محتويات
الأزمة الاقتصاديّة العالميّة
الأزمة الاقتصاديّة العالميّة (بالإنجليزيّة: Global Economic Crisis)، ويُطلق عليها أيضاً اسم الأزمة الماليّة العالميّة؛ هي حالة ظهرت نتيجة تراجع الاقتصاد العالميّ، ممّا أدّى إلى حدوث أزمة ماليّة نتج عنها هبوط في الناتج المحليّ الإجماليّ، وضعف في السّيولة الماليّة، وزيادة ملحوظة في الأسعار، وظهور تضخُّم أو انكماش واضح في القطاع الاقتصاديّ،[١] وتُعرَّف الأزمة الاقتصاديّة العالميّة بأنّها فترة زمنيّة يشهد الاقتصاد فيها انخفاضاً في معدلّ الإنتاجيّة، وقيمة المؤسّسات الماليّة؛ نتيجةً للقروض الماليّة غير المدروسة.[٢]
أسباب الأزمة الاقتصاديّة العالميّة
حدثت الأزمة الاقتصاديّة العالميّة لعدّة أسباب، وفيما يأتي مجموعة من هذه الأسباب وفقاً لكلٍّ من الاقتصاد العالميّ، والاقتصاد الإسلاميّ:
أسباب الأزمة الاقتصاديّة وفقاً للاقتصاد العالميّ
اهتمّ علم الاقتصاد بدراسة مجموعة من الأسباب التي أدّت إلى ظهور الأزمة الاقتصاديّة العالميّة، ومنها:
- التضخُّم النّاتج عن النّظام الرأسماليّ: هو التضخُّم الذي حدث بسبب التطوّرات الرأسماليّة العالميّة، وتأثير العولمة الخاصّة بالليبراليّة بشكل عامّ، والعولمة الماليّة بشكل خاصّ،[٣] وتُعرَّف الرأسماليّة بأنّها نظام اقتصاديّ يعتمد على الملكيّة الخاصّة للعوامل الإنتاجيّة، مثل: رأس المال الذي يُستخدم في الحصول على الإيرادات، والأرباح.[٤]
- الاحتيال في القروض العقاريّة: تعدّ القروض من الأسباب الرّئيسة للأزمة الاقتصاديّة العالميّة؛ وذلك بسبب الاحتيال الخاصّ بالمصارف التجاريّة المُتخصّصة بالقروض العقاريّة؛ ممّا أدّى إلى استغلال سماسرة العقارات؛ لانخفاض معدّل الفائدة، وتشجيع الأفراد الذين لا يمتلكون أيّة مقوّمات ائتمانيّة للاقتراض لشراء العقارات.[٥]
- تسويق المُشتقّات الماليّة على نطاق واسع: هو من الأسباب المرتبطة باهتمام المؤسّسات المصرفيّة، وصناديق الاستثمار، وشركات التّأمين في تسويق الأوراق الماليّة المُشتقّة للمُستثمرين؛ ممّا زاد الدّيون المُترتِّبة على هذه المؤسّسات نحو المستثمرين فيها.[٥]
- غياب الرّقابة الفعّالة من قِبَل هيئة الأوراق الماليّة: وهو من الأسباب المؤثّرة تأثيراً مُباشراً لحدوث الأزمة الاقتصاديّة العالميّة؛ إذ لم تهتمّ هيئة الأوراق الماليّة في الولايات المُتّحدة الأمريكيّة، والمصرف الاحتياطيّ الفيدراليّ الأمريكيّ بمراقبة عمليّات توريق (تسنيد) القروض العقاريّة؛ لتقدير المخاطر المُترتّبة عليها؛ ممّا أدّى إلى امتداد المشكلة الخاصّة بالقروض العقاريّة.[٥]
أسباب الأزمة الاقتصاديّة وفقاً للاقتصاد الإسلاميّ
اهتمّ الاقتصاد الإسلاميّ بمُتابعة الأزمة الاقتصاديّة العالميّة؛ لصياغة مجموعة من الأسباب التي أدّت إلى حدوثها:
- الرّهن العقاريّ: هو السّبب الرئيسيّ للأزمة الاقتصاديّة العالميّة؛ بسبب التّجاوزات التي ظهرت من هذا النّوع من المُعامَلات الماليّة، ويُعرَّف الرّهن العقاريّ بأنّه عقد بين صاحب عقار، ومشترٍ، ومُموِّل من المصارف أو المؤسّسات الماليّة، ويُشترَط أنّ يدفع المشتري جزءاً من ثمن العقار، ومن ثمّ يدفع المموّل الجزء المتبقيّ الذي يصبح قرضاً مُترتّباً على المشتري بفائدة ماليّة، وقد أهملت المصارف أهميّة التحقُّق من الوضع الائتمانيّ لأصحاب القروض (المُشترين)، وحرصت على زيادة منح القروض؛ ممّا رفَع الطلب على العقارات فانخفضت أسعارُها، كما باعت المصارف هذه القروض التي أصدرتها إلى الشّركات المسؤولة عن التّوريق للاكتتاب العامّ على شكل سندات، ونتج عن ذلك ظهور مجموعة من الدّيون المُترتّبة على الرّهون العقاريّة، مع توقُّف المُقترضين عن سداد الدّيون بعد ارتفاع قيمة الفوائد.[٣]
- انتشار الرِّبا: هو من المعاملات الماليّة المُحرَّمة في الإسلام، ويشمل كافّة القروض التي تُمنَح للأفراد أو المُنشآت بنسبة فائدة ماليّة، ويدلّ الرِّبا لُغة على الزّيادة، أمّا شرعاً فهو (الفضل الخالي عن العوض المشروط في البيع، والتّعامل به مُحرَّم في القرآن الكريم، والسُنة النبويّة الشريفة، وإجماع الفُقَهاء)؛[٣] ويُستدَلُّ على تحريمه في القرآن الكريم بقول الله تعالى: (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ)،[٦] أمّا في السُّنة النبويّة الشريفة فقد وَرد في حديث عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- قال: (لَعَنَ الله آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَكَاتِبَهُ).[٧]
- الاعتماد على الأوراق الماليّة المُشتقّة: هي عبارة عن اتفاقيّة ماليّة تشمل تطبيق البيع أو الشراء لشيء ما؛ بالاعتماد على سعر ثابت، وتُشتَقّ هذه الأوراق غالباً من أصول رئيسيّة، ومتداولة بشكل منفصل عن الأوراق الماليّة المُشتقَّة،[٨] لكن قد تُشتَقّ هذه الأوراق من أصول وهميّة غير حقيقيّة لا تشكّل أيّ ملكيّة خاصّة بأحد أطراف العقود، وتعتمد على وجود وعود مُستقبليّة بالبيع أو الشّراء.
- ازداد التّعامل مع هذا النّوع من المُشتقّات الماليّة ضمن الأسواق، ممّا أدّى إلى ظهور تقلُّبات سوقيّة ساهمت في جعلها أحد أهمّ أسباب الأزمة الاقتصاديّة العالميّة، وقد حرّمَ الإسلام هذا النّوع من الأوراق المُشتقَّة المُعتمِدة على معاملات وهميّة؛ لأنّها تُعدّ شكلاً من أشكال القِمار (المَيسر) المُحرَّم شرعيّاً،[٣] ويُستدلُّ على ذلك بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).[٩]
- التّوريق: هو نوع من أنواع الأدوات الماليّة التي تُحوّل القروض إلى أوراق ماليّة من المُمكن تداولها في السّوق الماليّ، أو بمفهوم آخر هو تحويل الدّيون (القروض) من المُقرِض الرئيسيّ إلى مُقرِضين غيره، وتُسمّى هذه العمليّة أيضاً بالتّسنيد؛ لأنّها تُحوّل الدّيون إلى سندات (صكوك)، تُطرَح إلى الجمهور ضمن الاكتِتاب العامّ، ثمّ تُجمَع المتشابِهة منها ضمن محفظة استثماريّة واحدة؛ لبيعها إلى مُموِّل جديد.[٣]
الحلّ الإسلاميّ للأزمة الاقتصاديّة العالميّة
يعدُّ اعتماد الحلّ الإسلاميّ في مواجهة الأزمة الاقتصاديّة العالميّة من الوسائل التي تساهم في الوصول إلى نهاية جذريّة لهذه الأزمة؛ لذلك يُساهم تطبيق الأحكام الشرعيّة الإسلاميّة ضمن النظام الاقتصاديّ في علاج هذه الأزمة، ويُلخَّص الحلّ الإسلاميّ المبنيّ على الأحكام الشرعيّة في النّقاط الآتية:[١٠]
- يرى الإسلام ضرورة علاج الأزمات النّاتجة عن النظام الاقتصاديّ الرأسماليّ؛ لأنّها تُعدُّ المشكلة الرئيسيّة والأصليّة لظهور الأزمة الاقتصاديّة العالميّة.
- يفرض الإسلام غطاءً على الأموال المُتداولَة؛ عن طريق الاعتماد على الفضّة والذّهب، مع الحرص على عدم حصر المال في يدِ جماعة مُحدَّدة من الأفراد، بل يجب تداوله بين الناس حتّى يصل إلى الجميع.
- يعتمد الإسلام على استخدام نموذج مُعيَّن من المُشاركة الماليّة؛ يشمل المُفاوَضة والمُضارَبة، ممّا يمنع انتشار الجهل بين الشُّركاء في المؤسّسات والشّركات.
- يحظر الإسلام الرِّبا ويُحرّم الاحتكار، ويحرص على خضوع كافّة المُتعامِلين بهما لرقابة المؤسّسات التّابعة للدّولة.
أبرز الأزمات الاقتصاديّة العالميّة
ظهرت عدّة أزمات اقتصاديّة أثناء التاريخ، أثّرت على القطاعَين الاقتصاديّ والماليّ، ومن أهمّ هذه الأزمات:[١١]
- انهيار البورصة في فرنسا عام 1882م: هي أزمة ظهرت نتيجة إفلاس مصرف الاستثمار الفرنسيّ؛ ممّا أدّى إلى هبوط كلٍّ من بورصتَي ليون وباريس، فحصلت بورصة فرنسا على قرض من المصرف المركزيّ الفرنسيّ، ولكنّه زاد تأثير الأزمة الاقتصاديّة على الاقتصاد في فرنسا.
- الكساد العظيم عام 1929م: يُعدّ من أشهر الأزمات الاقتصاديّة العالميّة التي ظهرت نتيجة زيادة الاستهلاك الأمريكيّ؛ ممّا رفَع أسعار أسهُم الشّركات الأمريكيّة، فاعتمدت الطبقة المتوسّطة من المواطنين على الاقتراض؛ لدفع ثمن المشتريات، والاستدانة مُقابل شراء الأسهُم، فتحوّلت هذه الأزمة إلى أزمة اقتصاديّة عالميّة أثّرت تأثيراً خطيراً على الدُّول الأوروبيّة.
- فقاعة الإنترنت عام 2000م: هي أزمة تكنولوجيّة شهِدت بداية انفجار شبكة الإنترنت في عام 2000م؛ إذ وصلت مؤشّرات أسهُم الشركات التقنيّة إلى مستويات قياسيّة، مُقابل تراجُع مؤشّرات البورصات العالميّة لما يُقارب ثلاث سنوات.
المراجع
- ↑ “economic crisis”, Business Dictionary, Retrieved 13-4-2017. Edited.
- ↑ “economic-crisis”, Your Dictionary, Retrieved 13-4-2017. Edited.
- ^ أ ب ت ث ج جامعة الكويت – كلية العلوم الإدارية، أسباب الأزمة الاقتصادية العالمية من منظور الاقتصاد الإسلامي، صفحة 10، 20، 23، 24، 25. بتصرّف.
- ↑ “capitalism”, Business Dictionary, Retrieved 23-4-2017. Edited.
- ^ أ ب ت د. محمد الميداني (2009)، الأزمة المالية العالمية: أسبابها، وتداعياتها، ومنعكساتها على الاقتصاد العالمي والعربي والسوري، سوريا: جمعية العلوم الاقتصادية السورية، صفحة: 3-5. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 276.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 1958.
- ↑ “derivative security”, Business Dictionary, Retrieved 13-4-2017. Edited.
- ↑ سورة المائدة، آية: 90.
- ↑ حسن الحسن، “واقع الحل الإسلامي للأزمة المالية العالمية”، الجزيرة، اطّلع عليه بتاريخ 13-4-2017. بتصرّف.
- ↑ صفاء قطيش (11-9-2015)، “أبرز الأزمات الاقتصادية التي شهدها العالم”، صحيفة الحياة، اطّلع عليه بتاريخ 13-4-2017. بتصرّف.