حساب الزكاة

جديد من هم الغارمون الذين يستحقون الزكاة

الغارمون الّذين يستحقون الزَّكاة

الغارمون جمعُ غارمٍ ويُعرَّف في اللُغة: بأنَّهُ الشّخص الذي يترتّب عليه دينٌ، وحان وقتُ سداده، والغُرماء: هُم أصحابُ الديون أي الدائنون، ويأتي بمعنى الالتزام، فهي تُلزم المدين بسداد ما عليه من مال، وأمّا تعريفه في الاصطلاح فهوَ لا يختلف كثيراً عن المعنى اللُغويّ: فهو المدين العاجز عن سداد الدَّين الذي في ذمّته، وحان وقتُ أدائه، لفقره أو لزوال ماله.[١]

وينقسم الغارمون إلى نوعين، الأول: الغارمُ لِغيره، وهو الذي يتحمَّل ديوناً لإصلاح ذاتِ البين؛ كالديَّة، أو إيقاف فتنةٍ، أو للإصلاح بين المُتخاصمين، وغير ذلك، فقد يقترض أو يتحمَّل ديْناً لأجل الإصلاح، وأمّا النَّوع الثاني: فهوَ الغارمُ لِنفسه في أمرٍ غيرِ مُحرَّمٍ، وأمّا إن كان دَيْنهُ في أمرٍ مُحرَّمٍ، فلا يُعطى من الزّكاة قبل توبته؛ لما في ذلك من إعانةٍ له على المعصيةِ، وورد هذين النّوعين في قول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (يا قَبِيصَةُ إنَّ المَسْأَلَةَ لا تَحِلُّ إلَّا لأَحَدِ ثَلاثَةٍ: رَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمالَةً، فَحَلَّتْ له المَسْأَلَةُ حتَّى يُصِيبَها، ثُمَّ يُمْسِكُ، ورَجُلٌ أصابَتْهُ جائِحَةٌ اجْتاحَتْ مالَهُ، فَحَلَّتْ له المَسْأَلَةُ حتَّى يُصِيبَ قِوامًا مِن عَيْشٍ، أوْ قالَ: سِدادًا مِن عَيْشٍ، ورَجُلٌ أصابَتْهُ فاقَةٌ حتَّى يَقُومَ ثَلاثَةٌ مِن ذَوِي الحِجا مِن قَوْمِهِ: لقَدْ أصابَتْ فُلانًا فاقَةٌ، فَحَلَّتْ له المَسْأَلَةُ حتَّى يُصِيبَ قِوامًا مِن عَيْشٍ، أوْ قالَ سِدادًا مِن عَيْشٍ).[٢][٣]

ويُشترطُ لإعطاء الغارم من أموال الزَّكاة، أن يكون مُسلماً، واشترط الجُمهور أن لا يكونَ من آل البيت، وأن يكون دَينهُ في أمرٍ مُباح، كالخسارة في التجارة، وفي حال كان السببُ مُحرَّماً فإنّهُ لا يُعطى من الزّكاة، وأمّا إن كان دينهُ بِسببِ إسرافه وتبذيره، وعدم قُدرتهِ على إدارةِ أمواله، فذهب المالكية إلى عدم إعطائهِ مِنَ الزّكاة؛ لأنّه قام بتضييعِ ماله، فلا يُعطى على حِسابِ الأصنافُ الأخرى المستحِقّة للزَّكاة.[٤]

حكمة إعطاء الزّكاة للغارمين

يُعطى الغارمون من أموال الزّكاة للعديد مِنَ الحِكم، ومنها ما يأتي:[٥][٦]

  • تطهيراً لِنفسهِ من الحقد والضّغينة على مُجتمعه وأفراده، من خلال ما يلقى من الإحسانِ إليه، وينقّي قلبه من الحسد؛ فلا يتمنّى زوال النِّعمة لمن هم أكثر منه مالاً وأيسرُ حالاً.
  • حفظاً لِكرامتهِ؛ لأنَّ سؤال النَّاس فيهِ إضاعةٌ لكرامةِ السائل، فجاءت الزكاة بحلٍّ يحفظ مروءة المسلم دون الحاجة إلى ذُلِّ السؤال، بالإضافةِ إلى إشباعِ حاجاتهِ النفسيّة، وشُعورهِ بالأمن والاستقرار، والعدالةِ الإجتماعيّة.
  • إعانته على سدادِ دينه؛ حتى لا يُفكِّر بطرقٍ غير مشروعةٍ لسداد ما عليه، وإبعاداً له عن الفِتن والمُحرمات؛ كالانتحارِ، أو السرقة، وغير ذلك، كما أنّها تحدُّ من البطالة وتُقلّل منها.
  • تنمية الشعور بالمسؤولية لديه، فيُصبح عُنصراً فعَّالاً وصالحاً ومُصلحاً في مُجتمعه، وتُعطيهِ الفُرصة في المُحافظةِ على مكانتهِ الاجتماعيّة والاقتصاديّة، وتُحفِّزُهُ على تطوير العمل التِجاريِّ من غيرِ خوفٍ على أمواله.
  • الضَّمان والتكافُل الاجتماعيّ بين أفراد المُجتمع ضدَّ الحوادث والأخطار، ووفاءً لِحقِّ الأُخوَّةِ الإيمانيّة، وأداءً لِواجب التعاون، فقد أمر النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- الصّحابةُ الكِرام بإعطاء رَجُلٍ من الزَّكاة لمَّا كَثُر دينه عندما تعرَّض ثمره الذي ابتاعه للإصابة، بالإضافة الى تحقيق الأُلفة والمحبَّة بين النَّاس.
  • شُعوره بالأمل والطّمأنينة في قضاءِ دينه، كما أنّها تُقوّي الثِّقة بين النَّاس، وخاصّةً الدائِن.

فوائد إخراج الزّكاة

إنّ لإخراج الزَّكاة الكثير من الفوائد، ومنها ما يأتي:[٧][٨]

  • إتمام كمال الإسلامِ بها؛ لأنَّها أحدُ أركان الإسلام، كما أنّها تُحصِّلُ محبَّة الله -تعالى- وطاعته، وتُثبِّت أواصر المحبَّة بين الغنيِّ والفقير، فإحسان الغنيِّ يستوجب محبّة الفقير.
  • تُطهِّر النَّفس وتُزكِّيها، لِقولهِ -تعالى-: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا)،[٩] وتُبعد نفس الغنيِّ عن البُخل، وتُعوِّدهُ على الكرم والعطف، وتستجلب البركة لماله، لِقولهِ -تعالى-: (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ).[١٠]
  • تشرح الصَّدر وتملأ قلبَ المسلم رِضاً وسكينةً، وتكونُ دليلاً على صدق صاحِبها، وتُلحقهُ بالمؤمن الكامل، كما أنّها سببٌ لِدُخول الجنَّة، والبُعد عن النّار، والسِّتر يوم القيامة.
  • تمنع الجرائم المالية، وتُقوّي أواصر المحبّة بين أفراد المُجتمع، كما أنّها سببٌ لِتَنَزُّل الخيرات، ودفع العُقوبات.
  • تُكفِّر الخطايا، وتُضاعف الحسنات، وتُعين الفقير على طاعة الله -تعالى-، وترغيبهِ في الخير والإحسان.
  • تُربّي النَّفس على حُبِّ الآخرين والشُعور بهم، والبُعد عن الطُّغيان بالمال وقسوة القلب، وتحدُّ من حبِّ الدنيا والتَّعلق بملذّاتها الفانية، وتحثّ على عمل الخير والإنفاق في سبيل مرضاة الله -تعالى-.[١١]

المراجع

  1. مشهور حمدان (2009)، مصرف الغارمين من مصارف الزكاة وأثره في التكافل الاجتماعي، القدس: جامعة القدس، صفحة 38، 42-43. بتصرّف.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن قبيصة بن مخارق، الصفحة أو الرقم: 1044، صحيح.
  3. سعيد بن علي القحطاني (2010)، الزكاة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة (الطبعة الثالثة)، القصب: مركز الدعوة والإرشاد، صفحة 470-471، جزء 1. بتصرّف.
  4. وليد شاويش (30-6-2015)، “أحكام مصرف الغارمين”، www.walidshawish.com، اطّلع عليه بتاريخ 9-2-2021. بتصرّف.
  5. مشهور حمدان (2009)، مصرف الغارمين من مصارف الزكاة وأثره في التكافل الاجتماعي، القدس: جامعة القدس، صفحة 182-186. بتصرّف.
  6. جمال الكيلاني (2009)، سهم الغارمين وأثره في التكافل الاجتماعي، نابلس – فلسطين: جامعة النجاح الوطنية، صفحة 61-62. بتصرّف.
  7. سعيد بن علي القحطاني، منزلة الزّكاة في الإسلام – مفهوم, ومنزلة, وحِكَمٌ, وأحكام، وفوائد, وشروط, ومسائل في ضوء الكتاب والسنة، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 28-35، جزء 1. بتصرّف.
  8. سعيد بن علي القحطاني (2010)، الزكاة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة (الطبعة الثانية)، القصب: مركز الدعوة والإرشاد، صفحة 27-31، جزء 1. بتصرّف.
  9. سورة التوبة، آية: 103.
  10. سورة سبأ، آية: 39.
  11. وهبة بن مصطفى الزحيلي (1418 هـ)، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج (الطبعة الثانية)، دمشق: دار الفكر المعاصر، صفحة 278، جزء 10. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى