الآداب

معنى الإطناب في اللغة العربية

صورة مقال معنى الإطناب في اللغة العربية

ما معنى الإطناب في اللغة العربية؟

تتنوع فنون البلاغة ما بين إيجاز، وإطنابٍ، ومساواة، ومقابلة، وطباق، وغيرها،[١] وفيما يأتي تعريف الإطناب لغة واصطلاحاً، وعند القدامى والمحدثين:

معنى الإطناب لغة

يقصد بالإطناب لغةً: البلاغة في وصف الشيء، مدحاً كان أم ذماً، ومعنى أطنب في الكلام: بالغ فيه، والإطناب المبالغة في مدح أو ذم، والمُطنب هو الذي يُكثر المدح لكل أحد.[١]

معنى الإطناب اصطلاحًا

الإطناب اصطلاحاً هو أن يكون اللفظ زائداً على أصل المراد لفائدة، فالفائدة شرط للإطناب، وإذا انتفت الفائدة عُدّ ذلك تطويلاً، وبلفظٍ آخر: هو تأدية المراد من الكلام بأبلغ وأقوى عبارة من الكلام المتعارف.[٢]

والمراد من ذلك أنّ الإطناب هو إيصال المعنى الواحد بألفاظ وعبارات وجمل متعددة؛ ومثال على ذلك: قابلت رجلاً كريماً، ومعطاءً، وجواداً، وسخياً،[٢] أي أنّ معنى الكرم عُبّر عنه بألفاظ متعددة مثل العطاء، والجود، والسخاء.

معنى الإطناب بين القدامى والمحدثين

تعددت معاني الإطناب بين القدامى والمحدثين، ولكنّ معناه لم يختلف كثيراً، فالإطناب قديماً يُعدّ من أقدم الفنون البلاغية التي تناولها القدماء، وفرقوا بينه وبين الإسهاب والتطويل، وهناك مَن ضمّه إلى علم المعاني، ومنهم مَن ضمّه إلى علم البيان.[١]

ويأتي تعريف الإطناب على لسان بعض القدماء كما يأتي:[٣]  
  • الجاحظ

يرى بأنّ الإطناب والإطالة مترادفان؛ وهو كل ما جاوز مقدار الحاجة من الكلام ولم يقف عند المراد منه، وله أسباب منها مخاطبة الأغبياء والعوام.

  • أبو هلال العسكري

أشار إلى أنّ الإطالة مقابلة للإطناب فقال: الإطناب بلاغة، والتطويل عيّ فليس له فائدة، والإطناب بيان والبيان لا يكون إلا بإشباع وزيادة.

  • ابن الأثير

عرَّف الإطناب على أنّه زيادة اللفظ على المعنى للفائدة.

  • القزويني

عرَّف الإطناب بأنّه تأدية المعنى المراد بلفظ زائد عليه، ابتغاء تحقيق الفائدة منه.

  • السكاكي

وضَّح معنى الإطناب بأنّه أداء المقصود بأكثر من عبارة.

ويُشار إلى أنّ المحدثين اهتموا في مبحث الإطناب وتناولوه من جميع زواياه، وقد ساروا على نهج القدامى واعتمدوا على أصولهم ومباحثهم في هذا الفن مع وجود بعض الفروقات،[٣] وقد عرّف المحدثون الإطناب بأنّه أداء المعنى بلفظ زائد عن أصل المراد، وهو قسمان: بلاغي، وغير بلاغي، والمقصود أنّ الإطناب زيادة في اللفظ على المعنى لفائدة ما.[٤]

أهم أنواع الإطناب في اللغة العربية

للإطناب صور متعددة منها ما يأتي:

الإيضاح بعد الإبهام

يكون الإيضاح بعد الإبهام بذكر الصورة المُبهمة أي غير الواضحة بدايةً إلى أن يأتي تفسير الأمر المبهم السابق، ويترك استخدام هذا النوع من الإطناب بصمة في الذاكرة، فيصعب نسيان ما ذكر فيه،[٥]فالإيضاح يأتي لتفسير أمر غامض يحتاج إلى لتوضيح وبيان شامل له.

ومن الأمثلة عليه: تناول الطعام بكثرة يسبّب للإنسان الكثير من الضيق والأمراض منها: سوء الهضم، جاء ذكر سوء الهضم هنا لتوضيح ما هو الضيق والمرض الذي قد يصيب الإنسان في تلك الحالة.

ذكر الخاص بعد العام

هو الاتجاه لذكر الأمر العام ليلحقه الأمر المخصص منه؛ لبيان مدى أهمية الخاص، وزيادة فضله على العام،[٦] ومن الأمثلة على ذلك قوله تعالى في كتابه العزيز: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ.[٧]

أشارت الآية إلى ذكر الصلوات عامة، وهي الصلوات التي فُرضت على الناس لما لها من أهمية، وخص الله تعالى الصلاة الوسطى (صلاة العصر) لما لها من أهمية فخصها بعد ذكر العام المهم أيضاً.

ذكر العام بعد الخاص

هو ذكر لفظ معين يتبعه ما هو أعم و أشمل منه؛ وذلك لإبراز مدى أهمية العام مع المحافظة على الخاص،[٦] وذلك نحو قوله تعالى: رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وللمؤمنين يوم يقوم الحساب،[٨] حيث خصّ الله تعالى المغفرة في الآيات الكريمة لسيدنا إبراهيم عليه السلام، ثمّ لوالديه خاصة، ثمّ للمؤمنين عامة.

التكرار

هو ذكر اللفظ مكرراً بين كلمتين أو بين جملتين، وهناك دواعٍ كثيرة للإطناب بالتكرار منها ما يأتي:[٦]

  • تأكيد وتقرير المعنى في النفس

مثال: رويدك رويدك إن في العلا يوم ننتمي.

  • يزيد من القدرة على استيعاب الأمر

مثال ذلك: قرأت الكتاب فصلاً فصلاً، وفهمته درساً درساً.

  • الترغيب

ويعني تكرار اللفظ لقبول المراد من اللفظ، ومثال ذلك: الصبر مفتاح الفرج، الصبر مفتاح الفرج يا شباب العلم.

  • الترديد

هو تكرار لفظ له علاقة بلفظ مذكور مسبقاً، مثال: اصدق معي ولا تمكر بي! فعدم المكر هو الصدق و الوفاء.

الإيغال

هو ختم البيت بكلمة أو عبارة يتمّ المعنى بدونها، ولكنها تعطيه قافيته، وتضيف إلى المعنى التام معنى زائداً.[٦]

الاحتراس- التكميل

هو زيادة أو تكميل يأتي في وسط الجملة أو آخرها حتى يمنع عنها الوهم، والإطناب بالاحتراس يكون حينما يأتي المتكلم بمعنى قد يجلب له لومًا فيفطن، ويأتي بما يخلصه منه، ويقال له التكميل، أي يكمل بشيء يدفع الوهم عنه.[٦]

ومثال ذلك: آلا كل شيء – ما خلا الله – باطل، فالاحتراس هنا في قوله: ما خلا الله، فكل شيء باطل أي أنه فان وهالك إلا الله سبحانه وتعالى.

الاعتراض

هو أن يؤتى بجملة بين شرطتين جملة اعتراضية لا محل لها من الإعراب، حيث يمكن حذفها من العبارة دون أن يختل المعنى؛ لغرض من الأغراض نحو: التنزيه، أو الدعاء، أو التعظيم، أو التنبيه على أمر فيه غرابة، أو تخصيص أحد المذكورين.[٦]

فعند قولنا: الصحابي عثمان بن عفان – رضي الله عنه تزوج السيدة أم كلثوم – رضي الله عنها- ، فجملة رضي الله عنه/عنها، تعدّجملة اعتراضية لا محل لها من الإعراب، وإذا حُذفت لا يختل معنى العبارة.

مثال آخر قول الشاعر كعب بن زهير:

كل ابن أنثى - وإن طالت سلامته - 
يوماً على آلة حدباء محمول[٩]

الشاهد بأن الجملة الاعتراضية وإن طالت سلامته إذا حُذفت لا يختل معنى الجملة بأنّ كل نفس ذائقة الموت وإن سلمت من الأمراض، ويفيد التنبيه أيضاً.

التذييل

يقصد بالتذييل إلحاق جملة بجملة سابقة لها تحمل نفس معناها للتأكيد، ويكون بمنزلة حكمة في نهاية الجملة أو مثل موجز.[٦]

ومثال ذلك: حكم على المتهم بالبراءة بعد ثبوت الأدلة المطروحة من قبل الدفاع، فالعدل أساس الملك، فهذه الجملة بمنزلة حكمة اختُتم بها الكلام.

أمثلة على الإطناب

فيما يأتي بعض الأمثلة على الإطناب:

  • قَالَ تَعَالَى: ” هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ “.[١٠]
  • قَالَ تَعَالَى: ” وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ “.[١١]


  • قَالَ تَعَالَى: ” لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُوتُوا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنْ الْعَذَابِ “.[١٢]
  • قَالَ تَعَالَى: ” فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةً عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةً عَلَى الْكَافِرِينَ “.[١٣]
  • قَالَ تَعَالَى: “فَلَمَّا وَضَعْتُهَا قَالَت رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعْتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى“.[١٤]
  • قَالَ تَعَالَى: “وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا”.[مرجع]

المراجع

  1. ^ أ ب ت هند عبد الفتاح اسماعيل، الإيجاز و الإطناب، صفحة 79. بتصرّف.
  2. ^ أ ب هند عبد الفتاح، الإيجاز والإطناب، صفحة 87. بتصرّف.
  3. ^ أ ب عائشة جرار، الإطناب في قصص القرآن الكريم، صفحة 12-14. بتصرّف.
  4. عائشة جرار، الإطناب في قصص القرءان، صفحة 13.
  5. ” البرهان في علوم القرآن”، نداء الإيمان. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ت ث ج ح خ “علم المعاني”، المكتبة الشاملة الحديثة. بتصرّف.
  7. سورة البقرة، آية:238
  8. سورة إبراهيم، آية:41
  9. ” بانت سعاد”، الديوان.
  10. سورة الصف، آية:10
  11. سورة عمران، آية:104
  12. سورة عمران، آية:188
  13. سورة المائدة، آية:54
  14. سورة عمران، آية:36

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى