آثار الإيمان بعلم الله المطلق
للإيمان بعلم الله -تعالى- المُطلق العديد من الآثار، ومنها ما يأتي:
- اليقين بأن الله -تعالى- وحده من يعلم الغيب؛ يقول تعالى:(قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ)،[١] فلا يطمئن من يؤمن بعلم الله وحده للغيب بما قد يُخبر به المُنجمون والكُهّان من الغيب، وهذا الغيب المُطلق لله -تعالى- قد يُخبر به بعض أنبيائه، لقوله تعالى: (إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ).[٢][٣]
- اليقين بعلم الله -تعالى- بمكنونات الإنسان فهو العليم بالسرائر، وما في الضمائر، وذلك يؤدي إلى زجر النفس وحفظها من الوقوع في المعاصي؛ فالله -تعالى- لا يخفى عليه شيء في الكون، ويعلم السر وأخفى؛ مما يؤدي بالإنسان إلى مُراقبة عمله فيحرص على إرضاء خالقه، ويبتعد عن المعاصي والذُنوب، يقول تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ).[٤][٥][٦]
- الحرص على استثمار الوقت والعُمر بالأعمال الصالحة، والبُعد عن فعل المُحرمات، ومُراقبة الله -تعالى- وتعظيمه وإجلاله؛ لأنه سيُحاسب عباده على جميع أعمالهم وما ارتكبته جوارحهم يوم القيامة، لقوله تعالى:(إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا).[٧][٨]
معلومات عن علم الله تعالى
يوقن المُسلم بأن الله -تعالى- عليمٌ بكل شيء في الكون، فهو يعلم ما في النُفوس، وما تُخفيه القُلوب، ويُريد من عباده أن يعلموا ويوقنوا بذلك، يقول تعالى: (اللَّـهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّـهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا)؛[٩] فالغاية معرفة العبد وعلمه بربه، وصفاته، وطاعته؛ فالله -تعالى- يُحب الإنسان العليم، ويختصُّ الله بعلمه من يُحبه، بالإضافة إلى أنه تَفَضل على عباده بتعليمهم ما لم يعلموا، كالخط والمعاني والألفاظ؛ وغيرها ممّا يعينهم على معرفة خالقه، يقول تعالى: (عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)،[١٠][١١] فمن أسماء الله -تعالى- الحُسنى العليم؛ ومعناه المُحيط بعلمه كُل ما في الكون.[١٢]
ويشمل علم الله الموجود وغير الموجود، والمُمكن وغير المُمكن، ويعلم آجال البشر، وأرزاقهم، وحركاتهم، وسكناتهم، وجميع أفعالهم، ومصائرهم، قبل أن يخلقهم، وقبل خلق السماوات والأرض، يقول تعالى:(عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ)،[١٣] ويعلم تعالى الكاذبين الذين يتمنون في الآخرة الرُجوع إلى الدُنيا ليؤمنوا، يقول تعالى: (وَلَو رُدّوا لَعادوا لِما نُهوا عَنهُ وَإِنَّهُم لَكاذِبونَ)،[١٤] ويعلم بحال الأطفال الذين ماتوا صغاراً لو كبروا كيف سيكون عملهم، وبرحمته يُدخلهم الجنة، ولما سُئل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن أطفال المُشركين، قال: (اللهُ أعلمُ بما كانوا عامِلينَ)،[١٥][١٦] وهذا العلم لله -تعالى- أزليٌ؛ أي أنه موجود قبل وجود المخلوقات، وكتبه في اللوح المحفوظ قبل خلق السماوات والأرض.[١٧]
اتصاف الله بكل كمال
يتصف الله -تعالى- بجميع صفات الكمال التي لا تنتهي،[١٨] ومن هذه الصفات صفة العلم؛ وتدُل على علم الله -تعالى- الأبدي بما كان، وما سيكون، وكذلك علمه للغيب، الذي لا يُطْلع عليه أحداً من خلقه إلا بعض ما يُخبر به بعض أنبيائه؛ من باب التأييد لهم، وصفة العلم من الصفات الثابتة لله -تعالى- التي وردت في كثير من آيات القرآن الكريم، كقوله تعالى: (فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ)،[١٩][٢٠] وقوله تعالى: (وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلا بِعِلْمِهِ)؛[٢١] وأثبت أهل السُنة والجماعة صفة العلم لله -تعالى- بجميع الأشياء والحوادث في أي زمانٍ ومكان، بالإضافة إلى علمه تعالى بالغيب، يقول تعالى: (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)،[٢٢] ولو اجتمع جميع البشر على الإحاطة بعلم الله -تعالى- لما استطاعوا.[٢٣]
المراجع
- ↑ سورة النمل، آية: 65.
- ↑ سورة الجن، آية: 27.
- ↑ محمد حسن عبد الغفار ، صفات الله وآثارها فى إيمان العبد، صفحة 12، جزء 7. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 235.
- ↑ خالد بن جمعة بن عثمان الخراز (2009)، مَوْسُوعَةُ الأَخْلَاقِ (الطبعة الأولى)، الكويت: مكتبة أهل الأثر للنشر والتوزيع، صفحة 124، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ عدد من المختصين بإشراف الشيخ/ صالح بن عبد الله بن حميد إمام وخطيب الحرم المكي، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم (الطبعة الرابعة)، جدة: دار الوسيلة للنشر والتوزيع، صفحة 3368، جزء 8. بتصرّف.
- ↑ سورة الإسراء، آية: 36.
- ↑ محمد بن محمد بن مصطفى بن عثمان، أبو سعيد الخادمى (1348هـ )، بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية، مصر: مطبعة الحلبي، صفحة 58، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ سورة الطلاق، آية: 12.
- ↑ سورة العلق، آية: 5.
- ↑ عمر سليمان الأشقر (2008)، شرح ابن القيم لأسماء الله الحُسنى (الطبعة الأولى)، عمان – الأردن: دار النفائس للنشر والتوزيع، صفحة 78-79. بتصرّف.
- ↑ محمد متولي الشعراوي، أسماء الله الحُسنى، القاهرة: مطابع أخبار اليوم، صفحة 10. بتصرّف.
- ↑ سورة سبأ، آية: 3.
- ↑ سورة الأنعام، آية: 28.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 4712، إسناده صحيح.
- ↑ عمر بن سليمان عبد الله الأشقر (2005)، القضاء والقدر (الطبعة الثالثة عشر)، عمان – الأردن: دار النفائس للنشر والتوزيع، صفحة 26-28. بتصرّف.
- ↑ ياسر بن حسين برهامي، دروس للشيخ ياسر برهامي، صفحة 6-7، جزء 8. بتصرّف.
- ↑ محمد متولي الشعراوي (1997)، تفسير الشعراوي – الخواطر ، مصر: مطابع أخبار اليوم، صفحة 5956، جزء 10. بتصرّف.
- ↑ سورة الأعراف، آية: 7.
- ↑ محمد حسن عبد الغفار ، أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة، صفحة 1-3، جزء 20. بتصرّف.
- ↑ سورة فاطر، آية: 11.
- ↑ سورة الأنعام، آية: 59.
- ↑ محمد بن عبد الرحمن الخميس (1999)، اعتقاد أئمة السلف أهل الحديث (الطبعة الأولى)، الكويت: دار إيلاف الدولية، صفحة 242. بتصرّف.