قرآن

جديد لماذا سميت سورة الأحزاب بهذا الاسم

لماذا سميت سورة الأحزاب بهذا الاسم

سُمِّيت سورة الأحزاب بهذا الاسم؛ لأن الله -تعالى- يُذكِّر في هذه السورة المسلمين بنعمته عليهم، إذ نصرهم في غزوة الأحزاب على المُشركين ومن كان معهم، فقال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا)، وتُسمّى الغزوة أيضاً بغزوة الخندق أو بني قُريظة،[١][٢] وقيل سُميَّت بهذا الاسم: لأن السورة اشتملت على قصة الأحزاب؛ وهم مُشركي قُريش، وغطفان، وبني قُريظة الذين تحزّبوا وتحالفوا ضد الإسلام من كل جهة،[٣][٤] وقيل أيضاً لورود قصة غزوة الخندق أو الأحزاب في السورة، كما تُسمى بالسورة الفاضحة؛ لبيانها لحقيقة المُنافقين، وإيذائِهم للنبي -عليه الصلاة والسلام- وزوجاته،[٥] وقد ورد ذِكر قصة حرب الأحزاب في قول الله -تعالى-: (يَحْسَبُونَ الأحزاب لَمْ يَذْهَبُواْ).[٦][٧]

الأحزاب الذين حاربوا المسلمين

اجتمع الأحزاب على حرب الإسلام والمُسلمين، وهم:[٨][٩]

  • المُشركين من أهل مكة، ومن قبائل العرب جميعاً، وكانوا من قُريش، ومن كِنانة، وأهل تهامة، وخرج معهم عددٌ من بني سليم، وعددٌ من بني أسد، وقبائل غطفان من بني فزارة، وبني مرة، وبني أشجع.
  • اليهود من داخل المدينة وهم بني قُريظة، واليهود من خارجها وهم يهود خيبر.
  • المُنافقون.

وكان ذلك عندما أجلى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- يهود بني النضير، فذهبوا إلى خيبر، ولجأ عددٌ من أشرافهم إلى مكة وحرّضوهم على قتال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-،[١٠] وهم سلام بن أبي الحُقيق النّضريّ، وحُييّ بن أخطب النّضريّ، وكِنانة بن أبي الحُقيق، وهَوذة بن قيس الوائليّ، وأبو عمار الوائليّ، وعددٌ من بني النضير، وعددٌ من بني وائل، وحزّبوا الأحزاب على المُسلمين، وحرّضوهم على القتال، فقالت لهم قريش: “يَا مَعْشَرَ يَهُودَ، إنّكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ الْأَوّلِ وَالْعِلْمِ بِمَا أَصْبَحْنَا نَخْتَلِفُ فِيهِ نَحْنُ وَمُحَمّدٌ أَفَدِينُنَا خَيْرٌ أَمْ دِينُه، قَالُوا: بَلْ دِينُكُمْ خَيْرٌ مِنْ دِينِهِ وَأَنْتُمْ أَوْلَى بِالْحَقّ مِنْهُ”، فأنزل الله -تعالى- فيهم قوله: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا)،[١١] إلى قوله الله -تعالى- من سورة النساء: (فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا* فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً)،[١٢] وأخبروهم بأنهم سيكونون معهم في قتال المُسلمين، وخرجت كُل قبيلةٍ مع قائِدها.[١٣]

موضوعات سورة الأحزاب

تناولت سورة الأحزاب العديد من الموضوعات، والتي تتعلق بإيراد أحكامٍ للنبي -عليه الصلاة والسلام-، فبدأت بمناداته وأمره بالتقوى، ونذكر موضوعاتها باختصارٍ فيما يأتي:[١٤]

  • الآيات من 1-27: كانت في إبطال تبنيّ الصحابي زيد بن حارثة -رضي الله عنه-.
  • الآيات من 28-36: كانت في تخيير النبي -عليه الصلاة والسلام- لنسائه بين طاعة الله ورسوله، أو الدُّنيا وما فيها من زينة.
  • الآيات من 37-44: تحدّثت عن تزويج النبي -عليه الصلاة والسلام- من مُطلّقة الصحابي الذي تبنّاه النبيّ وهو زيد، وزوجة النبيّ زينب بنت جحش -رضي الله عنها-.
  • الآيات من 45-49: بيّنت آداباً عامة للنبي -عليه الصلاة والسلام-، وأنّ الله بعثه شاهداً، ومُبشراً، ونذيراً، وهو يخشى الله -تعالى- وحده، ويتوكّل عليه في دعوته.
  • الآيات من 50-58: تحدّثت عن خصائص النبي -عليه الصلاة والسلام- في أزواجه، وعددهنّ، وتحريم طلاقهنّ أو الزواج بغيرهنّ، وفرض الحجاب عليهنّ، ووجوب الصلاة عليه، وتهديد من يؤذيه، لقوله -تعالى-: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً).[١٥]
  • الآيات من 59-73: جاء فيها إرشاد النبي -عليه الصلاة والسلام- فيما يجب على نسائه ستره عن غيرهنّ، وأمره لأزواجه ونساء المؤمنين بأن يُدنينَ عليهنّ جلابيبهنّ، وخُتمت السورة بالنهي عن إيذاء النبي -عليه الصلاة والسلام-، حتى لا يكونوا كمن آذى نبي الله -تعالى- موسى -عليه السلام-، بالإضافة إلى ذِكْر الأمانة وحمل الإنسان لها، وجهله بالتهاون في أمرها.

وتناولت السورة في آياتها كباقي موضوعات السور المدنيّة؛ اهتمامها في التشريع، وتنظيم الأسرة النبويّة، وإبطال بعض العادات التي كانت في الجاهليّة؛ كالتبني، والظهار، والاعتقاد بوجود قلبين للإنسان، وبيان خُطورة الأمانة، كما ذكرت بعض الآداب الإجتماعيّة؛ كآداب الولائم، وعدم جواز التبرّج، وتعظيم النبي -عليه الصلاة والسلام- في بيته ومع الناس، وتناولت بعض الأحكام الشرعيّة؛ كالأمر بالتقوى، وعدم طاعة أو موالاة الكُّفار والمُنافقين، ووجوب اتّباع ما جاء به الوحيّ، وإبطال عادة التوريث بناءً على الهجرة أو بالحلف، وأن الأساس في ذلك الرّحم والقرابة، وغير ذلك من الأحكام الشرعيّة، بالإضافة إلى ذكرها لغزوة الأحزاب أو الخندق، وبيان نقض اليهود للعهد مع المُسلمين، وفضحها للمُنافقين ومكرهم، وتذكير المُسلمين بنعمة الله -تعالى- عليهم بِرَدّ كيد أعدائِهِم،[١٦] بالإضافة إلى ذكرها لتجمُّع المُشركين وتحزُبهم لقتال النبي -عليه الصلاة والسلام-، وبعض الإرشادات والآداب الأخرى التي ينبغي على المُسلم التحلّي بها.[١٧]

المراجع

  1. سورة الأحزاب، آية: 9.
  2. أحمد حطيبة، تفسير الشيخ أحمد حطيبة، صفحة 2، جزء 254. بتصرّف.
  3. لجنة الفتوى بالشبكة الإسلامية (2009)، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 187، جزء 2. بتصرّف.
  4. محمد الأمين بن عبد الله الأُرَمي العَلَوي الهَرَري (2001)، تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (الطبعة الأولى)، بيروت: دار طوق النجاة، صفحة 400، جزء 22. بتصرّف.
  5. وهبة بن مصطفى الزحيلي (1418 هـ)، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج (الطبعة الثانية)، دمشق: دار الفكر المعاصر، صفحة 225، جزء 21. بتصرّف.
  6. سورة الأحزاب، آية: 20.
  7. مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادى (1996)، بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، القاهرة: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية – لجنة إحياء التراث الإسلامي، صفحة 377، جزء 1. بتصرّف.
  8. صالح بن طه عبد الواحد (1428 هـ)، سُبُل السَّلام مِن صَحيح سيرة خَير الأنَامِ عَليه الصَّلاة وَالسَّلام (الطبعة الثانية)، مكتبة الغرباء، صفحة 417، جزء 1. بتصرّف.
  9. موسى بن راشد العازمي (2011)، اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون «دراسة محققة للسيرة النبوية» (الطبعة الأولى)، الكويت: المكتبة العامرية للإعلان والطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 141، جزء 3. بتصرّف.
  10. محمد بن سعد بن منيع الهاشمي بالولاء، البصري، البغدادي المعروف بابن سعد (1968)، الطبقات الكبرى (الطبعة الأولى)، بيروت: دار صادر، صفحة 65، جزء 2. بتصرّف.
  11. سورة النساء، آية: 51.
  12. سورة النساء، آية: 54-55.
  13. عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد السهيلي (2000)، الروض الأنف في شرح السيرة النبوية لابن هشام (الطبعة الأولى)، بيروت: دار إحياء التراث العربي، صفحة 196-197، جزء 6. بتصرّف.
  14. جعفر شرف الدين (1420هـ)، الموسوعة القرآنية، خصائص السور (الطبعة الأولى)، بيروت: دار التقريب بين المذاهب الإسلامية، صفحة 91-95، جزء 7. بتصرّف.
  15. سورة الأحزاب، آية: 58.
  16. وهبة بن مصطفى الزحيلي (1418هـ)، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج (الطبعة الثانية)، دمشق: دار الفكر المعاصر، صفحة 225-227، جزء 21. بتصرّف.
  17. أحمد حطيبة، تفسير الشيخ أحمد حطيبة، صفحة 1، جزء 250. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى