إسلام

التعريف بالمذهب الحنفي

التعريف بالمذهب الحنفي

مقالات ذات صلة

نشأة المذهب الحنفي 

المذهب الحنفي: هو أول المذاهب الفقهية الأربعة المشهورة، وسمّي بالحنفي نسبة إلى الإمام أبي حنيفة النعمان، وكان منشأ هذا المذهب الكوفة في العراق موطن الإمام أبي حنيفه.

وقد ذاع صيت الإمام وقَصَده الطلاب وانتشر مذهبه في كثيرٍ من البقاع والمدن؛ كنواحي بغداد ومصر، وبلاد فارس والروم، وبخارى، وأكثر بلاد الهند والسند وبعض بلاد اليمن وغيرها.[١]

وقد تلقت الأمة اجتهاد الأئمة الأربعة من بينهم الإمام أبو حنيفة لأسباب كثيرة؛ لدقة الأصول والقواعد التي أسس فقههم عليها، واشتهار تقواهم وورعهم، وكثرة تلاميذهم الذين بنوا على فقه أئمتهم وشرحوا وبيّنوا واستنبطوا الفروع، واجتهدوا في البناء على الأصول والقواعد التي أسسها أئمتهم.[٢]

مؤسس المذهب الحنفي

اسمه ونسبه

هو النعمان بن ثابت بن زوطى بن ماه، وُلد بالكوفة عام (80هـ = 699م)،[٣] وقد كان جدّه من أهل كابل، وكان قد أُسِر عند فتح بلاده ثم أُطلق سراحه، وكان أبو حنيفة من الأحرار -وإن كان مولى- لكنه لم يجر عليه الرق ولا على أبيه، بل كان حر النفس.

وكان العلم مزدهراً في عصره بين الموالي،[٤] وقد عاصر الدولتين الأموية والعباسية، وذكر أنه من أتباع التابعين، وهناك من عدّه من التابعين،[٥] و”كَانَ قد أدْرك أَرْبَعَة من الصَّحَابَة هم: أنس بن مَالك بِالْبَصْرَةِ، وَعبد الله بن أبي أوفى بِالْكُوفَةِ، وَسَهل بن سعد السَّاعِدِيّ بِالْمَدِينَةِ، وَأَبُو الطُّفَيْل عَامر بن وَاثِلَة بِمَكَّة”.[٦]

نشأته وسيرته

نشأ أبو حنيفة في بيت علم ودين، وقد كان تاجراً، ثم أقبل على العلم والعلماء لمّا لقيه الشعبي ولمح فيه الذكاء وقوة الفكر، فاشتغل الإمام بالعلم دون أن يهمل التجارة،[٤]

وعُرِف الإمام في تجارته بين الناس بأمانته وكرمه، وبرع في علم الكلام حتى بلغ فيه شأنًا عظيمًا، ونَاظَرَ أصحاب العقائد والمذاهب، ثم اتجه إلى دراسة الفقه على كبار علماء عصره، وأسس مذهبه الفقهي، ولُقّب بالإمام الأعظم.[٣]

صفاته

كان قويّ الحجّة، ومن أحسن الناس منطقًا، حتى قال عنه الإمام مالك: “رأيت رجلًا لو كلمته في السارية أن يجعلها ذهبًا لقام بحجته”، من شدة قوة حجته وحضور بديهته، وكذلك فقد كان جواداً، حسن المظهر والصورة، جهوريّ الصوت.[٧]

وكان عابدًا منشغلاً بقراءة القرآن الكريم، ورعًا في كسبه، رضي أن يعيش تاجرًا وقت عُرض عليه وظائف الملوك وسلاطين بني أمية والخليفة أبي جعفر المنصور، فرفض، فسجنه وآذاه، ويذكر البعض أنه توفي في سجنه.[٨]

طلبه للعلم واجتهاده في الفقه

حفظ القرآن، ودرس الحديث، وله في الحديث “مسند” كان قد جمعه تلاميذه، وله أيضاً “المخارج” في الفقه، رواه عنه تلميذه أبو يوسف، وتنسب إليه رسالة “الفقه الأكبر”، وهناك خلاف في صحة نسبتها إليه،[٧] ومع حفظ القرآن ودراسة الحديث فقد درس النحو والأدب والشعر.[٤]

ودرس علم الكلام وأصول العقائد، وكان مناظرًا متكلمًا، فجادل الفرق المختلفة في مسائل الاعتقاد، واهتم بالفقه، واستغرق كل جهده، وقد ذكر في اختياره للفقه قوله: “كلما قلبته وأدرته لم يزدد إلا جلالة … ورأيت أنه لا يستقيم أداء الفرائض وإقامة الدين والتعبد إلا بمعرفته، وطلب الدنيا والآخرة إلا به”.[٤]

اهتمام العلماء بالإمام وسيرته

اهتم مَن بعده بمناقبه وتناقلوها ودونوها واشتهرت سيرته، ولابن عُقْدة كتاب “أخبار أبي حنيفة” ومثله لابن همام محمد بن عبد الله الشيبانيّ، ولأبي القاسم القربتي كتاب “قلائد عقود الدرر والعقيان في مناقب الإمام أبي حنيفة النعمان”.[٧]

انتشار المذهب الحنفي وازدهاره

كان أصحاب الإمام أبي حنيفة وتلامذته يتناولون المسألة الفقهية للدراسة والمناقشة اليوم واليومين والشهر والشهرين حتى يتبين الحكم فيها، ثم يأمر الإمام أبو حنيفة الأصحاب بكتابتها، وقد ورد عن أسد بن الفرات أن أصحاب أبي حنيفة الذين دونوا الكتب أربعين رجلاً، منهم:[٢]

  • أبو يوسف القاضي.
  • وزفر بن الهذيل.
  • وداوود الطائي.
  • وأسد بن عمرو.
  • ويوسف بن خالد السمتي.
  • ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة.
  • محمد بن الحسن الشيباني

وقد فاق جميع أصحاب الإمام في التدوين؛ لشدة تحريه وفقهه وحفظه، حتى اعتُمدت كتبه في نقل رأي أبي حنيفة وأبي يوسف.

وقد انتشر المذهب في بلاد المشرق، وكذا المغرب حتى سنة 400 هـ، حتى غلب على جزيرة صقلية، وانتشر في مصر في أثناء الخلافة العباسية، وهو الآن منتشر في بلاد الهند وسائد ومنتشر في البلاد التركية.[٩]

الأصول العامة للمذهب الحنفي

اهتم الإمام أبو حنيفة بمصادر التشريع الكتاب والسنة، وكان له مسند حديثي كما ذكرنا، وقد تشدد في قبول الحديث، وفي الفقه وأصوله توسع في القياس والاستحسان، وأصول مذهبه: الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس، والاستحسان.[٥]

وقد ورد عنه قول مشهور في منهجه، وهو:

"آخذ بكتاب الله، فإن لم أجد فبسُنة رسول الله، فإن لم أجد في كتاب الله ولا سُنة رسول الله، أخذت بقول أصحابه، فآخذ بقول من شئت منهم، وأدع من شئت منهم، ولا أخرج عن قولهم إلى قول غيرهم، فأما إذا انتهى الأمر، أو جاء إلى إبراهيم، والشعبي، وابن سيرين، والحسن، وعطاء، وسعيد بن المسيّب، وعدد رجالاً، فقوم اجتهدوا فأجتهد كما اجتهدوا".[١٠]

أهم علماء المذهب الحنفي 

لقد تتلمذ على يد أبي حنيفة مجموعة من الطلاب، برع واشتهر منهم:[٥]

  • أبو يوسف (113- 182هـ)

وهو يعقوب بن إبراهيم الكوفي، اشتغل بالقضاء في عهد الرشيد، وقد كان له الفضل في تدوين الفقه الحنفي وأصوله.

  • محمد بن الحسن الشيباني (132- 189هـ)

تعلم الفقه عند أبي حنيفة، ثم أتم تعلمه على أبي يوسف، ولازم مالك بن أنس مدة، وانتهت إليه رئاسة الفقه بالعراق بعد أبي يوسف، وكان له الفضل في تدوين الفقه الحنفي ونشره.

  • أبو الهذيل (110- 158هـ)

هو زفر بن الهذيل بن قيس الكوفي، كان من أصحاب الحديث وتعلم عند أبي حنيفة واشتغل بالرأي حتى مهر في القياس، و صار أقيس تلامذة أبي حنيفة وغيرهم.

  • الحسن بن زياد اللؤلؤي (204هـ).

أهم كتب المذهب الحنفي 

لقي المذهب الحنفي انتشاراً واسعاً في أقطار عديدة، وتعددت الكتب الشارحة والمبينة للمذهب منها:[١١]

  • شرح السير الكبير للإمام السرخسي.
  • المبسوط للإمام السرخسي.
  • الهداية في الفروع للمرغيناني.
  • بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني.
  • فتح القدير للكمال بن الهمام.
  • حاشية رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين.
  • أصول الكرخي.
  • تأسيس النظر للدبوسي.

المراجع

  1. أحمد تيمور باشا، كتاب نظرة تاريخية في حدوث المذاهب الفقهية الأربعة، صفحة 50. بتصرّف.
  2. ^ أ ب صلاح أبو الحاج، المدخل المفصل إلى الفقه الحنفي، صفحة 602 – 603. بتصرّف.
  3. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، كتاب موسوعة سفير للتاريخ الإسلامي، صفحة 743. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت ث نجاح الحلبي، فقه العبادات على مذهب الحنفي، صفحة 4-6. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 44-45.
  6. أحمد بن محمد الأدنه وي، كتاب طبقات المفسرين للأدنه وي، صفحة 19.
  7. ^ أ ب ت خير الدين الزركلي، الأعلام، صفحة 36. بتصرّف.
  8. احمد الهاشمي، كتاب جواهر الأدب في أدبيات وإنشاء لغة العرب، صفحة 181. بتصرّف.
  9. عبد الوهاب خلاف، خلاصة تاريخ التشريع الإسلامي، صفحة 87. بتصرّف.
  10. طه جابر العلواني، أدب الاختلاف في الإسلام، صفحة 92-93.
  11. مجموعة من المؤلفين، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، صفحة 2208.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى