أركان الإسلام والإيمان

أركان وواجبات وشروط الصلاة

الصلاة

تُعرّف الصلاة لغةً بالدعاء،[١] أما اصطلاحاً فتُعرّف على أنها عبادةٌ ذات أعمالٍ وأقوالٍ مخصوصة، تُفتتح بالتكبير وتُختتم بالتسليم، ومن الجدير بالذكر أن للصلاة مكانةً عظيمةً في الدين، فهي ثاني أركان الإسلام بعد الشهادتين، وعمود الدين، والصلاة واجبةٌ على كل مسلمٍ عاقلٍ بالغٍ، حيث إن الله -تعالى- فرضها على رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- في السماء يوم الإسراء والمعراج، ومما يدلّ على أهميتها أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان إذا حزبه أمر أسرع إلى الصلاة، وقد وردت العديد من الأحاديث النبوية التي دلّت على فضل الصلاة، ومنها ما رُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إلى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ ما بيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الكَبَائِرَ).[٢][٣]

شروط الصلاة

عرّف الأصوليون الشرط على أنه ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده الوجود، ولذلك فإن صحة الصلاة مرتبطة بتوفّر شروطها، وفي حال اختلّ شرطٌ من الشروط بطلت الصلاة، وثمّة شروطٍ ينبغي توفّرها لصحة أي عبادةٍ كانت، وهي الإسلام، والعقل، والتمييز، وهناك عددٌ من الشروط الخاصة في الصلاة، وهي دخول الوقت، وستر العورة، والنية، واستقبال القبلة، والطهارة، وفيما يأتي بيان هذه الشروط:[٤][٥]

  • دخول الوقت: يُعدّ دخول الوقت من أهم شروط صحة الصلاة، إذ إن أهل العلم أجمعوا على بطلان الصلاة في حال أدائها قبل دخول وقتها، واستدلوا على ذلك بقول الله تعالى: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا)،[٦] وقد ورد ذكر أوقات الصلاة مجملةً في قول الله تعالى: (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلوكِ الشَّمسِ إِلى غَسَقِ اللَّيلِ وَقُرآنَ الفَجرِ إِنَّ قُرآنَ الفَجرِ كانَ مَشهودًا)،[٧] وهي خمس صلوات، أربعةٌ منها ما بين دلوك الشمس أي زوالها، إلى غسق الليل أي انتصافه، وهي: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والصلاة الخامسة هي صلاة الفجر، وقد وردت الأوقات مفصّلة في السنة النبوية الشريفة.
  • ستر العورة: فقد أجمع أهل العلم على عدم صحة صلاة من صلّى كاشفاً لعورته مع قدرته على سترها، ونقل الإجماع ابن عبد البر رحمه الله، واستدلّوا على ذلك بقول الله تعالى: (يا بَني آدَمَ خُذوا زينَتَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ)،[٨] وقد قسّم أهل العلم العورة في الصلاة إلى ثلاثة أقسام، وهي: العورة المغلّظة وتشمل كل البدن إلا الوجه والكفين، وهي عورة المرأة الحرة، والعورة المتوسطة وتشمل ما بين السرة إلى الركبة، وهي عورة من بلغ عشر سنوات فما فوق، والعورة المخفّفة وتشمل القبل والدبر فقط، وهي عورة الذكر من سبع إلى عشر سنين.
  • الطهارة: وتنقسم الطهارة إلى قسمين؛ الطهارة من النجس، والطهارة من الحدث، فقد أجمع أهل العلم على عدم صحة صلاة من صلّى وهو محدث، سواءً كان حدثاً أكبر أو أصغر، واستدلّوا على ذلك بما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (لا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاةَ أحَدِكُمْ إذا أحْدَثَ حتَّى يَتَوَضَّأَ)،[٩] وأما الطهارة من النجس فيجب أن تكون في ثلاث مواضع؛ في البدن، ومكان الصلاة، والثياب، وفي حال الصلاة مع العلم بوجود النجس في أحد المواضع الثلاث تبطل الصلاة.
  • استقبال القبلة: فقد أجمع أهل العلم على فساد صلاة من صلّى إلى غير القبلة مع قدرته على استقبالها، واستدلوا على ذلك بقول الله تعالى: (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ).[١٠]
  • النية: بما أن الله -تعالى- لا يقبل عمل العبد إلا بنية، فإن الصلاة لا تصح إلا بالنية كذلك، مصداقاً لما رواه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى).[١١]

أركان الصلاة

تعتمد صحة الصلاة على شروطها وأركانها، حيث إنّ ترك ركنٍ من أركان الصلاة سهواً أو عمداً يُبطل الصلاة أو يُبطل الركعة التي تُرك فيها الركن، ويكمن الفرق بين الركن والشرط في أن الركن داخلٌ في ماهية الصلاة، بينما الشرط خارجٌ عن ماهية الصلاة، وفيما يأتي بيان أركان الصلاة:[١٢]

  • القيام مع القدرة: إذ إن صلاة الفريضة لا تصحّ إلا قياماً في حال القدرة على القيام، مصداقاً لقول الله تعالى: (وَقُومُوا لِلَّـهِ قَانِتِينَ)،[١٣] ولِما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (صَلِّ قَائِمًا، فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ)،[١٤] وأما في صلاة النافلة فيجوز الصلاة قياماً أو قعوداً.
  • تكبيرة الإحرام: ويتمّ بقول الله أكبر، وتكبيرة الإحرام ركنٌ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تحريمها التكبير وتحليلها التسليم).[١٥]
  • قراءة الفاتحة: لا تصحّ الصلاة إلا بقراءة الفاتحة في كل ركعةٍ من ركعاتها، مصداقاً لما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (لَا صَلَاةَ لِمَن لَمْ يَقْرَأْ بفَاتِحَةِ الكِتَابِ)،[١٦] وتجدر الإشارة إلى اختلاف أهل العلم في وجوب قراءة المأموم للفاتحة، والأحواط أن يقرأها المأموم في الصلاة السريّة، وعند سكوت الإمام في الصلاة الجهريّة.
  • الركوع: يُعدّ الركوع في كل ركعةٍ ركناً من أركان الصلاة، ولا تصح الصلاة إلا به، وقد دلّ على ذلك قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا).[١٧]
  • الرفع من الركوع: حيث يجب الاعتدال بعد الركوع والعودة للوقوف، والدليل على ذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
  • السجود: حيث يجب السجود في كل ركعةٍ مرّتين، ويتم السجود بوضع سبعة أعضاءٍ على الأرض، وهي: (الجبهة، والأنف، واليدين، والركبتين، وأطراف القدمين).
  • الجلوس بين السجدتين: حيث يجب بعد السجود الرفع منه والجلوس، مصداقاً لما رُوي عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنها وصفت صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- ومنه قولها: (كانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ، لَمْ يَسْجُدْ حتَّى يَسْتَوِيَ جَالِسًا).[١٨]
  • الطمأنينة: لا تصحّ الصلاة إلا بالطمأنينة في كل الأركان، والطمأنينة هي السكون.
  • التشهّد الأخير: حيث يجب الجلوس في الركعة الأخيرة وذكر التشهّد، والصلاة الإبراهيمية، كما ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام.
  • الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام: ويتم ذلك بقول: “اللهم صل على محمد…”.
  • الترتيب بين الأركان: يجب الترتيب بين الأركان كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
  • التسليم: وبه تختم الصلاة، وقد شُرع للتحلّل منها.

واجبات الصلاة

إن ترك واجب من واجبات الصلاة سهواً لا يوجب الإتيان به، ويجبره سجود السهو، وفيما يأتي بيان واجبات الصلاة:[١٩]

  • تكبيرات الانتقال: ومحلّها بين بدء الانتقال وانتهائه.
  • التسميع: وهو قول الإمام أو المنفرد “سمع الله لمن حمده” عند الرفع من الركوع.
  • التحميد: وهو قول الإمام والمأموم والمنفرد “ربنا ولك الحمد”.
  • التسبيح في الركوع: وهو قول “سبحان ربي العظيم”.
  • التسبيح في السجود: وهو قول “سبحان ربي الأعلى”.
  • الاستغفار بين السجدتين: وهو بقول “رب اغفر لي”.
  • التشهّد الأول والجلوس له.

المراجع

  1. “تعريف و معنى الصلاة في قاموس المعجم الوسيط”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 24-2-2019. بتصرّف.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 233، صحيح.
  3. “في تعريف الصلاة، وفضلها، ووجوب الصلوات الخمس”، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 24-4-2019. بتصرّف.
  4. “شروط صحة الصلاة”، www.islamqa.info، 2007-10-27، اطّلع عليه بتاريخ 24-4-2019. بتصرّف.
  5. ” شُروطُ صِحَّةِ الصَّلاةِ”، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-4-2019. بتصرّف.
  6. سورة النساء، آية: 103.
  7. سورة الإسراء، آية: 78.
  8. سورة الأعراف، آية: 31.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6954، صحيح.
  10. سورة البقرة، آية: 144.
  11. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 1، صحيح.
  12. أبو الهيثم محمد درويش (31-1-2017)، “دورة علمية ميسرة – الحلقة (19): أحكام الصلاة (2/3) (أركان الصلاة وواجباتها وسننها):”، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-4-2019. بتصرّف.
  13. سورة البقرة، آية: 238.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمران بن الحصين، الصفحة أو الرقم: 1117، صحيح.
  15. رواه الألباني، في إرواء الغليل، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 301، صحيح.
  16. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبادة بن الصامت، الصفحة أو الرقم: 756، صحيح.
  17. سورة الحج، آية: 77.
  18. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 498، صحيح.
  19. “أركان الصلاة وواجباتها وسننها”، www.islamweb.net، 2002-1-6، اطّلع عليه بتاريخ 24-4-2019. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى