معتقدات إسلامية

جديد أين تذهب الأرواح بعد الموت

الموت

الموت هو الحقيقة التي لا يستطيع أحدٌ إنكارها، فالكلّ سيموت؛ الغنيّ والفقير، القويّ والضعيف، الجاهل والعالم، وليس فقط البشر؛ بل حتى الملائكة ستموت، كما قال تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ)،[١] وعلى الرغم من التأكّد من حقيقة الموت إلا أنّ الناس في غفلةٍ منه، والحقيقة أنّ الموت ليس له مكانٌ محدّدٌ ولا زمانٌ محدّدٌ، كما قال تعالى: (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)؛[٢] ولذلك يجب على الإنسان الانتباه من غفلته قبل فوات الأوان، والاستعداد لتلك اللحظة التي لا مفر منها، ويكون الاستعداد للموت بالعمل الصالح الذي يُحبّب العبد بلقاء ربّه عزّ وجلّ، وممّا يُحيّر العقول ويُذهل القلوب أنّ الموت ليس له سببٌ معيّنٌ، فلكم سمعنا عن ميّتٍ من غير علّةٍ، وكم من إنسانٍ خرج من بيته وأحلامه كبيرةٌ وآماله عريضةٌ، يخطّط للمستقبل ويفكّر فيه، ولكنّه لم يرجع إلى بيته وإنّما رجع إلى القبر؛ ولذلك أوصى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بالإكثار من ذكر الموت، حيث قال: (أكثِرُوا ذكرَ هادِمِ اللذَّاتِ)،[٣] فعندما يتذكّر الإنسان الموت، يسرع إلى العمل والاستعداد للقاء ربّه عزّ وجلّ، ومن الأعمال التي يستعدّ بها العبد للموت؛ تطهير النفس من الشرك والرياء، وترك العمل للدنيا، والاعتماد على الله، ودعائه وحده لا شريك له، بالإضافة إلى تطهير القلب من الأمراض كالحسد، والكبر، والتوبة النصوح من كلّ الذنوب والمعاصي، والاجتهاد في الطاعات.[٤]

مكان الأرواح بعد الموت

بعد موت الإنسان تنتقل روحه من الدار الدنيا إلى دار البرزخ، فينتهي بذلك فصلٌ من حياته؛ ليبدأ فصلٌ جديد، والحقيقة أنّ عالم البرزخ أمرٌ غيبيّ لا يمكن الاطلاع عليه؛ لذلك لا بُدّ من مصدرٍ يُخبرنا عن ذلك العالم، إذ إنّ الغيبيات لا مجال لإدراكها بالعقل أو الرأي، وإنّما تأخذ حكم التوقيف على الكتاب والسنة النبويّة، ويمكن تعريف البرزخ لغةً بأنّه؛ الحاجز بين الشيئين، المانع من اختلاطهما وامتزاجهما، وأمّا شرعاً فيُعرّف البرزخ بأنّه؛ مرحلةٌ ما بعد الموت، وهو ما بين الدنيا والآخرة، ويستمر من وقت الموت إلى البعث، وقد ورد ذكر كلمة البرزخ بالمعنى اللغوي في القرآن الكريم، حيث قال تعالى: (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ* بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ)،[٥] وأمّا في المعنى الشرعيّ؛ فقد ذكر البرزخ في قول الله تعالى: (لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ)،[٦] بالإضافة إلى قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ القبرَ أوَّلُ منازِلِ الآخرَةِ فإن نجا منهُ فما بعدَه أيسَرُ منهُ وإِن لَم يَنجُ مِنهُ فما بعدَه أشدُّ منهُ)،[٧] ومن الجدير بالذكر أنّ عمل الإنسان ينقطع عند موته، ولكن قد تصل إليه بعض الأعمال فتنفعه أو تضرّه، كما ورد في الحديث الذي رواه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (إنَّ الميتَ ليُعَذَّبُ ببكاءِ أهلِهِ عليهِ )،[٨] بالإضافة إلى قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (إذا مات الإنسانُ انقطع عنه عملُه إلا من ثلاثةٍ: إلا من صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ ينتفعُ به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له)،[٩] وبعد أن ثبت وجود حياة البرزخ لا بُدّ من الإشارة إلى حال أرواح المؤمنين والكفّار فيها، والحقيقة أنّ أرواح المؤمنين تسرح في الجنّة وتشاهد ما فيها من روعةٍ، وتذوق ما فيها من ثمارٍ، وتعايش ما أعده الله تعالى لها من الكراماة، كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّما نسَمةُ المؤمنِ طائرٌ يُعلَقُ في شجرِ الجنَّةِ، حتَّى يرجعَ إلى جسدِهِ يَومَ يُبعَثُ)،[١٠] بالإضافة إلى أنّ أرواح الشهداء في عالم البرزخ معلّقةٌ في حواصل طير.[١١]

القبر

القبر من أعظم الفتن، وأصعب الأمور التي قد يتخيلها الإنسان، ولذلك كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يستعيذ بالله منه، حيث كان يقول: (اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بِكَ مِن عذابِ جَهَنَّمَ ومِن عذابِ القبرِ)،[١٢] ويأمر الصحابة -رضي الله عنهم- بالاستعاذة بالله منه؛ فإنّ القبر شديد الظلمة، فرشه التراب، وله ضمّةٌ لا ينجو منها أحدٌ، ولو نجا منها أحدٌ؛ لكان سعد بن معاذ -رضي الله عنه- الذي اهتزّ العرش لموته، وشيّعه سبعون ألف ملكٍ، وفُتحت له أبواب السماء، وفي القبر فتنةٌ عظيمةٌ وامتحانٌ ليس كامتحانات الدنيا؛ فبعد أن يُدفن الميت يأتيه ملكان، يسألانه ثلاثة أسئلةٍ تحدّد مصيره، فيقولان: ما ربك، وما دينك، ومن نبيك؟ فإن ثبّته الله تعالى وأجاب، نادى منادٍ من السماء أن صدق عبدي، فافرشوا له من الجنّة، وافتحوا له بابا إلى الجنة، وألبسوه من الجنة، وإن لم يوفق للإجابة، أو أجاب إجابةً خاطئةً نادى منادٍ من السماء أن كذب عبدي، فافرشوا له من النار، وافتحوا له باباً من النار، وألبسوه من النار، فلا بُدّ من الاستعداد لتلك اللحظة، والابتعاد عن الأعمال المسبّبة لعذاب القبر.[١٣]

المراجع

  1. سورة آل عمران، آية: 185.
  2. سورة لقمان، آية: 34.
  3. رواه الزرقاني، في مختصر المقاصد، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 133، صحيح.
  4. “عن الموت”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2-9-2018. بتصرّف.
  5. سورة الرحمن، آية: 19-20.
  6. سورة المؤمنون، آية: 100.
  7. رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم: 2079 ، صحيح.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1286 ، صحيح.
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1631، صحيح.
  10. رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن كعب الأنصاري، الصفحة أو الرقم: 3465 ، صحيح.
  11. “أول منازلنا بعد الموت”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2-9-2018. بتصرّف.
  12. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 3494 ، صحيح.
  13. “القبر”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2-9-2018. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى