مقدمة الخطبة
الحمد لله رب المشارق والمغارب، خلق الإنسان من طين لازب، ثم جعله نطفة بين الصلب والترائب، خلق منه زوجه، وجعل منهما الأبناء والأقارب، تلطف به، فنوع له المطاعم والمشارب، وحمله في البَرِّ على الدواب، وفي البحر على القوارب،[١] الحمد لله الذي فرض علينا الصلاة، وجعلها حبلاً بينه وبين عباده، ونشهد أن لا إله إلا الله، وأن مُحمّدا عبده ورسوله، اللهم صل على نبينا مُحمد.
الوصية بالتقوى
عباد الله، أُوصيكم ونفسي المُقصرة بتقوى الله ولُزوم طاعته، وأُحذركم ونفسي من مُخالفته وعصيان أوامره، لقوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا).[٢]
الخطبة الأولى
معاشر المُسلمين، نتكلم اليوم عن فريضةٍ من فرائض الإسلام، والتي فرضها الله -تعالى- على الغني والفقير، والصحيح والمريض، والذكر والأُنثى، والمُقيم والمُسافر، ألا وهي الصلاة، فهي الرُكن الثاني من أركان الإسلام، وعماد الدين، وهي أول ما فرضه الله -تعالى- على النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- من الأحكام، وكان ذلك في أشرف مقام وأرفعه وهي السماء، وكانت في ليلة الإسراء والمعراج.[٣]
كما أنها الفريضة التي أوصى بها النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- في آخر وصاياه، وهي الفريضة التي لم يُرخص الإسلام في تركها، سواءً أكان ذلك في حالة أشد الظُروف وأصعبها، كالقتال والحرب، أو المرض، فالمريض يُصلي قائماً.[٣]
وإن لم يستطع فقاعداً، فإن لم يستطع فعلى جنبه، فإن لم يستطع وعجز عن أداء شرط أو ركن منها فيسقط عنه ولا تسقط عنه الصلاة، فلا تسقط الصلاة عن أي إنسانٍ ما دام عقله موجوداً.[٣]
بالإضافة إلى أن الصلاة مُفتاحٌ للخير، وجعلها الله -تعالى- من صفات المؤمنين المُفلحين، لقوله -تعالى-: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ)،[٤] كما أنها صلاحٌ لبدن الإنسان وروحه، وطهارةٌ لقلبه، ونورٌ لوجههِ، ومُكفرةٌ لسيئاته وخطاياه.[٣]
فقد قال النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- عنها: (أنَّهُ سَمِعَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: أرَأَيْتُمْ لو أنَّ نَهَرًا ببابِ أحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ فيه كُلَّ يَومٍ خَمْسًا، ما تَقُولُ ذلكَ يُبْقِي مِن دَرَنِهِ؟ قالوا: لا يُبْقِي مِن دَرَنِهِ شيئًا، قالَ: فَذلكَ مِثْلُ الصَّلَواتِ الخَمْسِ، يَمْحُو اللَّهُ به الخَطايا)،[٥] ويجتمعُ للمُسلم في الصلاة شرف العبادة والمُناجاة والبُقعة؛ إن كانت في المسجد.[٣]
عباد الله، اعلموا أن صلاتكم هي مُفتاحٌ من مفاتيح دُخولكم للجنة، فقد أوصى النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- بها الرجل الذي طلب منه أن يكون رفيقه في الجنة، كما أنها سببٌ في البُعد عن المُنكرات والمُحرمات، لقوله -تعالى-: (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّـهِ أَكْبَرُ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ).[٦][٧]
بارك الله لي ولكم في الكتاب والسُّنّة، ونفعني وإيَّاكم بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كُلِّ ذنب فاستغفروه، إنَّه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي فرض علينا الصلاة لِحكمٍ بالغة، وجعلها صلةٌ بينا وبينه، وجعلها نورٌ لقلوبنا، وهدايةً لنا إلى طريق الخير في الدُنيا والآخرة، أمّا بعد:
عباد الله، إنّ من المُحافظة على الصلاة؛ والإتيان بجميع أركان الصلاة وشُروطها وواجباتها، والطُمأنينة فيها، وأن يبتعد من يُصلي في جماعةٍ مع الإمام أن يُسابق إمامه، كما أن من المُحافظة عليها؛ الأمر بها وخاصةٌ الأهل والأقارب، لقوله -تعالى- عن الصلاة: (وَأمُر أَهلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصطَبِر عَلَيها لا نَسأَلُكَ رِزقًا نَحنُ نَرزُقُكَ وَالعاقِبَةُ لِلتَّقوى).[٨][٩]
الدعاء
- اللهم إنّك عفوٌ كريمٌ تُحب العفو فاعف عنا، اللهم آتنا في الدُنيا حسنةٌ، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، برحمتك يا أرحم الراحمين.
- اللهم إنّا نسألك من الخير كله عاجله، وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كُله عاجله، وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم.
- اللهم أعنا على ذكرك وطاعتك، واجعلنا من عبادك الصالحين، اللهم إنّا نسألك الهُدى والتُقى والعفاف والغنى، ونعوذ بك من الكُفر والفقر، ومن غلبة الدين وقهر الرجال.
عباد الله، إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القُربى، وينهى عن الفحشاء والمُنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون، سبحان ربك رب العزة عمّا يصفون، وسلامٌ على المُرسلين، والحمد لله رب العالمين.
المراجع
- ↑ أحمد سلطان، “27 مقدمة من أروع مقدمات الخطب”، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 23/2/2022. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية:1
- ^ أ ب ت ث ج عبدالعزيز بن أحمد الغامدي، “خطبة قصيرة عن الصلاة”، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 24/2/2022. بتصرّف.
- ↑ سورة المؤمنون، آية:1-2
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:528 ، صحيح.
- ↑ سورة العنكبوت، آية:45
- ↑ ” الصلاةَ الصلاةَ”، موقع الشيخ خالد بن عبد الله المصلح، اطّلع عليه بتاريخ 24/2/2022. بتصرّف.
- ↑ سورة طه، آية:132
- ↑ عبد المحسن بن عبد الرحمن القاضي، “خطبة عن الصلاة.. أهميتها وفضلها”، ملتقى الخطباء، اطّلع عليه بتاريخ 24/2/2022. بتصرّف.