جزيرة سانتوريني
جزيرة سانتوريني إحدى أروع وأجمل الجزر القابعة على البحر الأبيض المتوسط، حتى أطلق عليها لقب (تراتيل يونانيّة من أرض العالم المفقود)، لاعتبارها أيقونةً شعرية من شدّة روعتها وجمالها، تغنى بها الشعراء في قصائدهم منذ عهد أفلاطون حتى يومنا هذا.
موقع الجزيرة
تقع الجزيرة إلى الجنوب من بحر إيجة في جنوب شرق اليونان، وتحديداً في أرخبيل كيكلاديس، حيث تقف على سلسلةٍ من الصخور العالية جداً بحيث تحميها من أمواج البحر. تعتبر سانتوريني القبلة الأولى للسيّاح حول العالم لما تتمتع به من مناظر ساحرة وجمالٍ أخاذ، فهي مزيجٌ من المياه الزرقاء والمنحدرات الشاهقة والضيع البيضاء.
أنسب وقت لزيارة الجزيرة هو فصل الربيع، للمشهد الرائع الذي يرتسم بفعل تفتح الأزهار البريّة في المنطقة وبدء الحرارة في مياهها بالارتفاع، وتزدحم الجزيرة بالزوار بشكلٍ كبير خلال فترة الصيف، لهذا فإن العديد منهم يفضّل زيارتها في فصل الخريف عندما يقل الازدحام.
تقع غالبيّة الفنادق في الجزيرة على الحواف الجبليّة، للتمتع بإطلالات رائعة على البحر مباشرةً، ومن أهمها وأجملها فندق (غريز سانتوريني). تضمّ جزيرة سانتوريني العديد من المزارات وأماكن التسوق والمنحدرات الخلابة، وتتميز منازلها بطابعٍ تقليدي مقرّب للنفس، إضافةً لهذا فهي تحتوي على متحفٍ أثري يضم العديد من المقتنيات التي تعود معظمها إلى القرن الثالث قبل الميلاد، وتشمل هذه القطع الأثريّة العديد من الأواني والتماثيل وغيرها من آثار تحمل الطابعين الروماني والهيليني.
نبذة عن تاريخ الجزيرة
سانتوريني هي واحدة من أصغر الجزر اليونانيّة التي تمتلك تاريخاً مثيراً للاهتمام، حيث إنه يوصف بالغموض. يعود تاريخ سانتوريني إلى عصور ما قبل الميلاد بآلاف الأعوام، فقد كانت في المنطقة جزيرةٌ جميلة وكبيرة كانت تسمّى ستروجيلي Stroggili، سكن هذه الجزيرة العديد من البشر، وقامت عليها واحدة من أهم وأقدم الحضارات في أوروبا وهي حضارة (المينوسيّة) التي تعود في تاريخها للعصر البرونزي، وقد نشأت في جزيرة كريت القريبة منها.
ذاع صيت هذه الحضارة وازدهرت بشكلٍ كبير لتصبح واحدةً من أهم وأعرق الحضارات في التاريخ، لكن هذا الازدهار لم يدم طويلاً، فقد تعرضت الجزيرة لانفجارٍ بركانيٍ هائل عام ألفٍ وخمسمئةٍ قبل الميلاد، وقد اعتبر الكثيرون بأن هذا الانفجار هو سبب انهيار الحضارة المينوسيّة، وقد أدى هذا الحدث العظيم إلى غرق مركز الجزيرة، تلاحقت بعدها الكوارث عليها، حيث إنها قد تعرّضت للعديد من الزلازل التي ساهمت في دمار ما قد بقي منها بعد الانفجار البركاني.
تميزت الجزيرة في تلك الفترة بشكلها المستدير الذي تحوّل بعدها لشكلٍ قريب من الهلال، استوطنها الدوريانز وهم من القبائل اليونانيّة القديمة، وأطلقوا عليها اسم ثيرا عن طريق استخدامهم للأبجديّةِ الفينيقيّة، وبنوا مدينةً أخرى تحمل نفس اسم الجزيرة في الجزء الشمالي الشرقي منها على مكانٍ مرتفع.
نشبت حرب البيلوبنيسيان، خضعت بعدها الجزيرة لسيطرة مدينة إسبرطة، ثمّ خضعت للسلطة البيزنطيّة تليها الفينسيّة، وقعت تحت سيطرة وسلطة الأتراك وبقيت على هذا الحال حتى قيام الثورة اليونانيّة التي أدّت إلى تحررها واستقلالها.
دلت الحفريّات الأخيرة التي يجريها علماء الآثار في الجزيرة عن العثور على آثار واحدة من أقدم الحضارات التي نشأت عبر التاريخ، ويسعى الآن العلماء من خلال تلك الحفريّات وأعمال التنقيب في المنطقة التحقّق مما إن كانت تلك الجزيرة هي ذاتها الموقع الذي يقال بأنها قد غرقت به قارّة أطلنطيس المفقودة، حيث إنه يعتقد بأن تلك القارة المفقودة كانت تمتلك حضارةً متقدّمة.