محتويات
'); }
تقسيم الدول العربية باتفاقية سايكس بيكو
اتفاقية سايكس بيكو (Sykes–Picot Agreement) هي معاهدة وُقّعَت بين كلٍّ من فرنسا وبريطانيا، وبإشراف من روسيا أثناء الحرب العالمية الأولى، وقَضَت بتقسيم الدول العربيّة التي تقع في الجزء الشرقيّ من البحر الأبيض المتوسط، والتي كانت تخضع لسيطرة الدولة العثمانيّة بين كلٍّ من بريطانيا وفرنسا. وقد تمّ التوصل للاتفاقيّة بين شهرَي إبريل ومايو من عام 1916م، بعد عدة مشاورات واجتماعات سريّة عُقدت لمناقشة بنودها، وانتهت بتبادل الوثائق بين وزارات الخارجيّة للدول المَعنيّة.[١][٢]
تاريخ اتفاقية سايكس بيكو
بدأت اتفاقية سايكس بيكو في عام 1915م خلال الحرب العالمية الأولى وأثناء ضعف الدولة العثمانيّة،[٣] حيث اختارت فرنسا قنصلها العام السابق في بيروت جورج بيكو كمندوب سامٍ بهدف متابعة الشؤون السياسيّة في منطقة الشرق الأوسط، وفوّضته لمناقشة بريطانيا حول مستقبل دول المنطقة، وكان مندوب بريطانيا السامي لشؤون الشرق الأدنى آنذاك هو مارك سايكس، فسافر بيكو إلى القاهرة للقائه، وبدأت المفاوضات بين كلٍّ من المندوبَين، وأشرف عليها مندوب دولة روسيا، وأسفرت المشاورات والمفاوضات والاجتماعات؛ عن توصّل الأطراف الثلاثة إلى اتفاقية سُميّت “اتفاقية القاهرة السرية”.[١]
'); }
استكملت الدول الثلاث مباحثاتها في مدينة بطرسبرغ في روسيا، وفيها وُقّعت اتفاقيّة سايكس بيكو، التي تحمل اسمَي المندوبَين الساميَين لكلٍّ من بريطانيا وفرنسا، ولكن الاتفاقيّة لم تُعلن بشكل مباشر، وبقيت اتفاقية سريّة حتى عام 1917م، عندما كشف الشيوعيّون الروسيّون عنها عند وصولهم للحُكُم، فوضع هذا الأمر كلّاً من بريطانيا وفرنسا بموقف محرج أمام الشعوب المشمولة بالاتفاقيّة، وأثار غضبها العارم، وبعد سقوط الدولة العثمانيّة استولت بريطانيا على كلٍّ من فلسطين والعراق، ثم تخلّت عن فكرة التقسيم التي طرحتها معاهدة سايكس بيكو، وحلّ محلها نظام الانتداب، الذي أُعلن في عام 1920م مع فرنسا.[١]
بالرغم من ذلك استمرّت السيطرة البريطانيّة-الفرنسيّة على بلدان الشرق الأوسط حتى بداية الحرب العالمية الثانية، وفقاً لسلطة الانتداب التي أعطتهما إيّاها عصبة الأمم عام 1922م في مؤتمر لندن، باستثناء الأردن، واليمن، والسعودية. وبعد نهاية الحرب انتهت الاتفاقية، ولم يتبقَّ منها سوى التقسيم المبدئي للحدود بين كل من لبنان، والعراق، والأردن، وفلسطين. وبعد فقدان كلٍّ من فرنسا وبريطانيا قوتهما الطاغية، بدأتا بالانسحاب من الدول العربية، التي أعلنت استقلالها تباعاً. وبالرغم من انتهاء الاتفاقية، إلا أن حدود الدول العربية ما زالت قائمة بشكل مشابه إلى حد كبير التقسيم الذي طرحته الاتفاقية.[١]
تقسيم الدول العربية وفقاً للاتفاقية
أفضت معاهدة سايكس بيكو إلى تقسيم دول بلاد الشام بين كلٍّ من بريطانيا وفرنسا، بالإضافة إلى وضع عدد من المناطق تحت السيطرة الروسيّة، التي كانت تطمح لمدّ نفوذها في المنطقة. وقُسمّت المناطق إلى مناطق سيطرة مباشرة من قِبَل كلٍّ من بريطانيا وفرنسا، ومناطق أُخرى تخضع للنفوذ البريطانيّ أو الفرنسيّ.[٢] ووفقاً للخريطة التي رسمها سايكس وبيكو، لُوّنت مناطق نفوذ فرنسا باللون الأزرق، بينما لُوّنت المناطق التي وقعت تحت النفوذ البريطانيّ باللون الأحمر.[٣] وقُسمّت المناطق والدول كما يلي:[٢]
- المناطق التي خضعت للسيطرة الفرنسية: حصلت فرنسا على الجزء الأكبر من بلاد الشام، حيث امتدّت سيطرتها على غرب سوريا، ولبنان، وأضنة التركيّة، والموصل في العراق، بالإضافة إلى جزء كبير من جنوب الأناضول.
- المناطق التي خضعت للسيطرة البريطانيّة: امتدّت سيطرة بريطانيا على جنوب بلاد الشام، وجنوب ووسط العراق، والمناطق التي تقع بين الخليج العربي والمناطق الواقعة تحت نقوذ فرنسا، حيث شملت المناطق مدينتَي بغداد والبصرة، حتى الحدود الإيرانيّة، وفي فلسطين ميناء عكا وحيفا، كما امتد نفوذ بريطانيا إلى ولاية شرق الأردن.
- المناطق التي خضعت للسيطرة الروسيّة: حصلت روسيا على الولايات الأرمنيّة في تركيا، وشمال كردستان، كما احتفظت بحق الدفاع عن أتباع المذهب الأرثوذكسيّ ومصالحه في الأماكن المقدسة التي تقع في فلسطين.
- أما المناطق العربية التي وقعت بين مناطق سيطرة كلٍّ من فرنسا وبريطانيا تقَرّر أن تُقسّم إلى مناطق نفوذ بريطانيّة أو فرنسيّة، وتكون دول عربية موحّدة، أو اتحاد دول عربيّة. وبالرغم من وقوع مينائَي حيفا وعكا تحت السيطرة البريطانيّة، إلا أنّ فرنسا احتفظت بحرية استخدام ميناء حيفا، بينما سمحت فرنسا بدورها حق استخدام بريطانيا ميناء إسكندرون الذي وقع تحت منطقة سيطرتها.[٢]
- أما المناطق المُتبقية من فلسطين، فتقرر وضعها تحت إدارة دولية بريطانية-فرنسية مُشتركة.[٢] وفي عام 1917م احتل الجنرال البريطاني إدموند اللينبي القدس، وذلك بعد شهر واحد من تقديم بريطانيا لوعد بلفور، والذي وعدت فيه الصهاينة ببناء وطن قوميّ لهم في فلسطين. وبعد عام 1922م بدأ نشاط الحركة الصهيونيّة في فلسطين، تمهيداً لبناء دولتهم فيها.[٣]
بنود اتفاقية سايكس بيكو
احتوت اتفاقية سايكس بيكو على 12 بنداً، صادقت كلٌّ من بريطانيا وفرنسا عليها، من أبرز هذه البنود كان اتفاق كلا الطرفين على حماية ورعاية دول عربية بقيادة رؤساء عرب تحت إشرافهما، مع تقديم المستشارين والخبراء الأجانب في حال طلب إحدى الدول العربية ذلك، مع احتفاظ كلتا الدولتين بحق إقامة حكم بالشكل الذي يرونه مناسباً بعد الاتفاق مع الحكومة العربيّة القائمة. كما تمتلك الدولتان دول شبه الجزيرة العربية بشكل كامل، ولا تسمحان لدولة ثالثة بامتلاك أي دولة فيها، أو إنشاء قاعدة بحريّة على السواحل الشرقية من البحر المتوسط. ولم تمنع أي من الدولتين المفاوضات مع الدول العربيّة المُحتلة نفسها حول تعيين حدودها، لكنها ستراقب أمر إحضار السلاح إلى الدول العربيّة.[٤][٥]
المراجع
- ^ أ ب ت ث “سايكس بيكو.. هكذا قسمت الكعكة العربية”، الجزيرة، اطّلع عليه بتاريخ 19-4-2017.
- ^ أ ب ت ث ج “اتفاقية سايكس بيكو 1916”، الجزيرة، اطّلع عليه بتاريخ 19-4-2017.
- ^ أ ب ت “100 سنة على اتفاقية سايكس بيكو.. و«التقسيم» مستمر”، الشرق الأوسط، 15-5-2016، اطّلع عليه بتاريخ 19-4-2017.
- ↑ “Sykes-Picot Agreement”, saylor, Retrieved 21-4-2017.
- ↑ “اتفاقية سايكس بيكو”، المعرفة، اطّلع عليه بتاريخ 21-4-2017.