الصحابة والتابعون

جديد من هو خطيب الرسول

خطيب الرّسول

اشتهر الصحابيّ ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري بأنّه خطيب الرسول -صلى الله عليه وسلم- وكان يلّقب بخطيب الأنصار،[١] وهو ممّن شهد لهم النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بالجنّة، وقد كان يتميَّز بصوته الجهوري، [٢] واستشهد -رضي الله عنه- في معركة اليمامة، وكان الخليفة أبو بكر الصدّيق قد جعله أميراً على الأنصار فيها مع خالد بن الوليد.[٣] وله ثلاثة أولاد وهم: محمد ويحيى وعبد الله، وثلاثتهم قُتلوا يوم الحَرَّة.[٤]

مواقف خطيب الرسول

كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يستعين بخطباء حين تدعو الحاجة إلى ذلك، ومن ذلك حين جاءه وفدٌ من بني تميم يريدون أن يُعلنوا إسلامهم، فاستعرضوا ما عندهم من الرجال البلغاء والفصحاء ومنهم الشاعر زبرقان بن بدر والخطيب حاجب بن زرارة، فأمر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- خطيبه ثابت بن قيس أن يقوم لهم ويخطُب مثلما خطبوا، ودعا له بالتأييد، فقام ثابت وقال مقالة فصيحة، ثم قام حسّان بن ثابت الشاعر وقال شعره مؤيدّاً به الرسول -صلى الله عليه وسلم-.[٥]

كان ثابت بن قيس شديد الحبّ لرسول الله، وكان يجهر بصوته المرتفع في الخُطَب بين يدي النبي، وحين أنزل الله سبحانه وتعالى قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ)،[٦] ظنّ ثابت أنّها إنّما نزلت به، فاعتزل في بيته يبكي، وعندما افتقده النبيّ وسأل عنه، قالوا له إنّه في بيته يبكي خشية أن يكون المقصود من الآية، فبشّره النبيّ أنه من أهل الجنّة، يروي ثابت ذلك ويقول:(أُنْزِلَتْ هذِه الآيَةُ، ولقَدْ عَلِمْتُمْ أنِّي مِن أرْفَعِكُمْ صَوْتًا علَى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فأنا مِن أهْلِ النَّارِ، فَذَكَرَ ذلكَ سَعْدٌ للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: بَلْ هو مِن أهْلِ الجَنَّةِ).[٧].[٨]

الخَطابة في الإسلام

الخَطابة فن من فنون اللغة التي اعتنى الإسلام بها واهتمّ بها اهتماماً شديداً، وكان لها الصدارة في الدعوة إلى دين الله، وتحفيز المجاهدين، والترغيب في الإسلام، وقد كان النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- خطيباً ماهراً واشتُهر بالفصاحة والبلاغة، وكانت معجزته فصاحة القرآن الذي جاء به من ربه وتحدّى العرب أن تقدر على الإتيان بمثله، وكانت الفصاحة والخطابة من الأمور المهمة للأنبياء لاستخدامها في دعوة أقوامهم، إذ استخدمها النبي طيلة فترة مكثه في مكة ودعوته لقومه، وقد استعان نبيّ الله موسى بفصاحة أخيه هارون -عليهما السلام- في الدعوة إلى الله، قال تعالى:(وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ)[٩][١٠] وقد مرَّ أسلوب الخطابة في الإسلام بالكثير من التطور واستمر في الصدارة كأهمِّ أداة للدعوة والبيان، وأصبحت الخُطبة جزءاً من شعائر الإسلام، كما في خُطبة الجمعة، وخُطبة العيدين وغيرها.[١١]

المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 121، جزء 8. بتصرّف.
  2. إسماعيل الأصبهاني، سير السلف الصالحين، الرياض: دار الراية، صفحة 302. بتصرّف.
  3. ابن الجوزي (2000)، صفوة الصفوة، القاهرة: دار الحديث، صفحة 239، جزء 1. بتصرّف.
  4. أبو الحسن ابن الأثير (1994)، أسد الغابة (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 451، جزء 1. بتصرّف.
  5. عائض القرني، دروس الشيخ عائض القرني، صفحة 12. بتصرّف.
  6. سورة الحجرات، آية: 2.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 119 ، صحيح.
  8. عائض القرني، لا تحزن، الرياض: مكتبة العبيكان، صفحة 443. بتصرّف.
  9. سورة القصص، آية: 34.
  10. عبد الرحمن بن محمد الحمد، خطبة الجمعة في الكتاب والسنة (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 7. بتصرّف.
  11. جامعة المدينة العالمية، الخطابة، صفحة 139-140، جزء 1. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى