الآداب

تحليل رواية الأمير الصغير (رواية قصيرة)

صورة مقال تحليل رواية الأمير الصغير (رواية قصيرة)

التحليل الموضوعي لرواية الأمير الصغير

تبدأ الرواية عندما يسقط طيّار في الصحراء بعد تعطّل طائرته، ليقابل هنالك طفلًا يعرّف نفسه أنّه أميرٌ من أحد الكواكب الصغيرة في الكون، ولقد كان يتجول بين الكواكب ليتعرف عليها وأنّ الأرض هي محطته السابعة، وأخذ يروي للطيّار عن رحلاته في الكواكب السابقة وأهم ما شاهده من مظاهر.[١]

فحدثه عن الملك المتغطرس على أحد الكواكب الذي كان يصدر الأوامر للطبيعة حيث كان يظنها تطيعه، وعن الرجل الذي وهب نفسه للخمر فكان يشرب دائمًا حتى ينسى أنّه سكّير، وملك أحد الكواكب الذي لم يكن يسمع إلا المدح والإطراء فإذا حدّثه أحدهم بغير ذلك لا يجيب.[١]

حدّثه عن مشاهداته بعد وصوله إلى الأرض وتعجبه من حال البشر المتنوعين في شخصياتهم فمنهم المغرورين والسكارى والفقراء والأغنياء، وأكثر ما أثار عجبه الأضواء التي تنير الأرض عقب الغروب، وكأنها شموس من صنع الإنسان الذي يصنع كل شيء على كوكبه، وفي النهاية يشعر الأمير بالغربة على الأرض فيعود لكوكبه بقتل نفسه، ويصلح الطيّار مركبته ويغادر.[١]

التحليل الأسلوبي لرواية الأمير الصغير

إنّ أسلوب هذه الرواية الخيالية فريد من نوعه؛ حيث يكرّس جميع العناصر الحيوية الموجودة بالعالم في خدمة فكرة الرواية، إذ ذكر البشر والزهور والحيوانات والأجانب الذين يمكنهم التحدث مع بعضهم بعضًا، كما أنّ بنية الكتاب غير عادية فهي تتنقل ذهابًا وإيابًا في الوقت المناسب بين اللقاء مع الأمير (الذي هو نفسه قبل ست سنوات).[٢]

والحاضر الذي يكتب فيه الراوي القصة، وطفولة الراوي، ومغامرات الأمير في فترات فاصلة ندخل معها في محادثات طويلة تجريها الشخصيات مع بعضها.[٢]

الاستعارة والصور الفنية لرواية الأمير الصغير

امتلأت هذه الرواية بالاستعارات والصور الفنية التي تعبر بوضوح عن الوجود واكتشافه لدى الأمير الصغير، فقد عبّر الكاتب عن وحدة الطيار على سبيل المثال بعد أن سقط في الصحراء بدقة تجعل القارئ يستشعر الشخصيات بدرجة عالية فقال: “كنتُ أكثر عزلة من رجل على طوفٍ بعد أن تحطمت سفينته في وسط المحيط”.

واستخدم أيضًا الاستعارة في التعبير عن ضآلة الأمير حيث قال: “وأدركت أنه أكثر هشاشة مما كنت أتصور، يجب حماية المصابيح: هبوب الريح يمكن أن تطفئها” حيث يتم تصوير الأمير أنّه صغير الحجم ومتسائل فضوليّ إلّا أنّه كالمصباح هش من الممكن أن ينفجر بسهولة.[٣]

واستخدم كذلك التشبيهات المنمقة والبارعة في تصوير صرامة المهام التي يضطلع بها البالغون على الأرض فشبّه حاملي المصابيح بالجيش بقوله: “حركات هذا الجيش كانت منظمة مثل حركات الباليه”.[٣]

الحوار والسرد في رواية الأمير الصغير

يعدّ الرّاوي في الرواية بمثابة شخصية قريبة من الأمير، لكنّه على مدار الرواية يخضع لتحولات شخصية، فبعد الاستماع لقصة الأمير عن المعرفة التي تعلمها من الثعلب يظهر الراوي نفسه وكأنّه يتعلم هذه الدروس حول ما يجعل الأشياء مهمة، لافتًا نظر القارئ إلى وجوب التعلم من خلال الاستكشاف الشخصي.[٤]

استخدم ضمير المخاطب “أنت” في الرواية للإشارة إلى الأمير، ولكنه في مقاطع أخرى أريد به الإشارة إلى القارئ كما ورد في نهاية الكتاب؛ حيث إنّ المؤلف ناشد القرّاء قبل نهاية الرواية إلى مراقبة الأمير بشكل مباشر.[٤]

حيث قال: "بالنسبة لكم أنتم الذين تحبون الأمير الصغير أيضًا، وبالنسبة لي، لا يوجد شيء في الكون يمكن أن يكون هو نفسه إذا كنا في مكان ما لا نعرف أين، فالخروف الذي لم نرَه أبدًا - نعم أم لا؟ - أكل وردة".[٥]

تحليل شخصيات رواية الأمير الصغير

لم تحتوِ هذه الرواية سوى على شخصيتين وهما:[٢]

الأمير الصغير

أحد بطلي القصة، يسافر الأمير حول الكون وينتهي به الأمر على الأرض، يرمز الأمير إلى الأمل والحب والبراءة والبصيرة للطفولة التي تكمن في سباتنا جميعًا، على الرغم من أنّ الأمير اجتماعي ويلتقي بعدد من الشخصيات في أثناء سفره، إلا أنه لم يتوقف أبدًا عن الشوق للوردة التي تركها على كوكبه. 

الراوي (الطيّار)

إنسان وحيد تقطعت به السبل في الصحراء، يصادف الأمير الصغير ويقضون ثمانية أيام معًا في الصحراء نظرته إلى العالم أشبه بمنظور الأطفال رغم أنّه إنسانٌ بالغ، بعد مغادرة الأمير الصغير لكوكب الأرض يشعر الطيّار بالحزن والوحدة مجددًا. 

آراء النقاد حول رواية الأمير الصغير

نالت هذه الرواية شهرةً كبيرة بسبب نوعه المميز في الأدب واشتمالها على مختلف عناصر الرواية بالإضافة لطبيعة قصتها ومما جاء في انتقادها الآتي:

  • لم تُحقّق رواية الأمير الصغير شهرةً فور صدورها؛ وذلك لأنّ النقاد احتاروا حول ما الذي من الممكن فعله اتجاه هذه الرواية الفنتازية.[٦]
  • لم يُحدد التصنيف العمري للرواية، ولأي فئة مخصصة؛ حيث إنّها تصلح للجميع ولكنها بوجهة نظر الكثير واحدة من أجمل الروايات العالمية.[٦]
  • لا يمكننا تمييز أيّة الطبعات المترجمة من الرواية هي الأدق -عدا عن النسخة الفرنسية منها- التي كتبها المؤلف مباشرةً، وبسبب شعبيتها ترجمت لمئات اللغات عدة مرات.[٢]

أهم الدروس المستفادة من رواية الأمير الصغير

انطوت هذه الرواية على العديد من الدروس والعبر والحكم التي ممكن الاستفادة منها ومنها:[٧]

  • اعتنِ بنفسك وبالكوكب: فقد أوضح الأمير الصغير أنّها مجرد مسألة انضباط ذاتي أن تستيقظ كلّ يوم لتعتني بنفسك أولًا ثم تلتفت إلى الكوكب.
  • احكم على الآخرين بأفعالهم لا بأقوالهم: بإمكان الجميع أن يحدثونك عن المخططات العظيمة ولكن قلة منهم من يطبقونها.
  • انظر بقلبك: الأشياء المهمة على الكوكب ليست هي التي تراها بعينيك بل تشعر بها بقلبك.
  • ابتعد عن الولع بالأرقام: ففي هذا العالم الذي يتضخم بصورة سريعة عليك أن تبحث عن القيمة في المعنى وليس بعدد الأشياء ومقدارها.

قدّم أنطوان دو سانت هذه الرواية القصيرة بأسلوب خياليّ ممتع وبراعة تصويرية عالية، تحث بقصتها على الاستكشاف وتحقيق الفضول المعرفيّ لدى المرء بأن يبدأ مغامرته الخاصّة ويتعرّف على الحياة من خلال رحلته الشخصية.

المراجع

  1. ^ أ ب ت انطوان دو سانت، الأمير الصغير، صفحة 100. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث “The Little Prince Writing Style”, shmoop, Retrieved 23/9/2021. Edited.
  3. ^ أ ب “The Little Prince”, grade saver, Retrieved 23/9/2021. Edited.
  4. ^ أ ب “The Little Prince”, .spark notes, Retrieved 23/9/2021. Edited.
  5. “The Little Prince Narrator Point of View”, shmoop.
  6. ^ أ ب “The Little Prince”, britannica, Retrieved 23/9/2021. Edited.
  7. , “7 timeless life lessons from The Little Prince”, penguin.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى