محتويات
شعر الحب
الحب هي القدرة على معاملة الشخص المحبوب برفق وحرص. وارتبط الحب بالشعر ليصبح فنّاً قائماً بحدّ ذاته، بحيث يهدف هذا الفن إلى إطلاق الطاقات الكامنة في نفس الشاعر ليخرج بعمل فنيّ مميّز. في هذا المقال نقدّم لكم جميل الشعر الذي قيل في الحب والغزل.
أشعار حب وغرام
- أحبّك، يا من سرقت قلبي مني
يا من غيّرت لي حياتي
يا من أحببتُه من كل قلبي
يا من قادني إلى الخيال وتركني.
- سمراءُ عودي وذاكري ميثاقنا
بين الخمائل والعيونُ بَوَاكِ
كيف افترقنا، إيه عذراء الهوى
لم أنس عهدكِ لا ولن أنساكِ
بين المروج على الغدير تعلّقَتْ
عيني بعينكِ والفؤاد طواك
ثم التقينا في الجميلة خلسةً
وشربتُ حيناً من سُلاف لُماكِ
وتساءلتْ عيناكِ بعد تغيبي
أنسيتَ عهْدي أيُّها المتباكِ
لا والذي فطر القلوب على الهوى
أنا مانسيتُ ولاسلوتُ هواكِ
لكنّ قلبي والفؤاد ومهجتي
أسرى لديك فأكرمي أسراكِ
سأظل في محراب حبِّكِ ناسكاً
متبتلاً مستسلماً لقضاكِ
- يا أعز من دمعي لعيني
وألذ وأحلى من السكّر
يا خطوط الأيام في يدي
يا الطفلة التي نست تكبر
أنا أعلمي أنكِ تحبّيني
وأنا أحبك أيضاً أكثر.
- جرى حبّها مجرى دمي في مفاصلي
فاصبح لي عن كل شغلٍ بها شغـلُ
وفرغت قلبي عن وجودي مخلصـاً
لعلي في شغلـي بها معهـا أخلـو.
- أُلامُ على حُبي وكأنّي سننتُـهُ
وقد سُن هذا الحبُّ من قَبلِ جُرهُـم
فقلت: اسمعي يا هندُ، ثم تفهّمي
مقالـةَ محـزونٍ بحُبِّـكِ مٌغـرمِ
لقد مات سِرّي واستقامت مودتـي
ولم ينشرح بالقولِ يا حبّي فمـي
فإن تقتلي في غير ذنبٍ أقُل لكـم
مقالـةَ مظلـومٍ مشـوقٍ مُتـيّـمِ
هنياً لكم قتلي وصفـوَ مودّتـي
فقد سط ّمن لحمي هواك ومن مديِ.
- لقد كتمتُ الهوى حتـى تهيّمنـي
لا أستطيعُ لهـذا الحُـبِّ كتمانـا
لا بارك الله بالدنيـا اذا انقطعـت
أسباب دنياك من أسبـاب دنيانـا
أُبـدّلُ الليـل لا تُـرى كواكبـهُ
أم طال حتّى حسبتُ النجم حيرانا
إن العيون التي في طرفها حَـوَرٌ
قتلننـا ثـمّ لـم يُحييـن قتلانـا
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به
وهُنّ أضعـف خلـق الله أركانـا.
- اذا خَطَرَت من ذكر بُثنَة خطـرة
عصتني شؤون العين فانهلّ ماؤهـا
فإن لم أزُرها عادني الشوق والهوى
وعاود قلبـي مـن بثينـة داؤهـا
وكيف بنفسٍ أنت هيّجـت سقمهـا
ويمنـع منهـا يا بثيـنُ شفـاؤهـا
فأحيي هداك الله نفسـاً مريضـةً
طويـلاً بكـم تهيامهـا وعناؤهـا.
- أصلي فأبكي في الصلاةِ لذِكرِها
لي الويلُ مما يكتُـبُ المَلَكـانِ
ضَمِنتُ لها أن لا أهيمَ بغيرِهـا
وقد وثِقَت منّي بغيـرِ ضمـانِ
وألثم فاها كي تزولَ حرارتـي
فيشتدّ ما ألقـى مـن الهيمـانِ.
- دع الوشاة وما قالوا ومـا نقلـوا
بينـي وبينكـم مـا سينفـصـلُ
لكم سرائـر فـي قلبـي مخبـأةٌ
لا الكتب تنفعني فيها ولا الرُسـلُ
رسائل الشوق عندي لو بعثت بها
إليكم لم تسعها الطـرق والسبـلُ
واستلـذُّ نسيمهـا مـن دياركـمُ
كأن أنفاسهُ مـن نشركـم قبـلُ
وارحمتاهُ لصـبٍّ قـَلَّ ناصـرهُ
فيكم وضاق عليه السهل والجبـلُ
يزداد شعري حُسناً حين أذكركـم
إنّ المليحة فيها يحسُـن الغـزلُ
يا غائبين وفي قلبـي أشاهدهـم
وكلّما انفصلوا عن ناظري اتصلوا.
- تمنيـت مـن حبـي عليـة أننـا
على رمث في البحر، ليس لنا وفر
على دائم لا يعبـر الفلـك موحـه
ومن دوننا الأهوال واللجج والخضر
فنقضي هم النفس في غيـر رقبـةٍ
ويغرق من تخشى نميمتـه البحـر
ويا حبّها زدني جـوى كـل ليلـةٍ
ويا سلوة الأيام موعـدك الحشـر
فيا حبذا الأحياء مـا دمـت فيهـم
ويا حبذا الأموات ما ضمّك القبـر.
- خليليّ ما ألقى مـن الوجـد باطـنٌ
ودمعي بما أخفـي الغـداة شهيـد
إذا قلـت: ما بـي يـا بثينـة قاتلـي
من الحب، قالـت: ثابـتٌ ويزيـد
وإن قلت: رُدّي بعض عقلي أَعِش به
تولّـت وقالـت: ذاك منـك بعيـد
فلا أنا مـردودٌ بمـا جئـت طالبـاً
ولا حبهـا فيـمـا يبـيـد يبـيـد
يمـوت الهـوى منـي إذا مالقيتهـا
ويحـيـا إذا فارقتُـهـا فـيـعـود
وأفنيتُ عمري بانتظـاري وعهدهـا
وأبليـتُ فيهـا الدهـر وهو جـديـد
عَلِقْتُ بالهوى منها وليداً، فلم يـزل
إلـى اليـوم ينمـي حبّهـا ويزيـد
فمـا ذكـر الخـلان إلا ذكرتُـهـا
ولا البخل إلا قلـتُ سـوف تجـود.
قصائد في الحب والغزل
من جميل القصائد التي قيلت في الحب والغزل، اخترنا لكم ما يأتي:
غَزِلٌ مَنْ غائبٌ في الحبّ لم يَؤبِ
أبو نواس
غَزِلٌ مَنْ غائبٌ في الحبّ لم يَؤبِ
لا شيءَ يرقبُهُ سوى العطبِ
من حبّ شاطرةٍ رمَتْ غَرَضاً
قلبي، فمن ذا قالَ لم تصبِ؟!
البدْرُ أشْبَهُ ما رأيتُ بها
حين استوى، وبدا من الحجُبِ
وابْنُ الرّشا لم يُخْطِها شَبَهاً
بالجِيد والعيْنينِ واللَّبَبِ
وإذا تسربلَ غيرَها، اشتملتْ
ورْدُ الحواشي، مُسبَلَ الذنبِ
فتقولُ طوْراً: ذا فتىً هتفتْ
نفسُ النّصيحِ به، فلم يُجبِ
وُدٌّ لعصبةِ ريبةٍ مُجُنٍ
أعدى لمن عادَوْا من الجربِ
شُنعِ الأسامي، مُسبِلي أُزُرٍ،
حُمْرٍ تمسُّ الأرضَ بالهدُبِ
متَعطّفينَ على خناجرهمْ
سُلُبٍ لشُرْبِهِمْ من القِرَبِ
وإذا همُ لحديثهمْ جلسوا
عطفوا أكُفَّهمُ على الرّكبِ
تقول طوْراً: ذا فتىً غَزِلٌ
بادي الدّماثَةٍ، كاملُ الأدبِ
صَبٌّ إلى حَوْراءَ يمنعهُ
منها الحيا، وصيانةُ الحسبِ
فكلاهما صَبٌّ بصاحبهِ
لو يستطيعُ لطار من طربِ
فتواعد يوماً، وشأنهما
ألاّ يشُوبا الوعْدَ بالكَذِبِ
فغدتْ كواسطَةِ الرّياضِ إلى
موعُودةٍ تمْشي على رُقُبِ
وغدا مُطَرَّقةً أناملهُ
حلوَ الشّمائلِ، فاخِر السّلُبِ
منْ لم يُصِبْ في الناس يوْمئذٍ
من ريحه إذ مرَّ لم يَطِبِ
لا، بل لها خُلُقٌ مُنِيتُ به
ومَلاحَة ٌ عَجَبٌ من العَجَبِ
فالمُستعانُ الله في طلبي
منْ لستُ أدرِكُهُ عن الطّلَبِ
ما لامني الإنسانُ أعشقهُ
حتى يعَيِّرَهُ المعيِّرُ بي.
لاَ تَلُمْ صَبْوَتِي
عفيف الدين التلمساني
لاَ تَلُمْ صَبْوَتِي فَمَنْ حَبَّ يَصْبُو
إِنَّمَا يَرْحَمُ المُحِبَّ المُحِبُّ
كَيْفَ لا يُوقِدُ النَّسِيمُ غَرَامِي
وَلَهُ فِي خِيَامِ لَيْلَى مَهَبُّ
مَا اعْتِذَارِي إِذَا خَبَتْ لِيَ نَارٌ
وَحَبِيبي أَنْوَارُهُ لَيْسَ تَخْبُو
هَذِهِ الحُلَّةُ التَّي حُلَّ فِيَها
عَقْدُ صَبْرِي وَحَلَّهَا لِيَ حِبُّ
مَلأَ الكَوْنَ حُسْنُهُ فَلِهَذَا
كُلُّ قَلْبٍ إلى مَعَانِيهِ يَصْبُو
عَايَنَتْ حُسْنَهُ القُلُوبُ فَأَمْسَى
وَلَهُ فِي القُلُوبِ سَلْبٌ وَنَهْبُ
نَصَبُوا حَانَ حُبِّهِ ثُمَّ نَادُوْا
يَا نِيَامَ القُلُوبِ لِلرَّاحِ هُبُوا
بِنْتُ كَرْمٍ زُفَّتْ لِكُلِّ كَرَيمٍ
مَا عَلَى نَفْسِهِ النَّفِيسَةِ صَعْبُ.
رسالة حُبّ (81) – (89)
نزار قبّاني
(81) بعد ما احترقتْ روما
واحترقتِ معها..
لا تنتظري منّي..
أن أكتبَ فيكِ قصيدةَ رثاءْ
فما تعودتُ..
أن أرثي العصافير الميِّتة..
أنتِ قاتلتِ على طريقة دون كيشوتْ..
وأنتِ مستلقية على سريرك..
هجمتِ على الطواحين..
وقاتلتِ الهواءْ..
فلم يسقط ظفرٌ واحدٌ..
من أظافرك المطليّة..
ولم تنقطع شعرةٌ واحدةٌ.. من شعرك الطويلْ..
ولم تسقط نقطةُ دمٍ واحدة..
على ثوبك الأبيضْ..
أيّ حربٍ تتحدّثين عنها؟
فأنتِ لم تدخلي معركةً واحدةً
مع رجل حقيقي..
لم تلمسي ذراعَهْ..
ولم تشُمّي رائحةَ صدرهْ..
ولم تغتسلي بعَرَقِهْ..
وإنّما..
كنتِ تخترعينَ رجالاً من الورقْ..
وفرساناً من الورقْ..
وخيولاً من الورقَ..
وتحبّين .. وتعشقين.. على الورقْ..
فيا أيتها الدونكشوتيّه الصغيرة..
استيقظي من نومك،
واغسلي وجهك،
واشربي كُوبَ حليبك الصباحيّ..
وستعرفين بعدها..
أن كلَّ الرجال الذين عشقتهمْ..
كانوا من ورقْ..
هل لديكِ حلٌّ لقضيتنا؟
ولا تستطيع أن تغرقْ..
فلقد شربتُ من ملح البحر
ما فيه الكفاية..
وشَوَتِ الشموسُ جِلْدي
بما فيه الكفاية..
وأكلتِ الأسماكُ المتوحّشة من لحمي
ما فيه الكفاية..
أنا شخصياً..
ضجرتُ من السَفَر
وضجرتُ من الضَجَرْ
فهل لديك حلٌّ .. لهذا السيف
الذي يخترقنا .. ولا يقتلنا؟
هل لديك حلٌّ؟.
لهذا الأفيون الذي نتعاطاه..
ولا يخدّرنا..
أنا شخصياً..
أريد أن أستريحْ..
على أيّ حَجَرٍ.. أريد أن أستريحْ
على أيّ كَتِفٍ..
أريدُ أن أستريحْ..
فلقد تعبتُ من المراكب التي لا أشرعةَ لها.
ومن الأرصفة التي لا أرصفة لها.
فقدّمي حلولكِ يا سيّدتي!
وخذي توقيعي عليها قبل أن أراها..
واتركيني أنامْ..
(84) جاءني صوتُكِ بعد الظهر..
متوهّجاً كسبيكة الذَهَبْ..
كان عندي امرأة..
من فوق أجساد جميع النساءْ..
أقفز إليكِ..
وأتركهنَّ في الظلّ..
وأذهب معكِ..
ومرعبٌ وبَشِعْ..
فظيع.. أن أغازلكِ..
وأنا واقفٌ على نهديْنِ عارييْنْ..
ولكنني فعلتُها..
ولكنني فعلتُها..
لأتحدّاكِ بوفرة من أعرف من النساءْ
ولأتحرر من بَصَمات أصابعك على أيّامي..
ولكنني حين سمعتُ صوتك في الهاتف
يتوهّج كسبيكة الذهبْ..
نسيتُ نسائي، ومحظيّاتي على الأريكة
وتبعتُكِ..
فيا أيّتها المستعمرةُ دقائقَ عمري..
ارفعي يديكِ لحظةً.. عن شَهَواتي..
لأعرفَ..
كيف أستعملُ جَسَدي..
(85) أحببتِني بالحساب، وأحببتُكِ بالشِّعرْ..
وضعتِ رأسي على مخدةٍ من الحَجَرْ..
ووضعتُ رأسكِ على مخدَّةٍ من القصائدْ
أعطيتِني سمكةً.. وأعطيتُك البحرْ..
أعطيتني قطرةً من زيت القنديلْ..
وطوّبتُ لكِ البيادرْ..
أخذتِني إلى المدن المسكونة بالزمهريرْ
وأخذتُك إلى المدن المسكونة بالدهشة..
كنتِ رصينةً كمعلّمة مدرسة..
وجليديةً كالآلات الحاسبة..
ورضيتِ أن أُطعم نهديكِ تيناً وزبيباً
لأنّهما لم يأكلا منذ قرون..
أعطيتني شفتيك، وأنتِ خائفة من الزُكامْ
وصافحتِني .. وأنت تلبسين قفازات الدانتيلْ..
أما أنا..
فقد تركتُ في فمكِ نصف فمي..
وتركتُ في راحتكِ .. نصفَ أصابعي…
(86) اشربي فنجانَ قهوتك..
واستمعي بهدوء إلى كلماتي..
فربّما..
لن نشربَ القهوةَ معاً مرةً ثانية
ولن يُتاح لي أن أتكلّم مرةً ثانية.
لن أتحدّثَ عنكِ..
سطرانِ مكتوبانِ بالرصاص على هامشهْ..
ولكنني سأتحدّث ..
عمّا هو أكبرُ منكِ .. وأكبرُ منّي
وأنظفُ منكِ .. وأنظفُ منّي..
سأتحدث عن الحبّ..
عن هذه الفَرَاشة المدهشة..
التي حطّتْ على أكتافنا وطردناها..
عن هذه السمكة الذهبيّة..
عن هذه النجمة الزرقاءْ
التي مدّت إلينا يدها
ورفضناها..
ليست القضية أن تأخذي حقيبتكِ وتذهبي
كلُّ النساء يأخذن حقائبهنَّ
في لحظات الغضب ويذهبنْ..
ليست القضية أن أطفىء لفافتي بعصبيَّة
في قماش المقعدْ..
كلُّ الرجال يحرقون قماشَ المقاعد عندما يغضبونْ
القضيَّة ليست بهذه البساطة..
وهي لا تتعلّق بكِ .. ولا تتعلّق بي
فنحنُ صِفْرانِ على شمال الحبّ..
وسطرانِ مكتوبانِ بالقلم الرصاص على هامشهْ
القضية هي قضيّة هذه السمكة الذهبيّة..
التي رماها إلينا البحر ذاتَ يوم..
وسحقناها بين أصابعنا..
(87) أنا متَّهمٌ بالشهريارية..
من أصدقائي..
ومن أعدائي..
متَّهم بالشهرياريّة.
وبأنني أجمعُ النساءْ..
كما أجمعُ طوابعَ البريد..
وعُلَبَ الكبريت الفارغة..
وأعلقهنّ بالدبابيس..
على جدران غرفتي..
وبالأوديبيَّة
وبكلِّ ما في كُتُب الطبّ النفسيّ من أمراض..
ليُثبتوا أنّهم مثقفون..
وأنّني منحرِفْ..
لا أحَدَ، يا حبيبتي
يريد أن يستمع إلى إفادتي..
فالقضاةُ معقّدون..
والشهود مرتشون..
وقرار إدانتي
يفهمُ طفولتي..
فأنا أنتمي إلى مدينةٍ لا تحبُّ الأطفالْ..
ولا تعترف بالبراءة..
ولم يسبق لها..
أن اشترت وردةً.. أو ديوانَ شعرْ..
أنا من مدينةٍ .. خشنة اليدينْ..
خشنة القلب..
خشنة العواطف
من كثرة ما ابتلعت من المسامير.. وقِطَعِ الزجاج.
أنا من مدينة جليديّة الأسوار
مات جميعُ أطفالها..
من البرد..
إنني لا أفكّر في الاعتذار لأحدْ..
وليس في نيّتي أن أوكّل محامياً
ينقذ رأسي من حبل المشنقة
فلقد شُنِقتُ..
آلافَ المرّاتْ..
حتى تعوّدتْ رقبتي على الشنقْ..
وتعوّد جَسَدي..
على ركوب سيّارات الإسعاف..
ليس في نيّتي أن أعتذر لأحدْ..
ولا أريد حكماً بالبراءة..
من أحدْ..
ولكنّني .. أريد أن أقول لكِ..
لكِ وحدَكِ، يا حبيبتي
في جلسةٍ علنيّة..
وأمام جميع الذين يحاكمونني..
بتهمة حيازة أكثر من امرأة واحدة..
واحتكار العطور، والخواتم، والأمشاط
في زّمّن الحربْ..
أريدُ أن أقول:
إنّني أحبّك وحدَكِ..
وأتكمَّش بكِ..
كما تتكمَّش قشرةُ الرمّانة بالرمّانة..
والدمعةُ بالعين..
والسكينُ بالجرحْ..
أريد أن أقولْ..
ولو لمرةٍ واحدة
إنني لستُ تلميذاً لشهريارْ
ولم أمارس أبداً هوايةَ القتل الجماعيّ
وتذويب النساء في حامض الكبريتْ.
ولكنني شاعرٌ..
يكتبُ بصوتٍ عالٍ..
ويعشق بصوتٍ عالٍ..
وطفلٌ أخضرُ العينين..
مشنوقٌ على بوّابة مدينةٍ..
لا تعرفُ الطفولة..
(88) لماذا تخابرينَ يا سيّدتي؟
لماذا تعتدينَ عليَّ بهذه الطريقة المتحضِّرة؟
ما دام زمنُ الحنان قد ماتْ
وموسم البَيْلَسَان قد ماتْ
لماذا تكلّفين صوتكِ..
أن يغتالني مرةً أخرى؟
إنّني رجلٌ ميّت
والميّت لا يموت مرّتينْ
صوتُكِ له أظافرْ..
ولحمي، مُطرّز كالشرشف الدمشقيّ،
بالطَعَناتْ..
ممدوداً بيني وبينكِ حبلاً من الياسمينْ
وأصبح الآن حبلَ مشنقة..
كان هاتفكِ..
فراشَ حريرٍ أستلقي عليه..
صار صليباً من الشوك أنزف فوقه..
كنتُ أفرح بصوتك..
عندما يخرجُ من سمّاعة الهاتف..
كعصفور أخضرْ..
أشربُ قهوتي معهْ..
وأدخّن معهْ..
وأطير إلى كلّ الآفاق..
معهْ..
كان ينبوعاً، ومِظلّة، ومروحة..
يحمل لي الفرحَ، ورائحةَ البراري..
صار كنواقيس يوم الجمعة الحزينة
يغسلني بأمطار الفجيعة..
أوقفي هذه المذبحة يا سيّدتي
فشراييني كلُّها مقطوعة..
وأعصابي كلُّها مقطوعة..
ربّما ..
لا يزال صوتُكِ بنفسجياً
كما كان من قبل..
ولكنني – مع الأسف –
لا أراه .. لا أراه..
لأنني مصاب بعمى الألوانْ..
(89) هل وصلنا بحبّنا إلى نقطة اللارجوعْ؟
الرجوع لا يدخل في نطاق همومي.
الذهاب معكِ.. ونحوكِ.. وإليكِ..
هو أساسُ تفكيري.
الذهاب الذي لا يرجع
وليس لديه تذكرةُ عودة.
إنني أُحبّكِ..
ولا أطلب منكِ وثيقةَ تأمين
ضدَّ الموت عشقاً.
بل سأطلب منكِ -على العكس-
أن تساعديني على الموت حرقاً
على الطريقة البوذيّة..
امرأةً مثلك..
تتشقّق قشرةُ الكون
وتصبح الأرضُ
علبة كبريت في يد طفل..
مجنونةٌ أنتِ .. إذا فكّرتِ
أنني أبحث لديكِ عن الطمأنينة..
أو أنني أفكّر في العودة إلى البرّ
مرةً أخرى.
فأنا نسيتُ تاريخي البريَّ كلَّهْ
نسيت الشوارعَ، والأرصفةَ، وأشجارَ السَروْ
وكلَّ الأشياء التي لا تستطيع تغييرَ عناوينها..
إنني أُحبّكِ..
ولا أريدُ أقراصاً منوّمة لأشواقي..
فأنا أكون في أحسن حالاتي
عندما تهاجمني نوباتُ الهذيانْ..
فأنسى تاريخَ وجهي..
وأنسى مساحةَ جسدي
وأتلاشى.. تحت شمس نهديْكِ
كما تتلاشى مدينةٌ من الشمعْ..
أنني أبحث لديكِ عن الطمأنينة..
أو أنني أفكّر في العودة إلى البرّ
مرةً أخرى.
فأنا نسيتُ تاريخي البريَّ كلَّهْ
نسيت الشوارع، والأرصفةَ، وأشجارَ السَروْ
وكلَّ الأشياء التي لا تستطيع تغييرَ عناوينها..
إنني أُحبّكِ..
ولا أريدُ أقراصاً منوّمة لأشواقي..
ولا حبوباً لمقاومة الدُوارْ
إنّني بخير هكذا..
إنّني بخير هكذا..
فأنا أكون في أحسن حالاتي
عندما تهاجمني نوباتُ الهذيانْ..
فأنسى تاريخَ وجهي..
وأنسى مساحةَ جسدي
وأتلاشى.. تحت شمس نهديْكِ
كما تتلاشى مدينةٌ من الشمعْ..
أنني أبحث لديكِ عن الطمأنينة..
أو أنني أفكّر في العودة إلى البرّ
مرةً أخرى.
فأنا نسيتُ تاريخي البريَّ كلَّهْ
نسيت الشوارعَ ، والأرصفةَ ، وأشجارَ السَروْ.
وكلَّ الأشياء التي لا تستطيع تغييرَ عناوينها..
إنني أُحبّكِ..
ولا أريدُ أقراصاً منوّمة لأشواقي..
ولا حبوباً لمقاومة الدُوارْ
إنّني بخير هكذا..
إنّني بخير هكذا..
فأنا أكون في أحسن حالاتي
عندما تهاجمني نوباتُ الهذيانْ..
فأنسى تاريخَ وجهي..
وأنسى مساحةَ جسدي
وأتلاشى.. تحت شمس نهديْكِ
كما تتلاشى مدينةٌ من الشمعْ.