هل يوجد فرق بين النفس والروح؟
يتحدد مفهوم النفس والروح في الدلالة تارةً، ويختلف مدلولهما تارةً أخرى، وسنبيّن مدلولهما فيما يأتي:[١]
- النفس
النفس تُطلق على الروح، ولكن في الغالب تطلق النفس عندما تتصل الدلالة بالبدن، وقد تُطلق النفس على الذات؛ قال -تعالى-: (فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ)،[٢] وقال -تعالى-: (وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ)،[٣] وقد تُطلق النفس ويراد بها الدم؛ قال الفقهاء: “ما لا نَفْسَ له سائلةٌ لا يَنْجِّسُ الماءَ إذا ماتَ فيه”، والنفس هي ذات الشيء وماهيته.
- الروح
الروح لا تطلق في الدلالة على البدن عند انفراده، ولا عند اتحاد البدن مع النفس، وتُطلق الروح ويراد بها الهواء المتردد في جسم الإنسان، وتُطلق على معاني خاصة وهي “قوة المعرفة بالله والإنابة إليه ومحبته، وانبعاث الهمة إلى طلبه وإرادته، ونسبة هذا الروح إلى الروح كنسبة الروح إلى البدن، فللعلم روح، وللإحسان روح”.
وقال بعض العلماء: الروح ما دامت في الجسد؛ يطلق عليها روحاً ويطلق عليها نفساً أيضاً، وإذا خرجت الروح من الجسد فلا تسمى في الغالب نفساً بل يغلب عليها تسمية الروح.
أنواع النفس
توجد عدّة أنواع للنفس، وتجعل كل منها ذات صاحبها في حالة من الراحة أو غير ذلك، وسنقوم ببيانها فيما يأتي:[٤]
- النفس الصالحة: وهي النفس الصادقة التي لا غشٌ لديها ولا أعمال مكروهة كالمكر والخداع، وهي نفس تبتعد عن المعاصي والآثام؛ لتحصيل رضا الله -تعالى- وحبّه؛ لذلك هي منعمّة بهدوء ومسرورة وراضية، قال -تعالى-: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ* ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً* فَادْخُلِي فِي عِبَادِي* وَادْخُلِي جَنَّتِي).[٥]
- النفس السيئة: هي النفس التي يوسوس لها الشيطان، لتنشغل بمتاع الدنيا والجسد، فتمتلئ بالشرّ واتّباع الأهواء والفتنة، وتصبح مصرّة على ارتكاب المعاصي والخطايا، قال -تعالى-: (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ۚ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ۚ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ).[٦]
- النفس اللوّامة: تنساق هذه النفس لمتاع الدنيا، ولكنها تعترف بأخطائها وتتوب وترجع عنها، وبالتالي تجمع ما بين النفس الصالحة والسيئة؛ قال -تعالى-: (وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ).[٧]
مدلول كلمة الروح في القرآن الكريم
وردت كلمة الروح في القرآن الكريم ثلاثة وعشرين موضعاً، ودلّت على معانٍ كثيرة سنبين بعضها فيما يأتي:[٨]
- الروح بمعنى الحياة، التي هي قوام حياة المخلوقات، قال -تعالى-: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا).[٩]
- الروح بمعنى القرآن والوحي، قال -تعالى-: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا ۚ مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَـٰكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا ۚ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ).[١٠]
- الروح بمعنى الملك جبريل، قال -تعالى-: (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ).[١١]
- الروح بمعنى النصر، قال -تعالى-: (أُولَـٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ۖ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا).[١٢]
- الروح بمعنى الرحمة، قال -تعالى-: (وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ).[١٣]
- الروح بمعنى الراحة، قال -تعالى-: (فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيم).[١٤]
المراجع
- ↑ ابن جبرين، شرح الطحاوية لابن جبرين، صفحة 7، جزء 59. بتصرّف.
- ↑ سورة النور، آية:61
- ↑ سورة النساء، آية:29
- ↑ ملتقى أهل الحديث، أرشيف ملتقى أهل الحديث، صفحة 311، جزء 36. بتصرّف.
- ↑ سورة الفجر، آية:27- 29
- ↑ سورة يوسف، آية:53
- ↑ سورة القيامة، آية:2
- ↑ “لفظ (الروح) في القرآن الكريم”، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 31/8/2022. بتصرّف.
- ↑ سورة الإسراء، آية:85
- ↑ سورة الشورى ، آية:52
- ↑ سورة النحل ، آية:102
- ↑ سورة المجادلة، آية:22
- ↑ سورة يوسف، آية:87
- ↑ سورة الواقعة، آية:89