احكام الشريعة الاسلامية

تسوية الصفوف في الصلاة

تسوية الصفوف في الصلاة

اهتمّ الإسلام بتسوية الصُّفوف بين المُصلّين في صلاةِ الجماعةِ اهتماماً كبيراً، وجعلها من آداب المسجد عند إقامة الصلاة، وبيّن للمسلمين كيفيّة تسوية الصّفوف وفضلها وأهمّيتها، واتّفق العلماء على أنّها في صلاة الجماعة سُنّةٌ مؤكّدةٌ عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فتسوية الصفوف في صلاة الجماعة هي أن لا يتقدّم المُصلّين بعضهم على بعضٍ في الصّف الواحد، وعدم ترك فُرجةٍ ومسافةٍ بين المُصلّين، والحفاظ على استقامة الصّف بحيث يكون المُصلّين بمحاذاة بعضهم البعض بالمناكب والأكعاب، فلا يتقدم صدرٌ على صدرٍ، ولا عنق على عنقٍ، ولا منكبٌ على منكبٍ.[١][٢]

ودلّت السنة النبويّة على ذلك، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ، أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بيْنَ وُجُوهِكُمْ)،[٣] وعن أبي مسعود البدري -رضي الله عنه- قال: (كانَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا في الصَّلَاةِ، ويقولُ: اسْتَوُوا، ولَا تَخْتَلِفُوا، فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ).[٤] وكل هذه الأدلة تدلّ دلالةً واضحةً على أهمّيّة تسوية الصّفوفِ في صلاة الجماعة وفضلها، وأنّ المُخالف لهذه السنة آثم، لكنّ صلاته صحيحة ولا يتوجّب عليه إعادتها.[١][٢]

وأعدّ الله -تعالى- لمن يتّبع هذه السُّنة في صلاة الجماعة الأجر والثواب العظيم، فقد ورد عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: (من سدَّ فُرجةً رفعه اللهُ بها درجةً، و بنى له بيتًا في الجنَّةِ)،[٥] وورد أيضا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (خيارُكُم ألينُكُم مَناكبَ في الصَّلاةِ، وما مِن خطوةٍ أعظَمُ أجرًا مِن خطوةٍ مَشاها رَجلٌ إلى فرجةٍ في الصَّفِّ فسدَّها)،[٦] فهذا الحديث يدلّ على مدح المُصلّي الذي يلين بينه وبين المصلي الذي بجانبه لسدِّ الفُرج وتوسعة المكان، ولا يدافعه بمنكبيه ويضيّق عليه، فأفضل النّاس من يقوم بتسوية الصف وسدِّ الفُرج واستقامة الصّفوف لأداء الصّلاة على الوجه الذي يُحبّه الله -تعالى- ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.[١][٢]

كيفية تسوية الصفوف

تسوية الصفوف في صلاة الجماعة من تمام الصلاة، وهي مُحاذاة المُصلِّين بعضهم البعض وعدم تقدُّم مُصلٍ على مُصلٍّ آخر في الصّف الواحد، فيكون المُصلّي مُلاصِقا للمُصلِّي الذي بجانبه بدون تقدّمٍ أو تأخّرٍ عنه في الصف الواحد، لقول الرسول –صلى الله عليه وسلم-: (سَوُّوا صُفُوفَكُمْ؛ فإنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِن تَمامِ الصَّلاة)،[٧][٨] وتسوية الصفوف في صلاة الجماعة لها عدة خطوات نذكرها فيما يأتي:

  • أولاً: يجب على الإمام أن يأمر المصلين بتسوية الصفوف في الصلاة عند الإقامة، ويُسنُّ للإمام أن يلتفت بوجهه للمُصلِّين ويأمرهم بذلك ويقول: (أقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، وتَرَاصُّوا)،[٩] أو يقول: (أقيموا الصُّفوفَ، وحاذُوا بينَ المناكبِ، وسُدُّوا الخللَ، ولينوا بأيدي إخوانِكم، ولا تذَروا فرُجاتٍ للشَّيطانِ، ومَن وصَلَ صفًّا وصَلَه اللَّهُ، ومن قطعَ صفًّا قطعَه اللَّهُ)،[١٠] ويجب على الإمام أن لا يبدأ الصلاة قبل تسوية الصفوف، وإمّا أن يقوم بتسوتها بنفسه أو يوكِّل أحداً ليقوم بذلك.[١١][١٢]
  • ثانياً: تتمّ تسوية الصفّ بمُحاذاة منكب وكعب المُصلِّي لمنكب وكعب المُصلِّي الذي بجانبه، بدون تقدّمٍ ولا تأخّرٍ، والمنكب: هو مجتمع رأس العضد والإبط، والإبط: هو ما تحت الكتف؛ لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، فإنِّي أرَاكُمْ مِن ورَاءِ ظَهْرِي، وكانَ أحَدُنَا يُلْزِقُ مَنْكِبَهُ بمَنْكِبِ صَاحِبِهِ، وقَدَمَهُ بقَدَمِهِ)،[١٣] ولا تتم تسوية الصفوف بمحاذاة رؤوس الأقدام، فرؤوس الأقدام تختلف من شخصٍ لآخر، فيتقدّم المصلّي ذو الرجل القصيرة على المصلي ذي الرجل الطويلة ولا يتحقق التساوي المطلوب في الصفوف، فالتساوي في الصفوف يكون بالمنكب والكعب فقط.[١٤][١٥]
أما تسوية الجالس على الكرسي في صفوف الصلاة فتكون بمحاذاته للمُصلّي الواقف بمنكبه، ولا يصح للجالس المُحاذاة بكعب القدم لانه سيخرج من الصف ويتأخّر عنه.[١٥] وقد ورد عن النعمان بن بشير أنّه: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يُسوِّي صفوفَنا، فخرج يومًا فرأى رجلًا خارجًا صدرُه عنِ القومِ، فقال: لَتسوُّنَّ صفوفَكم أو لَيخالفنَّ اللهُ بينَ وجوهِكم)[١٦] وهذا يدلّنا على شدّة حرص النبيّ -صلى الله عليه وسلم- على تسوية الصفوف وإتمامها، والتّحذير من مخالفة الالتزام بالصفوف على الوجه الذي يُرضي الله -تعالى-.[٨]
  • ثالثاً: سدِّ الخلل بين الصفوف بحيث يتراصّون في الصفوف، فلا يترك المصلّون بينهم فُرجةً ولا مسافةً لدخول الشيطان بينهم، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (رُصُّوا صفوفَكُم وقاربوا بينَها وَحاذوا بالأعناقِ، فَوالَّذي نَفسي بيدِهِ إنِّي لأرَى الشَّيطانَ يَدخلُ من خللِ الصَّفِّ كأنَّها الحذَفُ).[١٧][٨][١٢]
  • رابعاً: إتمام الصفوف: ويتمّ بإتمام المُصلِّين الصف الأول ثم الثاني ثم الثالث، ويتركون النقص في الصف الأخير، ولا يذهبون لصفٍ جديدٍ حتى يكتمل الصف الذي قبله.[٨]

الحكمة من سنية تسوية الصفوف

إنّ لتسوية الصفوف في صلاة الجماعة حِكماً عديدةً نذكرها فيما ياتي:[١٨][١٩]

  • اقتداءٌ بفعل الملائكة؛ فكان الملائكة يُتمّون الصفوف الأول فالثاني فالثالث عندما تصطفّ عند الله -تعالى-، ففيعدّ ذلك اقتداءً بفعل الملائكة عند أداء عبادة الصلاة والوقوف بين يدي الله -تعالى-، حيث يُتمّون الصفوف المُتقدّمة ويتراصّون فيما بينهم.
  • ربطٌ وجمعٌ لقلوب المسلمين على بعضهم البعض عند تجمّعهم كتفاً لكتفٍ في إقامتهم للصلاة، فيشعر المسلم بقرب أخيه المُسلم، وأنّه يجمعهم نظاماً واحداً.
  • بعْث السَّكينة والطّمانينة والرّاحة في المؤمنين عند التراصّ لأداء الصلاة.
  • دلالةٌ على احترام واهتمام المؤمنين بأداء العبادة التي أمرهم الله -تعالى- بها على أفضل وأتمِّ وجه، فاستقامة المؤمنين في عبادتهم وصلاتهم ينعكس على استقامة حالهم في حياتهم الدنيوية.[٨]

المراجع

  1. ^ أ ب ت مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، الكويت، دار السلاسل، صفحة 354-355، جزء 11. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت عادل بن سعد (1427ه – 2006م)، الجامع لأحكام الصلاة (الطبعة الأولى)، بيروت-لبنان، الكتاب العالمي للنشر، صفحة 87-88. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن النعمان بن بشير، الصفحة أو الرقم: 717، صحيح.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي مسعود، الصفحة أو الرقم: 432، صحيح.
  5. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 505، صحيح لغيره.
  6. رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1/234، إسناده حسن.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 723، صحيح.
  8. ^ أ ب ت ث ج عبد الله بن جبرين، شرح عمدة الأحكام، صفحة 2، جزء 12. بتصرّف.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 725، صحيح.
  10. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 666، صحيح.
  11. محمد التويجري (1430هـ – 2009م)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، بيت الأفكار الدولية، صفحة 492، جزء 2. بتصرّف.
  12. ^ أ ب كمال سالم (2003 م)، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، القاهرة، المكتبة التوفيقية، صفحة 536، جزء 1. بتصرّف.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 725، صحيح.
  14. ابن رجب الحنبلي (1417 هـ – 1996م)، فتح الباري شرح صحيح البخاري (الطبعة الأولى)، المدينة النبوية، مكتبة الغرباء الأثرية ، صفحة 282، جزء 2. بتصرّف.
  15. ^ أ ب “أين يوضع الكرسي في الصف أثناء صلاة الجماعة؟”، archive.islamonline.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-1-2021. بتصرّف.
  16. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن النعمان بن بشير، الصفحة أو الرقم: 717، صحيح.
  17. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 667، صحيح.
  18. ابن المنذر (1405هـ، 1985م)، الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (الطبعة الأولى)، الرياض – السعودية، دار طيبة، صفحة 178، جزء 4. بتصرّف.
  19. “تسوية الصفوف وسد الفرج في الصلاة”، www.aliftaa.jo، 10-12-2012، اطّلع عليه بتاريخ 21-1-2021. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

تسوية الصفوف في الصلاة

اهتمّ الإسلام بتسوية الصُّفوف بين المُصلّين في صلاةِ الجماعةِ اهتماماً كبيراً، وجعلها من آداب المسجد عند إقامة الصلاة، وبيّن للمسلمين كيفيّة تسوية الصّفوف وفضلها وأهمّيتها، واتّفق العلماء على أنّها في صلاة الجماعة سُنّةٌ مؤكّدةٌ عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فتسوية الصفوف في صلاة الجماعة هي أن لا يتقدّم المُصلّين بعضهم على بعضٍ في الصّف الواحد، وعدم ترك فُرجةٍ ومسافةٍ بين المُصلّين، والحفاظ على استقامة الصّف بحيث يكون المُصلّين بمحاذاة بعضهم البعض بالمناكب والأكعاب، فلا يتقدم صدرٌ على صدرٍ، ولا عنق على عنقٍ، ولا منكبٌ على منكبٍ.[١][٢]

ودلّت السنة النبويّة على ذلك، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ، أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بيْنَ وُجُوهِكُمْ)،[٣] وعن أبي مسعود البدري -رضي الله عنه- قال: (كانَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا في الصَّلَاةِ، ويقولُ: اسْتَوُوا، ولَا تَخْتَلِفُوا، فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ).[٤] وكل هذه الأدلة تدلّ دلالةً واضحةً على أهمّيّة تسوية الصّفوفِ في صلاة الجماعة وفضلها، وأنّ المُخالف لهذه السنة آثم، لكنّ صلاته صحيحة ولا يتوجّب عليه إعادتها.[١][٢]

وأعدّ الله -تعالى- لمن يتّبع هذه السُّنة في صلاة الجماعة الأجر والثواب العظيم، فقد ورد عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: (من سدَّ فُرجةً رفعه اللهُ بها درجةً، و بنى له بيتًا في الجنَّةِ)،[٥] وورد أيضا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (خيارُكُم ألينُكُم مَناكبَ في الصَّلاةِ، وما مِن خطوةٍ أعظَمُ أجرًا مِن خطوةٍ مَشاها رَجلٌ إلى فرجةٍ في الصَّفِّ فسدَّها)،[٦] فهذا الحديث يدلّ على مدح المُصلّي الذي يلين بينه وبين المصلي الذي بجانبه لسدِّ الفُرج وتوسعة المكان، ولا يدافعه بمنكبيه ويضيّق عليه، فأفضل النّاس من يقوم بتسوية الصف وسدِّ الفُرج واستقامة الصّفوف لأداء الصّلاة على الوجه الذي يُحبّه الله -تعالى- ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.[١][٢]

كيفية تسوية الصفوف

تسوية الصفوف في صلاة الجماعة من تمام الصلاة، وهي مُحاذاة المُصلِّين بعضهم البعض وعدم تقدُّم مُصلٍ على مُصلٍّ آخر في الصّف الواحد، فيكون المُصلّي مُلاصِقا للمُصلِّي الذي بجانبه بدون تقدّمٍ أو تأخّرٍ عنه في الصف الواحد، لقول الرسول –صلى الله عليه وسلم-: (سَوُّوا صُفُوفَكُمْ؛ فإنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِن تَمامِ الصَّلاة)،[٧][٨] وتسوية الصفوف في صلاة الجماعة لها عدة خطوات نذكرها فيما يأتي:

  • أولاً: يجب على الإمام أن يأمر المصلين بتسوية الصفوف في الصلاة عند الإقامة، ويُسنُّ للإمام أن يلتفت بوجهه للمُصلِّين ويأمرهم بذلك ويقول: (أقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، وتَرَاصُّوا)،[٩] أو يقول: (أقيموا الصُّفوفَ، وحاذُوا بينَ المناكبِ، وسُدُّوا الخللَ، ولينوا بأيدي إخوانِكم، ولا تذَروا فرُجاتٍ للشَّيطانِ، ومَن وصَلَ صفًّا وصَلَه اللَّهُ، ومن قطعَ صفًّا قطعَه اللَّهُ)،[١٠] ويجب على الإمام أن لا يبدأ الصلاة قبل تسوية الصفوف، وإمّا أن يقوم بتسوتها بنفسه أو يوكِّل أحداً ليقوم بذلك.[١١][١٢]
  • ثانياً: تتمّ تسوية الصفّ بمُحاذاة منكب وكعب المُصلِّي لمنكب وكعب المُصلِّي الذي بجانبه، بدون تقدّمٍ ولا تأخّرٍ، والمنكب: هو مجتمع رأس العضد والإبط، والإبط: هو ما تحت الكتف؛ لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، فإنِّي أرَاكُمْ مِن ورَاءِ ظَهْرِي، وكانَ أحَدُنَا يُلْزِقُ مَنْكِبَهُ بمَنْكِبِ صَاحِبِهِ، وقَدَمَهُ بقَدَمِهِ)،[١٣] ولا تتم تسوية الصفوف بمحاذاة رؤوس الأقدام، فرؤوس الأقدام تختلف من شخصٍ لآخر، فيتقدّم المصلّي ذو الرجل القصيرة على المصلي ذي الرجل الطويلة ولا يتحقق التساوي المطلوب في الصفوف، فالتساوي في الصفوف يكون بالمنكب والكعب فقط.[١٤][١٥]
أما تسوية الجالس على الكرسي في صفوف الصلاة فتكون بمحاذاته للمُصلّي الواقف بمنكبه، ولا يصح للجالس المُحاذاة بكعب القدم لانه سيخرج من الصف ويتأخّر عنه.[١٥] وقد ورد عن النعمان بن بشير أنّه: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يُسوِّي صفوفَنا، فخرج يومًا فرأى رجلًا خارجًا صدرُه عنِ القومِ، فقال: لَتسوُّنَّ صفوفَكم أو لَيخالفنَّ اللهُ بينَ وجوهِكم)[١٦] وهذا يدلّنا على شدّة حرص النبيّ -صلى الله عليه وسلم- على تسوية الصفوف وإتمامها، والتّحذير من مخالفة الالتزام بالصفوف على الوجه الذي يُرضي الله -تعالى-.[٨]
  • ثالثاً: سدِّ الخلل بين الصفوف بحيث يتراصّون في الصفوف، فلا يترك المصلّون بينهم فُرجةً ولا مسافةً لدخول الشيطان بينهم، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (رُصُّوا صفوفَكُم وقاربوا بينَها وَحاذوا بالأعناقِ، فَوالَّذي نَفسي بيدِهِ إنِّي لأرَى الشَّيطانَ يَدخلُ من خللِ الصَّفِّ كأنَّها الحذَفُ).[١٧][٨][١٢]
  • رابعاً: إتمام الصفوف: ويتمّ بإتمام المُصلِّين الصف الأول ثم الثاني ثم الثالث، ويتركون النقص في الصف الأخير، ولا يذهبون لصفٍ جديدٍ حتى يكتمل الصف الذي قبله.[٨]

الحكمة من سنية تسوية الصفوف

إنّ لتسوية الصفوف في صلاة الجماعة حِكماً عديدةً نذكرها فيما ياتي:[١٨][١٩]

  • اقتداءٌ بفعل الملائكة؛ فكان الملائكة يُتمّون الصفوف الأول فالثاني فالثالث عندما تصطفّ عند الله -تعالى-، ففيعدّ ذلك اقتداءً بفعل الملائكة عند أداء عبادة الصلاة والوقوف بين يدي الله -تعالى-، حيث يُتمّون الصفوف المُتقدّمة ويتراصّون فيما بينهم.
  • ربطٌ وجمعٌ لقلوب المسلمين على بعضهم البعض عند تجمّعهم كتفاً لكتفٍ في إقامتهم للصلاة، فيشعر المسلم بقرب أخيه المُسلم، وأنّه يجمعهم نظاماً واحداً.
  • بعْث السَّكينة والطّمانينة والرّاحة في المؤمنين عند التراصّ لأداء الصلاة.
  • دلالةٌ على احترام واهتمام المؤمنين بأداء العبادة التي أمرهم الله -تعالى- بها على أفضل وأتمِّ وجه، فاستقامة المؤمنين في عبادتهم وصلاتهم ينعكس على استقامة حالهم في حياتهم الدنيوية.[٨]

المراجع

  1. ^ أ ب ت مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، الكويت، دار السلاسل، صفحة 354-355، جزء 11. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت عادل بن سعد (1427ه – 2006م)، الجامع لأحكام الصلاة (الطبعة الأولى)، بيروت-لبنان، الكتاب العالمي للنشر، صفحة 87-88. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن النعمان بن بشير، الصفحة أو الرقم: 717، صحيح.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي مسعود، الصفحة أو الرقم: 432، صحيح.
  5. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 505، صحيح لغيره.
  6. رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1/234، إسناده حسن.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 723، صحيح.
  8. ^ أ ب ت ث ج عبد الله بن جبرين، شرح عمدة الأحكام، صفحة 2، جزء 12. بتصرّف.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 725، صحيح.
  10. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 666، صحيح.
  11. محمد التويجري (1430هـ – 2009م)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، بيت الأفكار الدولية، صفحة 492، جزء 2. بتصرّف.
  12. ^ أ ب كمال سالم (2003 م)، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، القاهرة، المكتبة التوفيقية، صفحة 536، جزء 1. بتصرّف.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 725، صحيح.
  14. ابن رجب الحنبلي (1417 هـ – 1996م)، فتح الباري شرح صحيح البخاري (الطبعة الأولى)، المدينة النبوية، مكتبة الغرباء الأثرية ، صفحة 282، جزء 2. بتصرّف.
  15. ^ أ ب “أين يوضع الكرسي في الصف أثناء صلاة الجماعة؟”، archive.islamonline.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-1-2021. بتصرّف.
  16. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن النعمان بن بشير، الصفحة أو الرقم: 717، صحيح.
  17. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 667، صحيح.
  18. ابن المنذر (1405هـ، 1985م)، الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (الطبعة الأولى)، الرياض – السعودية، دار طيبة، صفحة 178، جزء 4. بتصرّف.
  19. “تسوية الصفوف وسد الفرج في الصلاة”، www.aliftaa.jo، 10-12-2012، اطّلع عليه بتاريخ 21-1-2021. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

تسوية الصفوف في الصلاة

اهتمّ الإسلام بتسوية الصُّفوف بين المُصلّين في صلاةِ الجماعةِ اهتماماً كبيراً، وجعلها من آداب المسجد عند إقامة الصلاة، وبيّن للمسلمين كيفيّة تسوية الصّفوف وفضلها وأهمّيتها، واتّفق العلماء على أنّها في صلاة الجماعة سُنّةٌ مؤكّدةٌ عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فتسوية الصفوف في صلاة الجماعة هي أن لا يتقدّم المُصلّين بعضهم على بعضٍ في الصّف الواحد، وعدم ترك فُرجةٍ ومسافةٍ بين المُصلّين، والحفاظ على استقامة الصّف بحيث يكون المُصلّين بمحاذاة بعضهم البعض بالمناكب والأكعاب، فلا يتقدم صدرٌ على صدرٍ، ولا عنق على عنقٍ، ولا منكبٌ على منكبٍ.[١][٢]

ودلّت السنة النبويّة على ذلك، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ، أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بيْنَ وُجُوهِكُمْ)،[٣] وعن أبي مسعود البدري -رضي الله عنه- قال: (كانَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا في الصَّلَاةِ، ويقولُ: اسْتَوُوا، ولَا تَخْتَلِفُوا، فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ).[٤] وكل هذه الأدلة تدلّ دلالةً واضحةً على أهمّيّة تسوية الصّفوفِ في صلاة الجماعة وفضلها، وأنّ المُخالف لهذه السنة آثم، لكنّ صلاته صحيحة ولا يتوجّب عليه إعادتها.[١][٢]

وأعدّ الله -تعالى- لمن يتّبع هذه السُّنة في صلاة الجماعة الأجر والثواب العظيم، فقد ورد عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: (من سدَّ فُرجةً رفعه اللهُ بها درجةً، و بنى له بيتًا في الجنَّةِ)،[٥] وورد أيضا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (خيارُكُم ألينُكُم مَناكبَ في الصَّلاةِ، وما مِن خطوةٍ أعظَمُ أجرًا مِن خطوةٍ مَشاها رَجلٌ إلى فرجةٍ في الصَّفِّ فسدَّها)،[٦] فهذا الحديث يدلّ على مدح المُصلّي الذي يلين بينه وبين المصلي الذي بجانبه لسدِّ الفُرج وتوسعة المكان، ولا يدافعه بمنكبيه ويضيّق عليه، فأفضل النّاس من يقوم بتسوية الصف وسدِّ الفُرج واستقامة الصّفوف لأداء الصّلاة على الوجه الذي يُحبّه الله -تعالى- ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.[١][٢]

كيفية تسوية الصفوف

تسوية الصفوف في صلاة الجماعة من تمام الصلاة، وهي مُحاذاة المُصلِّين بعضهم البعض وعدم تقدُّم مُصلٍ على مُصلٍّ آخر في الصّف الواحد، فيكون المُصلّي مُلاصِقا للمُصلِّي الذي بجانبه بدون تقدّمٍ أو تأخّرٍ عنه في الصف الواحد، لقول الرسول –صلى الله عليه وسلم-: (سَوُّوا صُفُوفَكُمْ؛ فإنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِن تَمامِ الصَّلاة)،[٧][٨] وتسوية الصفوف في صلاة الجماعة لها عدة خطوات نذكرها فيما يأتي:

  • أولاً: يجب على الإمام أن يأمر المصلين بتسوية الصفوف في الصلاة عند الإقامة، ويُسنُّ للإمام أن يلتفت بوجهه للمُصلِّين ويأمرهم بذلك ويقول: (أقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، وتَرَاصُّوا)،[٩] أو يقول: (أقيموا الصُّفوفَ، وحاذُوا بينَ المناكبِ، وسُدُّوا الخللَ، ولينوا بأيدي إخوانِكم، ولا تذَروا فرُجاتٍ للشَّيطانِ، ومَن وصَلَ صفًّا وصَلَه اللَّهُ، ومن قطعَ صفًّا قطعَه اللَّهُ)،[١٠] ويجب على الإمام أن لا يبدأ الصلاة قبل تسوية الصفوف، وإمّا أن يقوم بتسوتها بنفسه أو يوكِّل أحداً ليقوم بذلك.[١١][١٢]
  • ثانياً: تتمّ تسوية الصفّ بمُحاذاة منكب وكعب المُصلِّي لمنكب وكعب المُصلِّي الذي بجانبه، بدون تقدّمٍ ولا تأخّرٍ، والمنكب: هو مجتمع رأس العضد والإبط، والإبط: هو ما تحت الكتف؛ لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، فإنِّي أرَاكُمْ مِن ورَاءِ ظَهْرِي، وكانَ أحَدُنَا يُلْزِقُ مَنْكِبَهُ بمَنْكِبِ صَاحِبِهِ، وقَدَمَهُ بقَدَمِهِ)،[١٣] ولا تتم تسوية الصفوف بمحاذاة رؤوس الأقدام، فرؤوس الأقدام تختلف من شخصٍ لآخر، فيتقدّم المصلّي ذو الرجل القصيرة على المصلي ذي الرجل الطويلة ولا يتحقق التساوي المطلوب في الصفوف، فالتساوي في الصفوف يكون بالمنكب والكعب فقط.[١٤][١٥]
أما تسوية الجالس على الكرسي في صفوف الصلاة فتكون بمحاذاته للمُصلّي الواقف بمنكبه، ولا يصح للجالس المُحاذاة بكعب القدم لانه سيخرج من الصف ويتأخّر عنه.[١٥] وقد ورد عن النعمان بن بشير أنّه: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يُسوِّي صفوفَنا، فخرج يومًا فرأى رجلًا خارجًا صدرُه عنِ القومِ، فقال: لَتسوُّنَّ صفوفَكم أو لَيخالفنَّ اللهُ بينَ وجوهِكم)[١٦] وهذا يدلّنا على شدّة حرص النبيّ -صلى الله عليه وسلم- على تسوية الصفوف وإتمامها، والتّحذير من مخالفة الالتزام بالصفوف على الوجه الذي يُرضي الله -تعالى-.[٨]
  • ثالثاً: سدِّ الخلل بين الصفوف بحيث يتراصّون في الصفوف، فلا يترك المصلّون بينهم فُرجةً ولا مسافةً لدخول الشيطان بينهم، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (رُصُّوا صفوفَكُم وقاربوا بينَها وَحاذوا بالأعناقِ، فَوالَّذي نَفسي بيدِهِ إنِّي لأرَى الشَّيطانَ يَدخلُ من خللِ الصَّفِّ كأنَّها الحذَفُ).[١٧][٨][١٢]
  • رابعاً: إتمام الصفوف: ويتمّ بإتمام المُصلِّين الصف الأول ثم الثاني ثم الثالث، ويتركون النقص في الصف الأخير، ولا يذهبون لصفٍ جديدٍ حتى يكتمل الصف الذي قبله.[٨]

الحكمة من سنية تسوية الصفوف

إنّ لتسوية الصفوف في صلاة الجماعة حِكماً عديدةً نذكرها فيما ياتي:[١٨][١٩]

  • اقتداءٌ بفعل الملائكة؛ فكان الملائكة يُتمّون الصفوف الأول فالثاني فالثالث عندما تصطفّ عند الله -تعالى-، ففيعدّ ذلك اقتداءً بفعل الملائكة عند أداء عبادة الصلاة والوقوف بين يدي الله -تعالى-، حيث يُتمّون الصفوف المُتقدّمة ويتراصّون فيما بينهم.
  • ربطٌ وجمعٌ لقلوب المسلمين على بعضهم البعض عند تجمّعهم كتفاً لكتفٍ في إقامتهم للصلاة، فيشعر المسلم بقرب أخيه المُسلم، وأنّه يجمعهم نظاماً واحداً.
  • بعْث السَّكينة والطّمانينة والرّاحة في المؤمنين عند التراصّ لأداء الصلاة.
  • دلالةٌ على احترام واهتمام المؤمنين بأداء العبادة التي أمرهم الله -تعالى- بها على أفضل وأتمِّ وجه، فاستقامة المؤمنين في عبادتهم وصلاتهم ينعكس على استقامة حالهم في حياتهم الدنيوية.[٨]

المراجع

  1. ^ أ ب ت مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، الكويت، دار السلاسل، صفحة 354-355، جزء 11. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت عادل بن سعد (1427ه – 2006م)، الجامع لأحكام الصلاة (الطبعة الأولى)، بيروت-لبنان، الكتاب العالمي للنشر، صفحة 87-88. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن النعمان بن بشير، الصفحة أو الرقم: 717، صحيح.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي مسعود، الصفحة أو الرقم: 432، صحيح.
  5. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 505، صحيح لغيره.
  6. رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1/234، إسناده حسن.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 723، صحيح.
  8. ^ أ ب ت ث ج عبد الله بن جبرين، شرح عمدة الأحكام، صفحة 2، جزء 12. بتصرّف.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 725، صحيح.
  10. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 666، صحيح.
  11. محمد التويجري (1430هـ – 2009م)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، بيت الأفكار الدولية، صفحة 492، جزء 2. بتصرّف.
  12. ^ أ ب كمال سالم (2003 م)، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، القاهرة، المكتبة التوفيقية، صفحة 536، جزء 1. بتصرّف.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 725، صحيح.
  14. ابن رجب الحنبلي (1417 هـ – 1996م)، فتح الباري شرح صحيح البخاري (الطبعة الأولى)، المدينة النبوية، مكتبة الغرباء الأثرية ، صفحة 282، جزء 2. بتصرّف.
  15. ^ أ ب “أين يوضع الكرسي في الصف أثناء صلاة الجماعة؟”، archive.islamonline.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-1-2021. بتصرّف.
  16. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن النعمان بن بشير، الصفحة أو الرقم: 717، صحيح.
  17. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 667، صحيح.
  18. ابن المنذر (1405هـ، 1985م)، الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (الطبعة الأولى)، الرياض – السعودية، دار طيبة، صفحة 178، جزء 4. بتصرّف.
  19. “تسوية الصفوف وسد الفرج في الصلاة”، www.aliftaa.jo، 10-12-2012، اطّلع عليه بتاريخ 21-1-2021. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى