محتويات
لا يوجد لسورة الأحزاب سببٌ واحدٌ لنزولها جميعها فهي ليست موضوعاً واحداً وإنما تناولت عدة مواضيع،[١] وقد ذُكرت أسبابٌ لنزول بعض آياتها، ومنها ما يلي:
سبب نزول الآية الأولى من السورة
وهي قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّـهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ)،[٢] حيث جاء في سبب نزولها ثلاث روايات:
- جاء في سبب نزولها أنه لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة كان يحب إسلام يهود المدينة الذين كانو فيها مثل: بني قريظة والنضير، وقينقاع، وقد تابعه ناس منهم لكنهم كانوا منافقين، يُظهرون إسلامهم ويُخفون كفرهم، فكان عليه الصلاة والسلام يلين لهم الجانب، ويكرمهم، ويسمع لما يقولون، فنزلت هذه الآية.[٣]
- وجاء أيضاً في سبب نزولها، أنها نزلت في أبي سفيان وعكرمة بن أبي جهل وعمرو السلمي، لما قدموا المدينة بعد غزوة أحد وقد أعطاهم النبي صلى الله عليه وسلم الأمان أن يكلموه، فطلبوا منه أن يقول أن آلهتهم اللات والعزى ومناة تنفع ولها شفاعة لمن عبدها، مقابل أن يتركوه ودعوته، فرفض النبي صلى الله عليه وسلم، وطلب عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يقتلهم، لكن النبي صلى الله عليه وسلم رفض لأنه كان قد أعطاهم الأمان، وأمر بإخراجهم من المدينة، فنزلت الآية.[٤]
- وروي أيضا في سبب نزولها أن أهل مكة دعوا الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعود لمكة ويترك دعوته مقابل أن يعطوه شطر أموالهم ويزوّجوه بنت شيبة بن ربيعة، وقد هدده منافقو المدينة بالقتل إذا لم يرجع إلى مكة، فنزلت الآية.[٥]
سبب نزول الآية الرابعة
وهي قوله تعالى: (مَّا جَعَلَ اللَّـهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّـهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ).[٦]
- الجزء الأول من الآية، وهي قوله تعالى: (مَّا جَعَلَ اللَّـهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ)، نزلت في جميل الفهري من قريش وكان رجلاً لبيباً يحفظ كل ما يسمع، وكان يقول: إن لي قلبيْن أعقِل بهما أفضل من عقل محمد، فنزلت فيه الآية،[٧] وقيل أنها نزلت في منافقي المدينة حين كانوا يدّعون أن للنبي صلى الله عليه وسلم قلبين، فنزلت الآية وأكذبهم الله عز وجل.[٨]
- الجزء الثاني من الآية، وهي قوله تعالى: (وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ)، نزلت هذه الآية في زيد بن حارثة حيث كان عبداً عند النبي صلى الله عليه وسلم فأعتقه وتبنّاه قبل البعثة، وكان يدعى: زيد بن محمد، ثم نزلت هذه الآية في إبطال التبني.[٩]
سبب نزول الآية الثالثة والعشرين
وهي قوله تعالى: (مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّـهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا).[١٠]
- قوله تعالى: (مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّـهَ عَلَيْهِ)، نزلت في الصحابي أنس بن النضر رضي الله عنه حيث لم يشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم بدر، فعاهد الله تعالى لئن شهد مع النبي قتالاً آخر ليُبلينّ بلاءً حسناً، فقاتل في غزوة أحد حتى استشهد، وفيه بضع وثمانون ضربةً وطعنةً، فنزلت فيه هذه الآية.[١١]
- قوله تعالى: (فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ)، نزلت في طلحة بن عبيد الله، ومصعب بن عمير، وغيرهم من الصحابة -رضي الله عنهم- الذين قاتلوا وثبتوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد.[١٢]
سبب نزول الآية الثالثة والثلاثين
وهي قوله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)،[١٣] قيل أنها نزلت في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل أنها نزلت في خمسة: النبي صلى الله عليه وسلم، وعلي وفاطمة، والحسن والحسين -رضي الله عنهم-.[١٤]
سبب نزول الآية الخامسة والثلاثين
وهي قوله تعالى: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ…أَعَدَّ اللَّـهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)،[١٥] قيل أنها نزلت بسبب سؤال أم سلمة أم المؤمنين، أو أم عمارة رضي الله عنهما، حيث سُئل النبي صلى الله عليه وسلم أن النساء لم يُذكرن في القرآن كما الرجال، فنزلت الآية.[١٦]
سبب نزول الآية الواحدة والخمسين
وهي قوله تعالى: (تُرْجِي مَن تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاءُ)،[١٧] قال المفسرون في سبب نزولها أنه لما غار بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم وآذيْنه بالغيرة وطالبن بزيادة النفقة، هجرهنّ عليه الصلاة والسلام حتى نزلت آية التخيير، فأمره الله تعالى أن يخيرَهنّ بين الدنيا والآخرة، فيخلي سبيل من اختارت الدنيا ويمسك من أرادت الله ورسوله، فرضِينَ كلهن.[١٨]
سبب نزول الآية الثالثة والخمسين
وهي قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَـكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا)،[١٩] قال أكثر المفسرين في سبب نزولها أنه لما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش، صنع وليمةً فدعا عليها أصحابه، فلما انتهوا من طعامهم خرج القوم جميعهم إلا ثلاثة أشخاص بقوا يتحدثون وأطالوا الجلوس في البيت، فتأذّى النبي صلى الله عليه وسلم وكان شديد الحياء، فنزلت الآية.[٢٠]
سبب نزول الآية الثامنة والخمسين
وهي قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا)،[٢١] قيل في سبب نزولها أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- رأى جاريةً من الأنصار متبرجةً فكَرِه ما رأى من زينتها، فذهبت تشكوه إلى أهلها فخرجوا إليه فآذوه فنزلت الآية، وقيل أنها نزلت في علي -رضي الله عنه- حيث كان أناسٌ من المنافقين يؤذونه ويسمعونه كلاماً.[٢٢]
المراجع
- ↑ “لا يوجد سبب واحد لنزول سورة الأحزاب”، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 9/2/2022. بتصرّف.
- ↑ سورة الأحزاب، آية:1
- ↑ شمس الدين القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، صفحة 114. بتصرّف.
- ↑ الواحدي، أسباب النزول، صفحة 351. بتصرّف.
- ↑ القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، صفحة 115. بتصرّف.
- ↑ سورة الأحزاب، آية:4
- ↑ الواحدي، أسباب النزول، صفحة 351. بتصرّف.
- ↑ شمس الدين القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، صفحة 116-117. بتصرّف.
- ↑ الواحدي، أسباب النزول، صفحة 352. بتصرّف.
- ↑ سورة الأحزاب، آية:23
- ↑ الواحدي، أسباب النزول، صفحة 353. بتصرّف.
- ↑ ابن عاشور، التحرير والتنوير، صفحة 307. بتصرّف.
- ↑ سورة الأحزاب، آية:33
- ↑ الواحدي، أسبابالنزول، صفحة 354-355. بتصرّف.
- ↑ سورة الأحزاب، آية:35
- ↑ ابن عاشور، التحرير والتنوير، صفحة 20. بتصرّف.
- ↑ سورة الأحزاب، آية:51
- ↑ الواحدي، أسباب النزول، صفحة 357. بتصرّف.
- ↑ سورة الأحزاب، آية:53
- ↑ الواحدي، أسباب النزول، صفحة 358. بتصرّف.
- ↑ سورة الأحزاب، آية:58
- ↑ الواحدي، أسباب النزول، صفحة 362. بتصرّف.