أقسام التفسير بالمأثور
اعتنى المسلمون بالقرآن الكريم عناية كاملة فأقبلوا عليه قارئين وحافظين ومتدبرين وأقبل العلماء يفسرونه ويحللون آياته ويستنبطون أحكامه، وتعددت مناهج المفسرين في تفسير القرآن الكريم على مر التاريخ الإسلامي ومن أهم مناهج التفسير: التفسير بالرأي والتفسير بالمأثور، وسنذكر أقسام التفسير بالمأثور فيما يأتي:
- تفسير القرآن بالقرآن
هو الأساس لما بعده من التفسير بالمأثور؛ فقد يكون ببيان المجمل، وقد يكون بتقييد المطلق، وقد يكون ببيان المنطوق بالمفهوم، وقد يكون بتفسير لفظة بلفظة، وقد يكون ببيان المراد من اللفظة بسياق آية أخرى، وقد يكون بتفسير آية بأخرى، وقد يكون بتخصيص العام.
ومثال ذلك قوله -تعالى-: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ)،[١] اللفظ العام في الآية “المطلقات” لأنه جمع معرف بأل التعريف وظاهر الآية أن كل المطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء، أي: كل امرأة مطلقة لا بد أن تعتد ثلاثة قروء.
ولكن هذا العموم غير مراد لأنه مخصص في آيات أخرى، فالمطلقة التي يطلقها زوجها قبل الدخول بها لا عدّة لها وهذا تخصيص السابق والمخصص آية في سورة الأحزاب، وهي في قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا).[٢]
- تفسير القرآن الكريم بالسنة النبوية
يلي تفسير القرآن بالقرآن في المنزلة والأهمية: السنة بمفهومها العام مبينة للقرآن وموضحة له تقيد مطلقه وتبين مجمله وتخصص عامه وتوضح مشكلة، وقد أمر الله المؤمنين بطاعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ومن طاعته أخذ حديثه والالتزام بسنته وتفسير القرآن به، قال الله -تعالى-: (مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ۖ وَمَن تَوَلَّى فَمَآ أَرْسَلْنَك عَلَيْهِمْ حَفِيظًا).[٣]
ومثال على سنة مبينة لمجمل القران، أمر الله -تعالى- المؤمنين بإقامة الصلاة وأخبر أنها موقوتة محددة، فقال -تعالى-: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا)،[٤] والسنة القولية والفعلية لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- بينت ذلك الإجمال القرآني، فمنها عرفنا مواقيت الصلاة وركعاتها وأركانها وشروطها وسننها وآدابها ومبطلاتها ومكروهاتها.
- تفسير القرآن بقول الصحابي
الصحابي يفسر القرآن بالقرآن، أو تفسير بحديث يرفعونه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو يفسرونه بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- الفعلية أو بناءً على معرفتهم بقواعد اللغة العربية ويفسر الصحابي الآيات القرآنية مما علم من الأحوال والملابسات والوقائع والأحداث زمن نزول الوحي وكما قلنا تفسير الصحابي مقدم لأنهم خير الناس ولأنهم صحبوا الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
- تفسير القرآن بقول التابعي
يفسر التابعي القرآن الكريم ويعتمد في ذلك معرفته باللغة العربية، ومصاحبته للصحابة الكرام، فهم تلاميذهم ويعتمدوا على الاجتهاد والفهم.
مفهوم التفسير بالمأثور
المأثور لغة: اسم مفعول معنى المنقول، والمأثور اصطلاحاً: يُطلق على ما ورثه الخلف عن السلف من علم وحديث وروايات وغير ذلك.[٥]
أما مفهوم التفسير بالمأثور: فقد قال عنه الدكتور محمد حسين الذهبي رحمه الله: “يشمل التفسير بالمأثور ما جاء في القرآن نفسه من البيان، والتفصيل لبعض آياته، وما نقل عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وما نقل عن الصحابة -رضوان الله عليهم-، وما نقل عن التابعين من كل ما هو بيان وتوضيح لمراد الله من نصوص كتابه.[٦]
أي إن التفسير بالمأثور هو ما رُوي عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أو الصحابة أو التابعين من روايات مروية في تفسير القرآن وله اسم آخر وهو التفسير النقلي أي إنه يقوم على نقل الروايات.[٦]
مصادر التفسير بالمأثور
سنذكر مصادر التفسير بالمأثور فيما يأتي:
- ما صح من الأحاديث المرفوعة
إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فالسنة مفسرة للقرآن ومبينة له، وتقيد مطلقه وتبين مجمله فهذه مهمة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فقد قال الله -تعالى-: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم).[٧]
- ما صح عن الصحابة -رضوان الله عليهم-
من الأقوال المأثورة في التفسير، ويعتبر الصحابة -رضي الله عنهم- مصدر مهم لتفسير القرآن فهم أعلم الناس بمعاني كتاب الله؛ لأنهم صحبوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وشهدوا تنزيل القران وتربوا على يد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
- ما صح من أقوال التابعين
لأن التابعين هم تلاميذ الصحابة وهم أفهم الناس بالقران بعد الصحابة كالتابعي الجليل ابن عباس، وابن مسعود -رضي الله عنهم-.
المراجع
- ↑ سورة البقرة ، آية:228
- ↑ سورة الأحزاب، آية:49
- ↑ سورة النساء ، آية:80
- ↑ سورة النساء ، آية:103
- ↑ إبراهيم ، المعجم الوسيط، صفحة 5. بتصرّف.
- ^ أ ب للذهبي، التفسير والمفسرون، صفحة 112. بتصرّف.
- ↑ سورة النحل ، آية:44