انتشرَ الإسلامَ بفضلِ تطابقهِ مع الفطرة والعقلِ السليم، ولمخاطبته للعُقول والقُلوب معاً، وكذلك لرحمةِ الدُعاةِ إلى الله واستخدامهِم للموعظة الحسنة والحِكمة في القول والدعوة إلى الله، وهذا هوَ منهجُ الإسلام الذي أمرَ الله عزَّ وجلّ به عبادهُ في القُرآن الكريم بقولهِ تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ، وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ).
الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر
المعروف هوَ ما وافقَ الشريعة الإسلاميّة من أمور الدين والدنيا، وما تعارفَ عليهِ الناس من أمور الخير، فالإسلام حينما جاء أقرّ الناس على ما عندهُم من الخير، وتمم مكارمَ الأخلاق التي كانوا عليها. كما يعني المعروف إنكار المُنكر الذي فيهِ معصيةٌ لله عزّ وجلّ، وفيه خدشٌ لحياء المُجتمع، وخُروجٌ على قيمه ومبادئه القويمة التي تتوافق والدّين.
يكونُ الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر بالحِكمة والموعظة الحسنة، وليسَ بالشدّة والغِلظة والصُراخ وما شابه، وهذا هوَ أسلوبُ الرحمة والشفقة بالناس، لأنَّ النبيّ عليهِ الصلاةُ والسلام انتهجَ هذهِ الرحمة في الدعوة إلى الله مع المُشركين والكُفّار فكيفَ بالمؤمنين بالله، فمِن باب أولى أن نتلطّفَ بالدعوة معهُم وأن نُحسِنَ معهُم الأمرَ بالمعروف والنهيَ عن المُنكر.
أهميّة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
بعدَ أن انتشرَ الإسلام في الأرض وعمّ الخيرُ الناسَ أجمعين، كانَ من الواجب على المُسلمين أن يُحافظوا على هذا الخير، ويُساهموا في نشره والتخلّص من بقايا المفاسد التي تُعكّر على الناس دينهُم وحياتهُم، ومِن هُنا جاءَ الأمرُ بالمعروف والنهيُ عن المُنكر، كدعوةٍ من الله عزَّ وجلّ لتبقى هذهِ الأمّة خيرَ أمّةٍ أُخرجت للناس، فلولا هذهِ الدعوة إلى دين الله وتعميق المعروف ونبذ المُنكر لما استحقّت أن تكونَ خيرَ أُمّة، قالَ الله تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ، وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ ۚ، مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ).
ضرورة الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر
الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر من المؤشّرات على إيمان الشخص، فإذا رأيت المُنكر ولم تُنكرهُ بأيَة وسيلة من الوسائل، فليسَ هذا من الإيمان كما بيّنهُ الرسول عليهِ الصلاةُ والسلام في قوله: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) وفي رواية: (وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل).وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لتأمرنّ بالمعروف ولتنهونّ عن المنكر، أو ليوشكنّ الله أن يبعث عليكم عقاباً من عنده، ثم لتدعنّه فلا يستجيب لكم).