصرّف.
- ↑ عبد الله الطيار (2012)، الفقه الميسّر (الطبعة الثانية)، الرياض، مدار الوطن للنشر، صفحة 47-58، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ سعيد القحطاني (2010)، الزكاة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة (الطبعة الثالثة)، المملكة العربية السعودية، مركز الدعوة والإرشاد، صفحة 74. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 1459، صحيح .
- ↑ مناهج جامعة المدينة العالمية، السياسة الشرعية، ماليزيا، جامعة المدينة العالمية، صفحة 186-187. بتصرّف.