الأسرة في الإسلام

حقوق الأبناء على الوالدين

الأسرة

تُعد الأسرة عماد المُجتمع ونواته الصّلبة، واللّبنة الأساسيّة فيه، ولذلك عني الإسلام بها واهتمّ برعايتها رعايةً كاملةً، وبيّن أفضل الطّرق والسُّبل لإقامتها على النّهج القويم، وأمر الوالدين بإحسان تربية أبنائهم وحسن رعايتهم، وقد هيّأ لذلك شتّى الوسائل والسُبل؛ فبدأ بحُسن اختيار الزّوجين كلّ منهما للأخر؛ فيجب أن ينبني اختيار الزوج لزوجته والزوجة لزوجها على أساس الدين والتّقوى لا على أساسٍ غير ذلك، كالمال والجاه والنّسب، وقد قال رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- في ذلك: (تُنْكحُ المرأةُ لأربعٍ: لمالِها، ولحسبِها، ولجمالِها، ولدينِها، فاظفر بذاتِ الدِّينِ تربت يداكَ)،[١] ومن ثمّ دعا الإسلام إلى الاهتمام بالأولاد وإعطائهم كافّة حقوقهم، فكما أنّ للوالدين حقوقاً يجب على الأبناء أداؤها، فقد أعطى الإسلام لكلّ ذي حق حقّه؛ فكما للوالدين حقّ على أبنائهم وعليهم واجبات تجاههم، وكذلك العكس، فإنّ للأبناء حقّ على والديهم وعليهم واجبات تجاههم.

معنى حقوق الأبناء

المقصود بحقوق الأبناء على آبائهم تلك الحقوق التي رتّبها الشّارع الكريم -عزَّ وجلّ- على الوالدين تجاه أبنائهم من قبل أن يولدوا وحين استقرارهم في بطون أمهاتهم وهم أجِنّة، وبعد أن يُولَدوا ويصلوا إلى سن البلوغ وينشؤوا على أكمل صورة، إلى أن يستقلّوا بحياتهم بعد انتهاء دراستهم ونضجهم وزواجهم، أو التحاقهم بالعمل العام والحصول على مصدر رزق لهم ولأبناءهم فيما بعد.[٢]

حقوق الأبناء على الوالدين

إنّ حقوق الأبناء على الآباء منصوص عليها في القرآن الكريم والسنّة النبويّة المُطهّرة في الكثير من المواضع، ومن تلك النصوص ما جاء في القرآن الكريم من قول الله عزَّ وجلَّ: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)،[٣] فالآية الكريمة بيّنت أن الإنسان مأمور بوقاية نفسه وأهله، الذين هم زوجه وأولاده، من النار، فعليه ان يُصلح نفسه أولاً، ثم يُصلح أهله زوجته وأولاده، ويتعهّدهم بالطّاعة وفعل ما أمر الله وترك ما نهى عنه، والأبناء مذكورون في هذه الآية؛ فعلى الوالدين توجيههم وتربيتهم التّربية الصّالحة لوقايتهم من النّار بفعل المأمورات وترك المُنكرات، أمّا في السنّة النبويّة فيقول المُربّي رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- في تربية الأبناء ورعايتهم: (كلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتِه، فالإمامُ راعٍ، وهو مسؤولٌ عن رعيَّتِه، والرجلُ راعٍ في أهلِه، وهو مسؤولٌ عن رعيّتِه، والمرأةُ راعيةٌ في بيتِ زوجِها، وهي مسؤولةٌ عن رعيَّتِها، والخادمُ راعٍ في مالِ سيِّدِه، وهو مسؤولٌ عن رعيَّتِه، والرجلُ راعٍ في مالِ أبيه وهو مسؤولٌ عن رعيَّتِه، فكلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتِه)،[٤] ففي هذا الحديث النبويّ بيان أنّ كل شخص مسؤول عن كلّ من هم تحت يديه، وقد ذكر الحديث أنَّ كُلاً من الرجل والمرأة مسؤول عن رعيّته، ويدخل في رعيتهما أبناؤهما؛ فهما مسؤولان عنهم بتربيتهم وإعطائهم حقوقهم.

من حقوق الأبناء على والديهم ما يأتي:[٥]

  • أن يحسن الأب اختيار الأم جيّداً؛ فتكون من أُسرة صالحة طيبة، وأن تكون من ذوات الخُلق والدّين؛ لأنّه لن توجد ذريّة صالحة إلا من زوجة صالحة، ولأنّ الأم هي الخليّة الأولى في الأسرة التي تعتمد عليها تربية الأبناء ضمن أسرة مُتواجدة مُتراصّة مُتكاتفة، فيقع على كاهلها مسؤولية الأبناء من مأكل وملبس، ورعاية من الأمراض، وتربيةٍ قويمة، فهي الرّكيزة الأساسيّة في تربية الأبناء، وتعليمهم الفضائل الإسلاميّة الصّالحة.
  • أن يُحسِن الأب اختيار اسم الابن: يجب أن يكون الأب حريصاً جداً في اختيار أسماء جميلة مُعبّرة عن شخصيّة جميلة راكزة، يُحبّها الابن بعدما يكبر، ويشكر والديه لتسميته لهذه الاسم؛ حتى لا يتعرّض للمضايقات بسببها، ويكون ممنوناً لوالديه على ذلك.
  • أن يقوم الأب برعاية أبنائه، من احتياجاتهم وتعليمهم علوم القرآن، وتحفيظه، أو تعليم العلوم الأخرى من طب، وكيمياء، وتاريخ وغيرها.
  • أن يقوم الأب والأم بتربية الأبناء على الفضائل الحسنة، من الصّدق، والأمانة، وحبّ الخير، والشّجاعة، والدّفاع عن الحق، واحترام الكبير والعطف على الصّغير، والالتزام بالوعود والإيفاء بها، وإعطاء الحقوق لأصحابها، وغيرها الكثير من الفضائل الحسنة في الاسلام.
  • أن يقوم الأب بالإنفاق عليهم؛ لأنه يقع على عاتقه حماية الأبناء من الجوع والعطش، وتوفير لهم المسكن وجميع مُقوّمات الحياة الأساسية من أجل العيش بسلام وحب.
  • يجب على الأباء توجيه الأبناء إلى الطّرق السليمة التي يراها الأب ناجحةً وسليمةً وآمنةً، فدور الأب هنا دور المُرشد والمُربّي لأبنائه، فيجب على الأب أن يكون صديقاً لابنه؛ حتى يستطيع التقرّب منه، وتوجيهه للصّواب والطّريق الصّحيح.
  • على الأب أن يكون حريصاً على تأديب الابن بسبل مُتطوّرة دون استخدام العنف في أي وقت من الأوقات مهما كانت أخطاؤه ضمن المعقول، وعدم اللجوء إلى الضّرب إلا في حالات ضيّقة.
  • العدل بين الأبناء في العطف والحنان والمحبّة، وعدم التّمييز بينهم، فإنَّ هذا أدعى لاحترامهم لوالديهم وطاعتهم لهما.

المراجع

  1. رواه مسلم بن الحجاج، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1466.
  2. عبد الحميد إسماعيل الأنصاري، حقوق الاولاد قبل الوالدين، قطر: كلية الشريعة والقانون والدراسات الإسلامية جامعة قطر، صفحة 314. بتصرّف.
  3. سورة التحريم، آية: 6.
  4. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 4569، صحيح.
  5. “حقوق الأبناء على أبائهم”، إسلام ويب، 6-10-2002، اطّلع عليه بتاريخ 24-1-2017. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

الأسرة

تُعد الأسرة عماد المُجتمع ونواته الصّلبة، واللّبنة الأساسيّة فيه، ولذلك عني الإسلام بها واهتمّ برعايتها رعايةً كاملةً، وبيّن أفضل الطّرق والسُّبل لإقامتها على النّهج القويم، وأمر الوالدين بإحسان تربية أبنائهم وحسن رعايتهم، وقد هيّأ لذلك شتّى الوسائل والسُبل؛ فبدأ بحُسن اختيار الزّوجين كلّ منهما للأخر؛ فيجب أن ينبني اختيار الزوج لزوجته والزوجة لزوجها على أساس الدين والتّقوى لا على أساسٍ غير ذلك، كالمال والجاه والنّسب، وقد قال رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- في ذلك: (تُنْكحُ المرأةُ لأربعٍ: لمالِها، ولحسبِها، ولجمالِها، ولدينِها، فاظفر بذاتِ الدِّينِ تربت يداكَ)،[١] ومن ثمّ دعا الإسلام إلى الاهتمام بالأولاد وإعطائهم كافّة حقوقهم، فكما أنّ للوالدين حقوقاً يجب على الأبناء أداؤها، فقد أعطى الإسلام لكلّ ذي حق حقّه؛ فكما للوالدين حقّ على أبنائهم وعليهم واجبات تجاههم، وكذلك العكس، فإنّ للأبناء حقّ على والديهم وعليهم واجبات تجاههم.

معنى حقوق الأبناء

المقصود بحقوق الأبناء على آبائهم تلك الحقوق التي رتّبها الشّارع الكريم -عزَّ وجلّ- على الوالدين تجاه أبنائهم من قبل أن يولدوا وحين استقرارهم في بطون أمهاتهم وهم أجِنّة، وبعد أن يُولَدوا ويصلوا إلى سن البلوغ وينشؤوا على أكمل صورة، إلى أن يستقلّوا بحياتهم بعد انتهاء دراستهم ونضجهم وزواجهم، أو التحاقهم بالعمل العام والحصول على مصدر رزق لهم ولأبناءهم فيما بعد.[٢]

حقوق الأبناء على الوالدين

إنّ حقوق الأبناء على الآباء منصوص عليها في القرآن الكريم والسنّة النبويّة المُطهّرة في الكثير من المواضع، ومن تلك النصوص ما جاء في القرآن الكريم من قول الله عزَّ وجلَّ: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)،[٣] فالآية الكريمة بيّنت أن الإنسان مأمور بوقاية نفسه وأهله، الذين هم زوجه وأولاده، من النار، فعليه ان يُصلح نفسه أولاً، ثم يُصلح أهله زوجته وأولاده، ويتعهّدهم بالطّاعة وفعل ما أمر الله وترك ما نهى عنه، والأبناء مذكورون في هذه الآية؛ فعلى الوالدين توجيههم وتربيتهم التّربية الصّالحة لوقايتهم من النّار بفعل المأمورات وترك المُنكرات، أمّا في السنّة النبويّة فيقول المُربّي رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- في تربية الأبناء ورعايتهم: (كلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتِه، فالإمامُ راعٍ، وهو مسؤولٌ عن رعيَّتِه، والرجلُ راعٍ في أهلِه، وهو مسؤولٌ عن رعيّتِه، والمرأةُ راعيةٌ في بيتِ زوجِها، وهي مسؤولةٌ عن رعيَّتِها، والخادمُ راعٍ في مالِ سيِّدِه، وهو مسؤولٌ عن رعيَّتِه، والرجلُ راعٍ في مالِ أبيه وهو مسؤولٌ عن رعيَّتِه، فكلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتِه)،[٤] ففي هذا الحديث النبويّ بيان أنّ كل شخص مسؤول عن كلّ من هم تحت يديه، وقد ذكر الحديث أنَّ كُلاً من الرجل والمرأة مسؤول عن رعيّته، ويدخل في رعيتهما أبناؤهما؛ فهما مسؤولان عنهم بتربيتهم وإعطائهم حقوقهم.

من حقوق الأبناء على والديهم ما يأتي:[٥]

  • أن يحسن الأب اختيار الأم جيّداً؛ فتكون من أُسرة صالحة طيبة، وأن تكون من ذوات الخُلق والدّين؛ لأنّه لن توجد ذريّة صالحة إلا من زوجة صالحة، ولأنّ الأم هي الخليّة الأولى في الأسرة التي تعتمد عليها تربية الأبناء ضمن أسرة مُتواجدة مُتراصّة مُتكاتفة، فيقع على كاهلها مسؤولية الأبناء من مأكل وملبس، ورعاية من الأمراض، وتربيةٍ قويمة، فهي الرّكيزة الأساسيّة في تربية الأبناء، وتعليمهم الفضائل الإسلاميّة الصّالحة.
  • أن يُحسِن الأب اختيار اسم الابن: يجب أن يكون الأب حريصاً جداً في اختيار أسماء جميلة مُعبّرة عن شخصيّة جميلة راكزة، يُحبّها الابن بعدما يكبر، ويشكر والديه لتسميته لهذه الاسم؛ حتى لا يتعرّض للمضايقات بسببها، ويكون ممنوناً لوالديه على ذلك.
  • أن يقوم الأب برعاية أبنائه، من احتياجاتهم وتعليمهم علوم القرآن، وتحفيظه، أو تعليم العلوم الأخرى من طب، وكيمياء، وتاريخ وغيرها.
  • أن يقوم الأب والأم بتربية الأبناء على الفضائل الحسنة، من الصّدق، والأمانة، وحبّ الخير، والشّجاعة، والدّفاع عن الحق، واحترام الكبير والعطف على الصّغير، والالتزام بالوعود والإيفاء بها، وإعطاء الحقوق لأصحابها، وغيرها الكثير من الفضائل الحسنة في الاسلام.
  • أن يقوم الأب بالإنفاق عليهم؛ لأنه يقع على عاتقه حماية الأبناء من الجوع والعطش، وتوفير لهم المسكن وجميع مُقوّمات الحياة الأساسية من أجل العيش بسلام وحب.
  • يجب على الأباء توجيه الأبناء إلى الطّرق السليمة التي يراها الأب ناجحةً وسليمةً وآمنةً، فدور الأب هنا دور المُرشد والمُربّي لأبنائه، فيجب على الأب أن يكون صديقاً لابنه؛ حتى يستطيع التقرّب منه، وتوجيهه للصّواب والطّريق الصّحيح.
  • على الأب أن يكون حريصاً على تأديب الابن بسبل مُتطوّرة دون استخدام العنف في أي وقت من الأوقات مهما كانت أخطاؤه ضمن المعقول، وعدم اللجوء إلى الضّرب إلا في حالات ضيّقة.
  • العدل بين الأبناء في العطف والحنان والمحبّة، وعدم التّمييز بينهم، فإنَّ هذا أدعى لاحترامهم لوالديهم وطاعتهم لهما.

المراجع

  1. رواه مسلم بن الحجاج، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1466.
  2. عبد الحميد إسماعيل الأنصاري، حقوق الاولاد قبل الوالدين، قطر: كلية الشريعة والقانون والدراسات الإسلامية جامعة قطر، صفحة 314. بتصرّف.
  3. سورة التحريم، آية: 6.
  4. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 4569، صحيح.
  5. “حقوق الأبناء على أبائهم”، إسلام ويب، 6-10-2002، اطّلع عليه بتاريخ 24-1-2017. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

الأسرة

تُعد الأسرة عماد المُجتمع ونواته الصّلبة، واللّبنة الأساسيّة فيه، ولذلك عني الإسلام بها واهتمّ برعايتها رعايةً كاملةً، وبيّن أفضل الطّرق والسُّبل لإقامتها على النّهج القويم، وأمر الوالدين بإحسان تربية أبنائهم وحسن رعايتهم، وقد هيّأ لذلك شتّى الوسائل والسُبل؛ فبدأ بحُسن اختيار الزّوجين كلّ منهما للأخر؛ فيجب أن ينبني اختيار الزوج لزوجته والزوجة لزوجها على أساس الدين والتّقوى لا على أساسٍ غير ذلك، كالمال والجاه والنّسب، وقد قال رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- في ذلك: (تُنْكحُ المرأةُ لأربعٍ: لمالِها، ولحسبِها، ولجمالِها، ولدينِها، فاظفر بذاتِ الدِّينِ تربت يداكَ)،[١] ومن ثمّ دعا الإسلام إلى الاهتمام بالأولاد وإعطائهم كافّة حقوقهم، فكما أنّ للوالدين حقوقاً يجب على الأبناء أداؤها، فقد أعطى الإسلام لكلّ ذي حق حقّه؛ فكما للوالدين حقّ على أبنائهم وعليهم واجبات تجاههم، وكذلك العكس، فإنّ للأبناء حقّ على والديهم وعليهم واجبات تجاههم.

معنى حقوق الأبناء

المقصود بحقوق الأبناء على آبائهم تلك الحقوق التي رتّبها الشّارع الكريم -عزَّ وجلّ- على الوالدين تجاه أبنائهم من قبل أن يولدوا وحين استقرارهم في بطون أمهاتهم وهم أجِنّة، وبعد أن يُولَدوا ويصلوا إلى سن البلوغ وينشؤوا على أكمل صورة، إلى أن يستقلّوا بحياتهم بعد انتهاء دراستهم ونضجهم وزواجهم، أو التحاقهم بالعمل العام والحصول على مصدر رزق لهم ولأبناءهم فيما بعد.[٢]

حقوق الأبناء على الوالدين

إنّ حقوق الأبناء على الآباء منصوص عليها في القرآن الكريم والسنّة النبويّة المُطهّرة في الكثير من المواضع، ومن تلك النصوص ما جاء في القرآن الكريم من قول الله عزَّ وجلَّ: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)،[٣] فالآية الكريمة بيّنت أن الإنسان مأمور بوقاية نفسه وأهله، الذين هم زوجه وأولاده، من النار، فعليه ان يُصلح نفسه أولاً، ثم يُصلح أهله زوجته وأولاده، ويتعهّدهم بالطّاعة وفعل ما أمر الله وترك ما نهى عنه، والأبناء مذكورون في هذه الآية؛ فعلى الوالدين توجيههم وتربيتهم التّربية الصّالحة لوقايتهم من النّار بفعل المأمورات وترك المُنكرات، أمّا في السنّة النبويّة فيقول المُربّي رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- في تربية الأبناء ورعايتهم: (كلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتِه، فالإمامُ راعٍ، وهو مسؤولٌ عن رعيَّتِه، والرجلُ راعٍ في أهلِه، وهو مسؤولٌ عن رعيّتِه، والمرأةُ راعيةٌ في بيتِ زوجِها، وهي مسؤولةٌ عن رعيَّتِها، والخادمُ راعٍ في مالِ سيِّدِه، وهو مسؤولٌ عن رعيَّتِه، والرجلُ راعٍ في مالِ أبيه وهو مسؤولٌ عن رعيَّتِه، فكلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتِه)،[٤] ففي هذا الحديث النبويّ بيان أنّ كل شخص مسؤول عن كلّ من هم تحت يديه، وقد ذكر الحديث أنَّ كُلاً من الرجل والمرأة مسؤول عن رعيّته، ويدخل في رعيتهما أبناؤهما؛ فهما مسؤولان عنهم بتربيتهم وإعطائهم حقوقهم.

من حقوق الأبناء على والديهم ما يأتي:[٥]

  • أن يحسن الأب اختيار الأم جيّداً؛ فتكون من أُسرة صالحة طيبة، وأن تكون من ذوات الخُلق والدّين؛ لأنّه لن توجد ذريّة صالحة إلا من زوجة صالحة، ولأنّ الأم هي الخليّة الأولى في الأسرة التي تعتمد عليها تربية الأبناء ضمن أسرة مُتواجدة مُتراصّة مُتكاتفة، فيقع على كاهلها مسؤولية الأبناء من مأكل وملبس، ورعاية من الأمراض، وتربيةٍ قويمة، فهي الرّكيزة الأساسيّة في تربية الأبناء، وتعليمهم الفضائل الإسلاميّة الصّالحة.
  • أن يُحسِن الأب اختيار اسم الابن: يجب أن يكون الأب حريصاً جداً في اختيار أسماء جميلة مُعبّرة عن شخصيّة جميلة راكزة، يُحبّها الابن بعدما يكبر، ويشكر والديه لتسميته لهذه الاسم؛ حتى لا يتعرّض للمضايقات بسببها، ويكون ممنوناً لوالديه على ذلك.
  • أن يقوم الأب برعاية أبنائه، من احتياجاتهم وتعليمهم علوم القرآن، وتحفيظه، أو تعليم العلوم الأخرى من طب، وكيمياء، وتاريخ وغيرها.
  • أن يقوم الأب والأم بتربية الأبناء على الفضائل الحسنة، من الصّدق، والأمانة، وحبّ الخير، والشّجاعة، والدّفاع عن الحق، واحترام الكبير والعطف على الصّغير، والالتزام بالوعود والإيفاء بها، وإعطاء الحقوق لأصحابها، وغيرها الكثير من الفضائل الحسنة في الاسلام.
  • أن يقوم الأب بالإنفاق عليهم؛ لأنه يقع على عاتقه حماية الأبناء من الجوع والعطش، وتوفير لهم المسكن وجميع مُقوّمات الحياة الأساسية من أجل العيش بسلام وحب.
  • يجب على الأباء توجيه الأبناء إلى الطّرق السليمة التي يراها الأب ناجحةً وسليمةً وآمنةً، فدور الأب هنا دور المُرشد والمُربّي لأبنائه، فيجب على الأب أن يكون صديقاً لابنه؛ حتى يستطيع التقرّب منه، وتوجيهه للصّواب والطّريق الصّحيح.
  • على الأب أن يكون حريصاً على تأديب الابن بسبل مُتطوّرة دون استخدام العنف في أي وقت من الأوقات مهما كانت أخطاؤه ضمن المعقول، وعدم اللجوء إلى الضّرب إلا في حالات ضيّقة.
  • العدل بين الأبناء في العطف والحنان والمحبّة، وعدم التّمييز بينهم، فإنَّ هذا أدعى لاحترامهم لوالديهم وطاعتهم لهما.

المراجع

  1. رواه مسلم بن الحجاج، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1466.
  2. عبد الحميد إسماعيل الأنصاري، حقوق الاولاد قبل الوالدين، قطر: كلية الشريعة والقانون والدراسات الإسلامية جامعة قطر، صفحة 314. بتصرّف.
  3. سورة التحريم، آية: 6.
  4. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 4569، صحيح.
  5. “حقوق الأبناء على أبائهم”، إسلام ويب، 6-10-2002، اطّلع عليه بتاريخ 24-1-2017. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

الأسرة

تُعد الأسرة عماد المُجتمع ونواته الصّلبة، واللّبنة الأساسيّة فيه، ولذلك عني الإسلام بها واهتمّ برعايتها رعايةً كاملةً، وبيّن أفضل الطّرق والسُّبل لإقامتها على النّهج القويم، وأمر الوالدين بإحسان تربية أبنائهم وحسن رعايتهم، وقد هيّأ لذلك شتّى الوسائل والسُبل؛ فبدأ بحُسن اختيار الزّوجين كلّ منهما للأخر؛ فيجب أن ينبني اختيار الزوج لزوجته والزوجة لزوجها على أساس الدين والتّقوى لا على أساسٍ غير ذلك، كالمال والجاه والنّسب، وقد قال رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- في ذلك: (تُنْكحُ المرأةُ لأربعٍ: لمالِها، ولحسبِها، ولجمالِها، ولدينِها، فاظفر بذاتِ الدِّينِ تربت يداكَ)،[١] ومن ثمّ دعا الإسلام إلى الاهتمام بالأولاد وإعطائهم كافّة حقوقهم، فكما أنّ للوالدين حقوقاً يجب على الأبناء أداؤها، فقد أعطى الإسلام لكلّ ذي حق حقّه؛ فكما للوالدين حقّ على أبنائهم وعليهم واجبات تجاههم، وكذلك العكس، فإنّ للأبناء حقّ على والديهم وعليهم واجبات تجاههم.

معنى حقوق الأبناء

المقصود بحقوق الأبناء على آبائهم تلك الحقوق التي رتّبها الشّارع الكريم -عزَّ وجلّ- على الوالدين تجاه أبنائهم من قبل أن يولدوا وحين استقرارهم في بطون أمهاتهم وهم أجِنّة، وبعد أن يُولَدوا ويصلوا إلى سن البلوغ وينشؤوا على أكمل صورة، إلى أن يستقلّوا بحياتهم بعد انتهاء دراستهم ونضجهم وزواجهم، أو التحاقهم بالعمل العام والحصول على مصدر رزق لهم ولأبناءهم فيما بعد.[٢]

حقوق الأبناء على الوالدين

إنّ حقوق الأبناء على الآباء منصوص عليها في القرآن الكريم والسنّة النبويّة المُطهّرة في الكثير من المواضع، ومن تلك النصوص ما جاء في القرآن الكريم من قول الله عزَّ وجلَّ: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)،[٣] فالآية الكريمة بيّنت أن الإنسان مأمور بوقاية نفسه وأهله، الذين هم زوجه وأولاده، من النار، فعليه ان يُصلح نفسه أولاً، ثم يُصلح أهله زوجته وأولاده، ويتعهّدهم بالطّاعة وفعل ما أمر الله وترك ما نهى عنه، والأبناء مذكورون في هذه الآية؛ فعلى الوالدين توجيههم وتربيتهم التّربية الصّالحة لوقايتهم من النّار بفعل المأمورات وترك المُنكرات، أمّا في السنّة النبويّة فيقول المُربّي رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- في تربية الأبناء ورعايتهم: (كلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتِه، فالإمامُ راعٍ، وهو مسؤولٌ عن رعيَّتِه، والرجلُ راعٍ في أهلِه، وهو مسؤولٌ عن رعيّتِه، والمرأةُ راعيةٌ في بيتِ زوجِها، وهي مسؤولةٌ عن رعيَّتِها، والخادمُ راعٍ في مالِ سيِّدِه، وهو مسؤولٌ عن رعيَّتِه، والرجلُ راعٍ في مالِ أبيه وهو مسؤولٌ عن رعيَّتِه، فكلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتِه)،[٤] ففي هذا الحديث النبويّ بيان أنّ كل شخص مسؤول عن كلّ من هم تحت يديه، وقد ذكر الحديث أنَّ كُلاً من الرجل والمرأة مسؤول عن رعيّته، ويدخل في رعيتهما أبناؤهما؛ فهما مسؤولان عنهم بتربيتهم وإعطائهم حقوقهم.

من حقوق الأبناء على والديهم ما يأتي:[٥]

  • أن يحسن الأب اختيار الأم جيّداً؛ فتكون من أُسرة صالحة طيبة، وأن تكون من ذوات الخُلق والدّين؛ لأنّه لن توجد ذريّة صالحة إلا من زوجة صالحة، ولأنّ الأم هي الخليّة الأولى في الأسرة التي تعتمد عليها تربية الأبناء ضمن أسرة مُتواجدة مُتراصّة مُتكاتفة، فيقع على كاهلها مسؤولية الأبناء من مأكل وملبس، ورعاية من الأمراض، وتربيةٍ قويمة، فهي الرّكيزة الأساسيّة في تربية الأبناء، وتعليمهم الفضائل الإسلاميّة الصّالحة.
  • أن يُحسِن الأب اختيار اسم الابن: يجب أن يكون الأب حريصاً جداً في اختيار أسماء جميلة مُعبّرة عن شخصيّة جميلة راكزة، يُحبّها الابن بعدما يكبر، ويشكر والديه لتسميته لهذه الاسم؛ حتى لا يتعرّض للمضايقات بسببها، ويكون ممنوناً لوالديه على ذلك.
  • أن يقوم الأب برعاية أبنائه، من احتياجاتهم وتعليمهم علوم القرآن، وتحفيظه، أو تعليم العلوم الأخرى من طب، وكيمياء، وتاريخ وغيرها.
  • أن يقوم الأب والأم بتربية الأبناء على الفضائل الحسنة، من الصّدق، والأمانة، وحبّ الخير، والشّجاعة، والدّفاع عن الحق، واحترام الكبير والعطف على الصّغير، والالتزام بالوعود والإيفاء بها، وإعطاء الحقوق لأصحابها، وغيرها الكثير من الفضائل الحسنة في الاسلام.
  • أن يقوم الأب بالإنفاق عليهم؛ لأنه يقع على عاتقه حماية الأبناء من الجوع والعطش، وتوفير لهم المسكن وجميع مُقوّمات الحياة الأساسية من أجل العيش بسلام وحب.
  • يجب على الأباء توجيه الأبناء إلى الطّرق السليمة التي يراها الأب ناجحةً وسليمةً وآمنةً، فدور الأب هنا دور المُرشد والمُربّي لأبنائه، فيجب على الأب أن يكون صديقاً لابنه؛ حتى يستطيع التقرّب منه، وتوجيهه للصّواب والطّريق الصّحيح.
  • على الأب أن يكون حريصاً على تأديب الابن بسبل مُتطوّرة دون استخدام العنف في أي وقت من الأوقات مهما كانت أخطاؤه ضمن المعقول، وعدم اللجوء إلى الضّرب إلا في حالات ضيّقة.
  • العدل بين الأبناء في العطف والحنان والمحبّة، وعدم التّمييز بينهم، فإنَّ هذا أدعى لاحترامهم لوالديهم وطاعتهم لهما.

المراجع

  1. رواه مسلم بن الحجاج، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1466.
  2. عبد الحميد إسماعيل الأنصاري، حقوق الاولاد قبل الوالدين، قطر: كلية الشريعة والقانون والدراسات الإسلامية جامعة قطر، صفحة 314. بتصرّف.
  3. سورة التحريم، آية: 6.
  4. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 4569، صحيح.
  5. “حقوق الأبناء على أبائهم”، إسلام ويب، 6-10-2002، اطّلع عليه بتاريخ 24-1-2017. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock