المعاصي
تعدّ المعاصي في لفظها مضادةً للطّاعة، حيث تعرّف على أنّها فعل الإنسان ما نهاه الله تعالى ورسوله -صلّى الله عليه وسلم- عن ارتكابه، فقد قال تعالى: (وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا)[١]، وبارتكاب المعاصي تتنزّل العقوبات، وتحلّ على الإنسان، ويكون ارتكابها بإرادة الإنسان نفسه، فقد تكون معصيةً من عمل يده، وقد تكون من فعل لسانه، فالمعاصي متعدّدةٌ وكثيرةٌ، ومنها الكبائر، ومنها الصغائر، ومن الأمثلة على المعاصي المرتكبة: عقوق الوالدين، والتّكاسل عن أداء الصّلاة، ولعب القمار، وتناول الخمور، وارتكاب فاحشة الزّنا، لذلك على المسلم أن يحذر من ارتكاب المعاصي والذّنوب، وأن يجدّد توبته إلى الله -تعالى- كلّما أذنب، ويحرص على ذلك.[٢]
آثار المعاصي
للمعاصي والذّنوب التي يرتكبها الإنسان الكثير من الآثار السّيئة في الدّنيا والآخرة، فمنها ما يعود على العاصي بذاته، ومنها ما هو عائدٌ على المجتمع بأكمله، وفيما يأتي ذكرٌ لبعض هذه الآثار:[٣][٤]
- الذّكر السّيئ بين النّاس، فلا يعود له بين الناس كرامة ولا جاه.
- حجب النّعم الحاصلة في الحياة عن الإنسان العاصي.
- الشّعور بالخوف والرّعب الدّائم.
- الطبع على القلب، فيصبح القلب في غشاوة وغلاف من الذنوب، ويكون العاصي من الغافلين.
- تسلّط الشّيطان على العاصي، والابتعاد عن الله تعالى.
- عدم التمكّن من تحصيل العلم المفيد، فحقيقة العلم الذي يسعى العبد للوصول إليه؛ نورٌ من الله -تعالى- يبعثه في قلب العبد، فإذا ارتكب الذّنوب والمعاصي فذلك يؤدّي إلى عدم وصول العلم له، وحرمانه منه، ومن لم يتعلم ويُحصّل العلوم؛ سوف يعيش في هذه الدّنيا بلا هدفٍ، ويسير فيها دون خطىً محدّدةٍ.
- الوحشة في القلب، حيث تحصل في قلب الإنسان المكثر من الذّنوب والمعاصي، فيشعر بالبعد عن الله تعالى، والبعد عن الصّالحين والأتقياء، ويصبح غير قادرٍ على الاستفادة ممّا يُقال من الخير، وإذا حصلت هذه الوحشة فإن من الصّعب إزالتها، حتّى لو حصل الإنسان على كلّ ما يشتهيه في الدّنيا ممّا طاب له، ونتيجة لذلك يقع العاصي في الشّبهات.
- إضعاف القلب، لأنّ المعاصي والذّنوب تعمل على إضعافه شيئاً فشيئاً، حتّى يمتدّ ذلك إلى الجسد كله، وهذا يؤدي إلى عدم القدرة على إكمال المسير في الحياة وصعوبة ذلك.
- قلّة البركة، فالذّنوب تمحق البركة من العمر ومن شتّى مناحي الحياة، فينقضي عمر الإنسان وأيامه دون أن يشعر بذلك.
- الاستهانة في ارتكاب المعاصي، وذلك عند الإكثار من ارتكاب المعاصي، فيصبح الأمر اعتياديّ على العاصي، ولا يشعر حينها بخطورة ارتكابها، ويزداد في عمله للمعاصي وهو غير مهتمٍّ ولا مبالٍ بما يفعل.
- إذلال الإنسان، فمن يطيع الله -تعالى- يكتسب العزّة، ومن يعصي الله -تعالى- يستحق الذّل والمهانة في الدنيا والآخرة.
- عدم الغيرة وانطفائها في القلب، فلا يغار على نفسه، ولا على أهله، ولا على ما يمكن أن يؤذي النّاس ويهينهم ويذلّهم، أو ما يضرّ بدين الله تعالى، ويحول دون إعلاء كلمته سبحانه.
- انعدام الحياء، فيزداد ارتكاب الإنسان للذنوب دون أن يشعر بحياءٍ من الله تعالى، أو يشعر بخجلٍ من النّاس، وتنعدم بذرة الخير في قلبه.
- فتور الهمّة، فتذهب عزيمة الإنسان ورغبته في أداء الطّاعات، ويصبح متثاقلاً ومجبراً بالإكراه على فعل العبادات.
- عدم تيسير الأمور، فإنّ صاحب الذّنب يجد أنّ حياته تسير عكس ما يريد، ولا يلمس أيّ جانبٍ من التّوفيق والتّيسير، بل على العكس من ذلك، كلّما أراد أمراً تعسّر عليه، ووجد صعوبةً بالغةً في تحقيقه.
- التكاسل والفتور في أداء الطّاعات، فمن يكثر من الذّنوب يحرمه الله -تعالى- من الهداية إلى فعل الطّاعات.
- نزول المصائب، كعدم استجابة الدّعاء، وسوء الخاتمة، وحدوث الكوارث كالزّلازل، وحلول الفساد في الأرض.
- الفقر وقلة الرزق، فكما أن الطاعات تجلب الخير والبركة، فإن المعاصي والذنوب تُبعد الرزق وتجلب الفاقة والفقر.
التّوبة من الذّنوب والمعاصي
من رحمة الله -تعالى- بعباده أن شرع لهم باب التّوبة؛ حتّى يتوب المسيء من ارتكابه للذّنوب والمعاصي، فقد قال تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)[٥]، والتّوبة عبادةٌ يتقرّب بها المسلم إلى الله تعالى، وبها تُغفر ذنوب العبد، وتحلّ مكان سيّئاته الحسنات، وتنتشر البركة في حياته، ولذلك على المسلم أن يسعى دائماً لتجديد توبته، وهناك بعض الوسائل التي تعين المسلم على التّوبة، وفيما يأتي ذكرٌ لبعضها:[٦]
- استحضار المسلم للذّنب الّذي فعله، وتذكّر الجزاء المترتّب على فعله.
- إخلاص النيّة لله -تعالى- في التّوبة.
- إلزام النّفس على فعل ما أمر الله -تعالى- به، واجتناب ما نهى عنه.
- استحضار فكرة أنّ الموت قادمٌ لا محالة.
- تذكّر عظمة الله -تعالى- في هذا الكون العظيم.
- استشعار رحمة الله -تعالى- الكبيرة في أنّه يغفر ذنوب العبد جميعها.
- الحرص على عبادة التفكّر، وذلك بالتفكّر في النّعيم الذي أعدّه الله -تعالى- للمحسنين يوم القيامة.
- الاستمرار والمداومة على أداء الفرائض والحرص عليها، وخاصة الصّلوات الخمس.
- الإكثار من أداء النّوافل التي تقرّب المسلم إلى الله تعالى.
- المواظبة على ذكر الله -تعالى- واستغفاره، وقراءة القرآن الكريم.
- التفقّه والاستفادة من قصص الأمم التي تابت إلى الله تعالى.
- الحرص على مصاحبة الأخيار والأتقياء، والابتعاد عن رفقاء السّوء.
- الاستعانة بالدّعاء، والإكثار منه، والإلحاح في الطّلب.
شروط التوبة
للتّوبة عددٌ من الشّروط الواجب توفّرها حتّى تُقبل، وهذه الشّروط هي:[٧][٨]
- الكفّ عن فعل المعصية والذنوب، والامتناع عن أدائها.
- الشعور بالنّدم الشّديد على ارتكاب المعاصي.
- العزيمة الصادقة على عدم الرّجوع إلى ارتكاب الذّنب والمعصية مرّةً أخرى.
- ردّ الحقوق والمظالم إلى أصحابها.
- حصول التّوبة قبل أن تطلع الشّمس من مغربها وقبل غرغرة العبد المذنب.
المراجع
- ↑ سورة الجن، آية: 23.
- ↑ الشيخ عبد الله القصيّر (11-12-2013)، “المعصية ( حقيقتها – أنواعها – كفارتها – شؤم الإصرار عليها ) “، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 1-2-2019. بتصرّف.
- ↑ أنور النبراوي، “يا نفس توبي آثار الذنوب والمعاصي”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 1-2-2019. بتصرّف.
- ↑ “أثر المعاصي على قلب العاصي”، www.islamweb.net، 10-11-2004، اطّلع عليه بتاريخ 1-2-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الزمر، آية: 53.
- ↑ محمد الشوبكي (29-2-2016)، “التوبة: فضائلها والأسباب المعينة عليها”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 1-2-2019. بتصرّف.
- ↑ طارق امعيتيق (16-5-2009)، “التوبة النصوح”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 1-2-2019. بتصرّف.
- ↑ د.أمين الشقاوي (5-9-2012)، “التوبة”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 1-2-2019. بتصرّف.