فقهاء وأئمة

جديد اسم كتاب الطبري لتفسير القرآن

اسم كتاب الطبريّ في تفسير القرآن

يعدّ كتاب الطبريّ المسمى بجامع البيان عن تأويل آي القرآن في تفسير القرآن من أبرز كُتب التفسير، ومن أبرز ما ألّف الإمام الطبريّ من كتبٍ، وقال عن الكتاب: “استخرت الله -تعالى- في عمل كتاب التفسير، وسألته العون على ما نويته ثلاث سنين قبل أن أعمله، فأعانني”،[١] وكان يريد كتابة التفسير في ثلاثين ألف ورقةً، إلّا أنّ البعض عارضه في ذلك، فاختصره إلى ثلاثة آلاف ورقةً،[٢] وقد تحدّث الطبريّ واصفاً تفسيره بأنّ شرح تأويل آي القرآن، وتوضيح ما في معانٍ؛ سيُغني الأفراد عمّا يحتاجونه من العلوم والمعارف، ويكفيهم عن الكتب الأُخرى، إذ إنّه ذكر في كتابه ما أجمعت واتّفقت عليه الأمّة، وذكر ما اختلفت فيه عن غيرها من الآراء، موضّحاً بذلك كلّ مذهبٍ ورأيٍ، ومبيّناً الأصحّ منها لديه، بشكلٍ مُوجزٍ ومُختصر قدر الإمكان.[٣]

منهج الطبريّ في تفسير القرآن

سلك الإمام الطبري جملةً من المناهج في تفسيره للقرآن الكريم، يُذكر منها:[٤]

  • التفسير بالمأثور الوارد عن الأجيال الثلاثة الأولى؛ عصر النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، ثمّ الصحابة، ثمّ التابعين -رضي الله عنهم-، و ذِكْر سلسلة الرواية كاملةً، وصولاً إلى قائلها الأصليّ، مرفوعةً للنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، أو موقوفةً على الصحابة -رضي الله عنهم-، أو مقطوعةً على التابعين.
  • البدء بذِكْر المعنى الإجماليّ للآية القرآنيّة، بما ورد متّفقاً مع المأثور من الرواية.
  • نَقْد الرواية إن كانت مخالفة لظاهر النصّ القرآنيّ، والترجيح بين الأقوال، واختيار أحد القولَين على الآخر.
  • الاعتماد على اللغة في التفسير، وبِما هو معروفٌ من كلام العرب، ومن الشواهد التي يُرجع لها من الشعر القديم.
  • الاهتمام بذِكْر القراءات، وإثبات الصحيح منها.
  • الإكثار من مسائل النحو والصرف، كلاً حسب مدرسته، وبيان وجوه الإعراب إن كان للآية أكثر من وَجْهٍ.
  • التطرّق لذِكْر الإسرائيليات من المرويات المنقولة عن أهل الكتاب؛ من اليهود، والنّصارى.
  • ذِكْر آراء الفقهاء المتعلّقة بالمسائل الفقهيّة من الحلال والحرام، والحرص على الاجتهاد فيها، واختيار الرأي الراجح، أو الخروج برأيٍ خاصٍّ، مع ذِكْر الأدلّة العلميّة معها.
  • ذكر الروايات مع الأسانيد، وعدم التعرّض للحكم عليها في الأغلب، سواءً بالصحّة، أو الضعف.[٥]

ثناء العلماء على تفسير الطبريّ

وردت العديد من الأقوال عن العلماء التي تبيّن قيمة ومنزلة تفسير الطبريّ، وأهميّته العظيمة، وأنّه مرجعٌ أساسيٌ لا غِنى عنه لكلّ طالب تفسير، فقال الإمام النوويّ -رحمه الله-: “أجمعت الأمّة على أنّه لم يُصنّف مثل تفسير الطبريّ”،[٦] وقال ابن خزيمة: “نظرت فيه من أوّله إلى آخره، وما أعلم على أديم الأرض أعلم من محمد بن جرير”، وقال أبو حامد الأسفرائني: “لو سافر رجلٌ إلى الصين حتى يحصل له كتاب تفسير ابن جرير لم يكن ذلك كثيراً”، وقال السيوطي: “كتاب الطبري فى التفسير أجلّ التفاسير وأعظمها؛ فإنّه يتعرّض لتوجيه الأقوال وترجيح بعضها على بعضٍ، وللإعراب وللاستنباط، فهو يفوق بذلك تفاسير الأقدَمين”، وقال أيضاً: “جمع فى تفسيره بين الرواية والرأي، ولم يشاركه فى ذلك أحدٌ قبله ولا بعده”،[٧] وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: “أَمَّا التَّفَاسِيرُ الَّتِي فِي أَيْدِي النَّاسِ فَأَصَحُّهَا تَفْسِيرُ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطبري فَإِنَّهُ يَذْكُرُ مَقَالَاتِ السَّلَفِ بِالْأَسَانِيدِ الثَّابِتَةِ وَلَيْسَ فِيهِ بِدْعَةٌ وَلَا يَنْقُلُ عَنْ الْمُتَّهَمِينَ كَمُقَاتِلِ بْنِ بَكِيرٍ وَالْكَلْبِيِّ”،[٨] وقال الإمام الواحديّ: ” إنّ تفسير ابن جَرير هو التفسير الذي له الأوليّة بين كتب التفسير، أوليةٌ زمنيّةٌ، وأوليّةٌ من ناحية الفن والصناعة، أمّا أوليّته الزمنيّة؛ فلأنّه أقدم كتابٍ في التفسير وصل إلينا، وما سبقه من المحاولات التفسيريّة ذهبت بمرور الزمن، ولم يصل إلينا شيءٌ منها، وأمّا أوليّته من ناحية الفن والصناعة؛ فذلك أمرٌ يرجع إلى ما يمتاز به الكتاب من الطريقة البديعة التي سلكها فيه مؤلفه، حتى أخرجه للنّاس كتاباً له قيمته ومكانته”.[٩]

كتبٌ أخرى للإمام الطبريّ

ألّف الإمام الطبريّ العديد من الكُتب؛ منها الكتب الآتية:

  • التاريخ.
  • تاريخ الرِّجال؛ وقد تحدّث فيه عن الصحابة والتابعين -رضي الله عنهم-، وصولاً إلى شُيوخه الذين تلقّى عنهم.
  • لطيف القَوْل في أحكام شرائع الإسلام، وكتاب: القراءات والتّنزيل والعدد.
  • اختلاف علماء الأمصار، وكتاب: الخفيف في أحكام شرائع الإسلام؛ وهو كتابٌ مُختصرٌ، وكتاب: التبصير؛ وهو رسالة لأهل طبرستان، يشرح فيها بعض أصول الدِّين.
  • تهذيب الآثار، وقد تحدّث فيه عن كلّ ما يتعلق بالحديث؛ من عِلَله، وطُرقه، ثمّ تحدّث عن أمور الفقه، واختلاف مذاهب العلماء، وما في الحديث من معانٍ وألفاظٍ غريبةٍ.
  • البسيط، ومنه كتاب الطهارة؛ الذي بلغ تقريباً ألفاً وخمس مئة ورقة، إذ ذكر اختلاف الصحابة، والتابعين، وحُجّة قَوْل كلٍّ منهم.
  • المحاضر والسجّلات، و كتاب: ترتيب العلماء؛ وقد بدأ فيه بآداب النّفوس، وأقوال الصوفيّة، إلّا أنّه لم يُتمّه، وله كتاب: المناسك، وكتاب: شرح السنّة؛ وقد بيّن فيه معتقداته ومذهبه، وكتاب: المُسند المُخرّج؛ زقد ذكر فيه كلّ ما رواه الصحابيّ من الصحيح وغيره، إلّا أنّ الكتاب لم يُتمّ، وكتاب: الفضائل؛ وقد بدأ فيه بالحديث عن أبي بكرٍ، ثمّ عمر بن الخطّاب -رضي الله عنهما-، إلّا أنّه لم يُتمّه.[١٠]

المراجع

  1. ياقوت الحموي (1993)، إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الغرب الإسلامي، صفحة 2452-2453، جزء 6. بتصرّف.
  2. أحمد بن علي البغدادي (2002)، تاريخ بغداد (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الغرب الإسلامي، صفحة 548، جزء 2. بتصرّف.
  3. محمد بن جرير الطبري (2001)، جامع البيان عن تأويل آي القرآن (الطبعة الأولى)، صفحة 7، جزء 1. بتصرّف.
  4. عبد الجواد خلف، مدخل إلى التفسير وعلوم القرآن، القاهرة: دار البيان العربي، صفحة 121-124. بتصرّف.
  5. صفوت الشوادفي (27-9-2011)، “مناهج المفسرين”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-6-2020. بتصرّف.
  6. علي بن أحمد الواحدي (1430)، التَّفْسِيرُ البَسِيْط (الطبعة الأولى)، صفحة 165، جزء 1. بتصرّف.
  7. منيع عبد الحميد، مناهج المفسرين، القاهرة: دار الكتاب المصري، صفحة 45-46. بتصرّف.
  8. تقي الدين ابن تيمية (2003)، مجموع الفتاوى (الطبعة الأولى)، صفحة 385، جزء 13. بتصرّف.
  9. علي بن أحمد الواحدي (1430)، التفسير البسيط (الطبعة الأولى)، صفحة 167، جزء 1. بتصرّف.
  10. شمس الدين الذهبي (2006)، سير أعلام النبلاء، القاهرة: دار الحديث، صفحة 169-168، جزء 11. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى