مرض السكري

من مكتشف الأنسولين

اكتشاف الإنسولين

اعتُمد الإنسولين كعلاج لمرض السكري منذ القرن التّاسع عشر، إذ يعدّ هذا الاكتشاف إنجازاً، ومعجزة طبية، وقد أدّت الأبحاث المتعددة التي قام بها العلماء بهدف دراسة، وتطوير الإنسولين إلى فهم أعمق لأجهزة جسم الإنسان، ووظائفها، وعلى إثر ذلك فقد حظي الكثير منهم بجوائز نوبل تقديراً لجهودهم، ويجدر بالذكر توفّر الإنسولين بعدة أشكال لملائمة احتياجات، وأساليب عيش المرضى المختلفة.[١][٢]

أوسكار مينكوفسكي وجوزيف فون مرينغ

اكتشف الباحثان الألمانيان أوسكار مينكوفسكي (بالإنجليزيّة: Oskar Minkowski)، وجوزيف فون مرينغ (بالإنجليزيّة: Joseph von Mering) عام 1889م أنّ البنكرياس هو العضو المسؤول عن إنتاج مادة الإنسولين، وقد توصلا لهذا الاستنتاج بعد قيامهم بتجربة لاحظا منها أنّ إزالة غدة البنكرياس من جسم الكلاب قد أدّى إلى ظهور أعراض مرض السكري عليها، ومن ثمّ موتها، إذ تبدأ هذه الأعراض بارتفاع نسبة الجلوكوز في الدم، أو ما يُعرف بفرط سكر الدم (بالإنجليزية: hyperglycemia)، إضافة إلى إخراج الجلوكوز في البول، أو ما يُعرف بالبول السكري (بالإنجليزية: glycosuria)، لتنتهي بفرط كيتون الجسم (بالإنجليزية: ketosis)، والغيبوبة لمدة أسبوع، أو أسبوعين، مما يؤدّي إلى موت المريض.[٣][٤]

يوجين أوبي

اكتشف العالم يوجين ليندساي أوبي (بالإنجليزيّة: Eugene Lindsay Opie) مدرّس علم الأمراض في جامعة جونز هوبكينز (بالإنجليزيّة: Johns Hopkins) عام 1901م أنّ خلايا جزر لانغرهانس (بالإنجليزيّة: Islets of Langerhans) الموجودة في البنكرياس هي المسؤولة تحديداً عن إنتاج الإنسولين، وأنّ تلفها يؤثّر سلباً على عمليات الأيض، ويؤدّي للإصابة بمرض السكري.[٢][٤]

إرنست هنري ستارلينغ وإدوارد ألبرت شاربي شافر

أطلق العالم إرنست هنري ستارلينغ (بالإنجليزيّة: Ernest Henry Starling) في عام 1905م اسم هرمون على النواقل الكيميائية التي تفرزها غدد الجسم الصماء، وفي عام 1910م استنتج العالم إدوارد ألبرت شاربي شافر (بالإنجليزيّة: Sir Edward Albert Sharpey Schäfer) أنّ مرض السكري ينتج عن غياب هرمون واحد تنتجه جزر لانغرهانس في البنكرياس، وبذلك يكون أول من ربط بين جزر لانغرهانس وبين نسبة السكر في الدم، وقد أطلق على هذه الهرمون اسم الإنسولين.[٣][٤][٥]

فردريك بانتنغ ومساعده تشارلز بيست

طلب جراح العظام فردريك بانتنغ (بالإنجليزيّة: Frederick Banting) مساعدة رئيس قسم علم وظائف الأعضاء في جامعة تورنتو (بالإنجليزية: University of Toronto) جون مكلويد (بالإنجليزيّة: John Macleod) في إجراء الأبحاث التي تدور حول عزل مادة تنتجها جزر لانغرهانس في البنكرياس، وقد قدّم له مكلويد ما يحتاجه، إذ وفّر له مختبراً، وعيّن تشارلز بست (بالإنجليزية: Charles Best) كمساعداً له في بحثه، كما منحه عشرة كلاب للقيام بالدراسات عليها، فبدأت الأبحاث في عام 1921م.[٦]

تمثّل بحث بانتنغ الذي أجراه على الكلاب في عزل جزر البنكرياس المنتجة للمادة التي يُعتقد أنّها تساعد على علاج مرض السّكري، والتي أطلق عليها فيما بعد اسم (بالإنجليزية: isletin)، إذ لُوحظ ارتفاع نسبة السكر في دم هذه الكلاب نتيجة لذلك، مما يعني إصابتهم بمرض السكري، لذلك استخدم بانتنغ المادة التي تمّ عزلها، واستخلاصها لحقنهم، فنتج عن ذلك خفض نسبة الغلوكوز في الدم، وفي نهاية عام 1921م ساهم العالم جيمس كوليب (بالإنجليزيّة: James Collip) في تنقية هذه المادة، وتطويرها لتصبح مناسبة للاستخدام البشري، وفي عام 1923م مُنح كلّ من؛ بانتنغ، ومكلويد جائزة نوبل في الطب تقديراً لجهودهم، وتكريماً لأبحاثهم، وقد تشاركاها مع كلّ من؛ كوليب، وبست.[٣][٦]

الحقنة الأولى من مستخلص البنكرياس

كان الحلّ الوحيد المتاح لمرضى السكري قبل اكتشاف الإنسولين هو اتباع حمية غذائية قاسية للسيطرة على نسبة السّكر في الدّم، وبسبب ما نتج عن هذه الحمية من سوء تغذية، فقد أدّت إلى موت المرضى بعد عدة أشهر، ليتمّ بعد ذلك اكتشاف الإنسولين المُستخلص، إذ أجرى العالمان؛ بانتنغ، وبست أول حقن له في عام 1922م على صبي مصاب بالسكري يبلغ من العمر 14 عاماً، ولاحظا أنّ ذلك خفّض من مستوى الغلوكوز في الدم، ثمّ تمكّن جيمس كوليب من تحسين فعالية الإنسولين، وزيادة قدرته على خفض نسبة الغلوكوز، فأخذ المريض جرعة أخرى منه كانت ناجحة، وفعالة في علاجه، وعاش بعدها مدة 13 عاماً، ثمّ مات بسبب إصابته بالتهاب الرئة.[٢][٦]

هانس كريستيان هيدغدورن

قرر الباحثون بعد نجاح الإنسولين في علاج السكري إجراء تجارب لإطالة أمد فعاليته، بدلاً من الحاجة إلى حقنه أكثر من مرة يومياً، وبالفعل تمكّن العالم الكيميائي الدنماركي هانس كريستيان هيدغدورن (بالإنجليزيّة: Hans Christian Hagedorn) في ثلاثينيات القرن الماضي من ذلك عن طريق إضافة البروتامين إليه، في حين أضاف له سكوت وفيشر (بالإنجليزيّة: Scott and Fisher) الزّنك لتحقيق هذا الهدف، وقد نتج عن ذلك أكثر من نوع من الإنسولين، منهم؛ إنسولين PZ الذي تدوم فعاليته لمدة 24-36 ساعة، وإنسولين NPH، والذي تستمر فعاليته لمدة 24 ساعة.[٦]

ديفيد غويديل وزملاؤه

تمكّن العالم ديفيد غويديل (بالإنجليزيّة: David Goeddel)، وزملاؤه في عام 1978م مع تطوّر علم الهندسة الوراثيّة من إنتاج أول إنسولين بشري، وهو الإنسولين الذي يتمّ إنتاجه صناعياً، على عكس الإنسولين المشتّق من الحيوانات، وقد أُخذت فيما بعد الموافقة التجارية لطرحه في سوق الأدوية، وذلك من خلال شركة جنينتيك (بالإنجليزيّة: Genentech)، وشركة إيلي ليلي (بالإنجليزية: Lilly).[٢][٣][٦]

تطورات على الإنسولين

طرأ على الإنسولين عدة تطورات، وفي ما يلي أهمّها:[٢]

  • أنتجت شركة نوفو نورديسك (بالإنجليزيّة: Novo Nordisk) في عام 1985م أقلاماً تُستعمل لحقن الإنسولين.
  • قدّمت شركة ميدترونيك (بالإنجليزيّة: Medtronic) في عام 1992م مضخة الإنسولين (بالإنجليزية: Insulin pump)، والتي تساعد على التحكّم في نسبة السكر في الدم، إذ تزوّد مريض السكري بالكمية التي يحتاجها من الإنسولين.
  • أنتجت شركة إيلي ليلي في عام 1996م نظائر الإنسولين (بالإنجليزية: analogue insulin lispro)، وهو شكل من أشكال الإنسولين المعدّل وراثياً، إذ يُمكن من خلال الهندسة الوراثية تغيير الحوامض الأمينية للإنسولين، وبذلك تغيير خصائص الاستيعاب، والتوزيع، والأيض، والإخراج الخاصة به.
  • قدّمت جامعة كامبريدج (بالإنجليزية: University of Cambridge ) في عام 2013م بنكرياساً صناعياً يعتمد على الجمع بين عمل مضخة الإنسولين، ومراقبة مستوى الغلوكوز في الدم بشكلٍ مستمر.
  • تمكّن الدكتور إدوارد داميانو (بالإنجليزيّة: Edward Damiano) في عام 2015م من إنتاج جهاز (iLet)، وهو عبارة عن بنكرياس صناعي يقوم عمله على ضخّ الكمية المناسبة من الإنسولين، والجلوكاجون (بالإنجليزية: glucagon) كل خمس دقائق.

الإنسولين

يعدّ الإنسولين (بالإنجليزيّة: insulin) هرموناً أساسياً لإبقاء الإنسان على قيد الحياة، وتكمُن وظيفته في إدخال السكر الموجود في الدم (بالإنجليزية: glucose) إلى الخلايا، وذلك لاستخدامه في عملية إنتاج الطاقة اللازمة لها، ممّا يمكّنها من أداء وظائفها، ويمكن وصف الإنسولين كغيره من الهرمونات بأنّه ناقل كيميائي يساهم في تحديد عمل الخلايا، والأنسجة بطريقة سليمة، ويجدر بالذكر أنّ نقصانه يؤدّي إلى الإصابة بمرض السكري (بالإنجليزية: diabetes).[٧]

يكمُن عمل الإنسولين في مساعدة خلايا الجسم على امتصاص الجلوكوز، والمساهمة بالمحافظة على وجوده في الدم بنسبة متوزانة، إذ يتمّ بعد تناول وجبات الطعام تكسير المواد الكربوهيدراتية في الجهاز الهضمي، وتحويلها إلى جلوكوز، وعند وصول الغلوكوز إلى الأمعاء الدّقيقة يتمّ امتصاصه عبر البطانة ليدخل إلى مجرى الدم، ليبدأ الإنسولين عندها بعمله، فعند وجود الجلوكوز في الدم بكميات تفوق حاجة الخلايا، فإنّ الإنسولين يُحفّز الكبد على تخزين الزائد منه، وعند انخفاض هذه النسبة في الدم، وهو ما يحدث بين فترات تناول الطعام، أو عندما يحتاج الجسم للمزيد من الطاقة، أو في حال تعرّضه للضغوطات، فإنّ الجلوكوز يتحرر مرة أخرى.[٨]

فيديو الطّريقة الصّحيحة لأخذ جرعات الإنسولين

شاهد الفيديو لتتعرف على الطّريقة الصّحيحة لأخذ جرعات الإنسولين : 

المراجع

  1. “The amazing history of insulin”, diabetesnsw.com.au,29-4-2019، Retrieved 26-12-2019. Edited.
  2. ^ أ ب ت ث ج “History of Insulin”, www.diabetes.co.uk,15-1-2019، Retrieved 26-12-2019. Edited.
  3. ^ أ ب ت ث “The History of a Wonderful Thing We Call Insulin”, www.diabetes.org,12-7-2019، Retrieved 26-12-2019. Edited.
  4. ^ أ ب ت Louis Rosenfeld (12-2002), “Insulin: Discovery and Controversy”، clinchem.aaccjnls.org, Retrieved 26-12-2019. Edited.
  5. Adam Felman (22-11-2018), “Who discovered insulin?”، www.medicalnewstoday.com, Retrieved 26-12-2019. Edited.
  6. ^ أ ب ت ث ج Celeste C. Quianzon and Issam Cheikh (2012), History of insulin, Sweden: co-action, Page 1,2. Edited.
  7. Adam Felman (21-11-2018), “An overview of insulin”، www.medicalnewstoday.com, Retrieved 26-12-2019. Edited.
  8. Valencia Higuera (3-7-2018), “Everything You Need to Know About Insulin”، www.healthline.com, Retrieved 6-1-2020. Edited.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى