الصحابة والتابعون

جديد ما هو نسب عمر بن الخطاب

النسب عند العرب

كان النّسب عند العرب منذ القِدم سبباً من أهمّ أسباب فخرهم، وتباهيهم، وقد سجّلت أشعار العصر الجاهلي في كثير من مشاهدها ما يؤكّد ذلك، ولمّا جاء الإسلام أقرّ ضرورة معرفة النّسب، وذلك في الحدود التي تضمن معرفة الأصول والفروع، وتضمن بالضرورة الحقوق المترتبة على التّشريعات التي أقرّها، ونهى عن أنْ يكون الاعتزاز بالنّسب مقدّماً على أواصر الدين ورابطة العقيدة، غير أنّه أقرّ الحدود المعقولة من الاعتزاز بالأنساب، هذا الاعتزاز الذي أثمر في إسهامات القبائل المسلمة في الانخراط في صفوف جيش المسلمين حين يدعو داعي الجهاد تحت تنظيمات عشائريّة تقاتل كلها باسم الله وفي سبيل الله، وقد كانت قبيلة قريش محطّ اهتمام العرب كلّهم قبل الإسلام وبعده؛ فكان لها شأن عظيم، زاد منه انتساب النبي محمّد -عليه السلام- لهذه القبيلة التي كانت مختصّة برعاية حجاج بيت الله الحرام قبل الإسلام، فضلاً عن كونها صاحبة السيادة في مكة المكرمة، ويتساءل بعض المهتمّين عن نسب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وهل هو من قريش أم غيرها من القبائل، وما صلة نسبه بالنبي -عليه السلام-؟

نسب عمر بن الخطاب

  • نسب عمر: هو عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رباح بن عبد الله بن قرط ابن رزاح، وصولاً إلى عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك القرشيّ، ثمّ من النضر بن كنانة ابن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد من قبيلة عدنان العربية، يكنّى بأبي حفص العدوي،[١] والعدويون نسبة تصرف لخمسة رجال، منهم عدي بن كعب، وهو أحد أجداد عمر بن الخطاب -رضى الله عنه-، وعشيرته وذرّيته من أولاده من بعده ومواليه ينتسبون إلى العدويين، وهم أصحاب كثرة، وأهل شهرة،[٢] ويلتقي نسب عمر بالنبي -عليه الصلاة والسلام- عند كعب بن لؤي بن غالب.[٣]
  • منزلة عمر في قريش: كان عمر من أشراف قريش وأسيادها، وكان من شأنه فيهم أنّها اختارته في الجاهلية سفيراً لها إذا وقع نزاع، أو حرب بينهم، أو بينهم وبين غيرهم،[٤] وقريش التي ينتسب عمر إلى أحد بطونها هي أكبر وأعظم قبائل العرب، وهي قبيلة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وكان لها مكانة عظيمة ومنزلة كبيرة بين كلّ قبائل العرب، وامتازت من بين شتّى القبائل قبل الإسلام بسيادتها على مكة المكرمة وخدمة حجّاج بيت الله الحرام.[٥]
  • أمّ عمر: أمّ عمر امرأة مخزوميّة اسمها حنتمة بنت هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر، وهي أختٌ لأبي جهل بن هشام،[١] ذهب بعض المؤرّخين إلى أنّها لو كانت كذلك لكانت أخت الحارث بن هِشَام بن الْمُغِيرَة أيضاً، والحال ليس كذلك، وإنما هي ابنة عمّ أبي جهلٍ، لأنّ هاشم بن الْمُغِيرَة وهشام بن الْمُغِيرَة إخوة، فهاشم والد حنتمة، وهشام أَبو جهل، وهاشم بن الْمُغِيرَة جدّ عُمَر لأمّه.[٦]
  • ذريّة عمر: وهب الله -سبحانه- عمر من الأبناء عَبْد الله، وعبد الرَّحْمَن، وحفصة، وأمّ الثلاثة زينب بِنْت مظعون، وزيد الأكبر، ورقية وأمهما أم كلثوم بِنْت علي بْن أبي طالب وأمها فاطمة بِنْت رسول الله -عليه السلام-، وأمّا زيد الأكبر فلا عقِب له، ولعمر -رضي الله عنه- من أم كلثوم بنت جرول الخزاعية ولدان، هما زيد الأصغر وعبيد الله، وله -أيضاً- عاصم من جميلة بنت ثابت الأنصارية من الأوس، ولعمر ابنة اسمها فاطمة من زوجته أُمُّ حَكِيمٍ بِنْت الْحَارِث المخزومية، وله عبد الرَّحْمَن الأوسط، ويلقّب بأَبي المجبَر، وأمه لهية من الإماء، وله عبد الرَّحْمَن الأصغر وأمّه أم ولد من الإماء، وأمّا آخر ما ولِد له فزينب من فكيهة وكانت أمَةً، وعياض من عَاتِكَةُ بِنْتُ زَيْدِ.[٧]

أهم صفاته الخَلقية والخُلُقيّة

الوقوف على صفات عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الخَلقية تترك انطباعاً أجمل، وأشمل، وأكثر قُرباً للتّصور الذّهنيّ عند من يُطالع سيرته ومواقفه وأخلاقه.

صفاته الخَلقِيّة

جاء في صفات عمر أنّه كان طويلاً، شديد الصلع، أبيض تعلوه حمرة شديدة، وكان رجلاً أشيباً، وفي عارضيه خفة وسبلته كبيرة، وصاحب جهامة في بنية جسده، فكان من شدّته أنّه يثب على فرسه وثباً، كما جاء أنّه كان يسرع في مشيته،[٨] وكان -رضي الله عنه- يصفّر لحيته، ويرجل رأسه بالحناء، لا يجد بأسأ في لبس الثياب المرقّعة، صاحب مهابة يعرفها كلّ من يلقاه.[٤]

صفاته الخُلُقيّة

جاء في سيرة عمر -رضي الله عنه- أنّه كان شديداً في الحق حيث كان، ولذا اشتُهر بأنّه وافر العدل، صاحب ذكاء؛ فمواقفه تشهد أنّه ثاقب الرأي حكيم، عُرف بحماسته لدين الله، ووفائه لنبيه -صلى الله عليه وسلم-، وبورعه الشديد، وعظيم الخوف من الله، فكانَ كثيراً ما يحاسب نفسه ويعظها، ومن ذلك أنّه كان قد اتّخذ خاتماً نقش عليه “كفى بالموت واعظاً يا عمر”.[٩]

عمر بن الخطّاب في الإسلام

  • أسلم عمر -رضي الله عنه- في المرحلة المكية من عمر الدّعوة؛ فقدّ أتمّ الله به الأربعين ممّن أسلم قبله، وجاء إسلامه بعد عداء شديد للنبي -صلى الله عليه وسلم- ورسالة الإسلام، فشاء الله أنْ يكون إسلامه فتحاً، ونصراً، وعزّاً لجماعة المسلمين؛ إذ جاء أنّهم بإسلامه تمكّنوا من الصلاة عند الكعبة دون خوف من قريش ومكرها،[١٠] وكان مِن أوائل مَن هاجر إلى المدينة المنوّرة، وشهِدَ مع من شهد بيعة الرضوان، وعُرِفَ بلقب الفاروق، وهو أحد الذين بشّرهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بدخول الجنّة، وارتضاه أبو بكر الصديق وزيراً له في خلافته، وتولّى خلافة المسلمين بعد أبي بكر، وكان أوّل من أُطلق عليه أمير المؤمنين.[١١]
  • حظيَ عمر بأنْ شَهِد مع النبي -عليه الصلاة والسلام- كلّ الغزوات وجميع الوقائع، ويشهد التّاريخ أنّ خلافته كانت فتحاً على عامّة المسلمين، حيث تشعّبتْ حدود الفتوحات الإسلاميّة، ودخلتْ أمصاراً كثيرة وبلداناً عديدة في رحاب وحمى دولة الإسلام، وفي عهده -أيضاً- أكرم الله -تعالى- المسلمين بانهيار دولتي فارس والرّوم.[١٢]
  • نزل القرآن الكريم في مواقف عديدة موافقاً لرأيه في بعض المسائل، وذلك إن دلّ على شيء فيدلّ على مكانة عمر وفضله في الإسلام، وحكمته، وسداد رأيه، ففي مسألة أسارى غزوة بدر رأى أنْ يقتلوا ولا تقبل منهم فدية؛ فنزل القرآن مؤيّداً ومسدّداً رأيه، وكذلك عندما رأى أنْ يتّخذ مقام إبراهيم -عليه السّلام- مُصلّىً؛ فجاء الأمر الإلهيّ كما أراد، ومن ذلك أيضاً أنّه أشار على النبي -عليه الصلاة السلام- بحجاب زوجاته، إذ كان الصحابة الكرام يدخلون على النبي في حجراته، ويستفتونه في أمور دينهم؛ فنزل القرآن بأمرهنّ بالحجاب،[١٣] كما عارض عمر مسألة الصلاة على من مات من المنافقين، وحدث ذلك عندما مات عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين، فصلّى عليه النبي -عليه السلام-؛ فأنزل الله -تعالى- عقب ذلك قوله: (وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ).[١٤][١١]

المراجع

  1. ^ أ ب محمد بن حبان (1417)، السيرة النبوية وأخبار الخلفاء (الطبعة الثالثة)، بيروت: الكتب الثقافية، صفحة 452، جزء 2. بتصرّف.
  2. عبد الكريم السمعاني (1962)، الأنساب (الطبعة الأولى)، حيدر آباد: مجلس دائرة المعارف العثمانية، صفحة 251، جزء 9. بتصرّف.
  3. محمود المعاضيدي (2015)، آل البيت الأطهار والصحابة الأخيارفي الميزان (الطبعة الأولى)، المملكة الأردنية الهاشمية: دار الجنان، صفحة 211. بتصرّف.
  4. ^ أ ب محمد رضا (1936)، تاريخ وسيرة ومناقب أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب، مصر: المطبعة المحمودية في الأزهر، صفحة 10. بتصرّف.
  5. سامية منيسي (5-9-2015)، “نبذة عن قريش”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-4-2018. بتصرّف.
  6. يوسف القرطبي (1992)، الاستيعاب في معرفة الأصحاب (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الجيل، صفحة 1144، جزء 3. بتصرّف.
  7. ابن سعد (1990)، الطبقات الكبرى (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 201، جزء 3. بتصرّف.
  8. شمس الدين الذهبي (1985)، سير أعلام النبلاء (الطبعة الثالثة)، مؤسسة الرسالة، صفحة 71، جزء راشدون. بتصرّف.
  9. عبد العزيز الشثري (21-4-2011)، “الخليفة الثاني عمر بن الخطاب (1)”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-4-2018. بتصرّف.
  10. مصطفى عبد الباقي (10-7-2013)، “عمر بن الخطاب رضي الله عنه”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-4-2018. بتصرّف.
  11. ^ أ ب عبد العزيز الشثري (21-4-2011م)، “الخليفة الثاني عمر بن الخطاب (1)”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-8-2018. بتصرّف.
  12. أمين الشقاوي (26-11-2014م)، “مقتطفات من سيرة عمر بن الخطاب”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-4-2018م. بتصرّف.
  13. “فقه عمر بن الخطاب”، www.islamway.net، 1-4-2015، اطّلع عليه بتاريخ 28-4-2018. بتصرّف.
  14. سورة التوبة، آية: 84.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى