محتويات
دع اللوم إن اللوم عون النوائب لابن الرومي
دعِ اللَّومَ إن اللَّومَ عونُ النوائِبِ
-
-
- ولا تتجاوز فيه حدَّ المُعاتِبِ
-
فما كلُّ من حطَّ الرحالَ بمخفِقٍ
-
-
- ولا كلُّ من شدَّ الرحال بكاسبِ
-
وفي السعي كَيْسٌ والنفوسُ نفائسٌ
-
-
- وليس بكَيْسٍ بيعُها بالرغائبِ
-
وما زال مأمولُ البقاء مُفضّلاً
-
-
- على المُلك والأرباحِ دون الحرائبِ
-
حضضتَ على حطبي لناري فلا تدعْ
-
-
- لك الخيرُ تحذيري شرورَ المَحاطبِ
-
وأنكرتَ إشفاقي وليس بمانعي
-
-
- طِلابي أن أبغي طلابَ المكاسبِ
-
ومن يلقَ ما لاقيتُ في كل مجتنىً
-
-
- من الشوك يزهدْ في الثمار الأَطايبِ
-
أذاقتنيَ الأسفارُ ما كَرَّه الغِنَى
-
-
- إليَّ وأغراني برفض المطالبِ
-
فأصبحتُ في الإثراء أزهدَ زاهدٍ
-
-
- وإن كنت في الإثراء أرغبَ راغبِ
-
حريصًا جبانًا أشتهي ثم أنتهي
-
-
- بلَحْظي جناب الرزق لحظَ المراقبِ
-
ومن راح ذا حرص وجبن فإنه
-
-
- فقير أتاه الفقر من كل جانبِ
-
ولما دعاني للمثوبة سيّدٌ
-
-
- يرى المدح عارًا قبل بَذْل المثَاوبِ
-
تنازعني رغْبٌ ورهب كلاهما
-
-
- قويٌّ وأعياني اطِّلاعُ المغايبِ
-
فقدمتُ رجلًا رغبةً في رغيبةٍ
-
-
- وأخّرتُ رجلاً رهبةً للمعاطبِ
-
أخافُ على نفسي وأرجو مَفازَها
-
-
- وأستارُ غَيْب اللّهِ دونَ العواقبِ
-
ألا من يريني غايتي قبل مذهبي
-
-
- ومن أين والغاياتُ بعد المذاهبِ
-
ومِنْ نكبةٍ لاقيتُها بعد نكبةٍ
-
-
- رَهِبتُ اعتساف الأرضِ ذاتِ المناكبِ
-
وصبري على الإقتار أيسرُ مَحْملًا
-
-
- عليَّ مِنَ التغرير بعد التجاربِ
-
لقِيتُ من البَرِّ التّباريحَ بعدما
-
-
- لقيتُ من البحر ابيضاضَ الذوائبِ
-
سُقيتُ على ريٍّ به ألفَ مَطْرةٍ
-
-
- شُغفتُ لبغضِيها بحبّ المجَادِبِ
-
ولم أُسْقَها بل ساقَها لمكيدتي
-
-
- تَحامُق دهرٍ جَدَّ بي كالمُلاعبِ
-
إلى اللَّه أشكو سخفَ دهري فإنه
-
-
- يُعابثني مذ كنت غيرَ مُطائبِ
-
أبَى أن يُغيثَ الأرضَ حتى إذا ارتمتْ
-
-
- برحلي أتاها بالغُيوثِ السواكبِ
-
سقى الأرضَ من أجلي فأضحتْ مَزِلَّةً
-
-
- تَمايَلُ صاحيها تمايُلَ شاربِ
-
لتعويقِ سيري أو دحوضِ مَطيَّتي
-
-
- وإخصابِ مُزوَّرٍ عن المجد ناكبِ
-
فملتُ إلى خانٍ مُرثٍّ بناؤُه
-
-
- مميلَ غريقِ الثوب لهفانَ لاغِبِ
-
فلم ألقَ فيه مُستراحًا لمُتعَبٍ
-
-
- ولا نُزُلًا أيانَ ذاك لساغِبِ
-
فما زلتُ في خوفٍ وجوعٍ ووحشةٍ
-
-
- وفي سَهَرٍ يستغرقُ الليلَ واصبِ
-
يؤرِّقني سَقْفٌ كأّنيَ تحته
-
-
- من الوكفِ تحت المُدْجِنات الهواضبِ
-
تراهُ إذا ما الطينُ أثقلَ متنَهُ
-
-
- تَصِرُّ نواحيه صريرَ الجنادبِ
-
وكم خَانِ سَفْرٍ خَانَ فانقضَّ فوقهم
-
-
- كما انقضَّ صقرُ الدجنِ فوق الأرانبِ
-
ولم أنسَ ما لاقيتُ أيامَ صحوِهِ
-
-
- من الصّرِّ فيه والثلوج الأشاهبِ
-
وما زال ضاحِي البَرِّ يضربُ أهلَهُ
-
-
- بسوطَيْ عذابٍ جامدٍ بعد ذائبِ
-
فإن فاته قَطْرٌ وثلج فإنه
-
-
- رَهين بسافٍ تارةً أو بحاصبِ
-
فذاك بلاءُ البرِّ عنديَ شاتياً
-
-
- وكم ليَ من صيفٍ به ذي مثالبِ
-
ألا رُبَّ نارٍ بالفضاء اصطليتُها
-
-
- منَ الشَّمسِ يودي لَفْحُهَا بالحواجبِ
-
إذا ظلتِ البيداءُ تطفو إِكامُها
-
-
- وترسُبُ في غَمْرٍ من الآلِ ناضبِ
-
فدعْ عنك ذكرَ البَرِّ إني رأيتُهُ
-
-
- لمن خاف هولَ البحر شَرَّ المَهاربِ
-
كِلا نُزُلَيْهِ صيفُهُ وشتاؤُهُ
-
-
- خلافٌ لما أهواهُ غيرُ مُصاقبِ
-
لُهاثٌ مُميتٌ تحت بيضاءَ سُخْنَةٍ
-
-
- وَرِيٌّ مُفيتٌ تحت أسْحَمَ صائبِ
-
يجفُّ إذا ما أصبح الرّيقُ عاصبًا
-
-
- ويُغدقُ لي والرّيق ليس بعاصبِ
-
ويمنع منّي الماءَ واللَّوحُ جاهدٌ
-
-
- ويُغرِقني والريُّ رَطْبُ المحَالِب
-
وما زال يَبغيني الحتوفَ مُوارِباً
-
-
- يحوم على قتلي وغيرَ مُواربِ
-
فطورًا يُغاديني بلصٍّ مُصَلِّتٍ
-
-
- وطورًا يُمَسّيني بورْدِ الشَّواربِ
-
إلى أنْ وقاني اللَّه محذورَ شرّهِ
-
-
- بعزتِهِ واللَّه أَغلب غالبِ
-
فأفلتُّ من ذُؤبانهِ وأُسودِهِ
-
-
- وحُرَّابِهِ إفلاتَ أَتوب تائبِ
-
وأما بلاءُ البحر عندي فإنه
-
-
- طواني على رَوعٍ منَ الروح واقبِ
-
ولو ثاب عقلي لم أدعْ ذكرَ بعضهِ
-
-
- ولكنه من هولِهِ غيرُ ثائبِ
-
وَلِمْ لا ولو أُلقيتُ فيه وصخرةً
-
-
- لوافيت منه القعرَ أوّلَ راسبِ
-
ولم أتعلم قط من ذي سباحةٍ
-
-
- سوى الغوص والمضعوف غيرُ مغالِب
-
فأيسرُ إشفاقي من الماء أنني
-
-
- أمرُّ به في الكوز مرَّ المُجانبِ
-
وأخشى الردى منه على كل شاربٍ
-
-
- فكيف بأَمْنِيه على نفس راكبِ
-
أظلُّ إذا هزتهُ ريحٌ ولألأتْ
-
-
- له الشمسُ أمواجاً طِوالَ الغواربِ
-
كأني أرى فيهنّ فُرسانَ بُهمةٍ
-
-
- يُليحون نحوي بالسيوف القواضبِ
-
فإن قُلْتَ لي قد يُركَبُ اليمُّ طامياً
-
-
- ودجلةُ عند اليمِّ بعضُ المَذانبِ
-
فلا عذرَ فيها لامرىءٍ هابَ مثلَها
-
-
- وفي اللُّجَّةِ الخضراء عذرٌ لهائبِ
-
فإنّ احتجاجي عنك ليس بنائمٍ
-
-
- وإن بياني ليس عني بعازبِ
-
لدجلةَ خَبٌّ ليس لليمِّ إنها
-
-
- تُرائي بحلمٍ تحته جهلُ واثبِ
-
تَطامَنُ حتى تطمئنَّ قلوبُنا
-
-
- وتغضبُ من مزحِ الرياح اللواعبِ
-
وأَجرافُها رهْنٌ بكلِّ خيانةٍ
-
-
- وغَدْرٍ ففيها كُلُّ عَيْبٍ لِعائبِ
-
ترانا إذا هاجتْ بها الرِّيحُ هَيْجةً
-
-
- نُزَلزَلُ في حَوماتها بالقواربِ
-
نُوائِلُ من زلزالها محو خسفها
-
-
- فلا خيرَ في أوساطها والجوانبِ
-
زلازلُ موجٍ في غمارٍ زواخرٍ
-
-
- وهدَّاتُ خَسْفٍ في شطوطٍ خواربِ
-
ولليمِّ إعذارٌ بعرضِ متونِهِ
-
-
- وما فيه من آذيِّهِ المتراكبِ
-
ولستَ تراهُ في الرياحِ مزلزلاً
-
-
- بما فيه إِلّا في الشداد الغوالبِ
-
وإنْ خيفَ موجٌ عيذ منه بساحلٍ
-
-
- خليٍّ من الأجرافِ ذات الكَباكبِ
-
ويلفظُ ما فيهِ فليس مُعاجلاً
-
-
- غريقًا بغتٍّ يُزهقُ النفسَ كاربِ
-
يعلِّلُ غرقاهُ إلى أن يُغيثَهم
-
-
- بصنعٍ لطيفٍ منه خيرِ مصاحَبِ
-
فتُلفَى الدلافينُ الكريمُ طباعُها
-
-
- هناك رِعالًا عند نَكبِ النواكبِ
-
مراكبَ للقومِ الذين كبا بهم
-
-
- فهم وَسْطه غرقى وهم في مراكبِ
-
وينقضُ ألواحَ السفينِ فكُلُّها
-
-
- مُنَجٍّ لدى نَوْبٍ من الكَسْر نائبِ
-
وما أنا بالراضي عن البحر مركباً
-
-
- ولكنني عارضتُ شَغْبَ المشاغبِ
-
صدقْتُك عن نفسي وأنت مُراغمي
-
-
- وموضعُ سري دون أدنى الأقاربِ
-
وجرَّبتُ حتى ما أرى الدهرَ مُغرِباً
-
-
- عليّ بشيءٍ لم يقعْ في تجاربي
-
أرى المرءَ مذ يلقى الترابَ بوجهِهِ
-
-
- إلى أن يُوارَى فيه رهن النوائبِ
-
ولو لم يُصَبْ إِلّا بشرخِ شبابِهِ
-
-
- لكان قد استوفى جميعَ المصائبِ
-
ومن صَدَق الأخيارَ داوَوْا سقامَهُ
-
-
- بصِحَّةِ آراءٍ ويُمْنِ نَقائبِ
-
وما زال صدقُ المستشير معاونًا
-
-
- على الرأي لُبَّ المستشار المحازِبِ
-
وأبعدُ أدواءِ الرجالِ ذوي الضّنى
-
-
- من البرء داءُ المستطِبِّ المكاذبِ
-
فلا تنصبنَّ الحربَ لي بملامتي
-
-
- وأنت سلاحي في حروب النوائبِ
-
وأجدى من التعنيف حسنُ معونةٍ
-
-
- برأيٍ ولينٍ من خطابِ المخاطبِ
-
وفي النصح خيرٌ من نصيحٍ مُوادِعٍ
-
-
- ولا خيرَ فيهِ من نصيحٍ مُواثبِ
-
ومثليَ محتاجٌ إلى ذي سماحةٍ
-
-
- كريمِ السجايا أريحيِّ الضرائبِ
-
يلينُ على أهلِ التسحُّب مَسُّهُ
-
-
- ويقضي لهم عند اقتراح الرغائبِ
-
له نائلٌ ما زال طالبَ طالبٍ
-
-
- ومرتادَ مرتادٍ وخاطبَ خاطبِ
-
ألا ماجدُ الأخلاقِ حُرٌّ فَعالُهُ
-
-
- تُباري عطاياهُ عطايا السحائبِ
-
كمثل أبي العباس إنَّ نوالَهُ
-
-
- نوال الحيا يسعى إلى كلِّ طالبِ
-
يُسيِّر نحوي عُرْفَهُ فيزورني
-
-
- هنيئًا ولم أركبْ صعابَ المراكبِ
-
يَسير إلى مُمتاحه فيجودُهُ
-
-
- ويكفي أخا الإمحال زَمَّ الركائبِ
-
ومن يكُ مثلاً للحيا في عُلُوِّهِ
-
-
- يكنْ مثلَهُ في جودهِ بالمواهبِ
-
وإنَّ نِفاري منه وهو يُريغني
-
-
- لَشيءٌ لرأي فيه غيرُ مناسبِ
-
وإن قعودي عنهُ خيفةَ نكبةٍ
-
-
- لَلؤمُ مَهَزٍّ وانثناءُ مَضاربِ
-
أُقرُّ على نفسي بعيبي لأنني
-
-
- أرى الصدقَ يمحو بَيّنات المعايبِ
-
لَؤُمْتُ لَعمر اللَّه فيما أَتيتُهُ
-
-
- وإن كنتُ من قومٍ كرام المناصِبِ
-
لهم حِلْمُ إنسٍ في عَرامة جِنّةٍ
-
-
- وبأسُ أُسودٍ في دهاء ثعالبِ
-
يصولون بالأيدي إذا الحربُ أَعملتْ
-
-
- سيوفَ سُريجٍ بعد أرماح زاعبِ
-
ولا بد من أن يَلؤُم المرءُ نازعاً
-
-
- إلى الحَمَأ المسنونِ ضربة لازبِ
-
فقل لأبي العباس لُقِّيتَ وجهَهُ
-
-
- وحَسْبُك مني تلك دعوةَ صاحبِ
-
أمَا حقُّ حامي عِرض مثلك أن يُرى
-
-
- له الرفدُ والترفيهُ أَوْجَبَ واجبِ
-
أَمِنْ بعدِ ما لم تَرْعَ للمالِ حرمةً
-
-
- وأسلمتَهُ للجود غيرَ مُجاذبِ
-
فأعطيتَ ذا سلمٍ وحربٍ وَوُصلةٍ
-
-
- وذنبٍ عطايا أدركتْ كلَّ هاربِ
-
ولم تُشخِصِ العافين لكنْ أتتهُمُ
-
-
- لُهاك جَليباتٍ لأكرمِ جالبِ
-
عليمًا بأنّ الظَّعْنَ فيه مشقّةٌ
-
-
- وأنّ أَمرَّ الربح ربحُ الجلائبِ
-
تُكلّفني هولَ السِّفارِ وغولَهُ
-
-
- رفيقَ شتاءٍ مُقْفعِلَّ الرواجبِ
-
ولاسيّما حين ارتدى الماءُ كِبْرَهُ
-
-
- وشاغَب أنفاسَ الصَّبا والجنائبِ
-
وهرَّتْ على مُستطرِقي البَرَّ قَرَّةٌ
-
-
- يَمسُّ أذاها دونَ لوثِ العصائبِ
-
كأن تمامَ الودِّ والمدح كلَّهُ
-
-
- هُوِيُّ الفتى في البحر أو في السَّباسبِ
-
لعمري لئن حاسَبْتني في مثوبتي
-
-
- بخفضي لقد أجريتَ عادةَ حاسبِ
-
حَنانَيْك قد أيقنتُ أنك كاتبٌ
-
-
- له رتبةٌ تعلو به كلَّ كاتبِ
-
فدعني من حكمِ الكتابة إنهُ
-
-
- عدوٌ لحكم الشعر غيرُ مقارِبِ
-
وإِلّا فلَم يستعملِ العدلَ جاعلٌ
-
-
- أَجَدَّ مُجدٍّ قِرْنَ أَلعبِ لاعبِ
-
أيعزُبُ عنك الرأيُ في أن تُثيبني
-
-
- مقيمًا مصونًا عن عناء المطالبِ
-
فتُلفى وأُلفَى بين صافي صنيعةٍ
-
-
- وصافي ثناءٍ لم يُشَبْ بالمعاتِبِ
-
وتخرج من أحكام قومٍ تشدّدوا
-
-
- فقد جعلوا آلاءهم كالمصائبِ
-
أيذهبُ هذا عنك يا ابن محمدٍ
-
-
- وأنت مَعاذٌ في الأمور الحوازبِ
-
لك الرأي والجودُ اللذان كلاهما
-
-
- زعيمٌ بكشف المطبِقات الكواربِ
-
وما زلت ذا ضوء نوءٍ لمجدبٍ
-
-
- وحيرانَ حتى قيل بعضُ الكواكبِ
-
تغيث وتَهدي عند جدبٍ وحيرةٍ
-
-
- بمحتفل ثَرٍّ وأزهر ثاقِبِ
-
وأحسُن عرفٍ موقعاً ما تنالُهُ
-
-
- يدي وغُرابي بالنوى غيرُ ناعبِ
-
أراك متى ثَوَّبتني في رفاهةٍ
-
-
- زففتَ إليَّ المُلْكَ بين الكتائبِ
-
وأنت متى ثوَّبتني في مشقّةٍ
-
-
- رأيتك في شخصِ المُثيب المعاقِبِ
-
ولو لم يكن في العرف صافٍ مهنّأٌ
-
-
- وذو كَدَرٍ والعرفُ شتَّى المَشاربِ
-
إذاً لم يقل أعلى النوابغِ رتبةً
-
-
- لمِقوَلِ غَسّانِ الملوكِ الأَشايبِ
-
عليَّ لعمروٍ نعمةٌ بعدَ نعمةٍ
-
-
- لوالِده ليستْ بذات عقاربِ
-
وما عقربٌ أدهَى من البين إنه
-
-
- له لَسْعةٌ بين الحشا والترائبِ
-
ومن أجل ما راعى من البين قوله
-
-
- كليني لهمٍّ يا أميمةَ ناصبِ
-
أبيتَ سوى تكلِيفك العرفَ مُعْفِيًّا
-
-
- به صافيًّا من مؤذيات الشوائبِ
-
بل المجدُ يأبي غيرَ سَوْمِك نفسَهُ
-
-
- ورفعِك عن طود المُنيل المحاسبِ
-
فصبرًا على تحميلك الثِّقلَ كلَّهُ
-
-
- وإن عزَّ تحميلُ القرومِ المَصاعبِ
-
ولا يعجبنَّ الناسُ من سعي متعَبٍ
-
-
- مُشيحٍ لجدوى مستريح مُداعبِ
-
فمن ساد قومًا أوجب الطولُ أن يُرى
-
-
- مُجِدّاً لأدناهُمْ وهم في الملاعبِ
-
ومن لم يزل في مَصْعَدِ المجد راقيًّا
-
-
- صعابَ المَراقي نال عُليا المراتبِ
-
ألم ترني أتعبتُ فكري مُحكِّكًا
-
-
- لك الشعرَ كي لا أُبتلى بالمتاعبِ
-
نَحلتُك حَلْياً من مديحٍ كأنه
-
-
- هَوى كلِّ صبٍّ من عِناق الحبائبِ
-
أنيقًا حقيقًا أن تكون حِقاقُهُ
-
-
- من الدرّ لا بل من ثُدِيِّ الكواعبِ
-
وأنت له أهلٌ فإن تجْزني به
-
-
- أزِدْك وإن تُمْسِكْ أقفْ غيرَ عاتِب
-
فإن سَألتْنِي عنك يوماً عصابةٌ
-
-
- شهدتُ على نفسي بسوء المناقبِ
-
وقلت دعاني للندى فأتيتُهُ
-
-
- فأمسكَهُ بل بثَّهُ في المناهبِ
-
وما احتجزتْ مني لُهاهُ بحاجزٍ
-
-
- ولا احتجبتْ عني هناك بحاجبِ
-
ولكن تَصدَّتْ وانحرفتُ لحرفتي
-
-
- ففاءت ولم تظلِم إلى خيرِ واهبِ
-
وما قلت إلا الحقَّ فيك ولم تزل
-
-
- على منهجٍ من سُنّةِ المجد لاحبِ
-
وإني لأشقَى الناس إن زُرَّ ملبسي
-
-
- على إثمِ أفَّاكٍ وحسرةِ خائبِ
-
وكنتَ الفتى الحرَّ الذي فيه شيمةٌ
-
-
- تَشيم عن الأحرار حدَّ المَخالبِ
-
ولست كمن يعدو وفي كلماتِهِ
-
-
- تظلُّمُ مغصوبٍ وعدوانُ غاصبِ
-
يحاول معروفَ الرجالِ وإن أَبوْا
-
-
- تعدَّى على أعراضهم كالمُكالبِ
-
وأصبح يشكو الناسَ في الشعر جامعاً
-
-
- شكايَة مسلوبٍ وتسليطَ سالبِ
-
فلا تَحرمنّي كي تُجِدَّ عجيبةً
-
-
- لقومٍ فحسبُ الناس ماضي العجائبِ
-
ولا تنتقصْ من قدر حظّي إقامتي
-
-
- سألتك بالداعين بين الأَخاشبِ
-
وما اعتقلتني رغبةٌ عنك يَمَّمت
-
-
- سواك ولكن أيُّ رهبة راهبِ
-
كأني أرى بالظعن طعنَ مُطاعِنٍ
-
-
- وبالضرب في الأقطار ضربَ مضاربِ
-
وليس جزائي أن أَخيب لأنني
-
-
- جَبُنْتُ ولم أُخْلَق عتادَ مُحارِبِ
-
يُطَالبُ بالإقدام من عُدَّ مُحْرَباً
-
-
- وسُمِّي مذ ناغى بقودِ المَقانبِ
-
ولم يمشِ قيدَ الشبرِ إلا وفوقه
-
-
- عصائبُ طيرٍ تهتدي بعصائبِ
-
فأمَّا فتىً ذو حكمةٍ وبلاغةٍ
-
-
- فطالبْهُ بالتسديد وسط المَخاطبِ
-
أَثبني ورَفِّهني وأَجزلْ مثوبتي
-
-
- وثابرْ على إدرارِ بِرِّي وواظبِ
-
لتأتيني جدواك وهي سليمةٌ
-
-
- من العيب ما فيها اعتلالٌ لعائبِ
-
أثقِّلُ إدلالي لتحملَ ثِقْلَهُ
-
-
- بطوع المُراضي لا بكرهِ المغاضبِ
-
وما طلبُ الرِّفْد الهَنيء ببدعةٍ
-
-
- ولا عجبُ المُسترفدِيهِ بعاجبِ
-
وذاك مَزيدٌ في معاليك كلُّهُ
-
-
- وفي صدقِ هاتيك القوافي السواربِ
-
وما حَقُّ باغيك المزيدَ انتقاصُهُ
-
-
- ولاسيما والمالُ جَمُّ الحلائبِ
-
وأنت الذي يضحي وأدنى عطائِهِ
-
-
- بلوغُ الأماني بل قضاءُ المآربِ
-
وتوزَنُ بالأموال آمالُ وفدِهِ
-
-
- وإرفادُ قومٍ بالظنون الكواذبِ
-
أقمتُ لكي تزدادَ نعماك نعمةً
-
-
- وتَغْنَى بوجهٍ ناضرٍ غيرِ شاحبِ
-
وكي لا يقولَ القائلون أثابَهُ
-
-
- وعاقَبَهُ والقولُ جَمَّ المَشاعِبِ
-
وصَوْني عن التهجين عُرفَك موجِبٌ
-
-
- مَزيدَك لي في الرفد يا ابن المَرازِبِ
-
بوجهك أضحى كلُّ شيءٍ منورًا
-
-
- وأبرزَ وجهاً ضاحكاً غيرَ قاطبِ
-
فلا تبتذلْهُ في المَغاضب ظالمًا
-
-
- فلم تؤتَ وجهاً مثله للمغاضبِ
-
نشرت على الدنيا شعاعًا أضاءها
-
-
- وكانت ظلامًا مُدلهِمَّ الغياهبِ
-
كأنك تلقاءَ الخليقةِ كلّها
-
-
- مشارقُ شمسٍ أشرقتْ لمغاربِ
-
لِيَهنِ فتىً أطراك أنْ نال سُؤْلَهُ
-
-
- لديك وأنْ لم يحتقِب وِزْرَ كاذبِ
-
رضا اللّهِ في تلك الحقائب والغنى
-
-
- جميعًا ألا فوزًا لتلك الحقائبِ
-
كأني أراني قائلًا إنْ أعانني
-
-
- نداك على ريب الخطوب الروائبِ
-
جُزيتَ العلا من مستغاثٍ أجابني
-
-
- جوابَ ضَحوكِ البرقِ داني الهيادبِ
-
وفي مُستماحي العرفِ بارقُ خُلَّبٍ
-
-
- ولامعُ رقراقٍ ونارُ حُباحبِ
-
تسحّبتُ في شعري ولان لجلدتي
-
-
- ثراه فما استخشنتُ مسَّ المسَاحبِ
-
وليس عجيباً أن ينوبَ تكرُّمٌ
-
-
- غذيتُ به عن آمِلٍ لك غائبِ
-
أقمْهُ مُقامي ناطقًا بمدائحي
-
-
- لديك وقد صدّرتها بالمنَاسبِ
-
ذماميَ تَرْعَى لا ذمامَ سفينة
-
-
- وحَقِّيَ لا حقَّ القِلاصِ الذَّعالبِ
-
وفي الناس أيقاظٌ لكل كريمةٍ
-
-
- كأنهمُ العِقبانُ فوقَ المَراقبِ
-
يُراعون أمثالي فيستنقذونهم
-
-
- وهم في كروبٍ جمّةٍ وذَباذبِ
-
إلى اللَّه أشكو غُمّةً لا صباحُها
-
-
- يُنير ولا تنجاب عني بجائب
-
نُشوبَ الشَّجا في الحلق لا هو سائغ
-
-
- ولا هو ملفوظ كذا كلُّ ناشِب
-
قصائد أخرى لابن الرومي
يُمكن الاطلاع على القصائد الأخرى الخاصة لابن الرومي على النحو الآتي:
أبيات مُختارة من قصيدة يا أخي أين ريع ذاك اللقاء
يا أخي أين رَيْعُ ذاك اللِّقاءِ
-
-
- أين ما كان بيننا من صفاءِ
-
أين مصداقُ شاهدٍ كان يحكي
-
-
- أنك المخلصُ الصحيحُ الإخاءِ
-
شاهدٌ ما رأيت فعلك إلا
-
-
- غير ما شاهدٍ له بالذكاءِ
-
كشفَتْ منك حاجتي هَنواتٍ
-
-
- غُطِّيتْ برهةً بحسن اللقاءِ
-
تركتْني ولم أكن سَيِّئَ الظن
-
-
- نِ أسيءُ الظنونَ بالأصدقاءِ
-
قلت لمّا بدتْ لعينيَ شُنْعاً
-
-
- رُبَّ شوهاءَ في حَشا حسناءِ
-
أبيات مُختارة من قصيدة قد قلت للعذال عند تتبعي
قد قلت للعذَّالِ عند تَتَبُّعي
-
-
- بالقصِّ شيباً كلَّ يوم يَحدثُ
-
كثر الخبيثُ من النبات فهُذِّبتْ
-
-
- منه الأَطايبُ وهي بعدُ ستَخبُثُ
-
وإخال أنِّي للخضاب محالفٌ
-
-
- وَهُوَ المحالف لا محالَةَ ينكثُ
-
أضحى الزمانُ بلمتي مُتَعَبِّثاً
-
-
- وأمامَ أحداثِ الزمان تَعَبُّثُ
-
ولما كُرِثْتُ لأن شَيْبيَ شائعٌ
-
-
- لكنَّ ما يَجْنِي ويُعقِبُ يُكْرِثُ
-
قصيدة يا للرجال توسموا وتبينوا
يا لَلرجالِ توسّموا وتبيَّنوا
-
-
- في خالدٍ شبهًا منَ الحجاجِ
-
إغضاؤُهُ عمَّن يُقرُّ بذنبه
-
-
- وحلول نقمته بكلِّ مُداجي
-
رجل يحب الصادقين لصدقهم
-
-
- والصدقُ أفضل نَجوةٍ للناجي
-
صَدقَتْهُ أمُّ عياله عمّا بها
-
-
- من شهوة الإِيلاج والإِخراجِ
-
فأباحها شهواتِها وأَجَرَّها
-
-
- حبلَ السِّفاح كأكرم الأزواجِ
-