السجع
السجع هو أحد الفنون البديعية اللفظية التي تميّزت بها اللغة العربية، وهو من ضمن أبواب البلاغة العربية وكما هو معروف اشتهر العرب القدماء ببلاغتهم وفصاحتهم واجتهادهم في فنّ القول، لذلك فقد كان السجع أحد الفنون البديعية المزينة لكلامهم، ونلاحظ انتشار هذا الفن في الفنون النثرية العربية القديمة كالخطب والمقامات، حيث يزدهر فيها السجع ولا يخفى على أحد فنون البلاغة في القرآن الكريم التي تحدّى الله تعالى بها المشركين على أن يأتوا بآية مثله، وقد كان من أبرز فنون البلاغة في القرآن الكريم هو فن السجع.
تعريف السجع
السجع هو تشابه فواصل الكلم على نفس الحديث تقريباً، بمعنى أن تكون الجمل متساوية في عدد كلماتها ومحتوية على نغمة الإيقاع متشابهة، ومن فوائد السجع أنه يعطي رونقاً ونغمة موسيقية للكلام، بحيث يكون لها الوقع والأثر الحسن في نفس السامع، ومن أهم خصاص السجع حسن سلاسة المعنى وليونته بمعنى أن لا يكون السجع متكلف أو مصتنع في الكلمات، وأيضاً أن لا يكون السجع متبتذل في الكلمات، كما ينبغي ألّا يتمّ تكرار الكلمات المسجوعة نفسه، وتجدر الإشارة إلى أنّ السجع نوعين وهما، السجع الطويل والسجع القصير.
السجع والجناس
يتشابه السجع مع فن الجناس فالجناس أحد أنواع الفنون البديعية، والجناس نوعين ومهما التام والجناس الناقص، حيث يمكن أن نردّد نفس الكلمة ولكن يختلف معنى الاولى عن الثانية ويعرف ذلك من سياق الكلام، إذاً فالجناس هو تشابه كلمتين في اللفظ واختلافهما في المعنى، بينما في السجع لا يجوز تكرار الكلمات وهذا هو الفرق بين السجع والجناس، ولكن بيقى وجه الشبه بين السجع والجناس أنهما من فنون القول الذي يهدف لتنميق الكلام وتحسينه وإضفاء الرونق عليه، ومثال على الجناس، كما في المقامة القردية حدثنا عيسى بن هشام قال:
- بينما أنا بمدينة السلام قافلاً من البلد الحرام.
- أميس ميس الرجلة على شاطىء الدجلة.
- أتأمل تلك الطرائف اتقصى تلك الزخارف.
- مثال السجع، قوله تعالى: “وُجُوهٌ يَوْمَئِذ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ”.
السجع والازدواج
يتشابه السجع أيضاً مع الازدواج، حيث إنّ الازدواج وهو أحد الفنون البلاغية التي تضفي على الكلام ايقاع صوتي، إذاً فالازدواج هو التوازن في الإيقاع الصوتي وتوازن الجمل في الطول والرنين الموسيقي، كقوله تعالى: “وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ * وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ”، فكل هذا الجمال في لغة العرب ولغة ال‘عجاز وإن بدا للوهلة الأولى صعب ولكن لمن يتأمل باللغة يجد الروعة والسلاسة والسهولة، ونسأل الله العليّ العظيم أن يعود العرب لمجدهم القديم،وتعود لغتهم لغة القرآن لتعمّ بجمالها كل مكان.