إسلام

استقبال أهل المدينة للرسول

استقبال أهل المدينة للرسول

كيفية استقبال أهل المدينة لرسول الله

من أسباب الهجرة النبوية إلى المدينة المنورة اشتداد أذى قريش للمسلمين وتعرضهم لألوان العذاب، فاستأذنوا رسول الله بالهجرة، بينما انتظر النّبي -صلى الله عليه وسلم الأمر- من الله ليهاجر بعدهم.[١]

إلا أن السبب المباشر لهجرته -صلى الله عليه وسلم- هو اتخاذ قريش قرارها الظالم بقتله، فنزل إليه جبريل عليه السلام بوحي من الله وأخبره بمكر قريش، وأن الله قد أذن له بالخروج.[٢]

وكانت الهجرة بداية مرحلة جديدة فى عمر الإسلام، ونقطة تحول ختمت مرحلة الدعوة فى مكة، وما فيها من العداوة الشديدة بين المشركين والدعوة الوليدة، ودخل الإسلام مرحلة مختلفة؛ كوقوفه في وجه أعدائه، وبدأ انتشاره فى أنحاء الجزيرة العربية يزداد.[٣]

الانتظار بلهفة

علم المسلمون بخروج النبي -صلّى الله عليه وسلّم- من مكة، وكانوا ينتظرون وقت قدوم النبي -صلى الله عليه وسلم- للمدينة بلهفة ومشاعرَ ممزوجةٍ بالشوق والقلق، فكانوا يخرجون فى الصباح الباكر إلى ظاهر المدينة، ينتظرونه حتى إذا اشتد الحر عليهم عادوا إلى بيوتهم، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على شدة حبهم وتلهفهم وشوقهم لهذا النبي العظيم الذي أحبوه قبل أن يروه.[٤]

انتشار خبر وصوله

انتشر في المدينة خبر وصول النبي -صلّى الله عليه وسلّم وصاحبه- إلى خيمة أم معبد، وفى يوم الإثنين الثاني من ربيع الأول سنة أربع عشرة من البعثة، وخرج المسلمون ينتظرون قدوم نبيهم حتى اشتد الحر، فعادوا إلي بيوتهم، وقدم الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- بعد دخولهم، فرآه يهودي فناداهم، فاجتمعوا برسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بظهر الحرّة وهم يهللون ويكبرون، حتى وصل صوت التكبير إلى منازل بني عمرو بن عوف، فكبروا فرحًا، وخرجوا مسرعين للترحيب به.[٥]

خروج الناس لملاقاته

خرج المسلمون بأعدادٍ كبيرة لاستقبال نبيهم، منهم خمسمئة من الأنصار، فأحاطوا بالرسول -صلى الله عليه وسلم- وصاحبه أبي بكر، أما داخل المدينة فارتفعت أصوات الأنصار وهم يرددون “جاء نبي الله صلى الله عليه وسلم”، فصعد الجميع فوق البيوت، كما تفرق الغلمان في طرقات المدينة ينادون: “يا محمد يا رسول الله، يا رسول الله”،[٦] لما اقترب النبي -صلى الله عليه وسلم- من المدينة، خرج الرجال والنساء والولدان يرددون: “طَلَعَ الْبَدْرُ عَلَيْنَا مِنْ ثَنِيَّاتِ الْوَدَاعْ”.[٧]

روى البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: (أول من قدم علينا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، مصعب بن عمير وابن أم مكتوم، فجعلا يقرئاننا القرآن، ثم جاء عمار وبلال وسعد، ثم جاء عمر بن الخطاب في عشرين، ثم جاء النبي – صلى الله عليه وسلم – فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم به، حتى رأيت الولائد والصبيان يقولون: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جاء).[٨]

ضرب الدفوف احتفاءً بقدومه

عن أنس رضي الله عنه قال: (مرَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على جَوارٍ مِن بني النَّجَّارِ وهنَّ يَضرِبنَ بالدُّفِّ ويَقُلْنَ: نحن جَوارٍ مِن بني النَّجَّارِ يا حبَّذا مُحمدٌ مِن جارِ)،[٩] وذكر القشيري أن ذلك كان عند مقدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة كما ورد في تفسير القرطبي.[١٠]

السعي لاستضافته

كانت المدينة كلها قد خرجت لإستقبال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان يوماً لم تشهد المدينة له مثيل وكأنه يوم عيد، وعلى الرغم من أن أهل المدينة لم يكونوا أغنياء جدًا، ألا أن كل واحد منهم حرص على استضافة النبي -صلى الله عليه وسلم- فى بيته، فكلما مرت ناقة رسول الله بباب أحدهم أخذ بخطام الناقة، ودعا النبي -عليه الصلاة والسلام- أن ينزل ضيفًا عنده.[١١]

وفى نهاية الأمر نزل في بيت أبي أيوب الأنصاري، فعن أنس بن مالك قال: (قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: أي بيوت أهلنا أقرب؟ فقال أبو أيوب: أنا يا رسول الله، هذه داري، وهذا بابي: قال: فانطلق فهيء لنا مقيلا، قال: قوما على بركة الله).[١٢]

إكرام ضيافته

ذكر أن زعماء الأنصار تطلعوا إلى استضافة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فكلما مر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأحدهم دعاه للنزول عنده ، فكان يقول لهم: دعوا الناقة فإنها مأمورة.[١٣]

وقد جاء في إكرام أبي أيوب للنبي -صلى الله عيه وسلم- الحديث أنه جخل من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يكون في الطابق الأسفل بينما وهو وزوجته يعلونه في المكان في الطابق الأعلى، فقال له: (يا رسولَ اللهِ، إنَّه ليس يَنبَغي أنْ نكونَ فَوقَك، انتَقِلْ إلى الغُرْفةِ، فأمَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بمَتاعِه فنُقِلَ)،[١٤] فكان أبو أيوب نعم المكرم لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقدوة يحتذى بها في كرمه وحسن ضيافته وحسن تأدبه مع رسول الله.[١٣]

انتظر الرسول -صلى الله عليه وسلم- الإذن من الله عز وجل للهجرة، فلما أمره الله بذلك خرج من مكة مع صاحبه أبي بكر إلى يثرب، وسمع أهل المدينة بقدوم النبي، فجعلوا ينتظرونه أياماً في أجواء شديدة الحر، ولما وصل النبي الى المدينة، استقبله أهلها بالفرح والتهليل والتكبير، وكان الجميع يتمنى أن يحظى به ضيفًا، ولكن صاحب الحظ الوفير الصحابي كان أبو أيوب الأنصاري الذي أحسن ضيافته وإكرامه.

دروسٌ مستفادة من استقبال أهل المدينة لرسول الله

يستفاد من استقبال أهل المدينة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- الأمور الآتية:[١٥]

  • الحب العظيم من أهل المدينة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فهم أحبوا الله -تعالى- وأحبوا رسوله الكريم، ونرى هذا في لهفتهم وشوقهم وانتظارهم في الحر لترقب مجيء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ونراه في إقبالهم عليه عند قدومه، وفي ومحاولاتهم استضافته فى بيوتهم، كل ذلك دليلٌ أن حب الله ورسوله، وحبهم لدينهم وكتابهم الذي جاء به قد تمكن من قلوبهم.

  • كان في استقبال أهل المدينة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- تسلية ومواساة لقلبه الشريف؛ ففتحت له قلوب وبيوت أهل المدينة، بعد أن هاجر من مكة إلى المدينة التي هي أحب البقاع إليه بسبب إيذاء المشركين له، ومحاولة قتله وصدهم عن دعوته ودينه، وهو الذي كان يسعى ليدخلهم في دين الله الحق؛ خوفاً عليهم أن يهلكوا، فإن قال له أهل مكة لا مكان لك بيننا، فأهل المدينة قالوا له إن قدومك إلينا يوم عيد وفرح.

  • حب العطاء والإيثارعند الأنصار، وقد ظهر ذلك حين وصل المهاجرون إلى المدينة، ففتح لهم الأنصار بيوتهم، وشاركوهم أموالهم ومتاعهم، وقاسموهم كل شيء، ودل على ذلك قول الله -تعالى-: ﴿يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ﴾،[١٦] أي من كرم هؤلاء الأنصار وشرف نفوسهم ورفعتها أنهم أحبوا المهاجرين وواسوهم بأموالهم وبكل ما ملكوا.[١٥]

تجلت في قصة استقبال أهل المدينة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- العديد من الفوائد، ومنها التخفيف عن قلب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومواساته بعد الذي لحقه من إيذاء وطرد قريش له، فكان في المدينة واستقبال أهلها له أجمل عوض.

المراجع

  1. موسى بن راشد العازمي، كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون، صفحة 8. بتصرّف.
  2. صفي الرحمن المباركفوري، كتاب الرحيق المختوم، صفحة 146. بتصرّف.
  3. محمد بن عبد الله زربان الغامدي، كتاب حماية الرسول صلى الله عليه وسلم حمى التوحيد، صفحة 188. بتصرّف.
  4. مجموعة من المؤلفين، كتاب نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم، صفحة 261. بتصرّف.
  5. [مجموعة من المؤلفين، كتاب نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم، صفحة 261. بتصرّف.
  6. “وصول رسول الله الى المدينه”، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 23/8/2021.
  7. [الزرقاني، محمد بن عبد الباقي، كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية، صفحة 100. بتصرّف.
  8. رواه البخاري ، في صحيح البخاري ، عن البراء بن عازب ، الصفحة أو الرقم:4941 .
  9. رواه البوصيري، في إتحاف الخيرة المهرة، عن أنس بن مالك ، الصفحة أو الرقم:320.
  10. “حول استقبال النبي بالدف “، اسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 23/8/2021. بتصرّف.
  11. صفي الرحمن المباركفوري، كتاب الرحيق المختوم، صفحة 157. بتصرّف.
  12. رواه البخاري ، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:3911.
  13. ^ أ ب عبد الملك بن هشام، كتاب سيرة ابن هشام ت السقا، صفحة 499. بتصرّف.
  14. رواه شعيب الأرناؤوط ، في تخريج المسند ، عن أبو أيوب الأنصاري، الصفحة أو الرقم:23570، إسناده صحيح.
  15. ^ أ ب “تفسير”، التفسير، اطّلع عليه بتاريخ 25/8/2021. بتصرّف.
  16. سورة الحشر، آية:9

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

الهجرة إلى المدينة المنورة

تُعرّف الهجرة لغةً على أنها الانتقال من مكانٍ إلى آخر،[١] أما الهجرة النبوية فهي الانتقال من مكة إلى المدينة المنورة، ويمكن القول أن المعنى العام للهجرة هو الانتقال من دار الكفر إلى دار الإسلام، وقد كانت واجبةً في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم.[٢]

استقبال أهل المدينة للرسول

دعوة الرسول لقومه

فبعد أن بعث الله -تعالى- رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- بالهدى ودين الحق، بدأت الدعوة إلى الإسلام سرّاً، ودخل عددٌ من الرجال والنساء في دين الله من غير أن يُلقي كفار قريش لتلك الدعوة الناشئة في مكة أيّ اهتمام، ولكن بعد أن صدع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالحق، أعلن الملأ من قريش عداءهم وحربهم للإسلام، وأخذوا يصدّون الناس عن سبيل الله بكل ما أُوتوا من قوةٍ، فساموا المؤمنين سوء العذاب محاولين بذلك ردّهم عن دينهم، وإعادتهم إلى الشرك، وإرهاب من تُسوّل لهم أنفسهم باعتناق الدين الجديد، واختلف مقدار الأذى الواقع على المسلمين؛ فمنهم من كان له عشيرةٌ أو حلفاءٌ يدفعون عنه يد الأذى، ومنهم المستضعفون الذين أذاقهم الكفّار ألوان العذاب والاضطهاد، وبعد أن شاهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما يعانيه أصحابه من الأذى من غير أن يتمكّن من حمايتهم والدفاع عنهم، أذِن لهم بالهجرة إلى الحبشة، ثم هاجر معهم إلى المدينة المنورة.[٣]

بيعة العقبة

يُطلق على أهل المدينة المنورة اسم الأنصار، وقد ضرب الأنصار أروع الأمثلة في الجهاد في سبيل الله والتضحية في نصرة الدين، فعلى الرغم من خطورة خروج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مكة المكرمة مهاجراً إلى المدينة وما يترتّب على ذلك من محاربة الأحمر والأسود من الناس، ومفارقة العرب كافة، إلا إنهم سعوا لهجرته إليهم جاهدين، فهم الذين ذهبوا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وبايعوه في العقبة على السمع والطاعة في النشاط والكسل، وعلى النفقة في اليسر والعسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى أن يقوموا لله ولا تأخذهم في الله لومة لائم، وعلى أن ينصروا النبي -عليه الصلاة والسلام- عند قدومه إليهم، ويحموه كما يحمون أنفسهم، وأولادهم، وأزواجهم.[٤]

دخول النبي إلى المدينة

كان أهل المدينة المنورة على علمٍ بخروج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مكّة مهاجراً إليهم، فكانوا يخرجون كل يومٍ صباحاً ينتظرون دخوله عليهم، حتى إذا اشتدّ الحر عليهم عادوا إلى بيوتهم، وفي اليوم الذي قدم فيه النبي -عليه الصلاة والسلام- خرج الانصار لانتظاره كعادتهم حتى لم يبقى لهم ظلاً يستظلّون به فعادوا إلى بيوتهم، وفي تلك الأثناء وصل النبي -عليه الصلاة والسلام- فشاهده رجلٌ من اليهود، فأسرع إلى الأنصار وأخبرهم بقدومه، فخرجوا لاستقباله مسرعين والفرحة تغمرهم، والتقوا به عند ظاهر الحرّة، وأقام -عليه الصلاة والسلام- في قباء عند بني عمرو بن عوف أربع عشرة ليلة، حيث أسّس مسجد قباء، ثم قرّر -عليه الصلاة والسلام- دخول المدينة المنورة، فأرسل إلى زعماء بني النجار، فقدموا إليه متقلّدين سيوفهم، وعند دخول النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى المدينة استقبله خمسمئةٌ من الأنصار، فدخل المدينة بموكبٍ عظيم.[٥]

وكان من بين الذي استقبلوا النبي -عليه الصلاة السلام- البراء بن عازب رضي الله عنه، وقد وصف الموقف قائلاً: (ما رَأَيْتُ أهْلَ المَدِينَةِ فَرِحُوا بشيءٍ فَرَحَهُمْ برَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ)،[٦] وخرج الرجال والنساء على أسطح المنازل، وانتشر الأطفال في الشوارع وهم يردّدون: “جاء نبي الله، جاء نبي الله”، وبينما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمشي في المدينة سأل قائلاً: (أيُّ بُيُوتِ أهْلِنا أقْرَبُ؟ فقالَ أبو أيُّوبَ: أنا يا نَبِيَّ اللَّهِ، هذِه دارِي وهذا بابِي)،[٧] وقيل إن كلّ واحدٍ من زعماء الأنصار كان يتطلّع إلى استضافة النبي عليه الصلاة والسلام، وكان كلما مر بباب أحدهم دعاه للنزول في داره، ولكنه -عليه الصلاة والسلام- كان يتعذّر منهم ويأمرهم بترك الناقة لأنها مأمورة، إلى أن بركت الناقة عند باب أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، فنزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في داره.[٥]

وكان بيته مكوّنٌ من طابقين، فنزل النبي -عليه الصلاة والسلام- في الطابق السفلي، وكان أبو أيوب وزوجته في الطابق العلوي، فكره هو وزوجته أن يكونا فوق النبي عليه الصلاة والسلام، فذهب إليه وطلب منه أن يصعد للطابق العلوي، وأن يكون هو وزوجته في السفلي حتى لا يكونا فوقه، ولكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طلب منه أن يبقى في الطابق السفلي لأن ذلك أيسر له ولمن يجلس عنده من الصحابة -رضي الله عنهم- والزوّار، وفي أحد الأيام انكسر عند أبي أيوب -رضي الله عنه- إناءٌ فيه ماء، فقام هو وزوجته مسرعين، وجفّفا الماء بقطيفةٍ ما لهم من لحافٍ غيرها، حتى لا يقطر الماء على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيؤذيه.[٥]

وقد بقي النبي -عليه الصلاة والسلام- في ضيافة أبي أيوب -رضي الله عنه- سبعة أشهر، وكان أبو يوب خلالها مثالاً يقتدى به في حسن الضيافة والإثار، ومن الجدير بالذكر أن الأنصار بذلوا كلّ ما في وسعهم لاستضافة إخوانهم المهاجرين، وآثروهم على أنفسهم، حتى استحقّوا بذلك ثناء الله تعالى، حيث قال عز وجل: (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)،[٨] وأثنى عليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائلاً: (لَوْلَا الهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الأنْصَارِ، ولو سَلَكَ النَّاسُ وادِيًا وشِعْبًا لَسَلَكْتُ وادِيَ الأنْصَارِ وشِعْبَهَا، الأنْصَارُ شِعَارٌ والنَّاسُ دِثَارٌ، إنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أُثْرَةً، فَاصْبِرُوا حتَّى تَلْقَوْنِي علَى الحَوْضِ).[٩][٥]

إسلام حبر اليهود

عندما وصل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة المنورة، كان حبرٌ من أحبار اليهود اسمه عبد الله بن سلام بين حشود المستقبلين، فما إن رأى ذلك الحبر وجه النبي -عليه الصلاة والسلام- حتى علم أنه ليس بوجه كاذب، فلمّا سمع كلامه دخل الإسلام إلى قلبه، ورُوي عن عبد الله بن سلام -رضي الله عنه- أنه قال: (لمَّا قدمَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ المدينةَ، انجَفلَ النَّاسُ قبلَهُ، وقيلَ: قد قدمَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ، قد قدمَ رسولُ اللَّهِ، قد قدمَ رسولُ اللَّهِ ثلاثًا، فَجِئْتُ في النَّاسِ، لأنظرَ، فلمَّا تبيَّنتُ وجهَهُ، عرفتُ أنَّ وجهَهُ ليسَ بوَجهِ كذَّابٍ، فَكانَ أوَّلُ شيءٍ سَمِعْتُهُ تَكَلَّمَ بِهِ، أن قالَ: يا أيُّها النَّاسُ أفشوا السَّلامَ، وأطعِموا الطَّعامَ، وصِلوا الأرحامَ، وصلُّوا باللَّيلِ، والنَّاسُ نيامٌ، تدخلوا الجنَّةَ بسَلامٍ).[١٠][١١]

المراجع

  1. “تعريف و معنى الهجرة في معجم المعاني الجامع “، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 13-4-2019. بتصرّف.
  2. د. أمين الدميري (29-9-2017)، “تعريف الهجرة في الإسلام”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-4-2019. بتصرّف.
  3. محمد بن ابراهيم الحمد، “من دروس الهجرة النبوية”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-4-2019. بتصرّف.
  4. أ.د. راغب السرجاني (2010/04/17)، “رسول الله في المدينة المنورة”، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 13-4-2019. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت ث أ.د/ أكرم ضياء العمري (9-6-2003)، “وصول رسول الله إلى المدينة”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-4-2019. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم: 3925 ، صحيح.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 3911، صحيح.
  8. سورة الحشر، آية: 9.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن زيد، الصفحة أو الرقم: 4330، صحيح.
  10. رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن عبد الله بن سلام، الصفحة أو الرقم: 2648 ، صحيح.
  11. محمد طه شعبان (3-5-2014)، “حدث في السنة الأولى من الهجرة – (2) نزول الرسول بالقباء – إسلام حبر اليهود”، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-4-2019. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى