محتويات
تخيل شكل العالم قبل ولادة الأرض
الأرض هي المكان الذي ولدت الحياة عليه منذ ملايين السّنين، وأي حياة خارج الأرض هي بمثابة التخيل الافتراضي الذي لا يستند في كثير من الأحيان إلى أدلة علمّية ولا إثباتات حقيقية، الأرض هي المكان الذي كان محط توالد البشر منذ آلاف السنين.
لكن لو أغمض الإنسان عينيه، وبدأ بتخيل العالَم قبل وجود الكرة الأرضيّة ترى هل كان هنا مخلوقات على غير هذه الأرض، ولو أطلق الإنسان لخياله الخصْب ليصل إلى الفضاء الذي لا يعلم له بداية من نهاية، ترى كيف كانت الكواكب؟ وهل كانت موجودة أصلًا أم لا؟ إنّ أول الصّور التي تتوالد في مخيلة الإنسان هي مساحة شاسعة سوداء خالية من المخلوقات، ومجموعة من الأحجار المتناثرة التي تطير وحدها دون هدى ولا دليل، ولربّما كانت هناك بعض من المخلوقات على الكواكب الأخرى، سيّما أنّ العلماء بين الحين والآخر يُحاولون التوصل إلى نظريات تثبت وجودَ مخلوقات على غير الكرة الأرضيّة.
إنّ كلّ كوكب في هذه المجرّة لربما ظن مخلوقاته أنّهم المخلوقات الوحيدون في هذا العالم الكبير ولو قيل لهم: إن هناك مخلوقات على كوكب الأرض لربّما أنكروا ذلك وانفعلوا كما نفعل نحنُ الآن لمّا تذكر المخلوقات الفضائية أمامنا، العالم هو أشبه بمعجزة لا يُمكن تخيل شكلها ولا يمكن الوصول إلى كنهها، هو أشبه بالمحيط الذي لا قاع له، فكلّما حاول الإنسان أن يسبحَ فيه ازداد ضياعه، وليس سبب ذلك الضياع إلا عدم وجود الدليل وهو تمامًا ما يلزم الإنسان حتى يتخيل شكل العالمِ قبل الكرة الأرضية.
إننا لمّا نرفع رؤوسنا الآن نرى فوقنا سماءً زرقاء صافية، إنّ هذه السّماء خاصة فقط بالكرة الأرضيّة ، فإذا لم يكنْ هناك سماء فكيف كان سيبدو العالم الخارجي؟ أجزم أنّ السواد هو الدليل الوحيد في مثل تلك الحالات، ولكن بما أنّ خيالي لم يستطع الوصول بدقة إلى شكل العالم قبل الكرة الأرضية، فلا بدّ أنّ العلماء قد تحدثوا عن طريقة تشكّل الكرة الأرضية، ويجب علي أن أبحث بجدّ من أجل الوصول إلى نظريات تتحدث عن ذلك.
هل تعلم كيف نشأت الأرض؟
كيف بدأت الحياة بالنشوء على الأرضُ؟ وكي وُجدت بهذا التنظيم البديع، وهل يمكن للصدفة أن توجد مخلوقًا بهذا الإبداع فلا يحيد فيه شيءٌ عن نظامه والشمس تطلع في كل يوم والقمر يأتي في كلِ ليل، إنّ النظام الكوني يجعل الإنسانَ يتساءل مندهشًا عن كيفية نشأة هذه الأرض.
حقيقة لقد حاولتُ البحث كثيرًا عن نظريات في نشأة هذه الأرضِ، وقد ذكر العلماء بعضًا من تلك النظريات التي تستند في كلّيتها إما على الصدفة أو على التراكم، إذ كانت الأرض نتيجةً لتراكم بعض المركبات العضويّة مع غيرها واتحادها بطريقة مكّنت من تشكّل الأرض بهذه الطريقة، إنّ عمر الكرة الأرضية أكثر من ثلاثة مليارات عام، وما زال العلمُ حتى الآن يُحاول أنْ يجد تفسيرًا لطريقة تشكّل الكرة الأرضية وخلقها من العدم، أجزمُ أنّ هذه النظرية من أهمّ النظريات التي يجبُ على الإنسان دراستها وتتبعها والإحاطة بحيثياتها بشكل واضح وكبير.
ولكنْ مهما حاول الإنسانُ أن يبذل جهده في مسألة تشكل الأرض فهل سيصلُ حقيقة إلى معلومة صريحة واضحة تفيد بذلك، ورغم الجهود الجبّارة التي بذلها العلماء في هذا المجال لكنّهم لم يستطيعوا أنْ يبرهنوا بشكل صريح عن صحّة أي من الفرضيات التي ما كانت إلا نتيجة لأمور من الخيال طابقوها مع بضع من الأسس العلميّة التي من الممكن أنها حدثت ومن الممكن أنها لم تحدث، ولا يخفى على أحد نظرية الانفجار العظيم التي يذكر فيها بعض العلماء احتمالية تشكّل الأرض بعد ذلك الانفجار بتسعة مليارات عام.
إنّ هذه الأمور كلها لا تعدو كونها مجموعة من الفرضيّات لا يُمكن التسليم بها، ولا التأكد منها، ولا بدّ للإنسان من توجيه اهتمامه إلى ما يستحقّ ذلك وما يجعله قادرًا على حماية الأرض والمحافظة عليها خاصّة في ظلّ الكثير من المخاطر التي باتتْ تهدد إمكانية الاستمرار بشكل سليم عليها، فالإنسان هو مطوّر كلّ شيء وهو القائمُ على حماية هذه الأرض من كلّ المخاطر.
كيف نحافظ على الأرض؟
الأرض هي المسكن الوحيد لجميع المخلوقات البشرية والحيوانات وهي أشبه بالمنزل الكبير الذي يحوي جميع المخلوقات التي خلقها الله تباركك وتعالى، وحريّ بالإنسان أن يُحافظ على منزله من جميع الأشياء التي تهدده بالزوال أو حتى بالفناء.
إنّ كوكب الأرض بات الآن في مشكلة حقيقية بعد الكم الهائل من التطوّر الذي يؤدي بشكل تدريجي إلى دماره إثر المخلفات التي يصعب التخلص منها، والمياه الصالحة للشرب في نقصان دائم بسبب انحسار المساحات الخضراء وزحف العمران على الأماكن الطبيعية، فبات الدخان الأسود هو سيّد الموقف حول الكرة الأرضية ولا يؤدي ذلك إلا إلى موت الكائنات الحية بشكل تدريجي، إنّ الإنسان هو المسؤولُ الأول عن جميع تلك الحوادثِ.
ولمّا كانت الأرض بمثابة هبة من الله تبارك وتعالى فإنّه لا بدّ على الإنسان من أن يحافظ على تلك الهبة ويحميها من الشرور كافّة، ولا بدّ من التخلي عن الكثير من المخلفات التي يصعبُ على الكوكب التخلّص منها مثل المواد البلاستيكية التي تحتاج إلى ملايين السنينَ من أجل تحللها، ولو استُبدلت الأكياسُ البلاستيكية بأكياس ورقية صديقة للبيئة، لانتهى الإنسان من جزء كبير من مسألة التلوّث البيئي للأرض.
ولا يخفى على الإنسان مدى أهمية الغطاء النباتي في المحافظة على هواء الأرض نقيًا، فلو زرع كل واحد منا شجرة أمام بيته لاندمجت الحضارة العمرانية مع الطبيعة الخضراء مشكّلة لوحة فنية منقطة النظير، إنّ أهم الأمور التي تجعل الإنسان حيًا على هذه الأرض بعد الهواء الماء فقد جعل الله تبارك وتعالى من الماء كل شيء حي، وتكمن المحافظة على الكرة الأرضية بشكل صحيح من خلال المحافظة على المياه الموجودة فيها، والتي يعيش منها الإنسان والحيوانُ والنبات على حد سواء.
إنّ الكرة الأرضيةَ تعد بمثابة الأمانة في أعناق بني البشرِ جميعهم، وقد أوصى رسول اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بالزراعة وعدم إهدارِ المياه، ولا بدّ على الإنسان من اتباع تلك الوصايا حتى تسْلم الأرض من الآفات التي باتت تهدد وجود الأبناءِ عليها ؛ فالإنسان مسؤول عن جميع ذلك يوم القيامة، والله لا يضيع أجر العاملينَ.
ماذا نتعلم من التأمل في الأرض؟
الأرض ذلك المخلوق العظيمُ الذي جعله الله سبحانه وتعالى مأوىً لجميع المخلوقاتِ منذ أمدٍ لا يعلمه إلا هو حتى هذه الساعةِ، وجعل الله سبحانه وتعالى فيها الكثير من مظاهر قدرته، فبث فيها أسباب الحياةِ من الماء والهواء والمأكل والمشرب وغيرِ ذلك.
فيقف الإنسان بضعفه وعجزه ليتأملَ الأرض عظمةً وبهاءً، ويتأمل كيف خلق الله سبحانه هذا المكانَ بجلاله وعظمتهِ من أجل مخلوق واحد فقط هو الإنسانُ، لمّا يتأمل الإنسان دقة صنعِ الله -تعالى- يدرك بشكل حقيقيّ سبب وجوده على هذه الأرضِ، ويعلم أنّ النهار مثلما يأتي مع شروق الشمسِ وينتهي بأفولها فإنّ له أيضًا شمسًا مثل شمس هذا الكون، فلمّا تشرق شمسه وهو وليد جديدٌ لا بدّ أن يأتي يوم وتأفل فيه هذه الشمس ليكون من عداد المنسيين.
إنّ المتأملَ في هذا الكون العظيم يصل بلا شك إلى أنّ الصانع هو واحد فقط، فمَن صنع هذا الكون العظيم في بهائه وجلاله ودقته هو نفسه من صنعه جميلًا جليلًا دقيقًا متفردًا بأسباب العزة والكرامة فلا يشاركه على هذه الأرض مخلوق كُرّم بالعقل غيره، إنّ المتأمل في هذه الأرض يعلم أنّ فوق كل ذي علم عليم، وأنّ الإنسان مهما خاض في أعماق المحيطات وصعد ما بين الغيوم ، وركب الطائرات فإنّه لن يستطيع الوصولَ إلى أسرار الكونِ كافة.
وأكبر دليل على ذلك، هو أنّ العلم في تطور دائم ولولا وجودُ النقص في الأصل لما كان التطور، وها هو العالَم يقفل على لغز مثلثِ برمودا دون أن يجدَ إجابة عن تلك الأحجية العظيمة التي ما فتئ قلم إلا وقد كتب عنها، ولكن لم يكن علم ذلك السر، إلا عند خالق الأرض والسماوات، إنّ المتأمل لهذه الأرض يعلم كم هو صغير بين تلك الأجرام السماويّة وكم أنّه ضعيف.
نعم لا بدّ على الإنسان أن يتأمل من أجل الوصولِ إلى الحقيقة، الحقيقة التي تقضي أنه زائٌر على هذا الكوكب الجميلِ فليُحسن الزيارة، وليبتعد عن أسباب الحزنِ حتّى يقضي تلكَ الأيام المعدودة في حياته بسعادة وهناء ، فيكون هو وحدَه الفائز فينعُم بالموت والحياةِ.