الآداب

تعبير عن وصف جمال الصحراء

تعبير عن وصف جمال الصحراء

المقدمة: الصحراءُ سحرُ المتأمِّل

بيئة الصحراء من أجمل البيئات على الإطلاق، ففيها من السحر ما لا يدركه أي شخصٍ عادي، بل يحتاج هذا الجمال الرائع إلى عينٍ تلتقط الجمال، وقلب يتأمله بكلّ ما فيه من فخامة صاغتها يد الله تعالى، فالسحر الذي يُضفيه جوّ الصحراء يجعل من الروح تسمو إلى العلياء لتشعر بالسكينة التي يُضفيها الهدوء الكبير في بقعة ترزع القلب بالحب والفرح رغم أنّها جرداء، وكلّ هذا التجلّي الذي يظهر في الصحراء دليلٌ على أنّ الجمال لا يحدّه أي إطارات، وأنّه جمالٌ غير مشروطٍ بخضرة أو ماء، بل إنّ الطبيعة تمنحه التجدد في كلّ وقت.

العرض: الصحراءُ ليلٌ ساكن ونهارٌ قاسٍ

في الصحراء يظهر التناقض الكبير الذي يولّد جمالًا لا حدود له، فصباح الصحراء شديد الحرارة ولاسعٌ تكاد الشمس تلتهب فيه، فيتخيل المرء في هذا الجو أنّ الصحراء قاسية جدًا على كلّ من فيها، لكن ما إن يمضي النهار وتبدأ الشمس بلملمة أشعتها حتى يبدأ البرود يتسرب إلى رمال الصحراء وأجوائها، ويحلّ هدوءٌ كبير لا يخلو من أصوات حشرات الليل وحيوانات الليل الصحراوية التي تأقلمت مع جوّ الصحرا القاسي البارد ليلًا والحار نهارًا.

ورغم هذا لا تخلو الصحراء من أشكال الحياة التي جعلها الله في كلّ حيوانٍ ونباتٍ صحراوي لتزيد من قدرته على التكيف والتأقلم مع أجوائها، وتتجلى قدرة الخالق في كل أحياء الصحراء المثيرة للعجب في قدرتها على تحمل ظروفها الصعبة والقاسية.

في الصحراء يسترجع المرء تاريخًا مرّ عليها، وخاصة ممن عاشوا وقضوا حياتهم في جوّها واستطاعوا التأقلم مع الظروف الصعبة، فهؤلاء قاموا ببناء حضاراتٍ رائعة رغم كلّ شيء، ومنها حياة البداوة التي تتجلى فيها القوة والصلابة، فمن يعيش في الصحراء تتحول حياته إلى سلسلة من التحديات اليومية في إيجاد الماء والطعام وكلّ شيء، بالإضافة إلى التأقلم مع الأخطار المحتملة الموجودة في بيئة الصحراء من احتمالية التعرض لهجمات الضباع والأفاعي وغيرها، فالصحراء عالمٌ مفتوح ومدى متسع يبعث السكينة والصفاء في ذهن المتأمل.

أكثر ما يثير الدهشة في الصحراء هو قدرة النباتات الصحراوية على العيش في هكذا بيئة لاسعة الحرارة نهارًا وباردة ليلًا حتى أنها قد تصبح شديدة البرودة، وأكثر النباتات فيها لا تشرب الماء إلا في فتراتٍ متباعدة؛ نظرًا لشح الأمطار في الصحراء، لكن رغم ذلك تُعدّ من أجمل النباتات على الإطلاق، سواء أكانت من فصيلة الصباريات أو من النباتات الشوكية أو من غيرها.

وبعض الأزهار الصحراوية رائعة الجمال وذات ألوانٍ زاهية، ومع أنها تزهر خلال فترة قصيرة بعد هطول الأمطار، إلا أنها تضفي جوًا وجميلًا وتمنح الصحراء جمالًا إضافيًا لا يوازيه جمال، وهنا تكمن روعة أجواء الصحراء التي تكون متغيرة بسرعة كبيرة.

جمال الصحراء لا يتوقف على بيئتها وطبيعتها فقط، بل يمتدّ إلى أهلها وساكنيها الذين يتميزون بالشهامة والكرم والحكمة وقوّة الشخصية والفصاحة، وكأنّ قساوة العيش في الصحراء جعلت من شخصية أبنائها شخصية فريدة من نوعها، والدليل على ذلك تلك الشخصيات العظيمة من شعراء وأدباء عرب قدماء عاشوا وترعرعوا في الصحراء، وقالوا الشعر الفصيح الذي ظلّ خالدًا إلى اليوم.

وكذلك فإن قوّة أهل الصحراء في الحروب مشتهرة، فأهلها فرسان لا يُشقّ لهم غبار، وأكثرهم يجيدون ركوب الخيل وكأنهم يسابقون الريح، وأجمل ما في الصحراء هو الجود والكرم الذي يتميز به أهلها، فهم يكرمون الضيف ويضحون بأنفسهم مقابل حماية من يستجير بهم.

على الرغم من أنّ الصحراء قاحلة عمومًا إلّا أنها لا تخلو من وجود الواحات في أماكن عديدة منها، ويتجمع الناس عادة في هذه الواحات قرب الماء، فتغدو الواحة وسط الصحراء القاحلة وكأنها جنة يلجأ إليها الجميع وتعيش بقربها الحيوانات والنباتات التي تبدو غضة ويانعة.

فالصحراء عالمٌ يجمع الكثير من التناقضات الغريبة، لكنها مكانٌ ملهم يجعل الرائي إليها يغرق في الكثير من الصور الجميلة التي لا يمكن أن يراها إلا فيها، خاصة إن اندمج المشهد في وقت شروق الشمس أو غروبها عندما تنعكس الأشعة الذهبية على رمالها فيغدو المنظر أشبه بلوحة فنية مدهشة، فالصحراء عالمٌ مسكون بالدهشة التي ليس لها مثيل.

ومن أراد أن يرى جمال الإبداع وروعة البيئة وتجلّيها الساحر، ما عليه إلّا أن يشدّ الرحال إلى الصحراء حيث السكون والسكينة والإلهام الكبير، وما إن يهمّ الشخص بمغادرة المكان حتى يجد نفسه وقد أخذ جرعة هائلة من السحر والخيال الأخّاذ الذي يجعله شاعرًا أو كاتبًا يصف كلّ ما رأى بكلّ حماسٍ وإبداع.

فجمال الصحراء لا يقتصر على رمالها ونباتاتها وبيئتها، بل إنّ سماء الصحراء لها صفاءٌ يأخذ الألباب والعقول، فالنجوم في سماء الصحراء تتلألأ ليلًا بوضوح، وتظهر كأنها جواهر ترصع صفحة السماء، وأما القمر فيظهر جليًا نقيًا يرسل ضوءه الرائع، وتكسر حدّة المشهد بين حين وآخر زخات الشهب التي تظهر واضحة في ليل الصحراء الصافي البعيد عن تلوث المدن وصخبها وإزعاجها.

الخاتمة: الصحراءُ رمالٌ ذهبية

أكثر ما يلفت النظر في الصحراء هو الرمال الذهبية ذات اللون المدهش، ويتجلى هذا اللون أكثر عندما تقع عين الناظر عليه من زوايا مختلفة، وعندما تلقي عليه االظلال لونها فيتغير، ومن أهم ميزات لون رمال الصحراء الذهبي هو تدرجاته المختلفة التي تعطي انطباعات رائعة للعين، وفي بعض المناطق تظهر رمال الصحراء بألوان أخرى غير اللون الذهبي، وتتمازج هذه الألوان معًا بشكلٍ جميل، وتجد هذه الروعة في الصحراء الأردنية وتحديدًا في مدينة البتراء الوردية، حيث يندمج لون الرمال الذهبي مع اللون الوردي فيزيد السحر سحرًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى