جديد أسباب الطلاق في الإسلام

'); }

الطلاق

الطلاق لغةً: حلُّ القيد والإطلاق، أمَّا شرعاً: فهو حلُّ عقد النكاح بلفظ الطلاق ونحوه، وقيل: هو تصرّفٌ مختصٌ بالزوج يُحدثه بلا سببٍ فيقطع به عقد النكاح،[١] وقد دلَّ القرآن الكريم والسنة والإجماع على أصل مشروعية الطلاق؛ فأمَّا القرآن الكريم، فقول الله تعالى: (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ)،[٢] وأمَّا مشروعية الطلاق من السنة، فقد رُوي عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أنه طلّق امرأته وهي حائض، فسأل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك فقال: (مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إنْ شَاءَ أمْسَكَ بَعْدُ، وإنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ العِدَّةُ الَّتي أمَرَ اللَّهُ أنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ)،[٣] وأمَّا الإجماع؛ فقد أجمع الناس على جواز الطلاق؛ لأن الحال بين الزوجين قد يفسد، فيصير في بقاء النكاح مفسدة، ويلحق كلاً من الزوجين الضرر؛ لسوء العِشرة، والخصومة الدائمة من غير فائدة، فاقتضى ذلك وجود ما يُنهي عقد النكاح حتى تزول المفسدة.[٤]

أسباب الطلاق في الإسلام

تتعدّد أسباب الطلاق وتختلف بسبب تنوّع أحوال الناس، واختلاف المجتمعات، وبيان أهم الأسباب المؤدّية للطلاق فيما يأتي:[٥][٦]

'); }

  • انعدام الوئام والأُلفة بين الزوجين؛ وذلك لعدم محبة أحد الزوجين للآخر، أو لوجود البغض من كليهما.
  • سوء الخُلق عند أحد الزوجين؛ ممّا يُفسد العِشرة بينهما، كسوء خُلق الزوج وظلمه لامرأته وعدم إنصافه لها، وكسوء خُلق الزوجة وعدم السمع والطاعة لزوجها بالمعروف.
  • سوء الحال بين المرأة وأهل زوجها، أو بين الرجل وأهل زوجته، وعدم الحكمة في معاملتهم.
  • وقوع أحد الزوجين في المعاصي والمنكرات، كتعاطي المسكرات أو غير ذلك من أنواع المحرّمات؛ مما يؤدي إلى سوء الحال بين الزوجين.
  • عدم اعتناء المرأة بالنظافة والتزيّن للزوج باللباس الجميل، والرائحة العطرة، والكلام الطيب عند اللقاء والاجتماع بينهما؛ ممّا يسبّب نفور الزوج من زوجته.
  • تقصير أهل المرأة في السؤال عن الزوج ومعرفة حاله قبل الزواج، أو إخفاء أهل الزوجة العيوب عن الزوج سواءٌ كانت العيوب في دينها أو خُلقها أو جسدها.
  • عدم الكفاءة بين الزوجين في الدين والأخلاق والمكانة الاجتماعية، كأن تكون المرأة عند رجلٍ لا دين له فيُجبرها على الفساد والانحراف، أو يكون الرجل ذا دين، وتكون الزوجة ممّن يتساهلون بالمحرّمات في بيتها ولباسها، أو يؤدّي اختلاف المكانة الاجتماعية إلى ترفّع أحد الزوجين على الآخر؛ فيقع الشقاق بينهما.
  • الغيرة المفرطة التي تؤدّي إلى شكّ أحد الزوجين في الآخر، وتسبّب انعدام الثقة بينهما.
  • عدم معرفة كلٍ من الزوجين بحقوقه التي له وواجباته التي عليه.
  • استخدام الزوج الطلاق كأداةٍ لتهديد الزوجة، إمَّا لإجبارها على عملٍ معيّنٍ، أو لنهيها عن عملٍ ما، فتُقدم المرأة على مخالفة الزوج، ويحدث الطلاق.

أنواع الطلاق

إن للطلاق عدّة أنواعٌ مختلفةٌ تختلف بحسب النظر إليه، وبيان هذه الأنواع على النحو الآتي:[٧]

  • الصريح والكِنائي: ينقسم الطلاق باعتبار الصيغة المستعملة فيه إلى صريحٍ وكِنائيّ، وهما كالآتي:
    • الطلاق الصريح: اتّفق الفقهاء على أن الطلاق الصريح هو الطلاق الذي لم يُستعمل فيه إلا الألفاظ الغالبة لغةً أو عُرفاً، وقيل: ما ثبت حكمه الشرعي بلا نيَّة، واتّفق الفقهاء على أن الطلاق يقع باللفظ الصريح من غير نيَّة، وألحق المالكية الكنايات الظاهرة باللفظ الصريح، فأوقعوا الطلاق بها من غير نيَّة، والكنايات الظاهرة؛ هي الكنايات التي تستعمل في الطلاق كثيراً، وإن لم توضع له في الأصل، وهي لفظان: الفِراق والسَّرَاح، وذهب الفقهاء إلى أن الألفاظ الصريحة في الطلاق هي مادة طَلَّقَ، وما اشتُقّ منها لغةً وعرفاً، وذهب الشافعية في المشهور والحنابلة إلى أن للطلاق الصريح ثلاثة ألفاظ، وهي: الطَّلاق، والفِراق، والسَّرَاح، وما اشتقّ منها لغةً وعرفاً.
    • الطلاق الكنائي: هو اللفظ الذي لم يوضع للطلاق، ولكنّه يحتمل معنى الطلاق، ويحتمل معناً آخر، فإذا لم يحتمل معنى الطلاق أصلاً كان لغواً لم يقع به شيء، ولم يكن كنايةً، ولا يقع الطلاق باللفظ الكنائي إلا مع النيَّة؛ وذلك لأن اللفظ يحتمل الطلاق وغيره، ولا يُصرف إلى الطلاق إلا بنيَّة، وذهب الحنفية والحنابلة في المعتمد إلى أن قرائن الأحوال كالنيَّة في وقوع الطلاق باللفظ الكنائي، وذهب المالكية والشافعية والحنابلة في رواية إلى عدم الاعتداد بقرائن الأحوال في وقوع الطلاق باللفظ الكنائي، ويُعتبر لفظ مُطْلَقة بالتخفيف -أي بعدم تشديد اللام- من ألفاظ الكناية؛ لعدم اشتهاره في الطلاق.
  • الرجعي والبائن: ينقسم الطلاق من حيث الأثر الناتج عنه إلى طلاقٍ رجعيٍّ، وطلاقٍ بائنٍ، وهما كالآتي:
    • الطلاق الرجعي: وهو الطلاق الذي يمكن فيه للزوج ردُّ زوجته ما دامت في عدّتها من غير عقدٍ جديدٍ، فإذا طلَّق الزوج زوجته جاز له العودة إلى إليها في أثناء عدّتها بالرَّجعة من غير عقدٍ جديد، فإن انتهت عدّتها عاد إليها بعقدٍ جديدٍ فقط.
    • الطلاق البائن: هو رفع قيد النكاح في الحال، وهو ينقسم إلى قسمين، وهما كالآتي:
      • بائن بينونة صغرى: وهو الطلاق الذي يكون بالطلقة الواحدة البائنة، أو بالطلقتين البائنتين، فإذا طلَّق الزوج زوجته طلقةً بائنةً واحدة أو اثنتين جاز له الرجوع إليها في أثناء العدة وبعدها، ولكن بعقدٍ جديد.
      • بائن بينونة كبرى: وهو الطلاق الذي يقع بعد الطلقة الثالثة، سواء كان أصل كلٍّ من الطلقات الثلاث بائناً أم رجعيّاً بالاتّفاق، فإذا طلَّق الزوج زوجته ثلاثاً كانت البينونة كبرى، ولم يحلّ له العودة إليها حتى تنقضي عدّتها، وتتزوّج من غيره، ويدخل بها، ثم تَبين منه بموتٍ أو فُراقٍ، ثم تنقضي عدّتها، فإن حصل ذلك جاز له الرجوع إليها بعقدٍ جديدٍ.
  • المُنجَز والمضاف والمعلَّق: ينقسم الطلاق من حيث وقوع الأثر الناتج عنه إلى ثلاثة أقسام، وهي كالآتي:
    • الطلاق المُنجَز: وهو الطلاق الخالي في صيغة لفظه عن التعليق أو الإضافة، والأصل في الطلاق التنجيز، ويكون سبباً للفرقة في الحال، ويتبعه أثره بدون تراخٍ ما دام مستوفياً لشروطه، فإذا قال رجلٌ لامرأته: أنتِ طالق، طُلِّقت في الحال، وبدأت عدّتها.
    • الطلاق المضاف: وهو الطلاق الذي اشتملت صيغته على وقتٍ محدّدٍ يقع الطلاق عند حلوله، كقول الرجل لامرأته: أنتِ طالقٌ أوّل الشهر القادم، وذهب الفقهاء إلى أن الطلاق المضاف إلى وقتٍ في المستقبل ينعقد سبباً للفرقة في الحال، ولكن لا يقع به الطلاق إلا عند حلول الوقت المضاف إليه، وبعد استيفائه لشروطه الأُخرى.
    • الطلاق المعلَّق على شرط: وهو ربط حصول الطلاق بحصول مضمونٍ جملةً أخرى، سواء كان المضمون من قِبَل المُطلِّق أو المُطلَّقة أو غيرهما، أو لم يكن من فعل أحد، فإن كان التعليق على فعل المُطلِّق أو المُطلَّقة أو غيرهما سُمّيَ يميناً لدى الجمهور مجازاً؛ وذلك لما فيه من معنى القسَم، كقول الرجل لامرأته: أنتِ طالق إن دخلت الدار، فإن كان الطلاق معلّقاً لا على فعل أحد، كقول الزوج لزوجته: أنت طالق إن طلعت الشمس، كان تعليقاً، ولم يُسمَّ يميناً؛ لانتفاء معنى اليمين فيه.
وذهب جمهور الفقهاء إلى صحة الحلف بالطلاق، أو كون الطلاق معلقاً على شرط، وذلك إذا استوفى الشروط التي عُلِّق عليها، فإذا حصل الشرط المعلَّق عليه وقع الطلاق، سواءٌ كان من فعل المُطلِّق أو المُطلَّقة، بشرط أن يكون طائعاً ذاكراً للتعليق، وأمَّا إذا لم يتحقق الشرط لم يقع الطلاق، ويقع الطلاق أيضاً عند الجمهور إذا حصل منه الفعل المُعلَّق عليه الطلاق على سبيل النسيان أو الإكراه، ورُوي عن الشافعية قولان؛ أظهرهما عدم وقوع الطلاق عند النسيان أو الإكراه.
  • السُّنيِّ والبدعيِّ: ينقسم الطلاق من حيث وصفه الشرعي إلى قسمين، وهما كالآتي:[٨]
    • الطلاق السُّنيِّ: وهو ما وافق السنة في طريقة إيقاعه، وهو طلاق الرجل لامرأته طلقةً واحدةً في طُهرٍ لم يُجامعها فيه.
    • الطلاق البدعي: وهو ما خالف السنّة في طريقة إيقاعه، وهو طلاق الزوج زوجته في فترة الحيض، أو في طُهرٍ جامعها فيه.

المراجع

  1. الخطيب الشربيني (1994)، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 455، جزء 4. بتصرّف.
  2. سورة البقرة، آية: 229.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 5251، صحيح.
  4. ابن قدامة (1968)، المغني، القاهرة: مكتبة القاهرة، صفحة 363، جزء 7. بتصرّف.
  5. “بعض أسباب الطلاق”، www.islamqa.info، 2002-3-27، اطّلع عليه بتاريخ 10-5-2019. بتصرّف.
  6. إبراهيم الحقيل (3-8-2017)، “من أسباب الطلاق (1)”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-5-2019. بتصرّف.
  7. وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية (1993)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 26-38، جزء 29. بتصرّف.
  8. ابن رشد الحفيد (2004)، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، القاهرة: دار الحديث، صفحة 86، جزء 3. بتصرّف.
Exit mobile version