محتويات
لماذا خلق الله النجوم؟
خلق -سبحانه وتعالى- هذا الكون لحكمٍ عظيمةٍ، ومنه خلق النجوم والكواكب، وجعلها كثيرةً في عددها عجيبةً في شكلها، بما تبثّه من النور، وما ذلك إلّا بأمر ربّها وقدرته وتصرّفه، والسير وفق سننه التي جعلها في كونه.[١]
وخلقها متفاوتةً في القرب والبعد، والكبر والصغر في الحجم، والثابت منها والمتحرّك، والموجودة لوحدها، وضمن مجموعة من النّجوم، ثمّ جعلها زينةً للسّماء، ورجوماً للشياطين، وإشاراتٍ يهتدي بها السائرون، فقال -تعالى-: (وَهُوَ الَّذي جَعَلَ لَكُمُ النُّجومَ لِتَهتَدوا بِها في ظُلُماتِ البَرِّ وَالبَحرِ قَد فَصَّلنَا الآياتِ لِقَومٍ يَعلَمونَ)،[٢] وقال: (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ).[٣][١]
النجوم زينة للسماء
وردت النّصوص الشرعيّة في القرآن الكريم الدالّة على أنّ الله خلق النجوم وجعلها من أجل أن تكون زينةً للسماء، فقال -تعالى-: (وَلَقَد جَعَلنا فِي السَّماءِ بُروجًا وَزَيَّنّاها لِلنّاظِرينَ)،[٤] وقال: (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ).[٥][٦]
والمُراد بأنّ الله جعلها زينةً للسماء أنّها ليست بالضرورة ملاصقةً للسماء، لكنّها زينة لها، كمن وضع حول قصره مجموعة من الإضاءات والأنوار ومن ينظر إليه من بعيد يعتقد أنّ هذه الأضواء ملاصة لها، وهي ليست كذلك.[٧]
النجوم ترجم الشياطين
قال -تعالى-: (إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ* وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ* لَّا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ* دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ* إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ)،[٨][٩] فقد حفظ الله -سبحانه وتعالى- السماء من كلّ شيطانٍ ماردٍ من أن يسمع أو يتسمّع للملائكة، فجعل النجوم ليرميهم بها من كلّ جانبٍ، فتطردهم وتدفعهم بشُهبها وتقذف بهم في النّار.[١٠]
وقال ابن الخطيب أنّ السبب في أنّ الله جعلها رجوماً للشياطين؛ أنّ الشياطين كانت تتسمّع خبر السماء، فلمّا بعث الله سيدنا محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- حُرست السماء وجعل الله النجوم رجوماً للشياطين، فمن تقدّم من الشياطين ليسترق السمع رُمي بالشهاب فأحرقه الله به، كي لا يعود إلى النّاس بخبر ما استرقه، فيؤثر على النّاس وعلى رسول الله.[١١]
النجوم علامات يُهتدى بها في السفر
جعل الله -عزّ وجل- النّجوم وسيلةً للناس يتّخذونها من أجل أن تدلّهم على طريقهم، فقال -تعالى-: (وَهُوَ الَّذي جَعَلَ لَكُمُ النُّجومَ لِتَهتَدوا بِها في ظُلُماتِ البَرِّ وَالبَحرِ قَد فَصَّلنَا الآياتِ لِقَومٍ يَعلَمونَ)،[١٢] فقد خلقها الله وجعل لكلٍّ منها مسارٌ تسير به، ولها أبراجٌ تقع فيها، وهدى النّاس إلى معرفة هذه المدارات باتّجاهاتها شرقاً، وغرباً، وشمالاً، وجنوباً.[١٣]
وبناءً هذه المعرفة يعرف السائرون في البرّ بأيّ اتجاهٍ يسيرون، ولا يقتصر الأمر على من يسير في البرّ، وإنّما كان أهل البحر يسيرون بحسب اتّجاهاتها أيضاً، وذلك الأمر يكون في الظلمة، أمّا في النّهار فقد اعتمد النّاس على ضوء الشمس بشروقها وغروبها.[١٣]
المراجع
- ^ أ ب محمد التويجري ، موسوعة فقه القلوب، الأردن :بيت الأفكار الدولية، صفحة 501، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنعام ، آية:97
- ↑ سورة الملك ، آية:5
- ↑ سورة الحجر ، آية:16
- ↑ سورة فصلت ، آية:12
- ↑ عبد المجيد المشعبي (1998)، التنجيم والمنجمون وحكم ذلك في الإسلام (الطبعة 2)، الرياض :أضواء السلف، صفحة 159-160. بتصرّف.
- ↑ محمد بن العثيمين (1413)، مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، الرياض:دار الوطن، صفحة 189، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ سورة الصافات ، آية:6-10
- ↑ عبد المجيد المشعبي (1998)، التنجيم والمنجمون وحكم ذلك في الإسلام (الطبعة 2)، الرياض:أضواء السلف، صفحة 160. بتصرّف.
- ↑ الماوردي ، تفسير الماوردي/ النكت والعيون، بيروت :دار الكتب العلمية، صفحة 38-39، جزء 5. بتصرّف.
- ↑ ابن عادل (1998)، اللباب في علوم الكتاب (الطبعة 1)، بيروت:دار الكتب العلمية، صفحة 235، جزء 19. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنعام ، آية:97
- ^ أ ب محمد أبو زهرة ، زهرة التفاسير، بيروت :دار الفكر العربي، صفحة 2602، جزء 5. بتصرّف.