إسلام

خلوة الرسول صلى الله عليه وسلم في غار حراء

صورة مقال خلوة الرسول صلى الله عليه وسلم في غار حراء

مقالات ذات صلة

خلوة الرسول في غار حراء

كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يتأمل ما كان يعبد قومه من الأصنام واتخاذهم لأكثر من آلهة، لكن عقله لم يقتنع وقلبه لم يطمئن لتلك العبادات والممارسات، لذلك اعتزل قومه وكل ممارساتهم الجاهلية، وأبقى على الصالح من عاداتهم وأخلاقهم؛ كنصرة المظلوم، ومساعدة الضعيف، وإكرام الضيف.[١]

وكان يخلو بنفسه فى غار حراء الذي يقع في شرق مكة المكرمة في أعلى جبل النور على يسار الذاهب الى جبل عرفات، وهو على ارتفاع ستمئة وأربعة وثلاثين مترًا، ولا يتسع إلا لأربعة أشخاص تقريبًا، ويبعد جبل النور عن المسجد الحرام أربع كيلو مترات، وغار حراء فجوة في الجبل بابها نحو الشمال، والداخل الى الغار يكون متوجهًا نحو الكعبة.[٢]

ماذا كان يفعل الرسول في خلوته في غار حراء؟

كان الرسول -صلى الله عليه وسل-م يخلو فى الغار أيامًا طويلة ويقوم بأعمال، نذكر منها الآتي:[٣]

  • كان الرسول -عليه الصلاة والسلام- يختلي في غار حراء الليالي ذوات العدد، أما شهر رمضان فكان يقضيه كاملًا فى غار حراء، وزوجه خديجة رضي الله عنها تأتيه بالطعام والشراب.

  • كان -صلى الله عليه وسلم- يجلس فى الغار يتفكر بخالق الكون وينظر إلى ما حوله من مخلوقات معجزة، لكنه لم يكن يعرف كيف يعبد ربّ الكون، فهو لا يعلم شريعة وطريقة تقوده لعبادة الله، لذا خاطبه ربه بعد أن بعثه نبيًا فقال: (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى).[٤]

  • كان -صلى الله عليه وسلم- يراقب الكعبة من داخل الغار فهى بيت الله المُقدّس، ويتفكر بالمجتمع الفاسد وإمكانية إصلاحه.

قصة نزول جبريل على الرسول في غار حراء

عندما بلغ النّبي -صلى الله عليه وسلم- الأربعين من عمره، وبينما كان يتعبد في غار حراء، فى ليلة الإثنين السابع والعشرين من رمضان، نزل عليه جبريل -عليه السّلام-، وكان موقفًا صعبًا وقاسيًا على الرسول -صلى الله عليه وسلم-، إذ كان الصوت يأتي بقوة وشدة، ليعلم الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه ما يراه حقيقة وليس حلماً.[٥]

وتروي السيدة عائشة أم المؤمنين تلك الحادثة فتقول: (أوَّلُ ما بُدِئَ به رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ في النَّوْمِ، فَكانَ لا يَرَى رُؤْيا إلَّا جاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إلَيْهِ الخَلاءُ، وكانَ يَخْلُو بغارِ حِراءٍ فَيَتَحَنَّثُ فيه – وهو التَّعَبُّدُ – اللَّيالِيَ ذَواتِ العَدَدِ قَبْلَ أنْ يَنْزِعَ إلى أهْلِهِ، ويَتَزَوَّدُ لذلكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِها، حتَّى جاءَهُ الحَقُّ وهو في غارِ حِراءٍ، فَجاءَهُ المَلَكُ فقالَ: اقْرَأْ، قالَ: ما أنا بقارِئٍ، قالَ: فأخَذَنِي فَغَطَّنِي حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ ثُمَّ أرْسَلَنِي، فقالَ: اقْرَأْ، قُلتُ: ما أنا بقارِئٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ ثُمَّ أرْسَلَنِي، فقالَ: اقْرَأْ، فَقُلتُ: ما أنا بقارِئٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ ثُمَّ أرْسَلَنِي، فقالَ: {اقْرَأْ باسْمِ رَبِّكَ الذي خَلَقَ (1) خَلَقَ الإنْسانَ مِن عَلَقٍ (2) اقْرَأْ ورَبُّكَ الأكْرَمُ} [العلق: 1- 3]).[٦]

نزول الرسول من غار حراء وتوجهه إلى بيته

بعد أن شهد الرسول صلى الله عليه وسلم أول حدث للنّبوة، أسرع إلى زوجته خديجة -رضي الله عنها-، ودخل خائفًا يرتجف ينادي: (زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي)،[٦] فاستقبلته خديجة رضي الله عنها، فثبتته وهدأت من روعه، وأخبرته أن الله -تعالى- لن يتركه ولن يخزيه، ثم أخدته إلى ابن عمها ورقة بن نوفل، وكان متنصراً وعلى دراية بالأديان السماوية، والذي أخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه نبي مرسل من الله تعالى.[٥]

وتكمل السيدة عائشة الحديث فتقول: (فَرَجَعَ بهَا تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ، حتَّى دَخَلَ علَى خَدِيجَةَ، فَقالَ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، فَزَمَّلُوهُ حتَّى ذَهَبَ عنْه الرَّوْعُ، فَقالَ: يا خَدِيجَةُ، ما لي؟ وأَخْبَرَهَا الخَبَرَ، وقالَ: قدْ خَشِيتُ علَى نَفْسِي، فَقالَتْ له: كَلَّا، أبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا؛ إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ علَى نَوَائِبِ الحَقِّ، ثُمَّ انْطَلَقَتْ به خَدِيجَةُ حتَّى أتَتْ به ورَقَةَ بنَ نَوْفَلِ).[٦]

قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، كان يخلو بنفسه فى غار حراء، يتفكر ويتدبر بخلق الله، ونزل عليه الوحي فى هذا الغار، وهى دعوة لكل مسلم بضرورة أن يختلي بربه ويتفكر بمخلوقاته والدعاء له سبحانه لكي تتنزل عليه الرحمات والمسرات، وقد تم في هذا المكان (غار حراء) اجتماع لأعظم إنسان على وجه الارض مع أعظم ملك في أعظم ليلة وهي ليلة القدر.

المراجع

  1. “التعبد في غار حراء”، اسلام ويب.
  2. المباركفوري، الرحيق المختوم، صفحة 55.
  3. “تعبد رسول الله في غار حراء”، قصة الاسلام.
  4. سورة الضحى، آية:7
  5. ^ أ ب راغب السرجاني، سيرة الرسول، صفحة 56.
  6. ^ أ ب ت رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المومنين، الصفحة أو الرقم:3، صحيح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى