الصحابة والتابعون

جديد من هو ذو الجناحين

غزوة مؤتة

كانت أحداث غزوة مؤتة في شهر آب من عام 629 م الموافق شهر جمادى الأول من السنة الثامنة هجريّة، ويعود السبب في ذلك إلى مقتل رسول بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ملك بصرى وهو الصحابي الجليل الحارث بن عمير الأزدي، حيث قطع شرحبيل بن عمرو الغساني رأسه بعد ربط يديه وقدميه.

فأعلن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحرب على الروم في بلادهم القائمة إلى الشمال من شبه الجزيرة العربيّة، مجهزاً جيشاً جراراً يصل إلى 3000 مقاتل مسلم، وسلّم زمام أمور الجيش للقادة الأربعة رضوان الله عليهم: زيد بن حارثة فإذا استشهد يتسلم جعفر بن أبي طالب القيادة، وإذا استشهد تنتقل إلى عبد الله بن رواحة، وفي حال استشهاد الأخير يتسلمها خالد بن الوليد رضي الله عنهم جميعاً.

استشهد القائد زيد بن حارثة رضي الله عنه في ثالث يوم من أيام الحرب، فتسلم البطل الهمام جعفر بن أبي طالب القيادة، وبقي يناضل ويقاتل حتى قُطعت يداه وبقي حاضناً اللواء الأبيض في يديه حتى استشهد، فلُقّب بذي الجناحين لما مَنّ به الله سبحانه وتعالى عليه بجناحين يطير بهما إلى الجنة، ويسمى كذلك بجعفر الطيار.

ذو الجناحين جعفر بن أبي طالب

هو الصحابي الجليل جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي، ولد في عام 34 قبل الهجرة في مدينة مكة المكرمة في منطقة تهامة في شبه الجزيرة العربية، وتعود أصوله لقبيلة قريش من أشراف القبائل العربيّة، وتربطه صلة قرابة برسول الله صلى الله عليه وسلم فهو ابن عمه أبي طالب، وكما اتّخذه رسول الله وزيراً له، ووفق ما ورد في السلف فإنّ جعفر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يتشابهان خُلقاً وخَلقاً، ويعدّ من أوائل من اعتنقوا الإسلام.

إسلام جعفر بن أبي طالب

سابق جعفر بن أبي طالب أبناء قبيلته لاعتناق الاسلام، وانضم إلى صفوف المسلمين المهاجرين إلى الحبشة، وأقاموا تحت راية الملك العادل النجاشي، وفي يوم فتح خيبر توجّه مهاجراً إلى المدينة المنورة، وتربطه بمعاذ بن جبل الخزرجي الأنصاري علاقة مؤاخاة حيث آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما في حادثة المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، وشارك في غزوة مؤتة في السنة الثامنة للهجرة، واستشهد فيها بعد أن قدّم أروع الأمثلة في التضحية في سبيل الإسلام، وكان عمره آنذاك واحداً وأربعين عاماً.

الهجرة إلى الحبشة

غادر جعفر رضي الله عنه برفقة زوجته أسماء بنت عميس أرض مكة المكرّمة، قاصداً الحبشة مع سائر المهاجرين المسلمين ومنهم كان عثمان بن عفان وزوجته رقية بنت الرسول رضي الله عنهما، وغيرهم من الصحابة، وتوالت جموع المسلمين بالهجرة إلى الحبشة حتى اجتمعوا هناك، ورُزق جعفر بابنه عبد الله في الحبشة.

مكانة جعفر في الإسلام

عُرف جعفر بن أبي طالب بحسن خلقه، فكان كريماً محباً للمساكين حتى لُقّب بأبي المساكين، وحظي بحب كبير من رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال عنه بأنه منه، وكان من أكثر الناس خدمة للمساكين والفقراء أيضاً.

مقام جعفر بن أبي طالب

وارى جثمان جعفر بن أبي طالب الطاهر رضي الله عنه تراب المزار الجنوبيّ في الأردن، وتحديداً في بلدية مؤتة إلى الجنوب من مدينة الكرك، ويقام فوقه مسجد يحمل اسمه “مسجد جعفر بن أبي طالب الكبير”، ويشار إلى أنّ الأيوبيّين والمماليك قد أقاموا هذا المقام وقبّته، وحظي المقام باهتمام العثمانيين فأقاموا القباب فوقه، واكتست في عهدهم الأضرحة بالرخام، وتعرّض المقام للهدم بفعل تأثير الزلازل خلال فترة سيطرة الدولة الصليبية على الكرك.

ويحظى الموقع الآن باهتمام بالغ من الحكومة الأردنيّة ووزارة الأوقاف الأردنية، فأقامت ممراً طويلاً مبلطاً ينتهي بساحة المسجد الكبير من الناحية الشماليّة، وتم العثور على آثار كثيرة بعد أن قام قسم الآثار الإسلامية بهذه الحفريات الأثريّة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى