محتويات
سنن الفطرة
دعا الإسلام إلى بعض السنن والآداب والأعمال التي يجب على كل مسلمٍ أن يقوم بها بشكلٍ دوريّ، وهذه الأعمال هي ممّا تدعو له الفطرة السّليمة، وتتمثّل في غالبها بأعمال تدعو إلى الزيادة في النظافة والتجمُّل والتزيُّن، والاهتمام بالمظهر الخارجيّ والمظهر العام للأفراد، وقد جاء في صحيح مسلم عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- حيث قالت: قال رسول الله عليه الصّلاة والسّلام: (عشرٌ من الفِطرةِ: قصُّ الشَّاربِ، وإعفاءُ اللِّحيةِ، والسِّواكُ، واستنشاقُ الماءِ، وقصُّ الأظافر، وغسلُ البراجمِ، ونتفُ الإبطِ، وحلْقُ العانةِ، وانتقاصُ الماءِ. قال زكريَّاءُ: قال مصعبٌ: ونسيتُ العاشرةَ، إلَّا أن تكونَ المضمضةَ. زاد قُتيبةُ: قال وكيعٌ: انتقاصُ الماءِ يعني الاستنجاءَ)،[١] فجميع تلك السُنن تدعو للنظافة والزّيادة فيها والحثّ عليها، والتجمّل والتزيّن بكل ما هو جميل حسنـ كاللحية وما ورد فيها من الحثّ على تطويلها وتزيينها وتوضيبها.
سنن الفطرة العشرة
تتلخّص سنن الفطرة العشرة كالآتي:
الختان
الختان: مصدر خَتَنَ بمعنى قَطَعَ، ومعناه هو: (قطع الجلدة التي تغطي حَشَفة الذّكر)، هو واجب على الذكور من أمّة محمد -عليه الصّلاة والسّلام- مُختلفٌ فيه بحقّ الإناث، وكلّما اقترب وقت الختان من ولادة المولود كان ذلك أفضل؛ بُعداً عن القذارة التي تجمعها تلك المنطقة، وعملاً بالسُنّة، وتجنّباً للألم الذي يُصيب المُختَتن نتيجة تلك العمليّة، وقد أثبت الطب الحديث أنّ للختان آثار وفوائد كثيرة للذكور، منها مثلاً منع حدوث الالتهابات وتجمّع القاذورات، والوقاية من الأمراض الجنسيّة والأمراض السرطانيّة، وغير ذلك من الفوائد.[٢]
انتقاص الماء
وهو إزالة الأذى أو النّجاسة العالقة بالفرج باستخدام الماء، وهو من أحكام وآداب قضاء الحاجة، وفي حال غياب الماء فيمكن استخدام الحجارة، وأقلّها ثلاثة حجارة، فيُنضَح الفرج بالماء، أو تُستخدَم الحجارة عند عدم توفّر الماء، ويُسمّى ذلك بالاستجمار، وقيل معناه انتقاص البول بالماء؛ لأنه إذا غسل الذكر بعد بوله انقطع البول، ففي الماء خاصيّة قطع البول.[٣]
السواك
السواك والاستياك بمعنى تنظيف الفم والأسنان بالسّواك، وهو قطعة من الخشب من شجرة تُسمّى بشجرة الأراك أو الأرك، ويُستَعمل السواك لتنظيف الأسنان، وإزالة ما علق بالأسنان من بقايا الطعام. والسواك سبب لتطهير الفم من الآفات والكواره، وهو موجبٌ لمرضاة الله -سبحانه وتعالى- حيث ثبت من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله عليه الصّلاة والسّلام: (السِّواكُ مّطْهَرةٌ للفم، مَرضاةٌ للرَّب)،[٤] أمّا حكم استخدام السواك فهو الندب، حيث جاء في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- قال: (لولا أن أشُقَّ على أُمَّتي لأمرتُهُم بالسِّواك عند كلِّ صّلاة)،[٥] وقد ذكر النوويّ رحمه الله الإجماع على استحباب استخدام السواك. وقد قال فريقٌ من الفقهاء بوجوبه ومنهم الإمام إسحاق بن راهويه.[٦]
تقليم الأظافر
قص وتقصير الأظافر من السّنن التي دعا لها الإسلام، حيث حثَّ في العديد من النصوص على العناية والاهتمام بالأظافر وعدم إهمالها؛ وذلك لما تحمله من الفضلات والقاذورات في الحياة اليوميّة إذا ما كانت طويلة، ممّا يُعطيها شكلاً قبيحاً تنفر من النّفوس، ناهيك عن تسبّبها بنقل الأمراض المعدية، وأهمّها الأمراض المعويّة والجوفيّة.[٢]
قص الشارب
الشارب هو الشعر النابت على الشفّة العليا، وقد حثّت السنة النبويّة على قصّ الشارب وتوضيبه، وعدم تطويله في العديد من المواضع، وقد ورد ذكر ذلك في العديد من الألفاظ: كالقص، والحفّ، والنهك، والجز؛ حيث إنّ طول الشارب يجعله عرضةً لحمل قاذورات الفم والأنف، ممّا يجعله مكاناً جيّداً لانتشار الجراثيم والبكتيريا، وبالنتيجة انتشار الأمراض ونقلها، ومنبعاً للروائح الكريهة التي تُؤذي صاحبه وتُسبّب له بالأمراض والعدوى، كما تُؤذي كلّ من يراه أو يقترّب منه لتعرّضه للرّوائح الكريهة، أو نقل العدوى له نتيجة المُلامسة أو المُصافحة أو التقبيل، وحدّ قصّ الشّارب هو أن يقصّه ويُخفّفه حتى يظهر طرف الشفة العليا ولا ينزعه بالكلية، أمّا الروايات التي جاءت بجزّ الشّارب وحفّه فمعناها نزع ما طال منه حتى وصل إلى الفم، فكما أن لإطالة الشّارب مَضارّاً فإن لوجوده بشكله الصحيح مجموعةً من الفوائد الصحيّة وغيرها، وهو من مُستلزمات الفطرة البشريّة، كما أنّ طبيعة الرجل مجبولة على حُبّ إظهار شاربه الذي يدلّ على الرجولة.[٢]
إعفاء اللحية
اللِّحيَةُ هي الشَّعْرُ النَّابِت على الذَّقْن التي هي مُجتَمع اللِّحْيَيْن، ومثلها العارض.[٧] وقد اختلف فُقهاء المذاهب الأربعة وتلاميذهم في حكم اللحية، وحيث إنّ اللحية تُمَثِّل رمزاً هامّاً في المُجتمع الإسلاميّ، وسِمةً مُلاصِقَةً للمُسلمين عامّةً، فيجب الاعتناء والاهتمام بها، أمّا من ناحية حكم حلق اللحية فقد اتَّفَق الفُقهاء على أن ذلك من باب المُثلَة، فلَا يجوز حلقها بالكلية مُطلقاً، وبيان أقوال الفقهاء في حكم إعفاء اللحية فيما يأتي:[٨]
- ذهب الحنفيّة، والمالكيّة، والحنابلة إلى أنَّ إعفاء اللِّحية واجب وحلقها مُحرّم، وقد استدلّوا على ذلك بما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله عليه الصّلاة والسّلام: (خالفوا المشركين؛ وفروا اللّحى، وأحفوا الشّواربَ. وكان ابنُ عمرَ إذا حجَّ أو اعتمر قَبَضَ على لحيتِه، فما فَضُلَ أَخَذَهُ).[٩] وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (جُزُّوا الشَّوارِب وأرخوا اللِّحى، خالفوا المجوس).[١٠] ويُسنّ عند أصحاب هذا القول ألا يزيد طول اللّحية عن قبضة اليد، ولا بأس بأخذ أطراف اللّحية.[١١]
- ذهب الشافعيّة إلى أن إعفاء اللّحية سُنّة ويُكره حلقها والمبالغة في قصّها،[١٢] وقد قال بذلك الإمام الهيتميّ، والإمام زكريّا الأنصاريُّ.[١٣] واستدلّوا على قولهم بما روت عائشة -رَضِيَ الله عَنْهَا-: (أنّ النّبي -عليه الصّلاة والسّلام- قال: عشر من الفطرة: قصّ الشّارب، وإعفاء اللّحية، والسّواك، والمضمضة، والاستنشاق، وقصّ الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء).[١٤]
- سُئل إمام دار الهجرة الإمام مالك عن إطالة اللّحية فكره ذلك، ممّا يعني أنّ المُستَحبّ عنده توضيبها وتقصيرها.[١٥]
الاستحداد
وهو قيام الإنسان -ذكراً كان أم أنثى- بإزالة الشعر الذي ينبت حول الفرج، والذي يُسمّى بشعر العانة، ويُقصَد بذلك النّظافة كي لا تلتصق الأوساخ والبكتيريا والفطريات في تلك المنطقة، فتُسبّب الأمراض والأوبئة.[١٦] ويُسن حلق العانة كلّ أسبوع مرّةً، وأفضل ذلك أن تكون يوم الجمعة حين الاغتسال للصّلاة؛ لما في يوم الجمعة من اجتماعٍ للناس في الصّلاة، ولا ينبغي أن يتأخّر في حلقها عن أربعين يوماً في الأكثر.[١٧]
نتف الإبط
هو إزالة الشعر النابت تحت الإبط إمّا بالنتف أو الحلق، فهذا الشعر يجمع العرق والأوساخ والبكتيريا النّاتجة عنه، ممّا يُسبّب الروائح الكريهة التي تَنفر الناس من حاملها، وانتشار الأمراض وشيوعها، ويُسَنّ أن ينتف الإبط كل أسبوع، ولا يُفضّل تأخير ذلك عن أربعين يوماً بالحد الأقصى.[١٧]
غسل البراجم
وهي التعرّجات والعقد التي بين الأصابع، وبسبب شكلها فقد تتجمّع الأوساخ فيها، فيميل الإنسان لغسل هذه البراجم؛ بهدف النظافة ورفع المرض، والمراد بغسل البراجم تنظيف المواضع التي يتجمّع فيها الأوساخ.[١٨]
المضمضة والاستنشاق
وهو غسل الأنف والفم عن طريق إدخال الماء فيه ثم إخراجه، وهما أيضاً بالإضافة لكونهما من سنن الفطرة، فهما من سنن الوضوء أيضاً.[١٩]
المراجع
- ↑ رواه مسلم ، في صحيح مسلم ، عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، الصفحة أو الرقم: 261.
- ^ أ ب ت عادل الصعدي (27-1-2013)، “سنن الفطرة”، جامعة الإيمان، اطّلع عليه بتاريخ 21-2-2017. بتصرّف.
- ↑ “شرح حديث (… وانتقاص الماء)”، إسلام ويب، 17-5-2012، اطّلع عليه بتاريخ 21-2-2017. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، الصفحة أو الرقم: 2/274.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2/299.
- ↑ محمد صالح المنجد (2005-03-28)، “ما هي السنة في السواك”، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 21-2-2017. بتصرّف.
- ↑ أبو عمر دبيان بن محمد الدبيان (2005)، موسوعة أحكام الطهارة (الطبعة الثانية)، الرياض: مكتبة الرشد، صفحة 337، جزء 3.
- ↑ أبو محمد علي بن أحمد بن حزم الظاهري، مراتب الإجماع في العبادات والمعاملات والاعتقادات، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 157.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، الصفحة أو الرقم: 5892.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه، الصفحة أو الرقم: 260.
- ↑ عبد الرحمن بن عوض الجزري (2003)، الفقه على المذاهب الأربعة (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 44، جزء 2.
- ↑ ابن الملقن، تحقيق عبد العزيز المشيقح (1417 هـ – 1997 م)، الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السَّعودية: دار العاصمة للنشر والتوزيع، صفحة 711، جزء 1. بتصرف.
- ↑ أبو يحيى الأنصاري، أسنى المطالب في شرح روض الطالب ، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 551، جزء 1.
- ↑ رواه الإمام مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، الصفحة أو الرقم: 261.
- ↑ محمد بن عبد الله بن يونس التميمي (2013)، الجامع لمسائل المدونة (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الفكر، صفحة 154، جزء 24.
- ↑ “معنى الختان والاستحداد”، إسلام ويب، 24-4-2002، اطّلع عليه بتاريخ 21-2-2017. بتصرّف.
- ^ أ ب “السنة نتف الإبط وحلق العانة”، اسلام ويب، 16-4-2001، اطّلع عليه بتاريخ 21-2-2017. بتصرّف.
- ↑ “المراد بغسل البراجم وهل هناك مدة محددة لغسلها”، اسلام ويب، 25-6-2012، اطّلع عليه بتاريخ 21-2-2017. بتصرّف.
- ↑ محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، السعودية: بيت الأفكار الدولية، صفحة 342، جزء 2.